الموت
قال تعالى: ﴿ حَتَّىٰ إِذَا جَاءَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ رَبِّ ارْجِعُونِ * لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحًا فِيمَا تَرَكْتُ كَلَّا إِنَّهَا كَلِمَةٌ هُوَ قَائِلُهَا وَمِنْ وَرَائِهِمْ بَرْزَخٌ إِلَىٰ يَوْمِ يُبْعَثُونَ ﴾ 1.
لم يخلق الله سبحانه وتعالى الإنسان ليعيش في هذه الحياة الدّنيا حياة الخلود والبقاء، فهي دار فناء وزوال، وإنّما وجوده فيها مقدّمة لانتقاله إلى عالم آخر، وهو عالم الآخرة، فالآخرة هي دار البقاء والقرار، وأمّا الدّنيا فمعبرٌ وممرٌ إلى الآخرة، يمتحن الله فيها الإنسان من خلال مجموعة من التكاليف والأوامر والنّواهي الإلهية، وبمقدار التزامه بها من عدمه تتحدد مكانته ومنزلته عند الله سبحانه، ويعيش السعادة أو الشقاء في الآخرة. فلذلك يكون بقاؤه في الدّنيا محدوداً، ولحكمة اقتضتها المشيئة الإلهيّة فإنّ أعمار النّاس في الدّنيا تتفاوت وآجالهم تختلف، إلاّ أنّ الجميع سيرحلون عنها ويفارقونها، وسيحل بهم جميعاً الموت الذي لا بدّ منه، فمسألة أنّ الإنسان لا بدّ وأن يموت مسألة مفروغ منها، لا يحتاج ذلك إلى إثبات بالدّليل والبرهان، فكلُّ إنسان سيلاقي حتفه، بل هو قانون عام شامل لجميع الموجودات، قال الله تعالى: ﴿ كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ ثُمَّ إِلَيْنَا تُرْجَعُونَ ﴾ 2، فلن يبقى أحدٌ من البشر والمخلوقات إلاّ وسيموت، والباقي هو وجهه سبحانه وتعالى، قال تعالى: ﴿ كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ * وَيَبْقَىٰ وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ ﴾ 3.
ومع أنّ موت كلِّ إنسان أمرٌ يقيني، إلاّ أنّ الكثيرين يعيشون مع هذا اليقين حالة من يعيش مع أمر مشكوك فيه، وقد عبّر الإمام الصادق «عليه السلام» عن هذه الحالة بقوله: «لم يخلق الله عزّ وجل يقيناً لا شك فيه أشبه بشك لا يقين فيه من الموت» 4.
وهذه حال أولئك الذين يكونون في غفلة عن الآخرة ويتناسونها استئناساً منهم بمباهج الدّنيا وشهواتها، فمن كرّس كلَّ همّه للدنيا، وارتبط بها ارتباطاً وثيقاً فإنّه يتناسى الموت وينزعج منه ويكرهه ويخافه، لأنّ الموت يقطع هذه العلاقة بينه وبين الدّنيا.
وثمّة سبب آخر لكراهية الموت والانزعاج والخوف منه، وهو الذنوب والخطايا التي ملأ العبد بها صحيفة أعماله، فهو يعلم حقيقة العلم أنّه بالموت سيصل إلى نتائج أعماله، وهو العقاب المترتب على فعله لتلك المعاصي والمخالفات الشرعيّة، فلهذا السبب يكره الموت ويخافه، لخوفه مما بعد الموت، قال تعالى عن اليهود: ﴿ قُلْ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ هَادُوا إِنْ زَعَمْتُمْ أَنَّكُمْ أَوْلِيَاءُ لِلَّهِ مِنْ دُونِ النَّاسِ فَتَمَنَّوُا الْمَوْتَ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ * وَلَا يَتَمَنَّوْنَهُ أَبَدًا بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِالظَّالِمِينَ ﴾ 5. فذكر سبحانه وتعالى أنّ عدم رغبتهم في الموت وتمنيهم له إنّما هو بسب أعمالهم السيّئة، فهم لا يحبّون أن يصلوا إلى آثار تلك الأعمال، من العذاب الإلهي في عالم البرزخ وما بعده من العوالم.
أمّا المؤمنون المتّقون فإنّهم وضعوا الموت نصب أعينهم، يذكرونه ويذكّرون به أنفسهم، حيث تكون الآخرة أكبر همهم، فهم والجنّة كمن رآها فهم على أرائكها متكئون، وهم والنّار كمن رآها فهم فيها معذّبون.
