الرد على نظرية إثبات الحد لله تعالى، ق(3)
سلسلة حلقات من برنامج - مطارحات في العقيدة - على قناة الكوثر الفضائية
28/08/2010
المُقدَّم: بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسول الله الأمين محمد وآله الطيبين الطاهرين وأصحابه المنتجبين. السلام عليكم مشاهدينا الكرام مشاهدي قناة الكوثر الفضائية، هذا موعدكم مع حلقة جديدة من برنامج مطارحات في العقيدة ضمن ليالي شهر رمضان المبارك، عنوان حلقة الليلة هو: (الرد نظرية إثبات الحد لله تعالى، القسم الثالث) في البدء أود أنبه الأخوة المشاهدين الكرام بأننا نستقبل الاتصالات ولا سيما إذا كانت من الأفاضل والعلماء كفضيلة الشيخ تركي الذي اتصل في الليلة السابقة، وسمعنا أن البعض يدعي أننا نحن نقطع الاتصال وهذا غير ممكن لسببين، السبب الأول أننا من البدء أكدنا على أننا نستقبل الاتصالات ونريد أن نسمع ردود الفعل على ما يطرحه سماحة السيد الحيدري، وعما توصل إليه فهم الناس من هذه المعلومات القيمة التي تطرح، والسبب الذي هو أن فضيلة الشيخ تركي الذي اتصل بالأمس لم يقل شيئاً يستوجب أن نقطع الاتصال بل بالعكس كان يقول شيئاً علمياً مرتباً منتظماً بل بالعكس كان بودنا أن نستمع إلى المزيد من كلامه، ونحن نؤكد في حلقة الليلة والحلقات القادمة بأنه أي أحد من المتصلين ولا سيما من الأفاضل بإمكانه أن يعطي رقم هاتفه لغرفة السيطرة وهم سيتصلون به في أي وقت من البرنامج، ونؤكد أن الانقطاع كان من المصدر ونرجو أن لا يكون مقصوداً من جهات أخرى كانت تريد أن تقطع الاتصال لتقول أننا نحن الذين نقطع الاتصال والمشاهد حتماً لبيب وذكي ويميز ما إذا كان نحن الذي نقطع الاتصال أو أنه قطع بغير قصد أو أن هناك سبب آخر تدخل في قطعه، أرحب باسمكم بضيفنا الكريم سماحة آية الله السيد كمال الحيدري، مرحباً بكم سماحة السيد.
سماحة السيد كمال الحيدري: أهلاً ومرحباً بكم.
المُقدَّم: في البدء بعد أن اتضح في الحلقة السابقة المراد من الحد لغة واصطلاحاً فما هي أقوال العلماء في هذه المسألة.
سماحة السيد كمال الحيدري: أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم، بسم الله الرحمن الرحيم، وبه نستعين والصلاة والسلام على محمد وآله الطيبين الطاهرين.
في المقدمة بودي أن يلتفت المشاهد الكريم أننا في هذه المسألة نريد أن نبحث في أن الله سبحانه وتعالى هل هو محدود بحد كما أن هذه الأجسام محدودة بحدود خاصة سواء كان جسماً كبيراً أو كان جسماً صغيراً في النتيجة هي محدودة بحدود خاصة، محدودة بحدود عدمية، ينتهي عندها ذلك الشيء ولذا وجدنا أن أهل اللغة أعلام اللغويين قالوا أن الحد منتهى الشيء، غاية الشيء، طرف الشيء، يعني حد النهار ينتهي متى؟ عند دخول الليل، فلهذا غاية النهار الليل، ينتهي عنده، ولذا قال جملة من اللغويين أن الحد يمنع الشيء من الامتداد ما بعد حده. وهذا طبيعي جداً. إذن المسألة المطروحة هنا ليست في أن الله له مكان أو ليس له مكان، هل هو في مكان معين أو في أمكنة متعددة، ليس البحث في المكان وإنما البحث في أن الله هل هو محدود بحد عدمي ينتهي عنده هو طرفه هو منتهاه أو ليس محدوداً بأي حد من الحدود. لأنكم تعلمون أن جمهور المسلمين وفيهم أيضاً من المتكلمين واصحاب الاتجاهات الكلامية والفلاسفة والعرفاء الكل يعتقد أن الله سبحانه وتعالى غير متناه وهؤلاء يعتقدون أن الله متناهٍ فلهذا قيل عندهم أن الله سبحانه وتعالى فوق ما لا يتناهى بما لا يتناهى شدة ومدة وعدة. هذا بحث فلسفي الآن لا أريد الدخول فيه.
إذن النزاع الآن ليس في أن الله له مكان، هل هو في مكان معين، أو في أمكنة متعددة، في كل الأمكنة، ليس هذا البحث، وإنما البحث هل أن الله متناهٍ أو أن الله غير متناهي، لا يقول لي قائل: سيدنا ما هي فائدة هذا البحث؟ الجواب: هذا البحث يزيد الإنسان معرفة بالله سبحانه وتعالى وحقيقة الدين إنما بمعرفة الله سبحانه وتعالى. وهذه قضية لعلنا نتوفر عليها في أبحاث قادمة، نحن لا نتوقع من أي قضية معرفية أبعاد اجتماعية وأبعاد عملية حتى يأتي قائل ويقول ما هي آثارها الاجتماعية والسياسية في العلاقات، نحن إذا اعتقدنا بالأئمة هكذا الآن التحقوا بربهم ما هي الفائدة، الجواب: ليست القضية مرتبطة بأبعاد عملية حتى نسأل ما هي الآثار، وإنما هي مرتبطة بالأبعاد المعرفية. إذن التوحيد العبادة لكي تكون على أتمها لابد أن تكون المعرفة صحيحة، أما إذا كانت معرفة الله وتوحيد الله سقيماً كان توحيد الله مشوباً لم يكن خالصاً، كان مشوباً بالشرك، وما يؤمن أكثرهم بالله إلا وهم مشركون، كما جاء في سورة يوسف، مثل هذا التوحيد وإن كان ينفع إلا أنه لا يعطي أكله المناسب حتى لو عبد الإنسان الحق سبحانه وتعالى ما عبد. إذن أولاً أن القضية ليست في أن الله له مكان أو ليس له مكان، هل هو في مكان واحد أو في أمكنة متعددة، هذا أولاً. وثانياً هنا وللإشارة أشير أولئك الذين نفوا المكان عن الله لا يريدون أن يقولوا أن الله في كل مكان، يريدوا أن يقولوا أن الله ليس في مكان معين، يعني الأشاعرة لم يقولوا أن الله له مكان وهو في كل الامكنة، الأشاعرة عندما قالوا في كل مكان مرادهم السالبة بانتفاء الموضوع يعني أن الله لا مكان له، في قبال أولئك الذين قالوا أن الله له مكان محدد.
