شبهة الأخطاء النحوية في القرآن

السؤال:

كيف تدَّعون أن القرآن ليس فيه أخطاء ، وأن الله هو الذي يحفظه ، ففي سورة طه : ۶۳ : إن هذان لساحران .

والمفروض أن اسم ( إن ) منصوب ، أي : هذين ، وقالت عائشة في هذا الأمر : إنه من عمل الكُتَّاب ، فقد أخطأوا في الكتابة . فما هو ردُّكم ؟

 

الجواب:

من الأمور المُسَلّمة هي : أن إعراب الكلمات في اللغة العربية ، قد جاءت من الذين نطقوا بها .

وبعبارة أخرى : إن طريقة التلفظ جاءت عن طريق النقل ، فنحن نلفظ كما لفظ آباؤنا وأجدادنا ، وهذه المسألة لا تحتاج إلى بحث عقلي .

ولزيادة التوضيح نقول : كان العرب في صدر الإسلام يرفعون الفاعل وينصبون المفعول ، والمتتبعون للأدب العربي دَوَّنوا هذه الحركات بحسب الإستقراء ، ووضعوها ضمن القواعد النحوية .

ولو كان العرب ينصبون الفاعل ، ويرفعون المفعول ، لأصبحت القواعد النحوية المعمول بها حالياً مغلوطة وغير صحيحة .

ولهذا سيكون قياس القرآن بالقواعد النحوية المعاصرة عملاً غير صحيح ، لماذا ؟ لأن القواعد النحوية مأخوذة من القرآن ، ولا يصح قياس القرآن بها .

إن القواعد النحوية المعمول بها في الوقت الحاضر ، وضعها علماء اللغة بعد انتشار اللهجات ، للحفاظ على سلامة اللغة ، وتحاشي الوقوع في الأخطاء .

وحتى كلام الإمام أمير المؤمنين ( عليه السلام ) ، الذي اعتبر فيه كل فاعل مرفوع ، وكل مفعول منصوب ، وكل مضاف إليه مجرور ، يُعتبر نقطة تحوّل في مجال تدوين قواعد اللغة العربية ، وصولاً إلى النصوص النحوية السليمة ، ولا يقاس هذا الكلام بالقرآن الكريم ، الذي جمع كل آداب اللغة العربية .

إذن فإن ظهور علم النحو كان بعد تتبع التراكيب ، والإستعمالات الموجودة في القرآن الكريم ، ومن ثم تدوينها ، فالقرآن عند النحويين هو الحجة ، وهو الحاكم ، وليس النحويون هم الحجة على القرآن ، وهو ما تصوَّره بعض المستشرقين والقساوسة .

ولو فرضنا جدلاً بأن أحداً من الناس ، وجد في بعض جمل القرآن ما يخالف قواعد النحو ، فإن هذا الشخص سيحكم نفسه بنفسه .

لأن كلامه لا يتعدى اثنين ، إمَّا أنه لا يفهم ولا يتدبَّر ما يقول ، أو أنه إنسان مغرِض ، لأن كل ما جاء في القرآن من الإستعمالات اللغوية – حتى الشواذ – اعتبره العلماء من إعجازات القرآن الكريم ، وقد أشاروا إليه في كتبهم .