هو الإمام الحسين (ع).. وكفى
في الحديث الشريف عن أئمة أهل البيت (ع): «إن المحرم شهر كان أهل الجاهلية يحرمون فيه القتال! فاستحلت فيه دماؤنا، وهتكت فيه حرماتنا، وسبي فيه ذرارينا ونساؤنا، وأضمرت النيران في مضاربنا، وانتهب ما فيها من ثقلنا، ولم ترع لرسول الله (ص) حرمة في أمرنا. إن يوم الحسين «ع» أقرح جفوننا، وأسبل دموعنا، وأذل عزيزنا في أرض كرب وبلاء، وأورثتنا الكرب والبلاء إلى يوم الانقضاء. فعلى مثل الحسين فليبك الباكون، فان البكاء عليه يحط الذنوب العظام»
وفي الصواعق المحرقة «ورد في المعجم الكبير وسير أعلام النبلاء وتاريخ الخلفاء: لما قتل الحسين مكث الناس سبعة أيام إذا صلوا العصر نظروا إلى الشمس على أطراف الحيطان كأنها الملاحف المعصفرة من شدة حمرتها، ونظروا إلى الكواكب تضرب بعضها بعضا».
الحسين «عليه السلام» اسم يتردد في التاريخ ويتجدد ذكراه منذ عام ۶۲هـ وهو يوم استشهاده على أيدي الظلمة إلى هذا اليوم. وسوف ينعكس هذا في أرجاء المعمورة لتعم كلماته النورانية الثورية العالم لتدك عروش الظالمين «والله لا أعطيكم بيدي إعطاء الذليل» «واني لم اخرج أشراً ولا بطراً إنما خرجت لطلب الإصلاح» ولذلك أصبح الحسين قبلة الثائرين والأحرار واسمه يتردد على لسان الثوار والمصلحين الذين يقدرون معنى التضحية والفداء.
نظرة سريعة على عالمنا الإسلامي بصوره عامة والعربي بالتحديد نرى كم نحن في حاجة اليوم إلى أهداف الثورة الحسينية من تحقيق الإصلاح والعدل والمساواة ورفع الظلم والطغيان عن كاهل الشعوب التي اكتوت بنيران الظلم من الحكام وطواغيت العصر لذلك لا غرابة أن نرى علم الإمام الحسين «عليه السلام» يرفرف فوق كل بقعة في العالم بقاراته المتباينة، ففي الوقت الذي نرى راية الحسين فوق جبال هملايا بالقرب من هضبة التبت بين الصين وباكستان نراها كذلك في وسط إفريقيا وفي العالم الجديد استراليا ونيوزلندا.
فما سر تهافت العالم على هذه الثورة والتمسك بها وبمبادئها التي تجوب العالم؟ لا شك أن من أسبابها:
أولا:
الإخلاص والتضحية في سبيل الله ورفع راية الحق من دون النظر إلى المكتسبات الدنيوية بقدر مرضاة الله سبحانه وتعالى من خلال تطبيق أحكامه وأوامره.
ثانيا:
كان الحسين «عليه السلام» أمة في رجل كما كان النبي إبراهيم «عليه السلام»، يقاوم الظلم والانحراف في أمة جده رسول الله «صلى الله عليه وآله»، وقدم نفسه الزكية دفاعا عن العقيدة ليكون شهيد هذه الأمة ومصداقاً لقوله تعالى «وكنت عليهم شهيدا ما دمت فيهم».
ثالثا:
أصبحت الثورة الحسينية ومبادئها وأهدافها شعارا لمقاومة خط الظلم الممتد على مدى التاريخ وأصبح محيوه لا يسكتون عن الظلم ويرفعون شعلة وراية الحسين من يد إلى أخرى منذ استشهاده والى اليوم.
رابعاً:
يقول الحق تعالى عن يعقوب «عليه السلام» وبكائه على نبينا يوسف «عليه السلام» «يا أسفي على يوسف، وابيضت عيناه من الحزن فهو كظيم»، وذلك لمكانة يوسف عند يعقوب «عليه السلام» وكذلك بكاؤنا على الحسين (ع) لمكانته عند رسول الله (ص) وعند الأمة، ولمكانته عند الله سبحانه وتعالى (إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا)، فأصبح أعداء الحسين (ع) يحاربون البكاء وبعض مظاهر كربلاء لأنهم لا يستطيعون محاربة أهداف الثورة الحسينية ومقارعة الظالمين ورفع راية التوحيد والإسلام ويجرون الامة إلى خلافات ثانوية يريدون بذلك القضاء على هذه الثورة الممتدة عبر التاريخ.
وأخيراً لم يكن هدف الثورة الحسينية إقامة مملكه او دولة او جاه فهو ابن رسول هذه الامة وسيد شباب اهل الجنة، كان هدفه استمرارية خط الانبياء والصالحين والحفاظ على رسالة السماء من الانحراف لذا قال «عليه السلام»: «ان كان دين محمد لا يستقيم الا بقتلي فيا سيوف خذيني»، ويقول عز جل في محكم قرآنه الكريم «يريدون أن يطفئوا نور الله بافواههم ويأبى الله إلا أن يتم نوره ولو كره الكافرون».
فسلام عليك يا شهيد الأمة ورمزها في مواجهة الظالمين ففي كل عصر هناك يزيد وهناك الحسين عليه السلام وكفى!.