تفسير الدين عند أهل البيت (عليهم السلام)
1 – أبو الجارود : قلت لأبي جعفر ( عليه السلام ) : يا بن رسول الله ، هل تعرف مودتي لكم وانقطاعي إليكم ، وموالاتي إياكم ؟ فقال : نعم ، فقلت : فإني أسألك مسألة تجيبني فيها ، فإني مكفوف البصر قليل المشي ، ولا أستطيع زيارتكم كل حين .
قال : هات حاجتك . قلت : أخبرني بدينك الذي تدين الله عز وجل به أنت وأهل بيتك لأدين الله عز وجل به . قال : إن كنت أقصرت الخطبة فقد أعظمت المسألة ، والله لأعطينك ديني ودين آبائي الذي ندين الله عز وجل به : شهادة أن لا إله إلا الله ، وأن محمدا رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) ، والإقرار بما جاء به من عند الله ، والولاية لولينا ، والبراءة من عدونا ، والتسليم لأمرنا ، وانتظار قائمنا ، والاجتهاد والورع ( 1 ) .
2 – أبو بصير : كنت عند أبي جعفر ( عليه السلام ) فقال له سلام : إن خيثمة بن أبي خيثمة يحدثنا عنك أنه سألك عن الاسلام ، فقلت له : إن الاسلام من استقبل قبلتنا وشهد شهادتنا ونسك نسكنا ووالى ولينا وعادى عدونا فهو مسلم ، فقال : صدق خيثمة . قلت : وسألك عن الإيمان ، فقلت : الإيمان بالله والتصديق بكتاب الله وأن لا يعصي الله ، فقال : صدق خيثمة ( 2 ) .
3 – علي بن حمزة عن أبي بصير : سمعته يسأل أبا عبد الله ( عليه السلام ) فقال له : جعلت فداك ، أخبرني عن الدين الذي افترض الله عز وجل على العباد ، ما لا يسعهم جهله ولا يقبل منهم غيره ما هو ؟ فقال : أعد علي ، فأعاد عليه ، فقال : شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة وحج البيت من استطاع إليه سبيلا وصوم شهر رمضان ، ثم سكت قليلا ، ثم قال : والولاية – مرتين – ( 3 ) .
4 – عمرو بن حريث : دخلت على أبي عبد الله ( عليه السلام ) وهو في منزل أخيه عبد الله بن محمد ، فقلت له : جعلت فداك ، ما حولك إلى هذا المنزل ؟ قال : طلب النزهة ( 4 ) ، فقلت : جعلت فداك ، ألا أقص عليك ديني ؟ فقال : بلى ، قلت : أدين الله بشهادة أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأن محمدا عبده ورسوله وأن الساعة آتية لا ريب فيها وأن الله يبعث من في القبور ، وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة وصوم شهر رمضان وحج البيت والولاية لعلي أمير المؤمنين بعد رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) والولاية للحسن والحسين والولاية لعلي بن الحسين والولاية لمحمد بن علي ولك من بعده صلوات الله عليهم أجمعين ، وأنكم أئمتي عليه أحيا وعليه أموت وأدين الله به ، فقال : يا عمرو ، هذا والله دين الله ودين آبائي الذي أدين الله به في السر والعلانية ( 5 ) .
5 – معاذ بن مسلم : أدخلت عمر أخي على أبي عبد الله ( عليه السلام ) فقلت له : هذا عمر أخي ، وهو يريد أن يسمع منك شيئا ، فقال له : سل عما شئت . فقال : أسألك عن الذي لا يقبل الله من العباد غيره ولا يعذرهم على جهله ، فقال : شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) والصلوات الخمس وصيام شهر رمضان والغسل من الجنابة وحج البيت والإقرار بما جاء من عند الله جملة ، والائتمام بأئمة الحق من آل محمد . فقال عمر : سمهم لي أصلحك الله ، فقال : علي أمير المؤمنين ، والحسن والحسين ، وعلي بن الحسين ومحمد بن علي ، والخير يعطيه الله من يشاء . فقال له : فأنت جعلت فداك ؟ قال : هذا الأمر يجري لآخرنا كما يجري لأولنا ( 6 ) .
6 – روي أن المأمون بعث الفضل بن سهل ذا الرياستين إلى الرضا ( عليه السلام ) فقال له : إني أحب أن تجمع لي من الحلال والحرام والفرائض والسنن ، فإنك حجة الله على خلقه ومعدن العلم . فدعا الرضا ( عليه السلام ) بدواة وقرطاس وقال ( عليه السلام ) للفضل : أكتب : بسم الله الرحمن الرحيم حسبنا شهادة أن لا إله إلا الله ، أحدا صمدا ، لم يتخذ صاحبة ولا ولدا ، قيوما ، سميعا بصيرا ، قويا قائما ، باقيا نورا ، عالما لا يجهل ، قادرا لا يعجز ، غنيا لا يحتاج ، عدلا لا يجور ، خلق كل شئ ، ليس كمثله شئ ، لا شبه له ، ولا ضد ولا ند ، ولا كفو .
وأن محمدا عبده ورسوله وأمينه وصفوته من خلقه ، سيد المرسلين وخاتم النبيين ، وأفضل العالمين ، لا نبي بعده ، ولا تبديل لملته ولا تغيير . وأن جميع ما جاء به محمد ( صلى الله عليه وآله ) أنه هو الحق المبين ، نصدق به وبجميع من مضى قبله من رسل الله وأنبيائه وحججه . ونصدق بكتابه الصادق * ( لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه تنزيل من حكيم حميد ) * ( 7 ) .
