ما ورد عن الإمام الرضا (ع) من المسائل الفقهية (2)
يذكر المؤلف في كتابه ما ورد عن الإمام الرضا (ع) من المسائل الفقهية فيقول:
نماذج من فقهه :
عرضنا في البحوث السابقة لإحدى رسائل الإمام ( عليه السلام ) وقد دون فيها غرر الأحكام الشرعية ، وقد أثرت عنه كوكبة أخرى من المسائل الفقهية ، وهذه بعضها .
37 – زكاة الفطرة :
روى محمد بن القاسم بن الفضل قال : كتبت إلى أبي الحسن الرضا ( عليه السلام ) أسأله عن الوصي أيزكي زكاة الفطرة عن اليتامى إذا كان لهم مال ؟ قال ، فكتب : لا زكاة على يتيم (48 ) .
أما زكاة الفطرة فلا تجب على اليتيم ، ولا على وليه ، وليس له أن يخرجها من مال اليتيم كما دلت على ذلك الرواية ، وأفتى بمضمونها الفقهاء ، وذلك لعدم تكليف اليتيم حتى يبلغ .
38 – زكاة الوديعة والقرض :
روى إبراهيم بن أبي محمود قال : قلت : لأبي الحسن الرضا ( عليه السلام ) الرجل يكون له الوديعة والدين فلا يصل إليهما ثم يأخذهما متى يجب عليه الزكاة ؟ قال : إذا أخذهما ثم يحول عليه يزكي ( 49 ) .
من شروط الزكاة التمكن من التصرف ، فلا تجب في المال الذي لا يتمكن مالكه من التصرف فيه بأن كان غائبا عنه ، فمال الوديعة إذا كان بامكانه استرجاعه فتجب على زكاته ، وكذلك الدين ؟ ؟ انما تجب الزكاة فيه بعد قبضه ، ومضي حول عليه .
39 – زكاة الغلات :
روى سعد بن سعد الأشعري عن أبي الحسن الرضا ( عليه السلام ) قال : سألته عن الزكاة في الحنطة والشعير والتمر والزبيب متى تجب على صاحبها ؟ قال : إذا ما صرم ، وإذا خرص ( 50 ) .
ذهب المشهور من الفقهاء إلى أن وقت تعلق الزكاة بالغلات ففي الحنطة والشعير عند انعقاد حبهما ، وفي ثمر النخل حين اصفراره أو احمراره ، وفي ثمرة الكرم عند انعقادها حصرما وقيل غير ذلك ( 51 ) .
40 – زكاة العلوي للعلوي :
روى أحمد بن محمد بن أبي نصر عن الرضا ( عليه السلام ) قال : سألته عن الصدقة تحل لبني هاشم ؟ فقال : لا ولكن صدقات بعضهم على بعض تحل لهم ( 52 ) .
41 – اخراج الزكاة عند حلولها :
روى سعد بن سعد الأشعري عن أبي الحسن الرضا ( عليه السلام ) قال : سألته عن الرجل تحل عليه الزكاة في السنة في ثلاث أوقات : أيؤخرها حتى يدفعها في وقت واحد ؟ فقال : متى حلت أخرجها ( 53 ) . ان الشخص إذا كان مالكا لعدة أعيان زكوية بان كان مالكا للغلات والانعام والنقدين ، فيخرج زكاة كل نوع عند استحقاق دفعها .
42 – فطرة من خرج عن العيال :
روى عبد الرحمن بن الحجاج قال : سألت أبا الحسن الرضا ( عليه السلام ) عن رجل ينفق على رجل ليس من عياله إلا أنه يتكلف له نفقته وكسوته أتكون عليه فطرته ؟ فقال : لا إنما تكون فطرته على عياله صدقة دونه ، وقال : العيال الولد والمملوك والزوجة أم الولد ( 54 ) .
تجب زكاة الفطرة على كل مكلف ، وعلى من يعول به حين دخول ليلة الفطر من غير فرق بين واجب النفقة عليه وغيره ، ولا بين الصغير والكبير ولا تجب على من يتكلف نفقته وكسوته ، وهو خارج عن العيال ، والمدار هو صدق العيلولة حسبما ذكر الفقهاء .
