تفسير قوله فتلقى آدم من ربه كلمات فتاب عليه
تفسير الآية المباركة [۱]{فَتَلَقَّى آدَمُ مِن رَّبِّهِ كَلِمَاتٍ فَتَابَ عَلَيْهِ إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ } [۲]
قال الله تعالى في كتابه العزيز{فَتَلَقَّى آدَمُ مِن رَّبِّهِ كَلِمَاتٍ فَتَابَ عَلَيْهِ إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ }[۳]. يروي جمهور المفسرين من الشيعة والسنة , أن الكلمات التي تلقاها آدم عليه الصلاة والسلام من ربه , وتوسل إلى الله تعالى بها , أن يغفر ذنبه , ويقبل توبته , أنه سأل الله تعالى ذلك , بحق محمد وعلي وفاطمة والحسن والحسين صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين , فقبل توبته , وغفر ذنبه .
وتأييداً لهذا التفسير نذكر في ما يلي روايات من الخاصة والعامة :
(۱)( ينابيع المودة ) : يروي ابن المغازلي الشافعي , ” بسنده عن سعيد بن جبير , عن ابن عباس , قال : سُئل النبي صلى الله عليه وآله وسلم , عن الكلمات التي تلقاها آدم من ربه , فتاب عليه , قال : سأله بحق علي , وفاطمة , والحسن , والحسين , فتاب عليه , وغفر له “[۴].
(۲)( ينابيع المودة ) : يروي الحافظ سليمان بن إبراهيم القندوزي الحنفي , عن تفسير الإمام أبي محمد الحسن العسكري عليه السلام , قال : ” قال علي بن الحسين : حدثني أبي , عن أبيه علي , عليه السلام , عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال :
يا عباد الله ! إن آدم لما رأى النور ساطعاً من صلبه , إذ كان الله قد نقل أشباحنا , من ذروة العرش إلى ظهره , رأى النور , ولم يتبين الأشباح , فقال : يا رب ! ما هذه الأنوار ؟
قال الله , عز وجل : أنوار أشباح نقلتهم من أشرف بقاع عرشي إلى ظهرك , ولذلك أمرت الملائكة بالسجود لك إذ كنت وعاء لتلك الأشباح .
فقال آدم : يا رب لو بينتها لي ؟
فقال الله , عز وجل : أنظر يا آدم إلى ذروة العرش , فنظر آدم ووقع ( وواقع – خ ل ) , نور ( أنوار – خ ل ) أشباحنا , من ظهر آدم , عليه السلام , على ذروة العرش , فانطبع فيه صور أنوار أشباحنا التي في ظهره , كما ينطبع وجه الإنسان في المرآة الصافية, فرأى أشباحنا , فقال : يا رب ! ما هذه الأشباح ؟
قال الله تعالى : يا آدم ! هذه أشباح أفضل خلائقي وبرياتي , هذا محمد وأنا المحمود الحميد في أفعالي , وهذا علي وأنا العلي العظيم شققت له إسما من إسمي , وهذه فاطمة وأنا فاطر السماوات والأرض , فاطم أعدائي عن رحمتي يوم فصل قضائي , وفاطم أوليائي عما يعرهم ويسيئهم , فشققت لها اسماً من اسمي. وهذان الحسن والحسين وأنا المحسن والمجمل شققت اسميهما من اسمي . هؤلاء خيار خليقتي , وكرام بريتي , بهم آخذ , وبهم أعطي , وبهم أعاقب , وبهم أثيب , فتوسل إلي بهم يا آدم , وإذا دهتك داهية , فاجعلهم إلي شفعاءك , فإني آليت على نفسي , قسما حقاً , أن لا أخيب لهم آملاً , ولا أرد ( لهم – خ ل) بهم سائلاً .
فلذلك حين زلت منه الخطيئة , دعا الله عز وجل بهم فتاب عليه وغفر له”[۵].
أقول : إن هذا التوسل لم يصدر من آدم عليه الصلاة والسلام فقط , بل إن الأنبياء والملائكة وسائر المخلوقات , كانوا يتوسلون بالأئمة المعصومين عليهم الصلاة والسلام , طالبين من الله تبارك وتعالى العفو والنجاة والبركة .
————
[۱] كتاب الولاية – لسماحة الميرزا عبد الرسول الحائري أعلى الله مقامه.
[۲] سورة البقرة ، الآية : ۳۷
[۳] سورة البقرة ، الآية : ۳۷
[۴] ينابيع المودة : ۱/ ۹۵ – مناقب ابن المغازلي : ص ۶۳ –ح ۸۹ – الدر المنثور للسيوطي : ۱/۶۰- أمالي الصدوق : ص ۷۰
[۵] تفسير العسكري : ص ۲۱۹- ينابيع المودة : ۱/۹۵- تأويل الآيات الظاهرة : ۱/۴۴- ح ۱۹ – البحار : ۱۱/۱۵۰- ضمن ح ۲۵ و ۲۶/۳۳۷- البرهان : ۱/۸۸- ح۱۳- فرائد السمطين : ۱