فبالموت ينتقل الإنسان من عالم الدّنيا إلى عالم البرزخ، من عالم الدّنيا الضيّق إلى عالم البرزخ الواسع، تماماً كانتقاله بالولادة من عالم الرّحم إلى عالم الدّنيا، فكما أنّ عالم الرّحم بالنّسبة إلى عالم الدّنيا من حيث السعة لا يساوي شيئاً، فكذلك عالم البرزخ بالنسبة إلى عالم الدّنيا لا يساوي شيئاً أيضاً، وفي عالم البرزخ تنكشف للإنسان حقائق لم يكن قد شاهدها أو علم بها قبل الموت.
فالإنسان لا يفنى ولا ينعدم بالموت، وإنّما الذي يفنى هو جسده فقط، وأمّا الرّوح فإنّها تبقى وتستقرُّ في قالب آخر لتعيش حياة جديدة في عالم آخر له ظروفه الخاصة.
ذكر الموت من أهم أسباب الوقاية من الذنوب:
إنّ من يجعل الموت نصب عينيه ويتذكّره ويذكّر به نفسه بشكل دائم ومستمر، فلا شك أنّه سوف يرتدع عن ممارسة الكثير من الذنوب والمخالفات الشرعيّة، بل إنّه سيعيش التّقوى فلن يفتقده الله سبحانه وتعالى حيث أمره، ولن يراه حيث نهاه.
وأمّا من غفل عن الموت، وعاش طول الأمل فرأى أنّه باق في الدّنيا مدّة مديدة، كان ذلك موجباً لحبّ الدنيا 6، وحبّها يعدُّ من أهمّ الأسباب لاقتراف الذنوب والوقوع في المعاصي.
ولهذا نجد الشريعة الإسلامية قد أكّدت كثيراً على ذكر الموت، وعلى الإتيان بما يمكن أن يكون سبباً في تذكره، فعن النبي الأكرم «صلى الله عليه وآله» قال: «من ارتقب الموت سارع في الخيرات» 7.
وعن الإمام أمير المؤمنين «عليه السلام» قال: «وأكثروا ذكر الموت عندما تنازعكم إليه أنفسكم من الشهوات، وكفى بالموت واعظاً» 8.
وعن الإمام الصادق «عليه السلام» قال: «ذكر الموت يميت الشهوات في النفس، ويقلع منابت الغفلة، ويقوي القلب بمواعد الله، ويرق الطبع، ويكسر أعلام الهوى، ويطفئ نار الحرص، ويحقر الدنيا» 9.
كما ورد الحثّ والتأكيد كثيراً على زيارة القبور، لأنّ فيها موعظة للإنسان فيتذكّر المصير الذي ينتظره، فيرى أنّ كلَّ لحظة تمر عليه تقرّبه من هذه النّهاية المحتومة، مما يدفعه ذلك إلى الاستقامة والاستعداد للموت.. فعن النبي الأعظم «صلى الله عليه وآله» أنّه قال: «كنت نهيتكم عن زيارة القبور، فزوروا القبور، فإنها تزهد في الدنيا وتذكر الآخرة» 10.
وعنه «صلى الله عليه وآله» أيضاً: «نهيتكم عن زيارة القبور فزوروها، فإنها تذكركم الموت» 10.
وكذلك تشييع الجنائز، فهو أيضاً مما يلفت نظر العبد إلى الموت، وأنّه سيكون مصيره يوماً ما كمصير هذا الإنسان الذي شارك في تشييعه وحضر مراسم دفنه.
من أهم العقبات التي يواجهها الإنسان عند الموت
يواجه الإنسان ساعة الموت مجموعة من العقبات، ومن أهمّها:
1-العديلة
والمراد بالعديلة هنا هو العدول وقت الموت من الاعتقاد بالعقيدة الحقّة إلى عقيدة الكفر - أعاذنا الله وجميع المؤمنين من ذلك - وذلك أنّ الشيطان يأتي إلى العبد المحتضر فيوسوس له حتّى يوقعه في الشّك ليخرج من الدّنيا بغير عقيدة أهل الإيمان.. ولا شكّ أنّ من كان اعتقاده مستنداً إلى الدليل والبرهان الدامغ، فلا يمكن للشيطان أن يزحزحه عنها أبداً، إنّما يكون ذلك بالنّسبة لمن كان متضعضع اليقين في عقيدته، ومع ذلك فإنّ من المؤمنين - ومع أنّه على يقين من عقائده - إلاّ أنّه يعيش حالة الخوف من مسألة العديلة عند الموت، ويطلب من الله سبحانه وتعالى أن يختم له حياته بخير. فينقل أنّ المرحوم السيّد مهدي الشيرازي كان يقول في سجوده في الركعة الأخيرة من صلاته: «اللهم اجعل عواقب أمورنا خيراً» فقيل له: إنّك في السبعين من عمرك وممن تُعرف بالإيمان والتّقوى، ولست بحاجة إلى هذا الدّعاء، لأنّ عاقبتك ستكون حسنة، فقال «رحمه الله»: «إنني أخشى أن أكون قد نقضت غزلها من بعد قوّة».
