مشي المرأة للزيارة سنة فاطمة عليها السلام
لقد وردت النصوص المستفيضةُ تحثّ النساء على زيارة الحسين عليه السلام ففي صحيح أبي داود المسترق عن أم سعيد الأحمسيّة – وهي حسنة الحال – قالت: قال لي أبو عبد الله عليه السلام: «يَا أُمَّ سَعِيدٍ تَزُورِينَ قَبْرَ الْحُسَيْنِ؟»، قَالَتْ: قُلْتُ: نَعَمْ؛ فَقَالَ عليه السلام لِي: «زُورِيهِ فَإِنَّ زِيَارَةَ قَبْرِ الْحُسَيْنِ وَاجِبَةٌ عَلَى الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ».(كامل الزيارات:١٢٢)
وروى ابن قولويه هذا الحديث من عدة طرق بأسانيد كثيرة.
قال الشيخ حسين آل عصفور في سداد العباد: وتجب زيارة الحسين عليه السلام، على الرجالِ والنساءِ من القادرين على ذلك، للتعبير في جملةٍ من المعتبرة وغيرها بأنهُ فريضةٌ واجبةٌ على الرجالِ والنساءِ، ومن لم يقدر على ذلك فليجهّز غيرهُ، والمشهورُ بين أصحابنا الاستحباب المؤكد، ومنهم من جمع بالواجب الكفائي كمحدّث الوسائل.
جاء في محسّنة محمد بن مسلم التي رواها في كامل الزيارات في الباب ٤٨، عن زيارة الحسين عليه السلام: عن أبي عبد الله عليه السلام قال: قُلْتُ لَهُ: إِذَا خَرَجْنَا إِلَى أَبِيكَ أَفَلَسْنَا فِي حَجٍّ؟ قَالَ: «بَلَى»، قُلْتُ: فَيَلْزَمُنَا مَا يَلْزَمُ الْحَاجَّ، قَالَ: «مَاذَا؟»، قُلْتَ: مِنَ الأَشْيَاءِ الَّتِي تَلْزَمُ الْحَاجَّ، قَالَ: «يَلْزَمُكَ حُسْنُ الصحْبَةِ لِمَنْ صَحِبَكَ وَيَلْزَمُكَ قِلَّةُ الْكَلاَمِ إِلاَّ بِخَيْرٍ وَيَلْزَمُكَ كَثْرَةُ ذِكْرِ اللهِ وَيَلْزَمُكَ نَظَافَةُ الثِّيَابِ وَيَلْزَمُكَ الْغُسْلُ قَبْلَ أَنْ تَأْتِيَ الْحَائِرَ وَيَلْزَمُكَ الْخُشُوعُ وَكَثْرَةُ الصَّلاَةِ وَالصَّلاَةُ عَلَى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ وَيَلْزَمُكَ التَّوْقِيرُ لأَخْذِ مَا لَيْسَ لَكَ وَيَلْزَمُكَ أَنْ تَغُضَّ بَصَرَكَ وَيَلْزَمُكَ أَنْ تَعُودَ عَلَى أَهْلِ الْحَاجَةِ مِنْ إِخْوَانِكَ إِذَا رَأَيْتَ مُنْقَطِعاً وَالْمُوَاسَاةُ وَيَلْزَمُكَ التَّقِيَّةُ الَّتِي هِيَ قِوَامُ دِينِكَ بِهَا وَالْوَرَعُ عَمَّا نُهِيتَ عَنْهُ وَالْخُصُومَةِ وَكَثْرَةِ الأَيْمَانِ وَالْجِدَالِ الَّذِي فِيهِ الأَيْمَانُ فَإِذَا فَعَلْتَ ذَلِكَ تَمَّ حَجُكَ وَعُمْرَتُكَ وَاسْتَوْجَبْتَ مِنَ الَّذِي طَلَبْتَ مَا عِنْدَهُ بِنَفَقَتِكَ أَنْ تَنْصَرِفَ بِالْمَغْفِرَةِ وَالرَّحْمَةِ وَالرِّضْوَانِ».(وسائل الشيعة:١٤/٥٢٨)
وروى الصدوق: كانت فاطمة عليها السلام تأتي قبور الشهداء كل غداةِ سبتٍ، فتأتي قبر حمزة فتترحّم عليه وتستغفر له.(من لا يحضره الفقيه:١/١٨٠، ح٥٣٧)
وهذا الحديث مسندٌ عن يونس عن الصادق عليه السلام وسندهُ وطريقهُ محسّن.
ورواه الخزاّز القمي المعاصر للصدوق بطريقٍ آخر بسندٍ متصلٍ إلى محمود بن لبيد وهو صحابي قال: لما قبض رسول الله صلى الله وآله وسلم، كانت فاطمة تأتي قبور الشهداء، وتأتي قبر حمزة وتبكي هناك، فأمهلتها حتى سكتت فأتيتها، وسلّمت عليها وقلت: يا سيدة النسوان قد واللهِ قطّعتِ أنياط قلبي من بكائكِ فقالت: «يا أبا عمر يحقُ لي البكاء، ولقد أصبت بخير الآباء رسول الله صلى الله عليه وآله، واشوقاه إلى رسول الله»، ثم أنشأت عليها السلام تقول:
إذا مات يوماً ميت قَلَّ ذكرهُ
وذكر أبي مات والله أكثر
قلت: يا سيدتي، يأتي سائلكِ عن مسألةٍ تُلجلجُ في صدري.
قالت: «سل»، قلتُ: هل نصّ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قبل وفاته، على علي بالإمامة؟
قالت: «واعجباً أنسيتم يوم غدير خم؟». (كفاية الأثر:١٩٧)
لا يخفى أنّ في الحديث دلالاتٍ عديدةً على قيامِها بالإرشادِ والهدايةِ للعباد للإيمان، وغير ذلك من السنن.