إذا اتضحت هذه المقدمة المختصرة يتذكر المشاهد الكريم للاستذكار إن الذكرى تنفع المؤمنين يتذكر المشاهد الكريم أن الحد في اللغة وفي الاصطلاح هو منتهى الشيء وطرف الشيء وهذا ما صرح به الزاغوني في الإيضاح وصرح به أيضاً ابن تيمية وكل من عرض لهذه المسألة صرح أن المراد من الحد في المقام هو منتهى الشيء هو طرف الشيء، هو غاية الشيء. هذه نقطة.
النقطة الأخرى التي هي سؤال الدكتور الأخ العزيز سالم، هو أنه ما هي الأقوال في المسألة؟
في الواقع توجد أقوال ثلاثة في هذه المسألة، وهي أن الله له حد أو ليس له حد.
القول الأول: وهو القول الذي يعتقد بإصرار أن الله سبحانه وتعالى لابد أن يكون محدوداً بحدٍ، إن الله سبحانه وتعالى لابد أن يكون محدوداً بحدٍ ولو لم يحد لما كان موجوداً، بل كان معدوماً، يعني جعلوا هناك مساوقة، يعرف أهل الاصطلاح في الفلسفة ماذا أقول، جعلوا مساوقة وهي أعمق من الملازمة لأنه في الملازمة أحدهما غير الآخر وفي المساوقة أحدهما عين الآخر، قالوا الموجودية تساوق ا لمحدودية، نحن لا نتعقل وجوداً ليس له حد، فإذا قلتم أن الله، يعني أشكلوا على أولئك الذين يقولون أن الله ليس له حد، قالوا إذا قلتم أن الله ليس له حد يعني كأنكم قلتم أن الله معدوم، هكذا صوروا المسألة، إذن هؤلاء في القول الأول يقولون يستحيل أن يكون الله موجوداً وليس له حد ومنتهى وغاية ينتهي عنده لأننا لا نتعقل أي وجوداً سواء كان هو وجود الله سبحانه وتعالى القديم الواجب أو كان وجود الممكنات الحادثة والمخلوقات هذه تساوق المحدودية، فالموجود يعني المحدود كل موجود فهو محدود سواء كان هو الخالق أو كان هو المخلوق. هذا ما ذكره في كتاب الإمام الدارمي وهو من أقطاب هذا الاتجاه وهو كتاب (رد الإمام الدارمي عثمان بن سعيد على بشر المريسي العنيد، ص23) تحقيق محمد حامد الفقي، مكتبة ابن تيمية، قال: (قال أبو سعيد وأدعى المعارض) المعارض الذي ينفي أن الله حداً (وأدعى المعارض أيضاً أنه ليس لله حد ولا غاية ولا نهاية فقال له قائل ممن حاوره) يعني أولئك الذين حاوروا هذا الذي نفى الحد لله (قد علمت مرادك أيها الأعجمي) لأنهم يعتقدون أن هذا الأصل هو الأصل الذي تبنى عليه جميع الضلالات نفي الحد، يعني من نفى الحد عن الله فقد ابتلي بجميع الضلالات (وهذا الأصل الذي بنى عليه جهم جميع ضلالاته واشتق منه اغلوطاته وهي كلمة لم يبلغنا أنه سبق جهم إليها أحد من العالمين) وبعد ذلك سيتضح بأن هذه المقولة ليست مقولة جهم وهو أن الله سبحانه وتعالى ليس له حد وإنما هي مقولة علي أمير المؤمنين وهو من كبار صحابة رسول الله ولا نقول أنه من كبار الأئمة وهو الخليفة الرابع كما تعتقدون وهو واحد من المبشرين بالجنة، وباب مدينة علم الرسول، ومن أهل البيت. وهذا هو الأسلوب الذي يستعمله هؤلاء بمجرد أن تختلف معهم تتهم بالجهمية والتعطيل ... (قد علمت مرادك أيها الأعجمي وتعني أن الله لا شيء) يعني إذا نفيت الحد فقلت أن الله غير موجود (لأن الخلق كلهم علموا أنه ليس شيء يقع عليه اسم الشيء إلا وله حد وغاية وصفة وأن لا شيء ليس له حد ولا غاية ولا صفة) حديثنا الآن ليس في الصفات بل في الحد. (فالشيء أبداً) يعني أي شيء سواء كان الشيء الله لأن الله شيء لا كالأشياء (فالشيء أبداً موصوف لا محالة ولا شيء يوصف بلا حد) أساساً لا يعقل أن يوجد شيء وليس له حد، (وقولك لا حد له يعني أنه لا شيء) يعني لا وجود له. هذا الكلام واضح لا يريد أن يقول بأنه المحدودية ممكنة وغير المحدودية أيضاً ممكنة ولكن الدليل دلنا على المحدودية، لا، يريد أن يقول يستحيل أن يكون الله غير محدود، لابد أن يكون محدوداً، هذا هو القول الأول.
القول الثاني: هو القول الذي يقع في قباله مباشرة، وهو القول الذي يقول يستحيل أن يكون الله له حد، فمن حده فقد عده ومن عده فقد أبطل أزله. أساساً يقول إذا قلنا، هذا كلام أمير المؤمنين في نهج البلاغة، وسأشير إلى مصدر هذا الكلام بعد ذلك، حتى لا يأتي بعض العوام على بعض المواقع ويتكلم بأن نهج البلاغة لا سند له، وهذا يبين لك أن هؤلاء أي درجة من الجهل يعيشونها، نعم يكررون هذا الكلام لأن إمامهم ابن تيمية يقول أن نهج البلاغة كله مكذوب، وهؤلاء أيضاً حتى يرممون هذه يأتون على الفضائيات ويقولون أن نهج البلاغة لا سند له، ولو يقرءوا كتاباً واحد في بيان أسناد نهج البلاغة لما قالوا مثل هذه الكلمات.
