سلام النبي (ص) على أهل البيت (عليهم السلام)

1 – أبو الحمراء خادم رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) : إن النبي ( صلى الله عليه وآله ) كان إذا طلع الفجر يمر ببيت علي وفاطمة ( عليهما السلام ) ، فيقول : السلام عليكم أهل البيت ، الصلاة الصلاة * ( إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا ) * ( 1 ) .

2 – نفيع بن الحارث عن أبي الحمراء خادم رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) : كان رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) يجئ عند كل صلاة فجر فيأخذ بعضادة هذا الباب ، ثم يقول : السلام عليكم يا أهل البيت ورحمة الله وبركاته . فيردون عليه من البيت : وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته ، فيقول : الصلاة رحمكم الله * ( إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا ) * . فقلت : يا أبا الحمراء ، من كان في البيت ؟ قال : علي وفاطمة والحسن والحسين ( عليهم السلام ) ( 2 ) .

3 – الإمام علي ( عليه السلام ) : كان رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) يأتينا كل غداة فيقول : رحمكم الله الصلاة * ( إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا ) * ( 3 ) .

4 – الإمام الصادق عن أبيه عن جده زين العابدين عن الحسن ( عليهم السلام ) – في احتجاجه على معاوية عند الصلح – : ثم مكث رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) بعد ذلك ( 4 ) بقية عمره حتى قبضه الله إليه ، يأتينا كل يوم عند طلوع الفجر ، فيقول : الصلاة يرحمكم الله * ( إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا ) * ( 5 ) .

5 – عنه عن آبائه ( عليهم السلام ) : كان النبي ( صلى الله عليه وآله ) يقف عند طلوع كل فجر على باب علي وفاطمة ( عليهما السلام ) فيقول : الحمد لله المحسن المجمل ، المنعم المفضل ، الذي بنعمته تتم الصالحات ، سميع سامع ، بحمد الله ونعمته ، وحسن بلائه عندنا ، نعوذ بالله من النار ، نعوذ بالله من صباح النار ، نعوذ بالله من مساء النار ، الصلاة يا أهل البيت * ( إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا ) * ( 6 ) .

6 – في تفسير علي بن إبراهيم : قوله : * ( وأمر أهلك بالصلاة واصطبر عليها ) * ( 7 ) : فإن الله أمره أن يخص أهله دون الناس ليعلم الناس أن لأهل محمد ( صلى الله عليه وآله ) عند الله منزلة خاصة ليست للناس ، إذ أمرهم مع الناس عامة ، ثم أمرهم خاصة ، فلما أنزل الله هذه الآية كان رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) يجئ كل يوم عند صلاة الفجر حتى يأتي باب علي وفاطمة والحسن والحسين ( عليهم السلام ) فيقول : السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ، فيقول علي وفاطمة والحسن والحسين ( عليهم السلام ) وعليك السلام يا رسول الله ورحمة الله وبركاته .

ثم يأخذ بعضادتي الباب ويقول : الصلاة الصلاة يرحمكم الله * ( إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا ) * ، فلم يزل يفعل ذلك كل يوم إذا شهد المدينة حتى فارق الدنيا .

وقال أبو الحمراء خادم النبي ( صلى الله عليه وآله ) : أنا أشهد به يفعل ذلك ( 8 ) .

 

تحقيق حول أحاديث التسليم

قد روى هذه الواقعة أكابر المحدثين بطرق مختلفة عن أهل البيت ( عليهم السلام ) ( 9 ) وكبار الصحابة كأبي سعيد الخدري ( 10 ) وأنس بن مالك ( 11 ) وعبد الله بن عباس ( 12 ) وأبي الحمراء وغيرهم . وعلى هذا ، فإن أصل وقوع هذه الحادثة يعد من المسلمات ، وأما عدد المرات التي وقعت ، فإن الروايات تنشعب في هذا الصدد إلى ثلاث طوائف :

الطائفة الأولى : الأحاديث الدالة على أن النبي ( صلى الله عليه وآله ) كان يأتي يوميا – عند توجهه إلى المسجد لأداء صلاة الفجر – باب بيت علي وفاطمة ( عليهما السلام ) ويدعوهما بعد السلام وتلاوة آية التطهير – إلى إقامة الصلاة ، حيث لاحظنا هذه الروايات في الفصل الرابع .

الطائفة الثانية : الأحاديث المبينة أن الراوي قد شاهد العمل المذكور عدة مرات ( 13 ) .

الطائفة الثالثة : الأحاديث التي تدل بظاهرها على أن العمل المذكور لم يكن يوميا ، وهي تختلف في عدد الأيام ، وكذلك تخالف روايات الطائفة الأولى ( 14 ) .

ولا تعارض بين الطائفتين الأولى والثانية ، ويعلم بقرينتهما أن أخبار الطائفة الثالثة أيضا – إن كانت سليمة الصدور بأجمعها ولم يطرأ التصحيف عليها – كانت ناظرة إلى ما شاهده الرواة ، ويساعده الاعتبار أيضا .

وعلى هذا فإن محصلة روايات هذا الفصل هي أن النبي ( صلى الله عليه وآله ) – ولأجل إيضاح المقصود من ” أهل البيت ” في آية التطهير ، ومن ” أهلك ” في آية * ( وأمر أهلك بالصلاة . . . ) * أكثر فأكثر – كان يأتي بعد نزول آية التطهير يوميا وعند إرادته إقامة صلاة الصبح إلى باب بيت علي وفاطمة ( عليهما السلام ) ، ويدعو أهل البيت – بعد السلام وتلاوة آية التطهير – إلى أداء الصلاة . وإن جميع الروايات التي تذكر عددا خاصا في نقل الواقعة ناظرة إلى مشاهدة الراوي ، ولا يستفاد منها الحصر .

