زواج الإمام علي من الزهراء عليهما السلام من كتاب الإمامة وأهل البيت عليهم السلام
روى ابن الأثير في أسد الغابة بسنده عن أبي إسحاق عن الحارث، عن علي قال : خطب أبو بكر وعمر - يعني فاطمة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم - فأبى رسول الله صلى الله عليه وسلم، عليهما، فقال عمر : أنت لها يا علي ، فقلت : (( مالي من شئ إلا درعي أرهنها))، فزوجه رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فاطمة ، فلما بلغ ذلك فاطمة بكت ، قال : فدخل عليها رسول الله صلى الله عليه وسلم ، (( فقال ما لك تبكين يا فاطمة ، فوالله ، فقد أنكحتك أكثرهم علما ، وأفضلهم حلما ، وأولهم إسلاما )) (1) .
وعن عبد الله بن بريدة عن أبيه قال : خطب أبو بكر وعمر فاطمة ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (( إنها صغيرة )) ، فخطبها علي، فزوجها منه. والحديث أخرجه النسائي وابن حبان والحاكم والقطيعي وابن المؤيد الجويني وابن سعد والبزار (2) .
وعن ابن مسعود، رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، أنه قال : (( إن الله أمرني أن أزوج فاطمة من علي)) (3) .
وروى الهيثمي في مجمعه بسنده عن أنس قال : إن عمر بن الخطاب، أتى أبا بكر فقال : ما يمنعك أن تزوج فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ قال : لا يزوجني ، قال : إذا لم يزوجك فمن يزوج ؟ وإنك من أكرم الناس عليه ، وأقدمهم في الإسلام ، قال : فانطلق أبو بكر إلى بيت عائشة ، فقال : يا عائشة ، إذا رأيت من رسول الله صلى الله عليه وسلم ، طيب نفس ، وإقبالا عليك ، فاذكري له ، أني ذكرت فاطمة ، فلعل الله عز وجل أن ييسرها لي ، قالت : فجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فرأيت منه طيب نفس ، وإقبالا ، فقالت : يا رسول الله ، إن أبا بكر ذكر فاطمة ، وأمرني أن أذكرها ، قال : حتى ينزل القضاء ، قال : فرجع إليها أبو بكر فقالت : يا أبتاه ، وددت أني لم أذكر له الذي ذكرت ، فلقي أبو بكر عمر ، فذكر أبو بكر لعمر ، ما أخبرته عائشة ، فانطلق عمر إلى حفصة ، فقال : يا حفصة ، إذا رأيت من رسول الله صلى الله عليه وسلم ، إقبالا - يعني عليك - فاذكريني له ، واذكري فاطمة ، لعل الله أن ييسرها لي ، قال : فلقي رسول الله صلى الله عليه وسلم ، حفصة ، فرأت طيب نفس ، ورأت منه إقبالا فذكرت له فاطمة ، رضي الله عنها ، فقال : حتى ينزل القضاء ، فلقي عمر حفصة فقالت له : يا أبتاه ، وددت أني لم أكن ذكرت له شيئا، فانطلق عمر إلى علي بن أبي طالب عليه السلام، فقال : ما يمنعك من فاطمة ؟ فقال : (( أخشى أن لا يزوجني)) ، قال : فإن لم يزوجك فمن يزوج ، وأنت أقرب خلق الله إليه، فانطلق علي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ولم يكن له مثل عائشة ، أو مثل حفصة ، قال : فلقي رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقال : (( إني أريد أن أتزوج فاطمة ، قال : فافعل ، قال : ما عندي إلا درعي الحطمية ، قال : فاجمع ما قدرت عليه ، وائتني به )) ، قال : فأتى باثنتي عشرة أوقية ، أربعمائة وثمانين ، فأتى بها إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فزوجه فاطمة رضي الله عنها ، فقبض ثلاث قبضات ، فدفعها إلى أم أيمن ، فقال : (( إجعلي منها قبضة في الطيب ، أحسبه قال : والباقي فيما يصلح المرأة من المتاع )) ، فلما فرغت من الجهاز ، وأدخلتهم بيتا، قال : (( يا علي لا تحدثن إلى أهلك شيئا حتى آتيك)) ، فأتاهم رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فإذا فاطمة متقنعة ، وعلي قاعد ، وأم أيمن في البيت ، فقال : ((يا أم أيمن ، آتيني بقدح من ماء ، فأتته بقعب فيه ماء ، فشرب منه ، ثم مج فيه ، ثم ناوله فاطمة فشربت ، وأخذ منه ، فضرب به جبينها ، وبين كتفيها وصدرها ، ثم دفعها إلى علي ، فقال : يا علي ، إشرب )) ، ثم أخذ منه ، فضرب به جبينه وبين كتفيه ، ثم قال : (( أهل بيتي ، فأذهب عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا)) ، فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وأم أيمن ، وقال : (( يا علي ، أهلك )) - ثم قال : رواه البزار (4) .