43 – الخمس :
روى علي بن الحسن بن علي بن فضال عن أبيه عن أبي الحسن الرضا ( عليه السلام ) ( في حديث ) قال : كان لعبد المطلب خمس من السنن : أجراها الله له في الاسلام ، حرم نساء الآباء على الأبناء ، ومن الدية في القتل ماءة من الإبل ، وكان يطوف بالبيت سبعة أشواط ووجد كنزا فأخرج منه الخمس ، وسمى زمزم حين حفرها سقاية الحاج ( 55 )
44 – وجوب الخمس في الكنز :
روى الشيخ المفيد بسنده قال : سئل الإمام الرضا ( عليه السلام ) عن مقدار الكنز الذي يجب فيه الخمس ، فقال : ما يجب فيه الزكاة من ذلك بعينه ففيه الخمس ، وما لم يبلغ حد ما تجب فيه الزكاة فلا خمس فيه ( 56 ) .
الكنز هو المال المذخور في الأرض ، سواء أكان من الذهب أم الفضة المسكوكين أم غير المسكوكين ، أم من غيرهما ويشترط فيه بلوغ النصاب وهو عشرون دينارا ، فإذا لم يبلغ هذا المقدار فلا خمس فيه .
45 – ايصال الخمس إلى الامام :
روى محمد بن زيد الطبري قال : كتب رجل من تجار فارس من بعض موالي أبي الحسن الرضا ( عليه السلام ) يسأله الاذن في الخمس فكتب إليه بعد البسملة : ” إن الله واسع كريم ، ضمن على العمل الثواب ، وعلى الضيق الهم ، لا يحل مال إلا من وجه أحله الله ، إن الخمس عوننا على ديننا وعلى عيالنا ، وعلى موالينا ، وما نبذله ونشتري من أعراضنا ممن نخاف سطوته ، فلا تزووه عنا ، ولا تحرموا أنفسكم دعاءنا ، ما قدرتم عليه ، فان اخراجه مفتاح رزقكم ، وتمحيص ذنوبكم ، وما تمهدون لأنفسكم ليوم فاقتكم ، والمسلم من يفي لله بما عهد إليه ، وليس المسلم من أجاب باللسان ، وخالف بالقلب والسلام ” ( 57 )
46 – دفع الخمس للامام :
روى محمد بن زيد قال : قدم قوم من خراسان على أبي الحسن الرضا ( عليه السلام ) فسألوه أن يجعلهم في حل من الخمس فقال : ما أحل هذا تمحضونا المودة بألسنتكم ، وتزوون عنا حقا جعله الله لنا ، وجعلنا له وهو الخمس ، لا نجعل ، لا نجعل ، لا نجعل ، لاحد منكم في حل ( 58 ) .
ودل هذا الحديث وما قبله على لزوم ايصال الخمس إلى الإمام ( عليه السلام ) ، هذا في حضور الامام اما في حال غيبته فيدفع إلى نائبه وهو المرجع العالم للعالم الاسلامي .
47 – كفارة الافطار على المحلل والمحرم :
روى عبد السلام بن صالح الهروي قال : قلت للرضا ( عليه السلام ) : يا بن رسول الله قد روى عن آبائك ( عليهم السلام ) فيمن جامع في شهر رمضان ، أو أفطر فيه ، ثلاث كفارات ، وروي عنهم أيضا كفارة واحدة ، فبأي الحديثين نأخذ ؟ قال : بهما جميعا ، متى جامع الرجل حراما ، أو أفطر على حرام في شهر رمضان فعليه ثلاث كفارات : عتق رقبة ، وصيام شهرين متتابعين ، وإطعام ستين مسكينا ، وقضاء ذلك اليوم ، وان كان نكح حلالا أو أفطر على حلال فعليه كفارة واحدة ، وان كان ناسيا فلا شئ عليه ( 59 ) .
