اهداف ثورة الامام الحسين (عليه السلام)
اهداف ثورة الامام الحسين (عليه السلام)
الشيخ حيدر الربيعاوي
1-
إحياء الإسلام
.
2- توعيةالمسلمين وكشف الماهية الحقيقية للأمويين .
3- إحياء السنة النبوية والسيرة العلوية .
4- إصلاح المجتمع واستنهاض الأمة .
5- إنهاء استبداد بني أمية على المسلمين .
6- تحرير إرادة الأمة من حكم القهر والتسلّط .
7- إقامة الحق وتقوية أهله.
8- توفير القسط والعدالة الاجتماعية وتطبيق حكم الشريعة .
9-إزالة البدع والانحرافات .
10- إنشاء مدرسة تربوية رفيعة وإعطاء المجتمع شخصيته ودوره .
لقد تجلّت هذه الأهداف في فكر سيد الشهداء وفي عمله أيضا، وكذلك لدى أنصاره
وأتباعه.
ومن جملة خطب الإمام الحسين (عليه السلام) المعبّرة عن أهدافه ، هي قوله: ((..إنما خرجت لطلب الإصلاح في أمّة جدي ، أريد أن آمر بالمعروف وأنهى عن المنكر، وأسير بسيرة جدّي وأبي علي بن أبي طالب)).
و كتب إلى وجوه أهل البصرة: ((أنا أدعوكم إلى كتاب الله وسنة نبيه ، فإنّ السنة قد أميتت والبدعة قد أحييت ، فإن تسمعوا قولي أهدِكم سبيل الرشاد)).
وأرسل مع
مسلم بن عقيل كتابا إلى أهل الكوفة ، حدّد فيه رسالة الإمامة بما يلي:
((..فلعمري ما الإمام إلاّ العامل بالكتاب ،
والآخذ بالقسط ، و الدائن بالحق ، والحابس نفسه على ذات الله والسلام..)).
وفي كربلاء خطب بأنصاره قائلا: (( ألا ترون إلى
الحق لا يُعمل به ، وإلى الباطل لا يُتناهى عنه ، ليرغب المؤمن في لقاء
الله ، فإني لا أرى الموت إلاّ سعادة ، والحياة مع الظالمين إلاّ برما ))
البلاء و كربلاء البلاء يعطي معنى الألم والمشقة كما ويعطي أيضا معنى
الاختبار والامتحان ، وأغلب الشداد والمصائب تكون تمحيصا للناس في دنياهم
للتمسك بالدين ، وكربلاء (كرب وبلاء) هي مزيج من المحن والآلام الشديدة ،
وكانت أكبر اختبار تاريخي لأهل الحق والباطل لأجل أن يحددوا مواقفهم .
لما بلغ سيد الشهداء تلك البقعة ، سأل : (( ما
اسم هذا الموضع )) ؟ فقيل له: كربلاء. فدمعت عيناه وراح يقول:
(( اللهم إني أعوذ بك من الكرب والبلاء ))
، وقد أيقن بأن شهادته هو وأصحابه في هذا المكان فقال:
((هذا موضع كرب وبلاء ، ها هنا مناخ ركابنا ،
ومحط رحالنا وسفك دمائنا )).
كان اختلاط اسم هذه الأرض بالمصائب والشدائد قد نقل من قبل هذا على لسان
بعض الأولياء ؛ فعيسى عليه السلام عندما مرّ بها بكى ، وقال: (( إنها
أرض كرب وبلاء )) وحينما كان الإمام الحسين (عليه السلام) طفلا مع أمه تحمله ، أخذه النبي
صلى الله عليه وآله وقال: (( لعن الله قاتلك ))
، فسألته فاطمة عليها السلام: (( وأين يقتل ولدي
)) ؟ ، قال: (( موضع يقال له كربلاء
وهي دار كرب وبلاء علينا وعلى الأمة [الأئمة] )).
إذا اعتبرنا كربلاء أرض البلاء ، فهي موضع اختبار لإخلاص وفداء ومحبة أبي
عبدالله عليه السلام وأهل بيته وأصحابه ، الذين تجلى جوهرهم الذاتي وبعدهم
الرفيع ، ومدى صدق عقيدتهم وادعائهم، في بوتقة الآلام والشهادة والمحن
والمصائب ، وظهرت فيها أيضا ماهية أهل الكوفة ، وأدعياء نصرة الإمام الحسين
(عليه السلام) ،
وانكشفت من خلالها حقيقة الحكام الأمويين تجاه سبط الرسول وحجة الله .
