إمامة الحسين بن علي (ع)
فالحسين بن علي الإمام بعد الحسن وتستدل الشيعة على إمامته بعدة أدلة ، فقد ذكر الكليني رواية عن أبي عبد الله الصادق قال : لما حضرت الحسين بن علي الوفاة . . . دعا قنبرا ومحمد بن علي وأوصاهم قال يا محمد بن علي أما علمت أن الحسين بن علي بعد وفاة نفسي ومفارقة روحي جسمي إمام من بعدي وعند الله جل اسمه في الكتاب وراثة من النبي صلى الله عليه وآله وسلم أضافها الله عز وجل في وراثة أبيه وأمه فعلم الله أنكم خيرة خلقه فاصطفى منكم محمدا واختار محمد عليا واختارني علي بالإمامة واخترت أنا الحسين ( 1 ) .
ثم ما ورد بحقه من النبي صلى الله عليه وآله وسلم بقوله : ابناي هاذان إمامان قاما أو قعدا وقوله صلى الله عليه وآله وسلم : ان الأئمة اثني عشر ( 2 ) ، وما ذكره سليم بن قيس عن النبي وعن علي بن أبي طالب في أن الأئمة اثنى عشر وذكر علي والحسن والحسين وعلي بن الحسين ومحمد بن علي ( 3 ) .
فالحسين بن علي هو الإمام بالنص من أبيه وجده ووصية أخيه الحسن . واستمرت الشيعة على القول بإمامة الحسين حتى استشهد في أيام يزيد بن معاوية سنة 61 ه .
ويبدو أن مقتل الحسين قد سبب خلافا بين شيعته وأدى إلى خروج جماعة عن إمامته . فيذكر النوبختي لما قتل الحسين حارت فرقة من أصحابه وقالت : قد اختلف علينا فعل الحسن والحسين لأنه كان الذي فعله الحسن حقا واجبا وصوابا من موادعته معاوية وتسليمه له عند عجزه عن القيام بمحاربته مع كثرة أنصار الحسن وقلة أنصار الحسين وضعفيهم وكثرة أصحاب يزيد حتى قتل وقتل معه أصحابه باطل غير واجب لأن الحسن كان أعذر في العقود عن محاربة يزيد وطلب الصلح والموادعة من الحسن في القعود عن محاربة معاوية . . . فقعود الحسن باطل فشكوا في إمامتهما ( 4 ) .
وقد ناقش الطوسي ذلك فقال : إن الإمام متى غلب على ظنه أنه يصل إلى حقه والقيام بما فوض إليه بضرب من الفعل وجب عليه ذلك وإن كان فيه ضرب من المشقة يحتمل مثلما تحملها أبو عبد الله ( 5 ) .
وقد قام الشيعة بحركة بعد مقتل الحسين للطلب بثأره وهي حركة التوابين كما تقدم ذكرها في الفصل الأول ، وقد قامت الحركة في بادئ الأمر للثأر ممن قتل الحسين ، ولم تدع باسم امام معين ولكن المختار الذي تزعم حركة الشيعة بعد فشل التوابين ادعى أن محمد بن الحنفية أمره بذلك وأنه الإمام بعد أبيه لأنه كان صاحب راية أبيه يوم البصرة ( 6 ) .
فظهر خط جديد أو فرقة جديدة خرجت بالإمامة عن خط أبناء الحسين بعد مقتله وقالت بإمامة محمد بن الحنفية وزعمت أنه لم يبق بعد الحسن والحسين أحد أقرب إلى أمير المؤمنين من محمد بن الحنفية فهو أولى الناس بالإمامة كما كان الحسين أولى بها بعد الحسن من ولد الحسن فمحمد هو الإمام بعد الحسين ( 7 ) .
وقد ظهرت فرق عديدة دعت إلى إمامة محمد بن الحنفية دعوات مختلفة أهمها الكيسانية وسيأتي الكلام عنها في باب الدعوة العباسية .
أما الشيعة العلوية الذين قالوا بفرض الإمامة لعلي بن أبي طالب من الله ورسوله فإنهم ثبتوا على إمامته ثم إمامة الحسن من بعده ثم إمامة الحسين بعد الحسن ، ثم افترقوا بعد قتل الحسن فرقا فنزلت إلى القول بإمامة علي بن الحسن ( 8 ) .
النوبختي هنا يذكر الشيعة العلوية وهؤلاء يمكن أن نعتبرهم الشيعة الإمامية أو البدايات الشيعة الإمامية لأن هذا رأيهم استمر فيما بعد .
ــــــــــــــــــــــــــــ
( 1 ) الكليني : الكافي ج 1 ص 301 وقد نقل هذا الخبر الطبرسي في أعلام الورى
ص 215 .
( 2 ) الطوسي : تلخيص الشافي ج 4 ص 170 .
( 3 ) سليم بن قيس : السقيفة ص 94 ، 201 .
( 4 ) النوبختي : فرق الشيعة ص 23 .
( 5 ) الطوسي : تلخيص الشافي ج 4 ص 182 .
( 6 ) النوبختي : فرق الشيعة ص 20 .
( 7 ) سعد القمي : المقالات والفرق ص 25 .
( 8 ) النوبختي : فرق الشيعة ص 47 .