على ضوء هذه الرواية وغيرها مما أثر عن أئمة الهدى ( عليهم السلام ) فقد أفتى فقهاء الإمامية بأن الصائم إذا أفطر على محرم في أثناء النهار كما إذا شرب خمرا أو أكل مغصوبا ، ونحو ذلك فإنه تجب عليه كفارة الجمع وهي عتق رقبة ، وصيام شهرين متتابعين ، واطعام ستين مسكينا وإذا أفطر على مباح بأن شرب ماء مثلا فتجب عليه خصلة واحدة من هذه الخصال الثلاث مخيرا بينها .
48 – الاحتقان بالمائع :
روى أحمد بن محمد بن أبي نصر البزنطي انه سأل الإمام الرضا ( عليه السلام ) عن الرجل يحتقن في شهر رمضان ؟ فقال ( عليه السلام ) : لا يجوز له أن يحتقن ( 60 ) .
واستند فقهاء الإمامية إلى هذه الرواية ونظرائها مما أثر عن أئمة أهل البيت ( عليهم السلام ) فأفتوا بأن الاحتقان بالمائع من المفطرات .
49 – السواك في رمضان :
روى موسى بن أبي الحسن الرازي عن أبي الحسن الرضا ( عليه السلام ) قال : سأله بعض جلسائه عن السواك في شهر رمضان ؟
قال : جائز ، فقال بعضهم : إن السواك تدخل رطوبته في الجوف ، فقال : ما تقول في السواك الرطب تدخل رطوبته في الحلق ؟ فقال : الماء للمضمضة أرطب ، فان قال قائل : لا بد من الماء للمضمضة من أجل السنة ، فلا بد من السواك من أجل السنة التي جاء بها جبرئيل على النبي ( صلى الله عليه وآله ) ( 61 ) .
وأفتى الفقهاء بعدم فساد الصوم في السواك ، وانه لا يضر بصحته .
50 – نية السفر في الليل :
روى صفوان عن الرضا ( عليه السلام ) في حديث قال : لو أنه يريد النهروان ذاهبا وجائيا لكان عليه أن ينوي من الليل سفرا والافطار ، فان هو أصبح ولم ينو السفر فبدا له من بعد أن أصبح في السفر قصر، ولم يفطر يومه ذلك ( 62 ) .
وعلى ضوء هذه الرواية فقد أفتى الامام الخوئي بأن المسافر لا بد أن ينوي السفر من الليل، فإذا لم ينو وسافر قبل الزوال وجب عليه اتمام الصيام والقضاء
51 – لا قضاء للصوم المندوب :
روى المرزبان بن عمران قال : قلت للرضا ( عليه السلام ) : أريد السفر فأصوم لشهري الذي أسافر فيه ؟ قال : لا . قلت : فإذا قدمت أقضيه ؟ قال : لا كما لا تصوم كذلك لا تقضي ( 63 ) .
ومثل هذه الرواية ما رواه سعد بن سعد الأشعري عن أبي الحسن الرضا ( عليه السلام ) قال : سألته عن صوم ثلاثة أيام الشهر هل فيه قضاء على المسافر ؟ قال : لا ( 64 ) .
52 – صوم يوم الشك :
روى محمد بن سنان قال : سألت الرضا ( عليه السلام ) عن يوم الشك ، فقال : إن أبي كان يصومه ، فصمه ( 65 ) ، إذا شك في هلال شهر رمضان أنه هل أم لا ، فقد أمر الإمام ( عليه السلام ) بصيامه ، ونية الصوم حسبما ذكر الفقهاء أنه ينويه من شعبان ندبا ، أو قضاء عما في ذمته ، فإذا تبين أنه من رمضان ، فإنه يجزيه ، وأما إذا صامه بنية رمضان بطل صومه ( 66 ) .
