خمس قواعد لراحة العقل والفكر
القاعدة الاولى: في السعادة الفكرية
القاعدة: من حكّم عقله نال السعادة، فعن أمير المؤمنين عليه السلام قال: «أسعد الناس العاقل».
ألف: الحديث الشريف يشير إلى أن العقل السليم يوجب التفكير القويم، والتفكير القويم ينتج الاطمئنان النفسي ويشعر بالسعادة حتى ولو كان صاحبه يعيش في أحلك الظروف القاسية كالمرض أو الفقر أو السجن أو المصائب الأخرى، لأنه يعلم أن هذه المصائب لا تدوم وأن هذه الدنيا لا تخلو منها، فيصبر ويتحمل رغبة في الحصول على مقام الصابرين لأن من الصبر، الصبر على المصيبة كما ورد في الحديث عن أبي جعفر عليه السلام قال:«الجنة محفوفة بالمكاره، والصبر، فمن صبر على المكاره في الدنيا دخل الجنة…».
وقال الإمام علي عليه السلام:«الصبر صبران صبر عن المعيبة حسن جميل وأحسن من ذلك الصبر عمّا حرم الله عزّ وجل عليك…»
باء: يحدث القلق النفسي نتيجة شعور المرء بفقدان نفع أو خوفه من سقوط أذى عليه، ولكن عندما يواجه هذا الشعور بالرضا والصبر على ما أراد الله تعالى يذهب القلق ويحل بدله الاطمئنان ولذا ذكر الإمام الصادق عليه السلام ذلك بقوله: «رأس طاعة الله الصبر والرضا عن الله فيما أحب العبد أو كره ولا يرضى عبد عن الله فيما أحب أو كره إلا كان خيراً له فيما أحب أو كره».
المثل: (لو أن إنساناً فكر في أن هذه الدنيا فانية بحلوها ومرها، وأن ما يصيبه من مصائبه لاشك سينوي صاحب هذا التفكير بشيء من الصبر فإنه سيطمئن ويسعد.
القاعدة الثانية: في تعظيم أو تصغير المشكلة فكرياً
القاعدة: انظر للمشكلة بواقعية تهون عن الإمام الصادق عليه السلام قال: «الطيرة على ما تجعلها أنت، فإن هونتها تهونت، وإن شددتها تشددت، وإن لم تجعلها شيئاً لم تكن شيئاً».
والحديث الشريف يشير إلى أمور:
ألف: ترك التشاؤم وذلك من خلال ترك التفكير السلبي، وهذا أمر باختيار الإنسان، فلو طرد الخيالات والأوهام لا يبقى في الذهن إلاّ المشكلة فقط.
باء: يدعو الحديث إلى النظر في المشكلة بواقعية دون أن يخضع فكره إلى الخيالات والأوهام، فسيرى المشكلة على طبيعتها دون تضخيم، وعلى ضوء ذلك سيضع لها حلاً مناسبا لحجمها.
جيم: إن صغر المشكلة أو كبرها أو عدمها فكرياً وليس واقعياً، إذ إن الواقع لا يتأثر بصورة ذهنية مجردة عن ترتب الأثر، فلو كان للطيرة (التشاؤم) حقيقة لما نفاه الرسول الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم بقوله: «لا طيرة ولا شؤم».
القاعدة الثالثة: حافظ على أفكارك من أفكار الآخرين السلبية
1 – القاعدة: من ألغى فكره وقع في أخطاء أفكار الآخرين، فعن الإمام الكاظم عليه السلام: «أبلغ خيرا وقل خيرا ولا تكن إمّعة، فقيل: ما الإمّعة؟ فقال عليه السلام:«لا تقولنّ أنا مع الناس، وأنا كواحد من الناس».
والحديث الشريف يشير إلى أمور:
ألف: إلى ضرورة استقلالك في التفكير، دون التأثر بالآخرين تأثراً أعمى.
باء: لا يمنع الحديث النظر في أفكار الجمع واختيار الموقف السليم.
جيم: لا يمنع الحديث العمل بالقواعد الكلية التي اتفق عليها العقلاء.
دال: يشير الحديث إلى أن بعض مواقف الجمع غير مدروسة وقد تصل إلى درجة الغوغاء، والغوغاء وصفهم الإمام أمير المؤمنين عليه السلام بقوله: «هم الذين إذا اجتمعوا غلبوا وإذا تفرقوا لم يعرفوا».
المثل: (لو أن إنساناً شاهد جمعاً من الناس يهتفون بذم شيء أو بمدحه فاشترك معهم دون معرفة تفاصيل الأمور، فهذا مما انطبق عليه الحديث، وكأن الحديث يشير إلى المثل الشعبي (حشر مع الناس عيد)).
القاعدة الرابعة: في الحفاظ على سلامة القلب
القاعدة: بالعلم الإلهي والتقوى يسلم القلب عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: وقد سئل: ما القلب السليم؟ قال:«دين بلا شك وهوى، وعمل بلا سمعة ورياء».
يشير الحديث الشريف إلى أمور:
ألف: إلى ضرورة التسلح بالعلم الإلهي لكي تكون على بينة ويقين من أمرك.
باء: إلى ضرورة أن يكون دين الإنسان غير خاضع للهوى والمزاج الشخصي.
جيم: أن يقرن اليقين بالعمل الخالص والبعيد عن الجاه وحب الظهور.
ودون هذه الشروط لا يسلم القلب من الأمراض التي تنعكس سلباً على سلوك الإنسان، فلذا جاءت الأحاديث الشريفة لتبين طرق سلامة القلب نذكر منها قول الإمام الصادق عليه السلام إذ يقول: (في تفسير القلب السليم: «هو القلب الذي سلم من حب الدنيا».
ومنها قول أمير المؤمنين عليه السلام: «لا يسلم لك قلبك حتى تحب للمؤمنين ما تحب لنفسك».
ولا شك أن كل هذه الأمور وغيرها مرتبطة بتفكير الإنسان.
المثل: (لو أن إنساناً امتلأ قلبه بالشك وسلّم قلبه للهوى لوقع في نتائج سلبية، مثلاً شك في عدل الله تعالى أو شك في البرزخ فهذا شكه يجعله يتعامل مع محيطه دون أباليّة أو حساب وبخاصّة في السلوكيات والأقوال، وقد يبدأ باللهاث من أجل الجاه والظهور).
القاعدة الخامسة: التفكير في العواقب
القاعدة: معرفة النتائج تمنع الضرر عن أمير المؤمنين عليه السلام قال: «الفكر في العواقب يُنجي من المعاطب».
يشير الحديث الشريف إلى أمور:
ألف: لابد من التفكير عند الإقدام على أمر ما حتى لا يكون سلوكنا ارتجاليّاً.
باء: لابد من معرفة ما تؤول إليه الأمور ولابد من الوقوف على نتائج الأفعال أو الأقوال.
جيم: معرفة العواقب يعطينا الفرصة لتعديل الخطة إلى غيرها إذا كانت العواقب وخيمة.
هذا الحديث الشريف يحث الإنسان على أن يتأنى لكي لا يقع في الزلل وهذا ما أكده أمير المؤمنين عليه السلام بقوله: «أصل السلامة من الزلل الفكر».
وفي قول آخر: «إذا قدّمت الفِكر في جميع أفعالك حسنت عواقبك في كل أمر».