كما وأثر عن بعض الأئمة «عليهم السلام» أنّه كان يتعوّذ بالله سبحانه وتعالى من العديلة عند الموت، فمن ذلك ما رواه السيد ابن طاووس «رحمه الله» في كتابه الإقبال في عمل أول ليلة من شهر رجب أنّ أبا الحسن الأول «عليه السلام» كان يقول وهو ساجد في أحد أدعيته بعد فراغه من صلاة الليل: «... اللهم إني أعوذ بك من العديلة عند الموت، ومن شر المرجع في القبور ومن الندامة يوم الأزفة...» 11.
وكان الإمام الصادق «عليه السلام» يقول: «اللهم إني أعوذ بك من العديلة عند الموت» 12.
ومما ينفع للسلامة من العديلة والنّجاة منها ما قاله فخر المحققين في آخر رسالته المسماة بإرشاد المسترشدين في أصول الدين: «ولنختم رسالتنا هذه بمسألة مباركة، وهي أنّ العديلة عند الموت تقع، فإنه يجئ الشيطان ويعدل الإنسان عند الموت ليخرجه عن الإيمان فيحصل له عقاب النيران، وفي الدعاء قد تعوذ الأئمة «عليهم السلام» منها، فإذا أراد الإنسان أن يسلم من هذه الأشياء فليستحضر أدلة الإيمان والأصول الخمس بالأدلة القطعية، ويصفي خاطره ويقول: اللهم يا أرحم الراحمين، إني قد أودعتك يقيني هذا وثبات ديني، وأنت خير مستودع، وقد أمرتنا بحفظ الودائع، فرده عليّ وقت حضور موتي، ثم يخزي الشيطان ويتعوذ منه بالرحمن، ويودع ذلك الله تعالى، ويسأله أن يرده عليه وقت حضور موته، وعند ذلك يسلم من العديلة عند الموت قطعاً» 13.
ومما ينجي من العديلة أيضاً المواظبة على أداء عبادة الصلاة في وقتها، فمن كان محافظاً على أداء صلاته في وقتها فإنّ ملك الموت يدفع عنه الشيطان، ويمنعه من أن يوسوس له ليشككه في عقائده، ففي الرّواية عن النبي الأعظم «صلى الله عليه وآله» قال: «إنما يتصفحهم 14 في مواقيت الصلاة، فإن كان ممن واظب عليها عند مواقيتها لقنه شهادة أن لا إله إلا الله وأنّ محمداً رسول الله ونحى عنه ملك الموت إبليس» 15.
2-عقبة استلام الرّوح
ومن العقبات الصعبة التي يواجهها الإنسان ساعة الموت عقبة استخراج الرّوح من الجسد، فالنّاس بالنّسبة إلى استلام أرواحهم على أصناف، صنف تستلم أرواحهم بيسر دون أدنى عناء، وهم المؤمنون محضوا الإيمان الذين أحسنوا في جانب العقيدة وجانب العمل، وإن حصل وصدرت منهم معصية فإنّهم استغفروا الله وتابوا وأنابوا إليه منها، فكانوا على استعداد دائم للموت، فهؤلاء لا يعدو أن يكون جهد استلام أرواحهم جهد شمّ أطيب الرّياحين، هؤلاء هم من عاشوا مرتبة النّفس المطمئنة، قال تعالى: ﴿ يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ * ارْجِعِي إِلَىٰ رَبِّكِ رَاضِيَةً مَرْضِيَّةً * فَادْخُلِي فِي عِبَادِي * وَادْخُلِي جَنَّتِي ﴾ 16.
وعن الإمام الصادق «عليه السلام» قال: «أمّا المؤمن فلا يحس بخروجها، وذلك قول الله سبحانه وتعالى: ﴿ يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ * ارْجِعِي إِلَىٰ رَبِّكِ رَاضِيَةً مَرْضِيَّةً ﴾ 17.
