أخطاء في الخط القرآني يحرم تصحيحها
هنالك عقائد وشخصيات مقدسة لايمكن التعرض لها بالانتقاد وهنالك دخلاء على المقدسات اكتسبت هذه الميزة بحرمة انتقادها وفي الوقت ذاته جعلت حتى الدراسة والنقاش انتقاد وتجاوز، وقدسية المقدس لابد من ان يكون وفق نص مقدس (القران والسنة) وخلاف ذلك فان اكتسابه القدسية تكون عرضة للنقاش للمعرفة وليس للهدم، والمقدسات المشتركة من حق المشتركين في تقديسها دراستها، اما الشخصية فانها مقدسة شخصيا ولزاما على الاخرين احترامها اذا لم تتعارض مع مقدساتهم والا فالنقاش مشروع او عدم الالتقاء اذا تعصب كل فرد بما يقدس.
القران الكريم لا يقبل الجدل في صحته واعجازه وعظمته وان الموجود بيد المسلمين هو بعينه الذي نزل على رسول الله (ص) وهو بعينه في زمن الخلفاء الراشدين والدولة الاموية والعباسية والى يومنا هذا، فالحديث عن كل ما يمس اعجاز القران مرفوض، ولكن الذي يستحق وقفة هو الخط القراني وليس القران بسوره واياته وكلماته فهي هي كما هي من الله بوساطة الوحي الى نبينا محمد ومرورا بالايدي الامينة التي اوصلته لنا ولكن نوعية الخط هو الذي يستحق وقفة.
بداية هنالك فرق بين الرسم والخط مثلا لو كتبت كلمة الصلاة بالخط النسخ هكذا (الصلوة) وكتبتها بنفس الخط (الصلاة) فهذه الكلمة متحدة بالخط مختلفة بالرسم، المهم هنا من وضع الرسم ومن منحه القدسية وماهي الادلة النصية على قدسيته ؟
عند البحث في هذا المجال لم نجد الا اعتبارات وضعها المتاخرون بذريعة ان الرسم توفيقي ومن غير تعليل سليم شافي كافي، بل مجرد ادعائهم انه كان هكذا في عهد الرسول وهذا التبرير اوهن من بيت العنكبوت، فالكل يعلم ان القران نزل شفهيا، هذا اولا، وثانيا لو كان مكتوبا من قبل كتاب الوحي لما احتاج الى جمعه في زمن الخليفة الثالث الى شهود بل كانت الرقعة لوحدها تكفي ولا يحتاج الجمع الا جمع الرقع ولكن اغلب السور ان لم تكن الكل تم جمعها بالاخبار وحتى اعتمد خبر الاحاد، ولما ادعى من ادعى في الصحاح ان بعض السور محذوفة والبعض حذف منها، وثالثا لو سلمنا جدلا بما قالوا اصحاب الرسم التوفيقي فهل كان في زمن الرسول بخط النسخ ام كان بالخط الكوفي هذا جانب مهم وجانب اخر الم تذكر المصادر ان النقطة اكتشفت في زمن الخليفة الرابع واستخدمت للفتحة والضمة والكسرة ومن ثم استخدمت كما هي الان فمن اين جاء الرسم التوفيقي ؟
الرسم العثماني هذا الاصطلاح المشهور والمقدس من اين جاء ؟ البعض نسب العثماني الى الخليفة الثالث والبعض نسبه الى الخطاط عثمان طه سوري المولد، والذي هو بايدينا الان، والاخير هو الاحتمال الاصح فالاول كما ذكر الكاتب واثق زبيبة في مقاله الرائع عن الخط القراني رب مشهور لا اساس له وبالفعل هذا المصطلح الرسم العثماني، والدليل على ان الرسم العثماني لايخص الخليفة الثالث هو ما اقر به الخطاط عثمان طه خلال لقاء معه فقد ذكر ماهذا نصه:” وقد كنتُ استفدت من هذه الطريقة في الكتابة من مصحف قديم كتب في العهد العثماني يراعي هذه الطريقة إلا أنه بالرسم الإملائي لا العثماني، فقلدته في توزيع الآيات بحيث تنتهي كل صفحة بآية، وخالفته في الرسم فجعلته أنا بالرسم العثماني بدل الإملائي”، وعليه فالعثماني قد يكون المقصود به الدولة العثمانية التركية لانها ايضا لها ثقافتها الخاصة بالخط العربي، ولكن المهم في هذا انه كان بالرسم العثماني ولم يذكر نوع الخط واكد طه انه كان بالاملائي، والاملائي يعني عدم صحة كثير من الكلمات التي كتبت املائيا بشكل يختلف عن العثماني المتداول اليوم فالاملائي يعني ضبط حروف الكلمة بشكل سليم وقد كنت ثبت بعض الكلمات في طريقة رسمها خطا املائيا والبعض منها يغير معنى الاية مثلا كما ذكر واثق زبيبة “إِنَّمَا تُوعَدُونَ لَوَاقِعٌ (المرسلات-۷)” انما هنا ليست بمعنى الحصر بل ما اسم موصول بمعنى الذي لايجوز دمجها مع ان، وهناك الكثير مثل هذا واغربها هذه الاية ” مال هذا الكتاب ” حيث اللام حرف الجر فصل عن هذا وهذا خطا املائي فادح.
في لقاء لي مع الشيخ محمد علي داعي الحق الخطاط واللغوي المعروف ليس على مستوى كربلاء بل العراق وهو احد تلامذة هاشم البغدادي ذكرت له الاخطاء فطلب مني تزويده بها وتم ذلك فكان جوابه الاقرار بهذه الاخطاء واقترح الحل هو عقد مؤتمر اسلامي يدعى فيه الشخصيات ذات الاختصاص والخبرة من الدول الاسلامية لاسيما مصر والسعودية ودول المغرب العربي حتى تكون نتائج المؤتمر مقبولة ولا يرمى الشيعة بالاتهامات الباطلة، والعجب العجيب ان احد الاخوة ممن هو مسؤول على مؤسسة لغوية اجابنا اجابة غير موفقة قائلا لو ناقشنا هذا الامر فلربما يتجرا من يترجم القران الى اللاتيني وهل المترجم لا يستطيع ذلك ؟ وهل لم يترجم الى الان ؟!! كما ويقول ان هذا القران هو نفسه في زمان الخليفة الرابع من غير دليل وفندنا الدليل اعلاه.