شبهة أن مصادر الشيعة متأخرة
نص الشبهة:
الكتب المعتمدة عند الشيعة في الحديث هي: «الوسائل» للحر العاملي المتوفى سنة 1104هـ و«البحار» للمجلسي المتوفى سنة 1111هـ و«مستدرك الوسائل» للطبرسي المتوفى سنة 1320هـ، فجميعها متأخرة! فإن كانوا قد جمعوا تلك الأحاديث عن طريق السند والرواية فكيف يثق عاقل برواية لم تسجل طيلة أحد عشر قرناً أو ثلاثة عشر قرناً؟!
وإن كانت مدونة في كتب، فلم يعثر على هذه الكتب إلا في القرون المتأخرة؟! ولِمَ لم تذكر تلك الكتب وتسجل في كتبهم القديمة؟!
الجواب:
أولاً: إن هذا الرجل نفسه قد أثار إشكالات عديدة حول كتاب الكافي، وتهذيب الأحكام، ومن لا يحضره الفقيه، والإستبصار، ونقل من هذه الكتب وسواها أحاديث كثيرة، وهي كتب يرجع تاريخ تأليفها إلى القرون الأولى: الثالث، والرابع، والخامس.. وهو يعرف أن هذه الكتب هي المعتمدة عند الشيعة.
أما البحار، والوسائل، ومستدرك الوسائل، فهي من تأليف المتأخرين، ويصرح مؤلفوها في أول كل حديث بالكتاب الذي ينقلون عنه: الكافي، التهذيب، من لايحضره الفقيه، الإستبصار، بصائر الدرجات، النوادر للرواندي، الكشي، العياشي، الخصال، إثبات الوصية، علل الشرايع، عيون أخبار الرضا، كتاب سليم بن قيس، الغيبة للطوسي، الغيبة للنعماني، كمال الدين..
وقد نقل نفس هذا السائل عن أكثر هؤلاء مباشرة، وبلا واسطة، وحدد اسم الكتاب والجزء والصفحة، فكيف يدعي هنا: أن روايات البحار والوسائل ومستدرك الوسائل لم تسجل طيلة أحد عشر قرناً؟! أو ثلاثة عشر قرناً؟!
وهذه الكتب التي ذكرنا آنفاً شطراً منها مأخوذة من كتب كتبت في القرنين الثاني والثالث.. مثل المحاسن للبرقي، ونوادر الحكمة للأشعري، والجامع للبيزنطي، وكتاب الثلاثين للحسين بن سعيد الأهوازي.
وهناك رسائل سميت بالأصول الأربع مئة، كتبها تلامذة الباقر، والصادق، والكاظم «عليهم السلام».
ثانياً: ادعى هذا السائل: أنه لم يعثر على هذه الكتب إلا في القرون المتأخرة.. مع أن أدنى مراجعة لكتب العلماء ككتاب السرائر لابن إدريس، وكتب العلامة الحلي والمحقق، والمهذب لابن البراج، وكتب الشهيدين الأول والثاني، وغيرهم من العلماء تعطي: أنهم ينقلون عن هذه الكتب بالذات، وهذه النقول متوافقة مع ما تضمنته هذه المصادر..
زد على ذلك: أن النسخ المخطوطة لهذه الكتب بالذات، وخصوصاً الكتب الأربعة لا تكاد تحصى لكثرتها، وهي موجودة في مختلف المكتبات العامة والخاصة..
ثالثاً: هل يرضى هذا السائل لو قلنا له: إن كتاب البخاري، ومسلم، وسائر كتب الصحاح، والمسانيد إنما ظهرت في هذه القرون المتأخرة؟! وكيف يثق عاقل برواية لم تسجل طيلة أحد عشر قرناً، وثلاثة عشر قرناً؟!
وإن كانت مدونة في كتب، فلم يعثر على هذه الكتب إلا في القرون المتأخرة.. إلى آخر كلامه هذا بمعاملته بالمثل في هذا الأمر بالذات؟!
ولكننا لن نفعل ذلك، لأننا ندرك أن جامع الأصول لابن الأثير، وكنز العمال للمتقي الهندي.. هما بالنسبة للبخاري ومسلم وغيرهما يشبهان كتاب الوسائل، ومستدرك الوسائل، والبحار من حيث جامعية هذه الكتب لكتب المتقدمين.