التوبة، ما هي؟ وكيف هي؟
معنى التوبة:
التوبة هي الإقلاع عن الذنب..و العزم على ترك العـودة إليه مستقبلا.
آيات في التـوبة…والتائبين
قال تعالى: {وإذا جاءك الذين يؤمنون بآياتنا فقل سلام عليكم،كتب ربكم على نفسه الرحمة، أنه من عمل منكم سوءا بجهالة،ثم تاب من بعده وأصلح،فإنه غفور رحيم} (الأنعام 54).
وقال تعالى: {إلا من تاب وآمـن وعمل صالحا فأولئك يدخلون الجنة ولا يظلمون شيئا} (مريم/60).
وقال تعالى: {إلا من تاب وآمن وعمل عملا صالحا فأولئك يبدل اللّه سيئاتهم حسنات…وكان اللّه غفورا رحيما*و من تاب وعمل صالحا فإنه يتوب الى اللّه متابا}.(الفرقان/ 70-71).
وقال تعالى: {قل يـا عـبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة اللّه…إن اللّه يغفر الذنبوب جميعا..إنه هو الغفور الرحيم}(الزمر/53).
اللّه رحيم بعباده
قال أصحاب الرسول صلى الله عليه وآله وسلم له يوما: يا رسول الله.. نـخاف عـلينا النـفاق!! قال: «ولم تخافون ذلك؟»، قالوا: إذا كنا عندك فذكرتنا ورغّبتنا وجلنا ونسينا الدنـيا وزهدنا حتى كأنا نعاين الآخرة،والجنة والنار … فإذا خرجنا من عندك ودخلنا هذه البيوت وشممنا الأولاد ورأيـنا العـيال والأهـل يكاد أن نحول عن الحال التي كنا عليها عندك… وحتى كأنا لم نـكن عـلى شيء؟! أفتخاف علينا أن يكون ذلك نفاقا؟
فقال صلى الله عليه وآله وسلم: (كلا إن هذه خطوات الشيطان فيرغبكم في الدنيا. واللّه لو تدومون على الحالة التـي وصـفتم أنـفسكم بها لصافحكم الملائكة ومشيتم على الماء. و لولا أنكم تذنبون فتستغفرون اللّه لخلق اللّه خلقا حتى يـذنبوا ثـم يستغفروا اللّه فيغفر لهم… إن المؤمن مفتتن تواب).
في الحديث القدسي: أوحى اللّه الى داود عليه السلام: (يا داود لو يعلم المـدبرون عـني كـيف انتظاري لهم، ورفقي بهم، وشوقي الى ترك معاصيهم.. لماتوا شوقا إلي وتقطعت أوصالهم من مـحبتي… يـا داود هذه إرادتي في المدبرين عني فكيف إرادتي بالمقبلين علي).
ضرورة المبادرة الى التوبة
ولنعم ما قال بعض أهل المعرفة: من أنّ ترك المبادرة إلى التوبة بالتسويف كان بين خطرين عظيمين: أحدهما: أن يتراكم الظلمة على قلبه من المعاصي حتى يصير ريناً وطبعاً فلا يقبل المحو .
والثاني : أن يعالجه المرض أو الموت فلا يجد مهلة بالاشتغال بالمحو).
كيفية التوبة
سأل رسول اللّه صلى الله عليه وآله وسلم أصحابه: « أتدرون من التائب؟ فقالوا: اللهم لا، قال: إذا تاب العبد ولم يرض الخصماء فليس بتائب، ومن تاب ولم يغير مجلسه وطعامه فليس بتائب، ومن تاب ولم يغير رفقاءه فليس بتائب، ومن تاب ولم يزد في العبادة فليس بتائب، ومن تاب ولم يغير لباسه فليس بتائب، ومن تاب ولم يغير فراشه ووسادته فليس بتائب، ومن تاب ولم يفتح قلبه ولم يوسع كفه فليس بتائب ومن تاب ولم يقصر أمله ولم يحفظ لسانه فليس بتائب، ومن تاب ولم يقدم فضل قوته من بين يديه فليس بتائب، وإذا استقام على هذه الخصال فذاك التائب».
وسمع الإمام علي بـن أبـي طالب عليه السلام شخصا يقول في حضرته: (أستغفر اللّه) فقال له: «أتدري ما الاستغفار؟ الاستغفار درجة العـليين، وهـو اسم واقع على ستة معان:
أولها: النـدم عـلى مـا مضى.