53 – من كان عليه قضاء رمضان :
روى الفضل بن شاذان عن الرضا ( عليه السلام ) ( في حديث ) قال : إن قال : فلم إذا مرض الرجل أو سافر في شهر رمضان فلم يخرج من سفره أو لم يقو من مرضه حتى يدخل عليه شهر رمضان آخر وجب عليه الفداء للأول وسقط القضاء ، وإذا أفاق بينهما أو أقام ولم يقضه وجب عليه القضاء والفداء ؟
قيل لان ذلك الصوم إنما وجب عليه في تلك السنة في هذا الشهر ، فأما الذي لم يفق فإنه لما مر عليه السنة كلها ، وقد غلب الله عليه ، فلم يجعل له السبيل إلى أدائها سقط عنها ، وكذلك كل ما غلب الله عليه ، مثل المغمى الذي يغمى عليه يوم وليلة فلا يجب عليه قضاء الصلوات كما قال الصادق ( عليه السلام ) : ” كل ما غلب الله عليه فهو اعذر له ” لأنه دخل الشهر وهو مريض فلم يجب عليه الصوم في شهره ولا في سنته للمرض الذي كان فيه ، ووجب عليه الفداء لأنه بمنزلة من وجب عليه الصوم فلم يستطع أداءه فوجب عليه الفداء ، كما قال الله تعالى : ( فصيام شهرين متتابعين فمن لم يستطع فاطعام ستين مسكينا ) وكما قال : ( ففدية من صيام أو صدقة أو نسك ) فأقام الصدقة مقام الصيام إذا عسر عليه ، فان قال : فإن لم يستطع إذ ذاك والآن يستطع ، قيل : لأنه لما دخل عليه شهر رمضان آخر وجب عليه الفداء وإذا وجب عليه الفداء سقط الصوم ، والصوم ساقط والفداء لازم ، فان أفاق فيما بينهما ولم يصمه وجب عليه الفداء لتضييعه والصوم لاستطاعته ( 67 ) .
إذا فات المكلف شهر رمضان أو بعضه لمرض واستمر به العذر إلى رمضان الثاني سقط عنه القضاء وتصدق عن يوم بمد من طعام . أما إذا فاته لعذر غير المرض وجب القضاء وتجب الفدية أيضا ( 68 ) .
54 – الصوم المندوب :
روى إسماعيل بن داود قال : سألت الرضا ( عليه السلام ) عن الصيام – أي الصيام المندوب – فقال : ثلاثة أيام في الشهر ، الأربعاء والخميس والجمعة ( 69 ) .
55 – صوم يوم عيد الغدير :
روى الفياض بن محمد بن عمر الطوسي انه شهد أبا الحسن علي بن موسى الرضا ( عليه السلام ) في يوم الغدير ، وبحضرته جماعة من خاصته ، قد احتبسهم للافطار ، وقد قدم إلى منازلهم الطعام والبر والصلات والكسوة حتى الخواتيم ، والنعال ، وقد غير من أحوالهم وأحوال حاشيته ، وجددت له آلة غير الآلة التي جرى الرسم بابتذالها قبل يومه ، وهو يذكر فضل اليوم وقدمه فكان من قوله : حدثني الهادي أبي عن آبائه عن أمير المؤمنين ( عليهم السلام ) أنه اتفق في زمانه الجمعة والغدير ، فصعد المنبر على خمس ساعات من نهار ذلك اليوم ، ثم ذكر خطبته ( عليه السلام ) بطولها ( إلى أن قال ) :
ثم إن الله تعالى جمع لكم معشر المؤمنين في هذا اليوم عيدين عظيمين كبيرين لا يقوم أحدهما إلا بصاحبه ليكمل عندكم جميل صنيعه ، ثم ذكر من فضل يوم الغدير شيئا كثيرا جدا إلى أن قال : فالدرهم فيه بمائة ألف درهم ، والمزيد من الله عز وجل ، وصوم هذا اليوم مما ندب الله تعالى إليه ، وجعل الجزاء العظيم كفاء له عنه ، حتى لو تعبد عبد من العبيد في الشبيبة من ابتداء الدنيا إلى تقضيها صائما نهارها ، قائما ليلها إذا أخلص المخلص في صومه لقصرت إليه أيام الدنيا عن كفائه ، ومن أسعف أخاه مبتدئا ، وبره راغبا فله كأجر من صام هذا اليوم ، وقام ليلته ، ومن أفطر مؤمنا في ليلته فكأنما فطر فياما وفياما يعدها بيده عشرة فنهض ناهض ، فقال : يا أمير المؤمنين ، وما الفيام ؟