القول الثاني يعتقد بأن الله سبحانه وتعالى يمتنع أن يكون له حد فلو كان محدوداً لما كان هو الحق سبحانه وتعالى، ولذا هناك إصرار من أئمة أهل البيت عليه أفضل الصلاة والسلام أن الله سبحانه وتعالى يستحيل أن يكون له حد وإلا لو كان له حد الإمام الرضا عليه أفضل الصلاة والسلام في توحيد الصدوق يقول: ولا به صدق من نهاه. جعل له نهاية. ولا به يعني صدق بشيء آخر ولم يصدق بالله يعني عرف شيئاً آخر ولم يعرف الله، (التوحيد) للشيخ الصدوق، وهو من كتبنا الأساسية، وعندما أقول من كتبنا الأساسية لا يتبادر إلى الذهن أن كل ما ورد فيه صحيحاً، ليس الأمر كذلك، وإنما أقول باعتبار أن نفي الحد عندنا من المتواترات، قال: (ولا به صدق من نهاه) وأكثر من ذلك نجد أن الإمام عليه السلام يقول (ولو حد له وراء إذن حد له أمام) الأئمة عليهم أفضل الصلاة والسلام يؤكدون هذه الحقيقة بما لا مجال للمزيد عليها، هذا من باب الإشارة. هذا القول الثاني.
القول الثالث في المسألة وهو أن الله سبحانه وتعالى أنه لابد من التوقف في المسألة، لابد من التوقف في المسألة، بمعنى أننا لا نقول بأن له حد ولا نقول بأنه ليس له حداً، وإنما نتوقف في المسألة، إذن فهنا أقوال ثلاثة.
القول الأول: أن الله له حد.
القول الثاني: أنه ليس له حد.
القول الثالث: التوقف في المسألة، لا نثبت الحد له، ولا ننفي الحد عنه.
المُقدَّم: معنا فضيلة الشيخ تركي سليمان، تفضلوا.
فضيلة الشيخ تركي: السلام عليكم.
المُقدَّم/ سماحة السيد كمال الحيدري: عليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
فضيلة الشيخ تركي: قبل أن أكمل حديث كان منا البارحة وقد انقطع لسبب خارج عن إرادتنا، ولعل بالانقطاع مصلحة كشفت لنا بعض الأمور، فقد انهالت الاتصالات علي اليوم والبارحة دون توقف بعد مداخلتي السابقة غير الكاملة، من جمع من اخواننا وأصحابنا، ووجهوا لي كل أنواع التهم التي تخرجنا عن الملة وهم لم يسمعوا بعض كلامنا، وهم العارفون أكثر من غيرهم تمسكنا بهدي النبي صلى الله عليه وسلم والسلف الصالح رضي الله عنهم أجمعين، وقد كنت شيخهم البارحة أصبحت استجدي منهم التوحيد، وبعد أن كانوا يلوذون بنا في الرد عليكم والتشكيك بكلامكم وتفنيدكم حينما ضعفت حجتهم وبراهينهم لم يحكموا عقولهم بل كضوا واستكبروا قال الله تعالى: (وإذا تتلى عليهم آياتنا بينات قال الذين لا يرجون لقائنا أتوا بقرآن غير هذا أو بدله)، فردوا علينا ناقمين ونالوا منا ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم، وهذا دليل قلة عقولهم وعمق جهلهم، وعليه أعيد قولي وليسمعوني جيداً. وأن لا يستعجلوا بوصفنا بما ليس بنا وليتقوا الله وهو الحكم الفصل.
أراد الذي يريد أن يناقشنا في أفكارنا بعد أن ينقلها من أمهات كتبنا ويطرح آرائنا كما هي دون تدليس أو كذب وهم العارفون بذلك أكثر من غيرهم، ثم بعد ذلك يضع على بساط النقد بنهج علمي قل نظيره، ويقاطعها حوار جمهور المسلمين، ومن ثم يطلب منا المشاركة في الدفاع عن أفكارنا إن كانت لنا حجة أو كان في قوله تجني علينا، إلا إن كنتم مستنكفين من نشره على الملأ فلذلك يجب أن يقلقكم أكثر من غيركم والله تعالى يقول: (إن الله مخرج ما تحذرون) نعم إن الله مخرج ما تحذرون، أخواني الأعزاء الفكر الذي لا يدرء الشبهة عن نفسه ليس بفكر وفي اتباعه الخسران والضلال المبين، ونحن لا ندعي تحسين القبيح ولا تقبيح الحسن، وهو القائل سبحانه وتعالى: (ومن يدعوا مع الله إلها آخر لا برهان له به فإنما حسابه عند ربه) وأقول لكم لو غربلنا تراثنا وناقشناه دون تعصب وجمعنا المتناقضات فيه واللامعقولات وتعاملنا مع السلف الصالح رضوان الله عليهم على أنهم مجتهدون يصيبون ويخطأون وأنهم ليسوا أنبياء ولا مرسلين وتأملنا قوله تعالى: (ولو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافاً كثيراً) فربما كان لنا رأي آخر والحكمة ظالة المؤمن، فكلما رقعت رقعة للثوب الخرق ازداد قبحاً، أخواني الأعزاء أعلموا أن كلامي هذا لا يعني قبولي بكل ما يقوله الشيخ الكريم وتسليمي به قبل أن نسمع به صورة كاملة وواضحة عن التوحيد وبعد أن تطمئن لنا عقولنا وقلوبنا وفي الوقت نفسه احترم اطروحاته حيث أنها توافق رأي جمهور المسلمين ولا تتنافى معها، (هو الله لا إله إلا غيره) لا يجمعني مع فضيلتكم غير كلمة التوحيد وهو كلمة يهتز لها عرش الله سبحانه وتعالى وتهتز لها جميع سكان سماواته العلى، فلا يجب أن تكون هذه الكلمة الجليلة القدر مقام هرج ومرج بيننا نحن سكان أرضه السفلى، كي نقابلها بجهالاتنا وعصبياتنا بأفكار منكرة ما أنزل الله بها من سلطان من تجسيم وتشبيه وتخبط واضح ومنكرات بغيضة نطق بها بني إسرائيل حتى أصبحوا لعنة الأمم.