والثاني: العزم على ترك العودة إليـه أبـدا.
والثالث: أن تؤدي الى المخلوقين حقوقهم حتى تلقى اللّه أملس ليس عليك تعبة.
الرابع: أن تعمد الى كـل فـريض عليك ضيعتها فتؤدي حقها.
الخـامس: أن تـعمد الى اللحـم الذي نـبت عـلى السحت (المال الذي يأتي من طريق الكـسب الحـرام) فتذيبه بالأحزان حتى تلصق الجلد بالعظم وينشأ بينهما لحم جديد.
السادس: أن تـذيق الجسم ألم الطاع كما أذقته حلاوة المـعصية… فعند ذلك تقول (أستغفر اللّه)».
تـجديد التـوبة
عن محمد بن مسلم قـال: قـال الباقر عليه السلام: يا محمد ابن مسلم ذنوب المؤمن إذا تاب عنها مغفورة له… فليعمل المؤمن لما يـستأنف بـعد التـوبة والمغفرة،أما واللّه انـها ليـست إلا لأهل الإيمان».
قلت: فـإن عـاد بعد التوبة والاستغفار في الذنوب وعاد في التوبة.
فقال: «يا محمد بن مسلم أتـرى العـبد المؤمن يندم على ذنبه ويستغفر اللّه تـعالى مـنه ويتوب ثـم لا يـقبل اللّه تـوبته!!».
قلت: فإن فعل ذلك مـرارا، يذنب ثم يتوب ويستغفر…
فقال عليه السلام: «كلما عاد المؤمن بالاستغفار والتوبة، عاد اللّه عليه بالمغفرة وإن اللّه غفور رحـيم يـقبل التوبة، ويعفو عن السيئات… فإياك أن تـقنّط المـؤمنين مـن رحـمة اللّه تـعالى».
التوبة تمحو الذنـوب
قـال الإمام الصادق عليه السلام: «إذا تاب العبد توبة نصوحا، أحبه اللّه تعالى فستر عليه في الدنيا والآخرة»، قال الراوي: وكيف يستر اللّه عليه؟ قال عليه السلام: «يـنسي مـلكيه مـا كتبا عليه من الذنوب ثم يوحي الله الى جـوارحه: اكـتمي عـليه ذنـوبه… ويوحي الى بقاع الأرض اكتمي عليه ما كان يعمل عليك من الذنوب… فيلقى اللّه تعالى حين يلقاه وليس شيء يشهد عليه بشيء من الذنوب».
وعن الإمام الرضا عليه السلام قال: «قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: « التائب مـن الذنب كمن لا ذنب له».
وقال صلى الله عليه وآله وسلم: «ليس شيء أحب الى اللّه من مؤمن تائب أو مؤمنة تائبة».
ثواب التائبين
عن الإمام الصادق عليه السلام قال: «إن الله عز وجل أعطى التائبين ثلاث خصال.. لو أعطى خصلة منها جميع أهل السموات والأرض لنـجوا بـها. قال تعالى: {إن اللّه يحب التوابين ويحب المتطهرين}(البقرة 22). فمن أحبه اللّه لم يعذبه».
وقوله تعالى: {الذين يحملون العرش ومن حوله يسبحون بحمد بهم ويؤمنون به ويستغفرون للذين آمنوا،ربنا وسعت كل شيء رحمة وعلما فـاغفر للذيـن تابوا واتبعوا سبيلك وقهم عذاب الجحيم..ربنا وأدخلهم جنات عدن التي وعدتهم ومن صلح من آبائهم وأزواجهم وذرياتهم إنك أنت العزيز الحكيم… وقـهم السـيئات… ومن تق السيئات يومئذ فـقد رحـمته وذلك هو الفوز العظيم}(المؤمن 7-9).
وقوله عز وجل: {والذين لا يدعون مع اللّه إلها آخر ولا يقتلون النفس التي حرّم اللّه إلا بالحق ولا يزنون… ومن يفعل ذلك يلق آثاما.. يضاعف له العـذاب يوم القيامة ويخلد فـيه مـهانا إلّا من تاب وآمن وعمل صالحا فأولئك يبدل اللّه سيئاتهم حسنات وكان اللّه غفورا رحيما}(الفرقان 68- 70).