قال : مأة الف نبي وصديق ، وشهيد فكيف بمن تكفل عددا من المؤمنين والمؤمنات ، وأنا ضمينه على الله تعالى الأمان من الكفر والفقر ، وإن مات في ليلته أو يومه أو بعده إلى مثله من غير ارتكاب كبيرة فأجره على الله ومن استدان لاخوانه وأعانهم فأنا الضامن على الله إن بقاه قضاه ، وإن قبضه حمله عنه ، وإذا تلاقيتم فتصافحوا بالتسليم ، وتهابوا النعمة في هذا اليوم ، وليبلغ الحاضر الغائب ، والشاهد الباين ، وليعد الغني الفقير والقوي على الضعيف ، أمرني رسول الله بذلك ثم أخذ ( عليه السلام ) في خطبته ، وجعل صلاة جمعته صلاة عيد ، وانصرف بولده وشيعته إلى منزل الحسن بن علي ( عليه السلام ) بما أعد له من طعام ، وانصرف غنيهم وفقيرهم برفده إلى عياله ( 70 ) .
ان عيد الغدير من أهم الأعياد الاسلامية ، ففي هذا اليوم الخالد أقام الرسول ( صلى الله عليه وآله ) الامام أمير المؤمنين خليفة من بعده ، ومرجعا لامته ، وقد أثرت الاخبار عن أئمة الهدى ( عليهم السلام ) باستحباب صومه ، وترتيب آثار العيد عليه وقد وفقت الطائفة الإمامية لاحيائه ، وإقامة المهرجانات الأدبية التي تتلى فيها آيات الشعر وروائع الكلمات التي تشيد بفضل أبي الحسين ( عليه السلام ) كما تؤم مرقده الشريف آلاف الزائرين في هذا اليوم احياء لذكراه .
56 – استحباب الحج بالمؤمنين :
روى الحسن بن علي الديلمي مولى الإمام الرضا ( عليه السلام ) قال : سمعت الرضا يقول : من حج بثلاثة من المؤمنين فقد اشترى نفسه من الله عز وجل بالثمن ( 71 ) .
ودل هذا الحديث على استحباب دعوة المؤمنين للحج والقيام بنفقاتهم ، فان هذا من أفضل الأعمال التي تقرب الانسان إلى الله .
57 – الحج عن الميت :
روى محمد بن عبد الله قال : سألت أبا الحسن الرضا ( عليه السلام ) عن الرجل يموت ، فيوصي بالحج من أين يحج عنه ؟ قال : على قدر ماله ، إن وسعه ماله فمن منزله ، وأن لم يسعه ماله فمن الكوفة ، فإن لم يسعه من الكوفة فمن المدينة ( 72 ) .
58 – النيابة عن الحي :
روى محمد بن عيسى اليقطين قال : بعث إلى أبو الحسن الرضا ( عليه السلام ) رزم ثياب وغلمانا ، وحجة لي وحجة لأخي موسى بن عبيد ، وحجة ليونس بن عبد الرحمن ، وأمرنا أن نحج عنه فكانت بيننا مأة دينار أثلاثا فيما بيننا ( 73 ) .
واستند الفقهاء لهذه الرواية وغيرها في جواز الاستنابة عن الحي في الحج المندوب ، كما أفتوا بجواز الاستنابة عن الحج الواجب كحجة الاسلام عن الحي فيما إذا كان المكلف عاجزا عن الحج .
59 – الاحرام قبل الميقات :
قال ( عليه السلام ) : لا يجوز الاحرام دون الميقات ( 74 ) .