وفي الختام أسأله تعالى أن يهديني وإياكم سواء السبيل والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
سماحة السيد كمال الحيدري: أشكر جناب الشيخ الفضيل على هذه المداخلة القيمة التي تنبع من إنسان واقعاً من مصاديق أنه من أهل العلم والعلماء وأهل الذكر الذين يطفح من كلامهم أنه من طلاب الحقيقة، وأنهم لا يريدون إلا الحقيقة، وواقعاً أنا أشكر منه هذا الإنصاف الذي قل نظريه كما تفضل جناب الشيخ قل نظيره في المداخلات، وكذلك في بعض المواقع ومع الأسف الشديد في بعض القنوات التي هي أقرب إلى التهريج منها إلى البحث العلمي والنقد العلمي، ونفس هذه المقولة التي ذكرها أخونا العزيز جناب الشيخ هو أننا نحن أيضاً في تراثنا يوجد ما يستحق أن نقف عنده متأملين متدبرين سواء كان على مستوى الأمور العقدية أو على المستوى الأمور الفقهية وهذا ما سيتضح إن شاء الله تعالى لجناب الشيخ أولاً ولكل المشاهدين في العالم الإسلامي، أننا لا نقدس أحداً وإنما التقديس هو لكتاب الله سبحانه وتعالى، أؤكد هذه الحقيقة القدسية أولاً للقرآن الكريم، القدسية أولاً للقرآن الكريم، والقدسية أولاً وثانياً وثالثاً للقرآن الكريم، نحن لا يوجد عندنا غير كتاب الله، وعندما نقول التمسك بكلام رسول الله صلى الله عليه وآله من باب أن الله سبحانه وتعالى أمرنا بذلك قال (لتبين للناس ما نزل إليهم) وقال لنا (ما اتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا) باعتبار أن القرآن قال (ما ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى)، ونحن عندما جئنا إلى كلام رسول الله صلى الله عليه وآله وبعبارة أخرى إلى بيانات الرسول الأعظم صلى الله عليه وآله وجدنا أنه وقع الاختلاف في كلام رسول الله، في سنة رسول الله، البعض يقول أن رسول الله قال كذا والبعض قال أن رسول الله قال كذا، نحن بمقتضى حديث الثقلين وبمقتضى آية التطهير وبمقتضى عشرات النصوص الواردة عن الرسول الأعظم وجدنا أن افضل الطرق وأحسن الطرق وأسلم الطرق وأمن الطرق للوقوف على حديث رسول الله إنما يمر من طريق علي وأولاد علي، ولكن هذا ليس معناه أننا إن تم لنا طريق صحيح من صحابة نطمئن إلى إيمانهم ودينهم وصدقهم وأمانتهم أننا لا نأخذ من صحابة رسول الله، هذا كلام يرمى به أتباع مدرسة أهل البيت جزافاً وبلا دليل، إن قال لنا قائل: يوجد في كلمات علمائكم ما يخالف هذا الكلام؟ نقول في كلمة واحدة: نحن قدمنا أننا لا نقلد أحداً، نحن نقول رأينا في هذه المسألة بما استفدناه من كتاب الله وكلام رسوله صلى الله عليه وآله، وبما وصل إلينا من عترته الطاهرة عليه أفضل الصلاة والسلام. ولذا استميح المشاهد والشيخ الجليل أنني مضطر أن أكمل هذه الأبحاث حتى تتضح الصورة التي تعتقد بها مدرسة أهل البيت فإن اتفقنا على التوحيد فطوبى لنا جميعاً وإن اختلفنا فلا داعي للاتهام وللتكفير وللتفسيق ولكل تلك الكلمات التي لا ينبغي أن تقال،.
انظروا إلى هذا الكلام الذي ورد، نحن إشكالنا على مثل هذا المنطق الذي يقول إذا قلت شيئاً لابد أن يقبل به الآخرون وإن لم يقبلوا به فهم أهل بدعة وارتداد وشرك وكفر، نحن خلافنا وإشكالنا على مثل هذا المنطق الهمجي، أما أن تقول ما أقول وأما أنت أهل بدعة، في (إثبات الحد لله وبأنه قاعد وجالس على عرشه) للدشتي الذي هو من أولئك المصرين على إثبات الحد لله، بودي أن المشاهد الكريم يلتفت (قال أبو عبد الله أحمد بن محمد بن حنبل الشيباني ولله عز وجل عرش وللعرش حملة يحملونه والله عز وجل على عرشه وله حد، والله أعلم بحده يتحرك ويتكلم وينظر ويضحك ويفرح) هذا منطقهم، هذا اعتقادهم ونحترمه ولكن سوف ننقده علمياً كما سيتضح بعد ذلك. ثم يقول (وذكر ذلك الإمام أحمد في كتاب السنة له وقال في أوله: هذه مذاهب أهل العلم وأصحاب الأثر وأهل السنة المتمسكين بعروتها المعروفين بها المقتدى بهم فيها من لدن أصحاب النبي صلى الله عليه وآله إلى يومنا هذا فأدركت من أدركت من علماء أهل الحجاز والشام وغيرهم عليها) هذا رأي ويحترم (ولكن من خالف شيئاً من هذه المذاهب أو طعن فيها) خالف بمجرد المخالفة يعني لا يحق لك أن تعطي رأياً ولو كان مستدلاً من القرآن ومن كلام رسول الله (فمن خالف شيئاًَ من هذه المذاهب أو طعن فيها أو عاب قائلها فهو مخالف مبتدع) يا أخي لماذا إذا أنكرت أن الله سبحانه وتعالى ليس له حد ولا يضحك ولا يتحرك، نصوصي التي اعتقد بها تقول أساساً يستحيل أن يكون الله متحركاً، يقول (فهو مبتدع خارج من الجماعة زائل عن منهج السنة وسبيل الحق) أي منطق هذا المنطق المفلوج، أي منطق هذا المنطق السقيم، أنه إما أن