وذلك لمن كان ورعاً مؤمناً مواسياً لإخوانه وصولاً لهم» 18.
وفي رواية أنّه قيل له: صف لنا الموت، فقال: «للمؤمن كأطيب ريح يشمه فينعس لطيبه وينقطع التعب والألم كله عنه» 19.
نعم هؤلاء هم الذين تتلقاهم الملائكة بالبشرى، فهم مصداق قوله تعالى: ﴿ أَلَا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ * الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ * لَهُمُ الْبُشْرَىٰ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ لَا تَبْدِيلَ لِكَلِمَاتِ اللَّهِ ذَٰلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ ﴾ 20.
وعن سهولة استلام أرواح هؤلاء يقول النبي «صلى الله عليه وآله»: «ما شبهت خروج المؤمن من الدنيا إلاّ مثل خروج الصبي من بطن أمه من ذلك الغم والظلمة إلى روح الدنيا» 21.
وعنه «صلى الله عليه وآله»: «إنّ ملك الموت ليقف من المؤمن عند موته موقف العبد الذليل من المولى، فيقوم وأصحابه لا يدنون منه حتى يبدأه بالتسليم ويبشره بالجنة» 22.
وعنه «صلى الله عليه وآله»: «إنّ أشد شيعتنا لنا حبّاً يكون خروج نفسه كشرب أحدكم في يوم الصيف الماء البارد الذي ينتقع به القلوب وإن سائرهم ليموت كما يغبط أحدكم على فراشه كأقر ما كانت عينه بموته» 23.
وعنه «صلى الله عليه وآله»: «أول ما يبشر به المؤمن روح وريحان وجنة نعيم، وأول ما يبشر به المؤمن أن يقال له: أبشر وليَّ الله برضاه والجنة، قدمت خير مقدم، قد غفر الله لمن شيّعك، واستجاب لمن استغفر لك، وقبل من شهد لك» 24.
وأمّا الكافر فتنتزع روحه بصعوبة شديدة جدّاً، فقد ورد في الرّواية عن الإمام الصادق «عليه السلام» أنّه قال: «أن أمير المؤمنين «عليه السلام» اشتكى عينه فعاده النبي «صلى الله عليه وآله» فإذا هو يصيح، فقال النبي «صلى الله عليه وآله»: أجزعاً أم وجعاً؟ فقال: يا رسول الله ما وجعت وجعاً قط أشد منه، فقال: يا علي إنّ ملك الموت إذا نزل لقبض روح الكافر نزل معه سفود 25 من نار فينزع روحه به فتصيح جهنم فاستوى علي «عليه السلام» جالساً فقال: يا رسول الله أعد علي حديثك فلقد أنساني وجعي ما قلت، ثم قال: هل يصيب ذلك أحداً من أمتك؟ قال: نعم حاكم جائر وآكل مال اليتيم ظلماً وشاهد زور» 26.. ويستفاد من بعض الرّوايات أن الله سبحانه وتعالى يخفف عن بعض الكفّار في قبض أرواحهم وذلك كثواب على بعض أعمالهم الحسنة.
وهناك صنف ثالث من النّاس وهم من أهل الإيمان ممن خلط عملاً صالحاً وآخر سيئاً، فإن هؤلاء يختلفون في استلام أرواحهم من حيث صعوبة الاستلام وشدّته، فبعضهم أخف وبعضهم أشد، وقد تصل شدّة ذلك كشدّة استلام روح الكافر حسب ما يظهر من رواية الإمام الصادق السالفة.. وما كان من شدّة في استلام روح المؤمن فهو تمحيص له من ذنوبه ليرد على ربّه نقيّاً طاهراً من ذنوبه ومستحقّاً للثواب الأبدي.
فعن الإمام أمير المؤمنين «عليه السلام» قال: «ما من الشيعة عبد يقارف أمراً نهيناه عنه فيموت حتى يبتلى ببلية تمحص بها ذنوبه، إمّا في مال وإمّا في ولد وإمّا في نفسه حتى يلقى الله عز وجل وماله ذنب، وإنّه ليبقى عليه الشيء من ذنوبه فيشدد به عليه عند موته» 27.