60 – المرور على الميقات :
روى صفوان بن يحيى عن أبي الحسن الرضا ( عليه السلام ) قال : كتبت إليه ان بعض مواليك بالبصرة يحرمون ببطن العقيق وليس بذلك الموضع ماء ولا منزل ، وعليهم في ذلك مؤنة شديدة ويعجلهم أصحابهم وجمالهم من وراء بطن عقيق بخمسة عشر ميلا منزل فيه ماء وهو منزلهم الذي ينزلون فيه ، فترى أن يحرموا من موضع الماء لرفقة بهم ، وخفته عليهم ؟ .
فكتب : إن رسول لله ( صلى الله عليه وآله ) وقت المواقيت لأهلها ومن أتى عليها من غير أهلها وفيها رخصة لمن كانت به علة ، فلا تجاوز الميقات إلا من علة ( 75 ) .
ان كل من اجتاز على ميقات وهو يريد مكة المكرمة وجب عليه الاحرام كما دلت على ذلك الرواية وغيرها .
61 – العدول من الحج إلى عمرة التمتع :
روى أحمد بن محمد قال : قلت لأبي الحسن علي بن موسى الرضا ( عليه السلام ) : كيف أصنع إذا أردت أن أتمتع ؟ فقال : لب بالحج ، وانو المتعة ، فإذا دخلت مكة طفت بالبيت ، وصليت الركعتين خلف المقام ، وسعيت بين الصفا والمروة وقصرت ، فنسختها وجعلتها متعة ( 76 ) .
ودلت هذه الرواية على جواز نية الحج والتلبية له الذي ينعقد بها الاحرام ، ثم يأتي ببقية الأعمال من الطواف بالبيت الحرام والصلاة خلف مقام إبراهيم ، ثم السعي سبعة أشواط بين الصفا والمروة ، ثم يقصر ، ويجعلها عمرة تمتع .
62 – قطع التلبية :
روى أحمد بن محمد بن أبي نصر عن الإمام الرضا ( عليه السلام ) أنه سئل عن المتمتع متى يقطع التلبية ؟ قال : إذا نظر إلى عراش مكة عقبة ذي طوى ، قلت : بيوت مكة ؟ قال : نعم ( 77 ) .
ان الحاج إذا أحرم ؟ ؟ من إحدى المواقيت استحب له التلبية طيلة الوقت حتى ينتهي إلى مكة ، فإذا شاهد بيوتها قطع التلبية .
63 – شراء المحرم للجواري :
روى سعد بن سعد الأشعري القمي عن أبي الحسن الرضا ( عليه السلام ) قال : سألته عن المحرم يشتري الجواري ، ويبيعها ؟ قال : نعم ( 78 ) .
ويحرم على المحرم أن يعقد على امرأة ويتزوج بها ، وكذلك يحرم عليه ان يجري عقد النكاح للغير ، أما شراء الجواري وبيعها فلا حرمة فيه حسبما دلت عليه هذه الرواية .
64 – جواز لبس الخاتم للمحرم :
روى محمد بن إسماعيل بن بزيع قال : رأيت على أبي الحسن الرضا ( عليه السلام ) وهو محرم خاتما ( 79 ) .
65 – مشي المحرم تحت الظل :
روى محمد بن إسماعيل بن بزيع قال : كتبت إلى الرضا ( عليه السلام ) هل يجوز للمحرم أن يمشي تحت ظل المحمل ؟ فكتب ( عليه السلام ) : نعم ( 80 ).
من جملة التروك للمحرم ترك التظليل ، أما المشي تحت الظلال فلا مانع منه ، وقد أثارت هذه المسألة كثيرا من التساؤلات فقد روى الطبرسي قال : سأل محمد بن الحسن أبا الحسن موسى بن جعفر ( عليه السلام ) بمحضر من الرشيد ، وهم بمكة ، فقال له : أيجوز للمحرم أن يظلل عليه محمله ؟
فقال له الامام : لا يجوز له ذلك مع الاختيار ، فقال له محمد بن الحسن : أفيجوز أن يمشي تحت الظلال مختارا ؟ فقال له : نعم ، فتضاحك محمد بن الحسن من ذلك ، فقال له الامام : أتعجب من سنة رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) ؟ وتستهزئ بها ، ان رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) كشف ظلاله في احرامه ، ومشى تحت الظلال وهو محرم ان احكام الله يا محمد لا تقاس ، فمن قاس بعضها على بعض فقد ضل سواء السبيل ( 81 ) .