توافقني فيما أقول وإما أنت من أهل البدع والشرك والكفر والفسق، نحن إشكالنا واقعاً لا فقط مع أتباع ابن تيمية، طبعاً أنا أتصور أن الشيخ ابن تيمية هو الذي أسس هذا المنطق، كان يوجد قبله ولكن من نظّر له من تسمونه شيخ الإسلام وهذا العنوان لم يقبل من كثير من علماء المسلمين، على أي الأحوال نحترمكم ما دام تعتقدونه شيخ الإسلام فليكن شيخ إسلامكم الذي تعتقدون، ولكن لا ينبغي إذا خلاف أحد الشيخ ابن تيمية لابد أن يتهم بالسبأية ويتهم بالزندقة ويتهم بالبدعة ويتهم بالخروج عن الإسلام حتى عندما تصل إلى بعض أولئك الذين لا يفهمون منطق الدين يتحول إلى سلوك عملي من خلال التفجيرات ومن خلال التفخيخات ومن خلال الذبح ويتقربون إلى الله بقتل المسلمين، وأنتم وجدتم أن كثيراً من هؤلاء الذين شبعوا وأشبعت وملئت قلوبهم وأشرب قلوبهم مثل هذه المباني ماذا فعلوا بالمسلمين وليس فقط بشيعة أهل البيت انظروا ماذا فعلوا في العراق انظروا ماذا فعلوا في افغانستان انظروا ماذا فعلوا في باكستان انظروا ماذا فعلوا في الدول الإسلامية في شمال إفريقيا، نحن خلافنا الأساسي وأنا أتصور أننا إذا أردنا أن نقف أمام هذه الظواهر التي بدأت تطفوا على السطح لا لتشوه صورة الإسلام فيما بيننا بل لتشوه صورة الإسلام أمام العالم، العالم بدء يعرف الإسلام ويتصوره أنه قائم على أساس الذبح والتفجيرات والقتل والانتحاريات، هذا هو خلافنا الأساسي، هنا لابد أن أشير بيني وبين الله أؤكد مرة أخرى أن هذا المنطق نحن لم نجده مثلاً في مدرسة الأزهر، هذا لم نجده في مدرسة شمال افريقيا في القيروان، لم نجده في المغرب، وإنما هو في مدرسة مختصة عندما تبحث وتجذر هذه المدرسة تجد أنها تنتهي إلى الشيخ ابن تيمية وإلى اتباع ابن تيمية وإلى من يدافعون عنهم وإلى من يدفعون كل شيء لتثبت آرائهم وافكارهم هنا وهناك. ولذا مرة أخرى احترم هذا الرأي الذي يقول أنا لا أحكم على كلام المتكلم حتى يكمل حديثه في التوحيد، وهذا الذي نقوله، أخواني الأعزاء أيها المشاهدون أيها المسلمون في كل العالم بمختلف اتجاهاتكم وبالخصوص أتباع ومن يعتقدون بالشيخ ابن تيمية ومن يعتقدون بالشيخ محمد عبد الوهاب وهم من يسمون أنفسهم أتباعهم وأنا لا أسميهم بالوهابية لأني سمعت هنا وهناك أنهم لا يقبلون أن يسموا بهذا الاسم إذن احترم رأيهم واختيارهم ولكنه أريدهم أن يطلعوا على الحقيقة، فليذهبوا ويعرفوا بأنه هذا هو منطق الإسلام، هذا هو منطق صحابة رسول الله، ألم تعلموا أن الزبير وطلحة كانا معارضين لخلافة علي بن أبي طالب ولكن لم يتعامل معهم بمنطق القتل والسجن بل حتى بعد أن حاربه من حاربه من صحابة رسول الله لم يكن إلا منطق الاحترام، هذه رسائل الإمام وكلمات الإمام في نهج البلاغة وفي غير نهج البلاغة تبين لنا هذه الحقيقة.
بودي أن المشاهد الكريم يصبر معي هذه الليالي ولعله بعد شهر رمضان لنبين الصورة التوحيدية التي عليها الآخر، وعندما أقول الآخر لا فرق أن يكون من مدرسة الصحابة أو الاتجاه الذي يؤمن به ابن تيمية وبعبارة أخرى أهل السنة والجماعة وابن تيمية لأنه أنا معتقد أن ابن تيمية سرق عنوان أهل السنة والجماعة منهم وإلا ليس هو الذي يمثل أهل السنة والجماعة وهذه الأصوات الآن نسمعها تقول نعم أن الشيخ ابن تيمية ومن يقلده لا يمثلون أهل السنة والجماعة.
المُقدَّم: وقال الله تعالى: (ولا تتبعوا خطوات الشيطان إنه لكم عدو مبين إنما يأمركم بالسوء والفحشاء وأن تقولوا على الله ما لا تعلمون). معنا الأخ القحطاني من السعودية، تفضلوا.
الأخ القحطاني: السلام عليكم.
المُقدَّم/ سماحة السيد كمال الحيدري: عليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
الأخ القحطاني: أرجو من الشيخ كمال الحيدري أن يسمعني جيداً، وأشكره وأشكركم على استقبال مكالمة الشيخ تركي ومما ذكره الشيخ حفظه الله إن التوحيد هو الذي يقود الأمة إلى الصلاح فنرجو من سماحة الشيخ كمال الحيدري الله يحفظه ويزيد في علمه أن يعمل على هذه النقطة التوحيد، توحيد الله الذي جاء الرسل، ويكون توحيد الأمة وأن يكون بحثه وأطروحاته عبر حوار بينه وبين علماء الأمة سواء في المملكة العربية السعودية أو الأزهر، وطرح ما يتحدث عنه في البرنامج، هذه النقطة، النقطة الثانية أمة محمد صلى الله عليه وسلم هي أمانة في أعناق جميع العلماء سواء كانوا سنة أو شيعة فبالعلماء تهتدي الأمة إلى طريق الحق أو طريق الضلال فأرجو من علماء الشيعة وعلماء السنة إنقاذ الأمة من فتنة أو مما يقودهم إلى طريق الضلال، وأرجو من فضيلة الشيخ أن تكون بحوثه تحت رعاية مجمع الفقه الإسلامي في مكة المكرمة.
