سر من أسرار الإمام الحسين (ع)
قال الله سبحانه في محكم كتابه الكریم (اللهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكَاةٍ فِيهَا مِصْبَاحٌ) .
قال رسول الله محمد المصطفی|: (كُتب علی یمین عرش الله بلون أخضر ـ وهو لون المعرفة ـ الحسین مصباح الهدی وسفینة النجاة).
وعن الإمام الحسین بن علي ÷، قال: (دخلت علی رسول الله| وعنده أُبيّ بن كعب فقال لي رسول الله|: مرحباً بك یا أبا عبدالله، یا زین السماوات والأرضین. فقال له أُبيّ: وكیف یكون یا رسول الله زین السماوات والأرض أحد غیرك؟ فقال: یا أُبيّ، والذي بعثني بالحقّ نبیّاً إنّ الحسین بن عليّ في السماء أكبر منه في الأرض، فإنّه لمكتوب عن یمین عرش الله: مصباح هدی وسفینة نجاة وإمام خیرٍ ویمن (غیر وهن)، وعزّ وفخر وبحر علم وذخر، وإنّ الله عزّوجلّ ركب في صلبه نطفة طیّبة مباركة زكیّة، ولقد لُقّن دعوات ما یدعو بهنّ مخلوق إلّا حشره الله عزّوجلّ معه، وكان شفیعه في آخرته، وفرّج الله عنه كربه، وقضی بها دینه ویسّر أمره وأوضح سبیله، وقوّاه علی عدوّه، ولم یهتك ستره. فقال له اُبيّ بن كعب: ما هذه الدعوات یا رسول الله؟ قال: تقول إذا فرغت من صلاتك وأنت قاعد: «اللّهم إنّي أسألك بكلماتك، ومعاقد عرشك، وسكان سماواتك، وأنبیائك ورسلك أن تستجیب لي، فقد رهقني من أمري عسر، فأسألك أن تصلّي علی محمّد وآل محمّد وأن تجعل لي من عسري یُسراً»، فإنّ الله عزّوجل یسهّل أمرك، ویشرح لك صدرك، ویلقّنك شهادة أن لا إله إلّا الله عند خروج نفسك». والحدیث المبارك طویل فیه أسماء الأئمة من ولد الإمام الحسین وأدعیتهم الشریفة، فراجع.
جاء في الخصائص الحسینیّة لآیة الله المحقّق الشیخ جعفر الستتري&: وقد كتب مدحه وثنائه عن یمین العرش: (إنّ الحسین مصباح الهدی وسفینة النجاة) فأعطاه الله من أعظم مخلوقاته، یغي عرشه العظیم. ولهذا الإعطاء الرّباني والكرامة الحسنیة والتي كانت من خصائصه كیفیات متفاوتة لما في العرش من خصوصیات.
فنقول: أولاً إنّه قد أعطی الله الإمام الحسین× من العرش ظلّه، لجعله له مجلساً یجلس فیه یوم القیامة، ومعه زوّاره والباكون علیه فیرسل إلیهم أزواجهم من الجنّة فیأتون ویختارون مجلسه وحدیثه.
وثانیاً: وقد أعطاه یمین العرش فجعله مقرّاً له في برزخه، فإنّه عن یمین العرش دائماً ینظر إلی مصرعه ومن حلّ فیه.
وثالثاً: وینظر إلی زوّاره والباكین علیه، ویستغفر لهم ویخاطبهم، ویسأل جدّه وأباه أن یستغفرا لهم (بالله علیك من كان النبيّ وآله الأطهار والإمام الحسین ^، یستغفر له فهل یبقی له ذنب یعاقب علیه یوم القیامة؟!)
ورابعاً: وقد أعطاه فوق العرش محلّ حدیث لزائره، وأيّ حدیث فقد ورد في بعض أقسام زیاراته أنّه یكون من محدّثي الله فوق عرشه، فالعرش مجلس حدیث لزوّاره ظلّه لمن یحدّثه، وفوقه لمن یحدّثه الله.
وخامساً: وقد أعطاه أظلّة العرش التي إقشعرّت لدمه وبكت علیه.
وسادساً: وقد أعطاه نظیر العرش من أصناف الملائكة المحدقین والطائفین.
وسابعاً: هناك كیفیّة أعلی من ذلك وأبلغ فكأنه قد أعطاه العرش كلّه له، لأنّه إذا كان مع أخیه الإمام الحسن المجتبی(ع) زینة للعرش الإلهي وقرطاً وشنفاً، فكلّ شيء بزینته، فلو تكلّم العرش لقال: أنا من حسین ـ فهو حسیني الوجود والهوی وكفی…
وأمّا في خصوصیّة محلّه في برزخه: ففي الحدیث: إنّه في یمین العرش ینظر إلی مصرعه ومن حلّ فیه، وینظر إلی معسكره، وینظر إلی زوّاره وهو أعرف بهم وبأسمائهم وأسماء آبائهم وبدرجاتهم ومنزلتهم عند الله من أحدكم. وإنّه لیری من یبكیه فیستغفر له، ویسأل آباءه أن یستغفروا له.
أیّها الباكي والمتباكي علی سیّد الشهداء ومصائبه وشهادته وشهادة أهل بیته وسبي عیاله، لو تعلم ما أعدّ الله لك، لكان فرحك أكثر من جزعك. في خصوصیّة محلّه في المحشر: ففي الروایات: إنّ له مجلساً تحت ظلّ العرش خاصّاً به له خصوصیّة، هي أنّ أهل مجلسه من الباكین علیه والزائرین له مستأنسین بحدیثه، وهم آمنون، وعند جلوسهم عنده، یرسل إلیهم أزواجهم من الجنّة، إنّا قد اشتقنا لكم، فیدبون الذهاب إلی الجنّة، ویختارون حدیث حبیبهم وسیّدهم ومولاهم سیّد الشهداء وأبي الأحرار الإمام الحسین(ع) ومجلسه هناك علی الجنّة. ثمّ إنّه× له موقف في المحشر، خاصّ به یوجب إضطراب كلّ أهل المحشر، وتشهق فاطمة’ إذا نظرت إلی موقفه ذلك وهو حین یحشر قائماً لیس علیه رأس، وأوداجه تشخب دماً ـ وله تفصیل مذكور في محلّه ـ وقد أشرت إلی جملة من أسراره وخصائصه روحي فداه في كتاب (الإمام الحسین في عرش الله) و(مقتل الإمام الحسین) و(من ملكوت النهضة الحسینیة) و(الأضواء علی شرح زیارة عاشوراء) و(مقالات في الإمام الحسین(ع)) و(ریاض العارفین في زیارة الأربعین) وكلّها مطبوعة وعلی الموقع وفي الموسوعة الكبری (رسالات إسلامیّة) فراجع.