66 – كفارة قتل الحمامة في الحرم :
روى صفوان بن يحيى عن أبي الحسن الرضا ( عليه السلام ) قال : من أصاب طيرا في الحرم وهو محل فعليه القيمة ، والقيمة درهم يشتري علفا لحمام الحرم ( 82 ) .
67 – فدية التظليل :
روى سعد بن سعد الأشعري عن أبي الحسن الرضا ( عليه السلام ) قال : سألته عن المحرم يظل على نفسه ؟ فقال : أمن علة ؟ فقلت : يؤذيه حر الشمس وهو محرم ، فقال : هي علة يظلل ويفدي ( 83 ) .
وروى إبراهيم بن أبي محمود قال : قلت للرضا ( عليه السلام ) : المحرم يظلل على محمله ويفدي إذا كانت الشمس والمطر يضران به ؟ قال : نعم ، قلت : كم الفداء قال : شاة ( 84 ) .
68 – الدعاء عند الركن اليماني :
روى سعد بن سعد عن الإمام الرضا ( عليه السلام ) قال : كنت معه في الطواف فلما صرنا بحذاء الركن اليماني قام ( عليه السلام ) فرفع يده إلى السماء ثم قال : ” يا الله يا ولي العافية ، وخالق العافية ، ورازق العافية ، والمنعم بالعافية ، والمنان بالعافية ، والمتفضل بالعافية علي وعلى جميع خلقك ، يا رحمن الدنيا والآخرة ورحيمها ، صل على محمد وآل محمد ، وارزقنا العافية ، وتمام العافية ، وشكر العافية في الدنيا والآخرة يا أرحم الراحمين . . ” ( 85 ) .
69 – طواف الفريضة :
قال ( عليه السلام ) : طواف الفريضة لا ينبغي أن يتكلم فيه إلا بالدعاء ، وذكر الله وتلاوة القرآن ، والنافلة – أي الطواف المستحب – يلقى الرجل أخاه ؟ ؟ ويحدثه بالشئ من أمر الآخرة والدنيا لا بأس به ( 86 ) . وليس هذا الحكم الزاميا وإنما هو مندوب ، ويستحب أن لا يتكلم المحرم إلا بذكر الله تعالى في طوافه .
70 – رمي الجمرة :
روى إسماعيل بن همام قال : سمعت أبا الحسن الرضا ( عليه السلام ) يقول : لا ترم الجمرة يوم النحر – أي يوم العيد – حتى تطلع الشمس ( 87 ) .
والنهي ظاهره المنع عن الرمي قبل طلوع الشمس .
71 – اجزاء الهدي عن جماعة :
روى سوادة وعلي بن أسباط عن أبي الحسن الرضا ( عليه السلام ) قالا : قلنا له : جعلنا فداك عزت الأضاحي علينا بمكة أفيجزي اثنين أن يشتركا في شاة ؟ فقال : نعم وعن سبعين ( 88 ) .
هذا في الحج المندوب ، وأما في الحج الواجب فلا يجزي الهدي الواحد إلا عن واحد ولا يجزى عن اثنين .
72 – عدم بيع الثياب لشراء الهدي :
روى علي بن أسباط عن بعض أصحابنا عن أبي الحسن الرضا ( عليه السلام ) قال : قلت له : رجل تمتع بالعمرة إلى الحج وفي عيبته ثياب له ، أيبيع من ثيابه شيئا ويشتري هديه ؟
قال : لا ، هذا يتزين به المؤمن ، يصوم ولا يأخذ من ثيابه شيئا ( 89 ) إذا عجز المكلف عن الهدي كما في هذه الصورة فينتقل إلى الصوم فيصوم ثلاثة أيام في الحج ، وسبعة أيام إذا رجع إلى أهله .