هذا ، ولكن يظهر من بعض الروايات ( 15 ) قيام النبي ( صلى الله عليه وآله ) بذلك العمل بعد نزول آية * ( وأمر أهلك بالصلاة . . . ) * .

قال أبو سعيد الخدري : لما نزلت * ( وأمر أهلك بالصلاة . . . ) * كان النبي ( صلى الله عليه وآله ) يجئ إلى باب علي الغداة ثمانية أشهر يقول : الصلاة رحمكم الله * ( إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا)* (16).

قال العلامة الطباطبائي ( قدس سره ) بعد نقل رواية أبي سعيد : وظاهر الرواية كون الآية مدنية ، ولم يذكر ذلك أحد فيما أذكر ، ولعل المراد بيان إتيانه ( صلى الله عليه وآله ) الباب في المدينة عملا بالآية ولو كانت نازلة بمكة ، وإن كانت بعيدا من اللفظ ( 17 ) .

ــــــــــــــــــــــــــــ
( 1 ) أسد الغابة : 6 / 74 / 5827 ، وذكر أيضا في : ص 66 وفيه ” أقمت بالمدينة شهرا فكان رسول الله يأتي منزل فاطمة وعلي ( عليهما السلام ) كل غداة فيقول . . . ” .
( 2 ) شواهد التنزيل : 2 / 74 / 694 .
( 3 ) أمالي المفيد : 318 / 4 ، أمالي الطوسي : 89 / 138 ، بشارة المصطفى : 264 كلها عن الحارث .
( 4 ) أي بعد نزول آية التطهير وقضية الكساء ، وراجع ص 59 / 60 من كتابنا هذا .
( 5 ) أمالي الطوسي : 565 / 1174 عن عبد الرحمن بن كثير ، ينابيع المودة : 3 / 386 وفيه ” لما نزلت * ( وأمر أهلك بالصلاة واصطبر عليها ) * يأتينا جدي كل يوم . . . ” .
( 6 ) أمالي الصدوق : 124 / 14 عن إسماعيل بن أبي زياد السكوني .
( 7 ) طه : 132 .
( 8 ) تفسير القمي : 2 / 67 .
( 9 ) راجع : ص 66 / 73 – 75 ، أمالي الصدوق : 429 / 1 ، عيون أخبار الرضا ( عليه السلام ) : 1 / 240 / 1 ، ينابيع المودة : 2 / 59 / 45 ، مقتل الحسين للخوارزمي : 1 / 67 ، تفسير فرات الكوفي : 339 .
( 10 ) راجع الدر المنثور : 6 / 606 ، المعجم الكبير : 3 / 56 / 2671 – 2674 ، المناقب للخوارزمي : 60 / 280 ، شواهد التنزيل : 2 / 46 / 665 – 668 ، مجمع البيان : 7 / 59 وقال – بعد ما رواه عن أبي سعيد – : رواه ابن عقدة من طرق كثيرة عن أهل البيت وعن غيرهم مثل أبي برزة وأبي رافع .
( 11 ) راجع : ص 45 / 25 .
( 12 ) راجع الدر المنثور : 6 / 606 ، إحقاق الحق : 9 / 56 .
( 13 ) راجع الدر المنثور : 66 / 76 ، تفسير الطبري : 12 / الجزء 22 / 6 ، التاريخ الكبير : 8 / كتاب الكنى 25 / 205 ، أمالي الطوسي : 251 / 447 ، شواهد التنزيل : 2 / 81 / 700 .
( 14 ) في بعض الروايات : 40 يوما ، وراجع الدر المنثور : 6 / 606 ، المناقب للخوارزمي : 60 / 28 ، أمالي الصدوق : 429 / 1 وفي بعض آخر : شهرا واحدا ، وراجع أسد الغابة : 5 / 381 / 5390 ، مسند أبي داود الطيالسي : 274 وفي بعضها : ستة أشهر ، وراجع تفسير الطبري : 12 / الجزء 22 / 6 ، الدر المنثور : 6 / 606 و 706 ، ينابيع المودة : 2 / 119 ، ذخائر العقبى : 24 ، العمدة : 45 / 32 وفي بعض منها : سبعة أشهر ، وراجع البداية والنهاية : 5 / 321 ، تفسير الطبري : 12 / الجزء 22 / 6 وفي بعض آخر : ثمانية أشهر ، وراجع الدر المنثور : 6 / 606 ، كفاية الطالب : 377 وفي بعض : تسعة أشهر ، وراجع المناقب للخوارزمي : 60 / 29 ، مشكل الآثار : 1 / 337 ، العمدة : 41 / 27 ، ذخائر العقبى : 25 ، كفاية الطالب : 376 . وهنالك بعض الروايات تذكر أعدادا أخرى غير التي ذكرناها.
( 15 ) راجع : ص 66 / 76 ، شواهد التنزيل : 2 / 47 / 667 و 668 ، أمالي الصدوق : 429 / 1 ، تأويل الآيات الظاهرة : 316.
( 16 ) الدر المنثور : 5 / 613 أخرجه ابن مردويه وابن عساكر وابن النجار .
( 17 ) الميزان في تفسير القرآن : 14 / 242 .