وكما أنّ من آثار بعض الأعمال السيّئة صعوبة وشدّة انتزاع روح فاعلها، فإن هناك من الأعمال الحسنة ما له خاصيّة تسهيل وتخفيف استلام الرّوح، ومنها صلة الرّحم وبرُّ الوالدين، فعن الإمام الصّادق «عليه السلام» قال: «من أحب أن يخفف الله عزّ وجل عنه سكرات الموت، فليكن لقرابته وصولاً وبوالديه باراً، فإذا كان كذلك هون الله عزّ وجل عليه سكرات الموت، ولم يصبه في حياته فقر أبداً» 28.
ومنها التصدّق على الفقراء والمساكين، ففي الرّواية عن الإمام الصادق «عليه السلام» قال: «من كسا أخاه كسوة شتاء أو صيف كان حقّاً على الله أن يكسوه من ثياب الجنة، وأن يهون عليه سكرات الموت، وأن يوسع عليه في قبره، وأن يلقى الملائكة إذا خرج مــن قبره بالبشرى، وهـو قـول الله عز وجل في كتابه: ﴿ ... وَتَتَلَقَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ هَٰذَا يَوْمُكُمُ الَّذِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ ﴾ 29» 30.
ومما ينفع ساعة الموت حبُّ النبي الأكرم «صلى الله عليه وآله»، وأهل بيته «عليهم السلام» ففي الرّواية عنه «صلى الله عليه وآله» أنّه قال: «حبي وحب أهل بيتي نافع في سبعة مواطن، أهوالهن عظيمة: عند الوفاة، وفي القبر، وعند النشور، وعند الكتاب، وعند الحساب، وعند الميزان، وعند الصراط» 31.
وقال «صلى الله عليه وآله» أيضاً: «والذي نفسي بيده لا تفارق روح جسد صاحبها حتى تأكل من ثمار الجنة أو من شجرة الزقوم، وحين ترى ملك الموت تراني وترى علياً وفاطمة وحسناً وحسيناً «عليهم السلام» فإن كان يحبنا قلت: يا ملك الموت أرفق به إنّه كان يحبني ويحب أهل بيتي، وإن كان يبغضنا قلت: يا ملك الموت: شدد عليه إنه كان يبغضني ويبغض أهل بيتي» 3233.
_______________
1. القران الكريم: سورة المؤمنون (23)، الآية: 99 و 100، الصفحة: 348.
2. القران الكريم: سورة العنكبوت (29)، الآية: 57، الصفحة: 403.
3. القران الكريم: سورة الرحمن (55)، الآية: 26 و 27، الصفحة: 532.
4. الخصال، صفحة 14.
5. القران الكريم: سورة الجمعة (62)، الآية: 6 و 7، الصفحة: 553.
6. وهذا ما تخوّفه النبي «صلى الله عليه وآله» على أمّته، فقال: «ألا إنّ أخوف ما أخاف عليكم خلتان: اتباع الهوى وطول الامل؛ أما اتباع الهوى فيصد عن الحق، وأما طول الأمل فينسي الآخرة». «الكافي 8/58».
7. ميزان الحكمة 8/223، برقم: 19254.
8. وسائل الشيعة 2/437.
9. بحار الأنوار 6/133.
10. a. b. كنز العمّال 15/646.
11. إقبال الأعمال 3/187.
12. الينابيع الفقهية 3/29.
13. مستدرك سفينة البحار 7/122.
14. أي ملك الموت.
15. الوافي 24/262.
16. القران الكريم: سورة الفجر (89)، الآيات: 27 - 30، الصفحة: 594.
17. القران الكريم: سورة الفجر (89)، الآية: 27 و 28، الصفحة: 594.
18. ميزان الحكمة 8/217، برقم: 19209.
19. بحار الأنوار 6/152.
20. القران الكريم: سورة يونس (10)، الآيات: 62 - 64، الصفحة: 216.
21. ميزان الحكمة 8/216، برقم: 19204.
22. من لا يحضره الفقيه 1/135.
23. بحار الأنوار 6/162.
24. كنز العمال 15/596.
25. السفود: الحديدة التي يشوى بها الحم.
26. الكافي 3/253.
27. الخصال، صفحة 636.
28. أمالي الشيخ الطوسي، صفحة 432.
29. القران الكريم: سورة الأنبياء (21)، الآية: 103، الصفحة: 331.
30. الكافي 2/204.
31. أمالي الشيخ الصدوق، صفحة 60.
32. بحار الأنوار 6/194.
33. المصدر كتاب "دروس من وحي الإسلام" للشيخ حسن عبد الله العجمي، نقلا عن الموقع الرسمي لسماحته حفظه الله.