وروى المحب الطبري في الرياض النضرة، بسنده عن أنس بن مالك رضي الله عنه، قال : خطب أبو بكر إلى النبي صلى الله عليه وسلم ، ابنته فاطمة ، فقال صلى الله عليه وسلم : (( يا أبا بكر لم ينزل القضاء بعد)) ، ثم خطبها عمر ، مع عدة من قريش ، كلهم يقول له مثل قوله لأبي بكر ، فقيل لعلي : لو خطبت إلى النبي صلى الله عليه وسلم فاطمة ، لخليق أن يزوجكها ، قال : (( وكيف وقد خطبها أشراف قريش ، فلم يزوجها)) ، قال : فخطبها ، فقال صلى الله عليه وسلم : (( قد أمرني ربي عز وجل بذلك )) .
قال أنس : ثم دعاني النبي صلى الله عليه وسلم ، فقال لي : (( يا أنس ، اخرج وادع لي أبا بكر الصديق، وعمر بن الخطاب، وعثمان بن عفان، وعبد الرحمن بن عوف، وسعد بن أبي وقاص، وطلحة والزبير ، وبعدتهم من الأنصار)) ، قال : فدعوتهم ، فلما اجتمعوا عنده صلى الله عليه وسلم ، وأخذوا مجالسهم ، وكان علي غائبا ، في حاجة النبي صلى الله عليه وسلم ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم . (( الحمد لله المحمود بنعمته ، المعبود بقدرته ، المطاع بسلطانه ، المرهوب من عذابه وسطوته ، النافذ أمره في سمائه وأرضه ، الذي خلق الخلق بقدرته ، وميزهم بأحكامه ، وأعزهم بدينه ، وأكرمهم بنبيه محمد صلى الله عليه وسلم ، إن الله تبارك اسمه ، وتعالت عظمته ، جعل المصاهرة سببا لا حقا ، وأمرا مفترضا ، أوشج به الأرحام ، وألزم الأنام ، فقال عز من قائل : ( وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ مِنَ الْمَاء بَشَراً فَجَعَلَهُ نَسَباً وَصِهْراً وَكَانَ رَبُّكَ قَدِيراً ) (5) ، فأمر الله تعالى يجري إلى قضائه ، قضاؤه يجري إلى قدره ، ولكل قدر أجل ، ولكل أجل كتاب ، يمحو الله ويثبت ، وعنده أم الكتاب)) .
ثم إن الله عز وجل أمرني أن أزوج فاطمة بنت خديجة، على أربعمائة مثقال فضة ، إن رضي بذلك علي بن أبي طالب ، ثم دعا بطبق من بسر، فوضعه بين أيدينا ، ثم قال : انهبوا ، فنهبنا ، فبينا نحن ننتهب ، إذ دخل علي على النبي صلى الله عليه وسلم ، فتبسم النبي صلى الله عليه وسلم في وجهه ، ثم قال : (( إن الله أمرني أن أزوجك فاطمة على أربعمائة مثقال فضة ، إن رضيت بذلك ، فقال : قد رضيت بذلك يا رسول الله ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : جمع الله شملكما ، وأسعد جدكما ، وبارك عليكما، وأخرج منكما كثيرا طيبا )) ، قال أنس : فوالله لقد أخرج منها كثيرا طيبا - أخرجه أبو الخير القزويني الحاكمي (6) .
------------------------------------------
مراجعة وضبط النص شبكة الإمامين الحسنين عليهما السلام للتراث والفكر الإسلامي
-------------------------------------------
(1) أسد الغابة 7 / 221 .
(2) سنن النسائي 6 / 62 ، ابن حبان ( 549 موارد ) ، المستدرك للحاكم 2 / 1267 ، زوائد الفضائل للقطيعي ( 1051 ) ، فرائد السمطين لابن المؤيد الجويني 1 / 88 ، طبقات ابن سعد 8 / 19 ، مختصر زوائد مسند البزار ( 376 ) ، محمد عبده يماني : علموا أولادكم محبة آل بيت النبي ص 75 .
(3) أنظر : مجمع الزوائد 9 / 202 . ( * )
(4) مجمع الزوائد 9 / 206 .
(5) الفرقان /54 .
(6) الرياض النضرة 2 / 240 - 241 . ( 2 ) الطبقات الكبرى 8 / 11 - 12 .