وقد أشار أبو عبدالله (عليه السلام) إلى دور البلاء في اكتشاف جوهرة التدين
، ومدى الالتزام في خطابه في منزل يقال له (ذي حسم) أو في كربلاء - وفق
رواية أخرى- حين قال: ((...إن الناس عبيد الدنيا
، والدين لعق على ألسنتهم يحوطونه ما درت معايشهم ، فإن محصوا بالبلاء قل
الديانون )) وأي امتحان أشد من أن يرى حجة الله وهو محاصر من
قبل أعدائه ، وهم يخذلونه طمعا في مغانم دنيوية ، أو خوفا من الموت ؟ ،
وعندما كان الإمام يطلب النصرة طوال مسيره ولا يلقى منهم رغبة في الجهاد أو
قدرة على التضحية ، كان يأمرهم بالابتعاد عن المنطقة ويقول:
(( فوالله لا يسمع واعيتنا أحد ولا ينصرنا إلا
(هلك) أكبه الله في نار جهنم )) إضافة إلى ما تضمنته كربلاء من
امتحان عظيم ، فقد كانت في الوقت نفسه سببا للتقرب من الله وعلو الدرجة ،
كما اختُبر إبراهيم وإسماعيل بأمر الذبح ، وكما أُمر إبراهيم بأن يَترك
ذريته بواد غير ذي زرع ، واختبره الله أيضا بنار نمرود حين ألقي في سعيرها
, وقدم سيد الشهداء أيضا اثنين وسبعين قربانا إلى مسلخ العشق ، وكان هو
الذبح العظيم ، وقربان آل الله ، وتعرّض عياله في صحراء الطف لصنوف الأذى
والعذاب والعطش , وخرجوا كلهم من ذلك الاختبار بوجوه وضاءة ، وكان كلام سيد
الشهداء في اللحظات الأخيرة دليلا على الرضا والتسليم:
(( إلهي رضا لقضائك وتسليما لأمرك )) ,
وكان في كلام فاطمة بنت الإمام الحسين (عليهما السلام) إشارة إلى أن كربلاء كانت موضع
ابتلاء لأمة الرسول وللعترة ، ففشل فيها الآخرون ، وأبلى فيها آل الرسول
بلاء حسنا: (( فإنا أهل البيت ابتلانا الله بكم
وابتلاكم بنا ، فجعل بلاءنا حسنا )) ، وهكذا يمكن أيضا النظر
إلى عاشوراء من زاوية (البلاء) ، واعتبار (الابتلاء) تمهيدا لتجسيد البعد
الإلهي لشهداء سبيل الله ، وعلى زائر الإمام الحسين (عليه السلام) أن يجسد قي ذهنه صورة لجميع
أنواع البلاء والشدائد والمصائب والخوف والعطش ، وأن كربلاء أرض كرب وبلاء
.
(( حسين منّي وأنا من حسين )) هذا
الحديث منقول عن رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) ، وقد أوردته كتب السنّة
والشيعة ، ونصّه الكامل هو: (( حسين منّي وأنا من
حسين ، أحبّ الله من أحبّ حسيناً ، وأبغض الله من أبغض حسيناً ، حسين سبط
من الأسباط ، لعن الله قاتله )).
وهذا دليل على وحدتهما فكرياً وروحياً وجسميّاً، واتّفاقهما في الهدف والمسار ، فرسول الله (صلّى الله عليه وآله) قد اعتبر قبل نصف قرن من واقعة الطف ، ثورة الإمام الحسين (عليه السلام) امتداداً لرسالته ، وأكّد أنّ أعداء الإمام الحسين (عليه السلام) الذين لطّخوا أيديهم بدمه ، إنّما هم أعداؤه وقتلته هو شخصياً ؛ وذلك لأن غضب ورضا ، وحرب وسلم ، ومناصرة ومعاداة الإمام الحسين (عليه السلام) ، هي نظير غضب ورضا ، وحرب وسلم ، ومناصرة ومعاداة الرسول .
فهما روح
واحدة في جسدين ، وفكر واحد ومرام واحد في زمنيين متفاوتين , والتصريح بهذا
الارتباط الوثيق يعكس الخطّ الصحيح للحركة الدينية والاجتماعية والجهادية
والسياسية على مدى التاريخ ، والصلة بينهما لا تقتصر على مجرّد الارتباط
النسبي ، وكون الإمام الحسين (عليه السلام) من ذرّية الرسول ، بل أنّ المدار هو اتّحادهما في
المسار والخط .
أما المفهوم الآخر الذي ينطوي عليه هذا الحديث فهو: أن وجود النبي ورسالته
، قد تواصلت في ظل وجود أبي عبد الله ، وليس المراد من ذلك التواصل الجسدي
فحسب ، بل أن حارس دين المصطفى هو الإمام الحسين الشهيد (عليه السلام) .
وكانت ثورته واستشهاده سبباً لبقاء دين رسول الله (صلى الله عليه وآله) ، فالقضية ليست ذات بعد عاطفي مجرد ، وإنما تعكس حقيقة اجتماعية وتاريخية , بأن ثورة الإمام الحسين (عليه السلام) هي التي أحيت دين النبي (صلى الله عليه وآله) .
وقد بيّن أبو عبد الله هدفه وغايته من هذه الثورة بقوله : إنّما خرجت لأسير بسنة جدي ، وآمر بالمعروف وأنهي عن المنكر، وأقوّم الانحراف ليستقيم هذا الدين.
وما قولهم "
أنّ الإسلام محمّدي الوجود , حسيني البقاء " إِلاّ إشارة إلى أن أحياء دين
النبيّ قد تحقّق بفعل ثورة عاشوراء ، وقد ورد هذه المعنى في الشعر المنسوب
إلى الإمام الحسين (عليه السلام) - والحديث والشعر ليس للإمام - والذي يقول
فيه:
إن كان دين محمد لم يستقم **** إلا بقتلي يا سـيوف خـذيني
---------------------------------
مراجعة وضبط النص شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) للتراث والفكر الإسلامي .