المُقدَّم: معنا الأخ علي الهادي من اليمن، تفضلوا.
الأخ علي الهادي: السلام عليكم.
المُقدَّم/ سماحة السيد كمال الحيدري: عليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
الأخ علي الهادي: تحية مباركة للشيخ، أقول بأن المشكلة ليست في التوحيد سواء من ناحية التشبيه والتجسيم لأن المسلمين جميعاً يؤمنون بأن الله أحد وهو صمد لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوء أحد، وإنما المشكلة في التكفير عندما يكفر بعضنا بعضاً، أو عندما يتم مخالفة في أي فرع من الفروع أو في أي فتوى يكفر كل فئة تكفر فئة أخرى فأنشأ في المجتمع جمعيات إرهابية باسم هذه الفتاوى وإلا لا نعتقد أن هناك إخلال في العبادة إذا تم التجسيم أو أمنا بالحد كما قال الإمام أحمد لا يعلم بحده إلا هو، لذلك أنا اعتقد أن الإشكال في مسألة التكفير، التكفير هو أخطر ما يمكن على الأمة وهو الذي أثار الفتن وهو الذي خرب البلاد وهو الذي ترجم الإسلام أمام الشعوب الأخرى والتيارات الأخرى إلى انه دين إرهابي مع أنه دين إسلامي، نرجو أن تركزوا على مسألة التكفير. إذا تم التجسيم ما هو الخلل في العبادة هل هناك خلل في العبادة أم لا.
المُقدَّم: معنا الأخ أبو عبد الرحمن السعودية، تفضلوا.
الأخ أبو عبد الرحمن: السلام عليكم.
المُقدَّم/ سماحة السيد كمال الحيدري: عليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
الأخ أبو عبد الرحمن: أنا أتصلت بالامس فاخبرتني القناة أنه انتهى وقت الاتصالات، أنا أريد أن أعلق على مسألة الحد وعلى بعض المسائل التي عرضها الشيخ كمال، أقول مسألة الحد ذكر شيخ الإسلام ابن تيمية في (ج3، تلبيس الجهمية، ص42) قال: إن الحد ليس بدعة. قال: أن الحد ما يميز الشيء عن غيره، ولذلك الشيخ ابن تيمية في آخر الصفحة ذكر أن الجهمية كانوا يقولون أنه ليس بشيء فالسبب في إطلاق هذه العبارة أرادوا أن لله سبحانه لتمييزه عن غيره ليس كما قال الجهمية أن الخالق والمخلوق لا يميزهما شيء، فهما متحدان، فهذا معنى الحد ولا يلزم منه شيء من المحذورات التي يذكرها الشيخ كمال الحيدري. هذه نقطة. النقطة الثانية أن الشيخ نقل عن كتاب الراغب الأصفهاني المفردات وبين أن الوجه بمعنى الشارحة، قال الشيخ كمال: نسألهم أن هذا الوجه كالوجوه أو لا كالوجوه، وقال أننا نقول أنه لا كالوجوه، ثم سأل أن هذا الوجه هل معروف لكم أو غير معروف. أقول: الجواب عن هذا السؤال وعندنا فيه تفصيل، الوجه من حيث المعنى معلوم ومن حيث الكيفية مجهول، الشيخ قال: ما المعنى عندكم. أقول: سماحة الشيخ بارك الله فيك ارجع إلى كتاب مقاييس ابن سالم، تجد أن أصل مادة وجه هو ما يقابل به الشيء، والله جل وعلا عندنا نراه يوم القيامة ونرى وجهه وإنما الرؤية في جهة فنحن عندما نرى وجهه فالله جل وعلا له وجه يستقبل به ويرى، ونحن نقول ويصرح الشيخ بن تيمية أن الألفاظ التي يشترك فيها الخالق والمخلوق معلومة المعنى من حيث الإطلاق الكلي، وأما عند التخصيص فهو افتقار عن الكل والكل باتفاق جميع الطوائف لا يعلم، هذه مسألة الوجه ومسألة الحد.
المسألة الأخرى الشيخ في كثير من الحلقات قال كلمة وأنا إن أخرجها في نقله أقسم بالله العظيم أتشيع أقسم بالله أمام الناس. الشيخ قال بأن الحلولية أشاعرة وهم يقولون أن الله في كل مكان، لو أخرجها في كتاب من كتب الأشاعرة معتمد أعلن تشيعي وأسافر إلى إيران.
سماحة السيد كمال الحيدري: أخي العزيز أنا قلت الأشاعرة يقولون أن الله ليس له مكان، ولم أقصد أنه في كل مكان، يعني لا في مكان.
المُقدَّم: بالنسبة لأخ القحطاني من السعودية.
