السيدة رقية بنت الحسين عليهما السلام شاهدة المظلومية

بسم الله الرحمن الرحيم

آل رسول الله ( صلى الله عليه وآله) كبارهم وصغارهم لكل منهم مواقف وشواهد ، أنبأت عن عظمتهم وجلالهم بحيث لم يصل إلى مستواهم أحد ، فلا يقاس بآل محمد أحد ، وكما قيل كبيرهم لايقاس وصغيرهم جمرة لاتداس ، ومن أبرز المواقف التي بينت ذلك معركة الطف الخالدة ، بقيادة سيد الشهداء الإمام الحسين (عليه السلام) وما صاحبها من أحداث ، فكانت لكل من شارك فيها مواقف مشرِّفة ، ومن هؤلاء السيدة رقية بنت الإمام الحسين (عليهما السلام) ، وموقفها المشرف الذي أدى الى شهادتها سلام الله عليها.

حيث كان دورها الأبرز في خربة دمشق - حيث عروش الظالمين من بني أمية - كانت صرختها سلام الله عليها هزت بها أركان السلطان الأموي ، فكانت بحق - كلمة حق عند سلطان جائر- صرخات تتلوا صرخات قائلة (أين أبي ...أين أبي) ، لله درك يامولاتي وأنت لم تتجاوزِ الربيع الرابع من عمرك .

معنى رقية :

أخذ هذا الإسم من الترقي والسمو والتوقيع والعلو ، أو هو تصغير لطيف للفظ رقية بمعنى الدعاء والابتهال إلى الله في شأن أصحاب البلاء .

ومن أقدم المصادر التاريخية التي ذكرت أن اسمها رقية ، قصيدة سيف بن عميرة النخعي الكوفي رحمه الله ، وهو أحد أصحاب الإمام جعفر الصادق والإمام موسى الكاظم (عليهما السلام) فقد قال :

وعبد كم سيف فتى ابن عميرة *** عبد لعبد عبيد حيدر قنبر

وسكينة عنها السكينة فارقـت *** لــما ابتديت بفرقة وتغّير

ورقيـة رق الـحسود لضعفها *** وغـدا ليعذرها الذي لم يعذر

ولأم كلثوم يـجد جــديدها *** لثَّم عقيب دموعها لـم يـكرر

لم أنسهـا وسكـينة ورقيــة *** يـبكينه بـتحسر وتـزفـر

رؤيا وشهادة :

أثناء تواجد أهل البيت (عليهم السلام) في خربة الشام رأت السيدة رقية في منامها أباها الحسين (عليه السلام) ، فقامت من منامها وقالت : اين أبي الحسين! فإني رأيته الساعة في المنام مضطرباً شديداً ، فلما سمعن النسوة بكين وبكى معهن سائر الأطفال ، وارتفع العويل فانتبه يزيد من نومه وقال: ما الخبر ، ففحصوا عن الواقعة وأخبروه بها ، فأمر أن يذهبوا برأس أبيها إليها ، فأتوا بالرأس الشريف وجعلوه في حجرها ، فقالت : ما هذا ؟ قالوا : رأس أبيك ! ففزعت الصبيّة ، صاحت وأنّت وتأوّهت فتوفيت ، ومضت سعيدة إلى ربها مخبرة جدها رسول الله وجدَّتها الزهراء ما لقيت من ظلم الطغاة .

وفاتها:

توفيت السيدة رقية بنت الحسين في الخربة بدمشق الشام في الخامس من شهر صفر سنة 61هـ ، ودفنت في المكان الذي ماتت فيه وعمرها ثلاث سنوات أو أربع أو أكثر من ذلك بقليل ، وقد قال صاحب معالي السبطين : أن أول هاشمية ماتت بعد قتل الحسين (عليه السلام) هي رقية أبنته في الشام .

موقع قبرها:

يقع قبرها الشريف على بعد مئة متر أو أكثر من المسجد الأموي بدمشق ، وفي باب الفراديس بالضبط ، وهو الباب المشهور من أبواب دمشق الشهيرة والكثيرة ، والذي هو باب قديم جداً .

دعاء زيارتها:

(( السلام عليك يا بنت الحسين الشهيد ، السلام عليك أيتها الصديقة الشهيدة ، السلام عليك أيتها الرضية المرضيّة ، السلام عليك أيتها التقية النقيّة ، السلام عليك أيتها الزكية الفاضلة ، السلام عليك أيتها المظلومة البهيّة ، صلى الله عليك وعلى روحك وبدنك ، وجعل الله منزلك ومأواك في الجنة مع آبائك وأجدادك الطيبين الطاهرين المعصومين .

رقية في صغر الشعراء:

بدمشق قبرك يا رقية يُشرق *** وبـه عظات بـالحقيقة تنطق

كنتِ أسيرةَ دولـة مغرورةٍ *** فعصفت فيما زوروا أو لفقوا

وإذا بها عند النهـاية عبرة *** وإذا بقبرك فيه تـزهو جلق

وإذا بمجدك وهو مجد محمـد *** زاه ويختـرق المـدى ويلحق

تلك الحقيقة سوف يبقى نورها أبد الزمان على العوالم يخفق .

---------------------------------

مراجعة وضبط النص شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) للتراث والفكر الإسلامي .