وأنه كتابه المهيمن على الكتب كلها ، وأنه حق من فاتحته إلى خاتمته ، نؤمن بمحكمه ومتشابهه ، وخاصه وعامه ، ووعده ووعيده ، وناسخه ومنسوخه وأخباره ، لا يقدر واحد من المخلوقين أن يأتي بمثله .
وأن الدليل والحجة من بعده على المؤمنين والقائم بأمور المسلمين ، والناطق عن القرآن والعالم بأحكامه ، أخوه وخليفته ووصيه والذي كان منه بمنزلة هارون من موسى : علي بن أبي طالب ( عليه السلام ) ، أمير المؤمنين ، وإمام المتقين ، وقائد الغر المحجلين ، يعسوب المؤمنين ، وأفضل الوصيين بعد النبيين ، وبعده الحسن والحسين ( عليهما السلام ) ، واحدا بعد واحد إلى يومنا هذا ، عترة الرسول ، وأعلمهم بالكتاب والسنة ، وأعدلهم بالقضية ، وأولاهم بالإمامة في كل عصر وزمان ، وأنهم العروة الوثقى ، وأئمة الهدى ، والحجة على أهل الدنيا ، حتى يرث الله الأرض ومن عليها وهو خير الوارثين . وأن كل من خالفهم ضال مضل ، تارك للحق والهدى . وأنهم المعبرون عن القرآن ، الناطقون عن الرسول بالبيان ، من مات لا يعرفهم ولا يتولاهم بأسمائهم وأسماء آبائهم مات ميتة جاهلية ( 8 ) .
7 – عبد العظيم بن عبد الله الحسني : دخلت على سيدي علي بن محمد بن علي بن موسى بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب ( عليهم السلام ) ، فلما بصرني ( بصر بي – خ ل ) قال لي : مرحبا بك يا أبا القاسم ، أنت ولينا حقا . فقلت له : يا بن رسول الله ، إني أريد أن أعرض عليك ديني ، فإن كان مرضيا ثبت عليه حتى ألقى الله عز وجل ، فقال : هات يا أبا القاسم ، فقلت : إني أقول : إن الله تعالى واحد ليس كمثله شئ خارج من الحدين : حد الإبطال وحد التشبيه ، وإنه ليس بجسم ولا صورة ولا عرض ولا جوهر ، بل هو مجسم الأجسام ومصور الصور ، وخالق الأعراض والجواهر ، ورب كل شئ ومالكه وجاعله ومحدثه . وأن محمدا عبده ورسوله خاتم النبيين ، فلا نبي بعده إلى يوم القيامة ، وأن شريعته خاتمة الشرائع فلا شريعة بعدها إلى يوم القيامة . وأقول : إن الإمام والخليفة وولي الأمر بعده أمير المؤمنين علي بن أبي طالب ، ثم الحسن ثم الحسين ثم علي بن الحسين ثم محمد بن علي ثم جعفر بن محمد ثم موسى بن جعفر ثم علي بن موسى ثم محمد بن علي ثم أنت يا مولاي .
فقال علي ( عليه السلام ) : ومن بعدي الحسن ابني ، فكيف للناس بالخلف من بعده ؟ فقلت : وكيف ذاك يا مولاي ؟ قال : لأنه لا يرى شخصه ولا يحل ذكره باسمه حتى يخرج فيملأ الأرض قسطا وعدلا كما ملئت ظلما وجورا . فقلت : أقررت .
وأقول : إن وليهم ولي الله ، وعدوهم عدو الله ، وطاعتهم طاعة الله ، ومعصيتهم معصية الله . وأقول : إن المعراج حق ، والمسألة في القبر حق ، وإن الجنة حق ، والنار حق ، والصراط حق ، والميزان حق ، وإن الساعة آتية لا ريب فيها ، وإن الله يبعث من في القبور . وأقول : إن الفرائض الواجبة بعد الولاية : الصلاة والزكاة والصوم والحج والجهاد والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر . فقال علي بن محمد ( عليهما السلام ) : يا أبا القاسم ، هذا والله دين الله الذي ارتضاه لعباده ، فأثبت عليه أثبتك الله بالقول الثابت في الحياة الدنيا وفي الآخرة ( 9 ) .
ـــــــــــــــــــــــــ
( 1 ) الكافي : 2 / 21 / 10 .
( 2 ) الكافي : 2 / 38 / 5 .
( 3 ) الكافي : 2 / 22 / 11 .
( 4 ) التنزه : التباعد ، ونازه النفس عفيف متكرم يحل وحده ولا يخالط ، والاسم النزهة بالضم ( القاموس المحيط : 4 / 294 ) .
( 5 ) الكافي : 2 / 23 / 14 .
( 6 ) المحاسن : 1 / 450 / 1037 ، شرح الأخبار : 1 / 224 / 209 وفيه ” وأن محمدا رسول الله والطهارة والصلاة والزكاة وصوم شهر رمضان وحج البيت الحرام لمن استطاع إليه سبيلا والجهاد لمن قدر عليه والائتمام مع ذلك بأئمة الحق . . . ” .
( 7 ) فصلت : 42 .
( 8 ) تحف العقول : 415 .
( 9 ) أمالي الصدوق : 278 / 24 ، التوحيد : 81 / 37 ، كمال الدين : 379 ، روضة الواعظين : 39 ، كفاية الأثر : 282 ، وراجع صفات الشيعة : 127 / 68 .