سماحة السيد كمال الحيدري: أنا أتصور أن القضية الأساسية هي التوحيد وعندما نقول كلمة التوحيد نريد أن نجعل كلمة التوحيد أساساً لتوحيد الكلمة، واقعاً هذا هو مبتغانا في كل هذه الأبحاث، ولذا أنا أتصور عندما يأتي أمثالكم وأمثال الشيخ تركي واقعاً أنا أتصور أن البحث يأخذ اتجاهاً آخر وطعماً آخر ولذا نستطيع جميعاً أن نصل إلى حقيقة واحدة، الأصل هو كلمة التوحيد، إذن ينبغي علينا جميعاً أن ننقح هذه المسألة، فإذا انتهينا إلى نتائج معينة فبها ونعمت، أما إذا لم ننتهِ لا ينبغي أن نحول ذلك تكفير، ونحول ذلك ارتداد، ونحول ذلك إلى اتهام الشرك، الأخ العزيز هو لا يعرف أولئك الذين يقفون في المسجد النبوي وعند أطراف المسجد النبوي ويقفون في المزارات الموجودة عند المسلمين بغض النظر أن أفعالهم صحيحة أو غير صحيحة أنا لا أريد أن أدافع عن كل ما يفعله المسلمون عندما يأتون إلى المدينة المنورة والمسجد النبوي والمراقد المقدسة لصاحبة رسول الله وإلى الأئمة أن كل أفعالهم صحيحة، أنا لست بصدد التصحيح، وإنما بصدد واقعاً هذا هو المنطق الإسلامي الذي إذا اختلفتم مع أحد تتهمون الجميع بأنهم على الشرك، واقعاً ابدءوا بأنفسكم أصلحوا هذا، فلتكن صورتكم واقعاً ليست هذه الصورة التي يعكسها بعض هؤلاء الجهلة الذين يقومون بمثل هذه الأفعال. أنا وجدت هذا المنطق منطق سليم منطق قائم على اساس ديني صحيح وهو أنه على علماء السنة وعلى علماء الشيعة وعندما نقول علماء السنة بمختلف اتجاهاتهم وبمختلف مبانيهم العقدية والفقهية أنتم تعلمون أن هناك مدارس متعددة في هذا المجال، ولا يشك أحد أن المسلك الأشعري والاتجاه الأشعري شيء وأن مسلك ابن تيمية شيء آخر، وهكذا عندما تأتون إلى علماء الشيعة لا يتبادر إلى ذهن الأخوة أن الشيعة لهم جميعاً كلام واحد من لون واحد ومن طعم واحد، ليس الأمر كذلك، لهم اجتهادات متعددة سواء على مستوى الأمور العقدية أو مستوى الأمور الفقهية ولكن هذا لا ينبغي أن يتحول عند الاختلاف، تعالوا نتعايش مع قبول الآخر، هذا المنطق هذا لا فقط على المستوى الفكري، على المستوى العقدي، على المستوى الفقهي، على المستوى الثقافي، على المستوى الاجتماعي، على المستوى السياسي، ينبغي علينا جميعاً أن نقبل الآخر وأن لا نرفض، إذا اختلفنا فليكن اختلافنا قائم على أساس صحيح، وأن لا نتهم الآخر لا نسقط الآخر ولا نتهم الآخر لا نقول أنه سبأي ولا نقول أنه يهودي ولا نقول أنه عنده أجنده، لا ينبغي لنا هذا المنطق, وبهذا باعتقادي أجبت على الأخ من اليمن. أنا أتفق معك ولكن اطمئن أخي العزيز أن هذا التفكير له جذور نظرية يعني عندما تسأل أنت لماذا تكفر هؤلاء، تجد أن يقول أن هذا ليس بموحد وإنما هو مشرك أو أنه صاحب بدعة، إذن عندما نرجع إلى هذا التكفير أضم صوتي إلى صوتك أيها الشيخ الجليل من اليمن وهو أن المشكلة الآن التي يعيشها المجتمع الإسلامي بمختلف اتجاهاته نجد أن هناك حالة من التكفير ولا أريد أن استثني أحداً على آخر، ولكن هذا التكفير له جذور نظرية وجذور فكرية وثقافية وعقدية، أنا إنما طرحت بحث التوحيد حتى أعالج بقدر ما يمكن هذه الجذور لعلنا نصل إلى كلمة سواء في هذه المسألة.
المُقدَّم: بالنسبة للأخ أبو عبد الرحمن يقول أن ابن يتيمة قال: أن لله حد ولكن لا يعلم حده إلا هو.
سماحة السيد كمال الحيدري: البحث ليس في مقام الإثبات بل في مقام الثبوت، السؤال هل له حد أو ليس له حد، ليس كلامنا في أنه إذا كان له حد يعلمه الغير أو لا يعمله الغير، الآن أنا أسأل أن زيداً من الناس عالم أو ليس بعالم بغض النظر أني أعرف علمه أو لا أعرف. إذن هذا خلط بين مقام الثبوت ومقام الإثبات.
المُقدَّم: معنا الأخ محمد من الجزائر، تفضلوا.
الأخ محمد: السلام عليكم.
المُقدَّم/ سماحة السيد كمال الحيدري: عليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
الأخ محمد: جزاكم الله كل خير، في الحقيقة، اشكركم كثيراً في هذه الأفكار التي تطرحونها، طالما كنت أفكر في أن أبحث هذا البحث ولكن موقعي في الجزائر لا يمكنني من البحث عن المراجع والمصادر المتوفرة لديكم. هناك موضوع آخر تطرحونه في قضية الإمامة وهو نفس الموضوع، وهو أن المشكل في الأمة الإسلامية منذ رحيل رسول الله صلى الله عليه يتمثل في القراءة فمثلاً في مشكلة التوحيد.
المُقدَّم: بإمكان الأخ محمد أن يتصل يوم غد ليبين ما يريد طرحه لأن الصوت غير واضح هذا اليوم. معنا الأخ عثمان من السعودية، تفضلوا.
الأخ عثمان: السلام عليكم.
المُقدَّم/ سماحة السيد كمال الحيدري: عليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
الأخ عثمان: أقول لك كلمة، أنا من الرياض وأقول كلمة يا شيخ، ابحث في كتبك لا شيخ والله ثم والله أنك زلزلتنا يا شيخ.