73 – استحباب زيارة النبي :
روى الحسن بن الجهم قال : قلت لأبي الحسن الرضا ( عليه السلام ) أيهما أفضل رجل يأتي مكة ، ولا يأتي المدينة ، أو رجل يأتي النبي ، ولا يأتي مكة ؟ قال : فقال لي : أي شئ تقولون أنتم ؟
فقلت : نحن نقول في الحسين ( عليه السلام ) فكيف بالنبي ؟ فقال : أما لئن قلت ذلك ، لقد شهد أبو عبد الله ( عليه السلام ) عيدا بالمدينة فدخل على النبي ( صلى الله عليه وآله ) فسلم عليه ، ثم قال لمن حضرة : لقد فضلنا أهل البلدان كلهم مكة فما دونها لسلامنا على رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) ( 90 ) .
الهوامش
( 48 ) وسائل الشيعة 6 / 455 فروع الكافي 1 / 153 .
( 49 ) التهذيب 1 / 358 .
( 50 ) فروع الكافي 1 / 147
( 51 ) العروة الوثقى .
( 52 ) قرب الإسناد ( ص 163 ) وسائل الشيعة 6 / 190 .
( 53 ) فروع الكافي 1 / 147 الوسائل 6 / 213 .
( 54 ) من لا يحضره الفقيه 1 / 64 .
( 55 ) وسائل الشيعة 6 / 345 .
( 56 ) المقنعة ( ص 46 ) .
( 57 ) المقنعة ( ص 46 ) الوسائل 6 / 375 .
( 58 ) المقنعة ( ص 46 ) الوسائل 6 / 375 .
( 59 ) التهذيب 1 / 411 من لا يحضره الفقيه 2 / 121 .
( 60 ) وسائل الشيعة 8 / 39 .
( 61 ) التهذيب 1 / 416 الوسائل 8 / 133 .
( 62 ) التهذيب 1 / 416 الوسائل 7 / 133 .
( 63 ) فروع الكافي 1 / 168 الوسائل 7 / 198
( 64 ) فروع الكافي 1 / 198 .
( 65 ) المقنعة ( ص 48 ) .
( 66 ) منهاج الصالحين كتاب الصوم .
( 67 ) وسائل الشيعة 7 / 246 – 247 .
( 68 ) منهاج الصالحين 1 / 287 للامام الخوئي ، وأفتى الإمام الحكيم بوجوب القضاء دون الفدية ، وقال : وان كان الحاق السفر بالمرض محتملا فالأحوط الجمع بين القضاء والفدية .
( 69 ) التهذيب 1 / 438 .
( 70 ) مصباح المتهجدين ( ص 524 ) الوسائل 7 / 326 .
( 71 ) من لا يحضره الفقيه 1 / 77 وسائل الشيعة .
( 72 ) فروع الكافي 1 / 250 الوسائل 8 / 117 .
( 73 ) التهذيب 2 / 261 الوسائل 8 / 147 .
( 74 ) وسائل 8 / 232 .
( 75 ) فروع الكافي 1 / 324 .
( 76 ) التهذيب 1 / 471 الوسائل 9 / 31
( 77 ) وسائل 9 / 57 .
( 78 ) فروع الكافي 1 / 267 وسائل 9 / 92 .
( 79 ) وسائل 9 / 127 .
( 80 ) فروع الكافي 1 / 262 .
( 81 ) وسائل 9 / 51 .
( 82 ) تهذيب 1 / 536 .
( 83 ) تهذيب 1 / 536 .
( 84 ) وسائل 9 / 287 .
( 85 ) وسائل 9 / 417 .
( 86 ) وسائل 9 / 465 .
( 87 ) وسائل الشيعة .
( 88 ) وسائل الشيعة 10 / 114 .
( 89 ) الوسائل 10 / 171 فروع الكافي 1 / 348 .
( 90 ) كامل الزيارات ( ص 331 ) الوسائل 10 / 273 .