ما المراد من الصلاة الوسطى

قيل : إنها صلاة الظهر , لأنها واقعة في وسط النهار . والأخبار واردة فيها .

وقيل : إنها العصر , لأنها واقعة بين الصلاة النهارية , والصلوات الليلية .

وفي كتاب من لا يحضره الفقيه للصدوق عليه الرحمة : قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم , من جملة ما قال في علة , وجوب خمس صلوات في جواب سؤال اليهودي : ” وأما صلاة العصر فهي الساعة التي أكل آدم عليه السلام من الشجرة , فأخرجه الله عز وجل من الجنة , فأمر الله عز وجل ذريته بهذه الصلاة إلى يوم القيامة , واختارها لأمتي , فهي من أحب الصلوات إلى الله عز وجل , وأوصاني أن أحفظها من بين الصلوات ” .

فاعتماداً على هذا الحديث الراجح أنها هي الصلاة الوسطى , وكذلك وجوب المحافظة على حب مولانا أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام , وولايته الذي هو تأويل صلاة العصر , واضح بين لا يحتاج إلى الاستدلال.

وقيل : إنها المغرب , فهي الوسطى من جهة عدد ركعاتها , لأنها ثلاثية , لا رباعية , ولا ثنائية .

وقيل : إنها الصبح , لأنها واقعة بين الطلوعين , لا ليلية , ولا نهارية , أو ليلية ونهارية .

وقالوا : إن الله تبارك وتعالى قد أخفاها بين صلوات الخمس حتى يحافظ المؤمنون على الصلوات كلها , كما أخفى ليلة القدر بين الليالي المتعددة , ليشتغلوا بالعبادة وإحيائها جميعها .

 

وجاء في الأحاديث :

إن تأويل صلاة الظهر : هو رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم .

وتأويل صلاة العصر : هو مولانا أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام .

وتأويل صلاة المغرب : فاطمة الزهراء سلام الله عليها وعلى أبيها وبعلها وبنيها .

وتأويل صلاة العشاء : الإمام الحسن المجتبى عليه السلام .

وتأويل صلاة الصبح : الإمام أبو عبد الله الحسين عليه السلام .

وجاء أيضاً إن الصلوات كلها كانت ثنائية مثنى مثنى , فزاد الله تبارك وتعالى , كرامة لكل من أصحاب الكساء عليهم السلام ركعتين , إلا صلاة المغرب فزادها ركعة واحدة , لأن صاحبتها أنثى {لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنثَيَيْنِ }[۲] .

وأما صلاة الصبح فإنها تكتبها ملائكة الليل وملائكة النهار , فثنائيتها رباعية . ولعمري ما أشد المناسبة بين هذه الصلوات وتأويلها .

فكما أن الشمس في وقت صلاة الظهر , في نصف النهار , قد غلب نورها البلاد , لا ترى فيه ظلا إلا يسيراً لا عبرة به , فكذلك عصر رسول الله صلى الله عليه وآله , قد ظهر نور الإسلام , وعم المسلمين , فلا ترى فيهم مخالفاً , إلا يسيراً من المنافقين .

وكما أن في وقت صلاة العصر يطول الظل , فتمسي البلاد نصفها ضياءً , ونصفها ظلاً , فكذلك عصر خلافة أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام , قد أشرق على نصفه نور الإيمان بولايته وخلافته وعدله , وفي النصف الآخر ظلمة الشرك , والكفر بحكومة ابن آكلة الأكباد معاوية بن أبي سفيان .

وأما وقت المغرب فحين غروب الشمس , وأول ظلمات الليل , فكذلك عصر الصديقة فاطمة الزهراء صلوات الله عليها وعلى أبيها وبعلها وبنيها , وقد غرب شمس النبوة , وشرع ظلمات الجور والظلم على أهل بيت الرسالة .

وأما وقت العشاء ففي ظلمة الليل إلى منتصفه , فلا أثر حينئذٍ للشمس , ولا لضيائها , ولا لشعاعها , حتى في أفق المغرب جهة غروبها , فكذلك في عصر الإمام الحسن المجتبى عليه السلام , قد عمت ظلمة الكفر والنفاق عامة البلاد الإسلامية , التي سيطر عليها آل أبي سفيان , وهل يبقى نور الإيمان في عصر يسب فيه ولي الله أمير المؤمنين علي بن أبي طالب , عليه السلام , بمرأى ومسمع من الإمام المجتبى عليه السلام , والمسلمين , فلم يبق مسجد ولا منبر , في المناطق الإسلامية , إلا يسب ويلعن من لولاه لما قام للإسلام عمود , ولما اخضر للإيمان عود . ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم .

وأما وقت صلاة الصبح في الفجر الصادق عند هجوم طلائع سلطان المشرق , وفرار عساكر الليل نحو المغرب , فكذلك في عصر الإمام الحسين عليه السلام تبين الحق من الباطل , فبشاهدته , أرواحنا فداه , انجلت سحب الكفر والنفاق , وظهرت للمسلمين الحقائق , فنهضوا على الباطل وأهله , وأخذوا بالجهاد والدفاع , وكذلك يمتد إلى ظهور الإمام الحجة المنتظر , وهو شمس الحق والحقيقة , عجل الله فرجه , وسهل مخرجه , وجعلنا من أعوانه , وأنصاره , واللائذين تحت لوائه , بمحمد وآله صلوات الله عليهم أجمعين .

ــــــــــــــــــ
[۱] كتاب الدين بين السائل والمجيب ج۱ السؤال ۱۹۷
[۲] سورة النساء ، الآية :