سماحة السيد كمال الحيدري: أنا بودي أنه أعد الأخ الكريم واقعاً كن على ثقة ينتظرني يوم الاثنين القادم سأقف عند تراثنا وما ورد فيه من التكفير وسيجد أن الأخ العزيز أنني أوافق على ما قيل أو لا أوافق، عندما تصل القضية إلى شيء يرتبط، أنا هنا أقف بكل جدية أمام من يريد أن يحول الخلاف العقدي والفكري إلى قضية تكفيرية واتهامية، لا أوافق على ذلك، وإن شاء الله تعالى لا أقل أقول لك رأيي وأبين أيضاً للمشاهد الكريم، مع الأسف الشديد بعض القنوات والفضائيات وبعض المتكلمين في هذه القنوات بغض النظر عن نواياهم وبغض النظر عن أولئك الذين خلفهم ولا أريد أن أتهم أحداً، ولكن عندما استمع إلى بعض كلماتهم كنت ارجوا أن يكون البحث فيها بحثاً علمياً قائماً على أسس علمية لا أن يؤتى بمقطع ويوضع على الشاشة من علم من الأعلام افترضوا الشيخ المفيد أو المجلسي ثم تنسى باقي كلماته، هذه القضية لا تخرج عن اثنين أما أنه لا يعلم فهو جاهل وأما يعلم فهو أقرب إلى التهريج أقرب إلى إيجاد الفتنة منه إلى إيجاد التقارب والتقريب والوحدة بين المسلمين، أهذا هو المنطق الذي تريدون التقريب به بين المسلمين، سيتضح للمشاهد الكريم أني سأقف عند مسألة التكفير ومن هنا أمد يدي إلى جميع علماء الإسلام سواء كانوا من علماء الأزهر الشريف أو من علماء المملكة العربية السعودية أو كانوا من علماء المغرب وشمال افريقيا أو كانوا من أي بلاد أخرى فلنضع أيدينا في يدي بعض ونصل إلى نتائج علمية فإن وصلنا فبها ونعمت وطوبى لنا جميعاً، وإن لم نصل فلا ينبغي أن نحول هذا الخلاف الفكري والعقدي إلى خلافات اجتماعية ودينية وفقهية بين المسلمين، هذه هي المشكلة التي أشار إليها الأخ العزيز من اليمن أنه نحول خلافاتنا في الأروقة العلمية التي كان ينبغي أن تبقى في الأروقة العلمية وتبحث بين المتخصصين والعلماء تحولت إلى سجالات، وألا أنا اعتبر هذا من الإفلاس الفكري والإعلامي أنه عندما يريد أن يستدل على مذهب تأريخه يصل إلى 1400 سنة ويمثل 20% أو 15% يصلون إلى مئات الملايين في العالم ولهم عشرات الحوزات العلمية أنك تريد أن تناقش المذهب تأتي بسيدي أو كاسيت لخطيب من الخطباء وتقول أن هذا هو رأي المذهب، أهذه هي أمانتكم العلمية، أهذا هو منطقكم الديني، أهذا الذي تريدون أن توجدوا من خلافه التقريب بين المذاهب الإسلامية والاتجاهات الإسلامية، أن تحملوا مذهب بكامله بمئات الملايين بعشرات الآلاف من العلماء الذين له أوساطهم العلمية ولهم أهل الاختصاص ولهم من يمثلهم أن تأتي بكاسيت أو سيدي في منبر، إذا كان الأمر كذلك فانظر إلى فضائيات الآخرين وانظر ماذا يقول عن الإسلام وعن المسلمين الآخرين وعن الشيعة بالخصوص، لماذا لا تأتي بتلك، أهذه هي الامانة العلمية، هذا هو الإنصاف العلمي في هذه المسألة.
المُقدَّم: الأخ أبو زيدون، تفضلوا.
الأخ أبو زيدون: السلام عليكم.
المُقدَّم/ سماحة السيد كمال الحيدري: عليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
الأخ أبو زيدون: هناك مقولة لصحابي رسول الله أبو بكر الصديق وخليفة رسول الله يقول: العجز عن الإدراك إدراك والبحث في ذات الله إشراك... يعني اعتقد أن هذه قاعدة أساسية ويبنى عليه التوحيد إنه إذا عجزنا عن إدراك الله فقد أدركنا الله سبحانه وتعالى.
المُقدَّم: لماذا نضع له حداً وصورة ووجهاً ويداً.
سماحة السيد كمال الحيدري: فلماذا نبحث عن معرفة الله، إذا كان هكذا فأفضل الطرق أن ندعي أننا نجهل كل شيء عن التوحيد، فلماذا هذه الكتب والأبحاث، إذا تفهمون من إدراك العجز هو التوحيد الحقيقي فكل واحد يجلس في بيته ولا تؤسس الجامعات والمدارس لفهم التوحيد.
أولاً البحث ليس في الذات، لا يوجد أحد، وأنا أتذكر إذا كنت من المتابعين في أول الحلقات قلت أن المعرفة الإلهية تمر من خلال الأسماء والصفات ولا تمر من خلال الذات وإلا الذات لا يحيط بها أحد علماً.
يبقى عندي بعض التعليقات، وهو ما يتعلق بالأخ أبو عبد الرحمن، أتصور بأنه لو كان يقرأ كلام الشيخ ابن تيمية في (بيان تلبيس الجهمية في ص42 و43، ج3) يقول هذا الكلام، هذا ليس معنى الحد عند ابن تيمية ولا معنى الحد عند الزاغوني ولا معنى الحد عند الدارمي ولا معنى الحد عند عبد الله بن المبارك، معنى الحد هو النهاية ولكن لماذا التزموا أن الله له نهاية حتى يميزوه عن خلقه، أخي العزيز أنت خلطت بين معنى الحد وأنا بودي الآن في هذه الليلة ترجع وتقرأ العبارات جيداً مرة أخرى، الشيخ ابن تيمية في (الجزء الأول من بيان تلبيس الجهمية ص287) يقول: الحد بمعنى النهاية، يعني له طرف، نعم لو سألنا لماذا هؤلاء أصروا على أن الله له نهاية، قالوا: حتى يتميز عن خلقه وإلا إن لم تكن له نهاية فلا يتميز عن خلقه، وتصوروا أنه لا طريق لتمييز الله عن خلقه إلا من خلال الإيمان بأن له حد ونهاية، وهذا كلام لا يصح، وسيأتي بيانه هناك طرق أخرى لإثبات مباينة الله سبحانه وتعالى لخلقه ومباينة خلقه له. ولا يتوقف على إثبات الحد والمحدودية لله سبحانه وتعالى. هذه نقطة.
النقطة الثانية وهو ما يتعلق بالوجه وما يتعلق باليد وما يتعلق بالامور التي ذكرها أتصور أن هذا استباق للأبحاث، إن شاء الله تعالى سأقف عندها مفصلاً عند بحثها.
المُقدَّم: وقد قال علي عليه السلام: ومع كل شيء لا بمصاحبة، وغير كل شيء لا بمزايلة.
شكراً لكم سماحة آية الله السيد كمال الحيدري، شكراً للمشاهدين الكرام وخصوصاً الذين اتصلوا بنا نلتقيكم إن شاء الله تعالى غداً السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته.