- حديث الثقلين 2 - حديث المولاة
- حديث الثقلين 2 - حديث المولاة
أما النصوص الدالة على خلافة أمير المؤمنين عليه السلام فهي كثيرة جدا ، ولا يسعنا ذكرها كلها ، لأن ذلك يستدعي الإطالة ، وسنكتفي بخمسة أحاديث مشهورة :
النصوص الدالة على خلافة علي بن أبي طالب عليه السلام :
أما النصوص الدالة على خلافة أمير المؤمنين عليه السلام فهي كثيرة جدا ، ولا يسعنا ذكرها كلها ، لأن ذلك يستدعي الإطالة ، وسنكتفي بخمسة أحاديث مشهورة :
1 - حديث الثقلين : وسيأتي الكلام فيه مفصلا في قسم لماذا لم يتمسك أهل السنة بأهل البيت عليهم السلام ؟ في الصفحة الرئيسية ، وهو يدل على لزوم اتباع أهل البيت عليهم السلام دون غيرهم ، وأمير المؤمنين عليه السلام أفضل أهل البيت بعد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فيتعين للخلافة دون غيره ، لأن اتباع غيره من سائر الناس بمقتضى دلالة الحديث لا ينجي من الوقوع في الضلال ، وهو واضح .
2 - حديث الموالاة : وهو قول النبي صلى الله عليه وآله وسلم : من كنت مولاه فعلي مولاه ( 1 ) .
والمولى له معان كثيرة ، منها : الرب ، والمالك ، والسيد ، والعبد ، والمنعم ، والمنعم عليه ، والمعتق ، والمعتق ، والناصر ، والمحب ، والتابع ، والجار ، وابن العم ، والحليف ، والعقيد ، والصهر ، والولي الذي يلي عليك أمرك ( 2 ) .
قال ابن الأثير بعد تعداد المعاني المذكورة : وأكثرها قد جاء في الحديث ، فيضاف كل واحد إلى ما يقتضيه الحديث الوارد فيه ، وكل من ولي أمرا أو قام به فهو مولاه ووليه ( 3 ) .
قال : وقول عمر لعلي : أصبحت مولى كل مؤمن أي ولي كل مؤمن ( 4 ) . والمراد بالمولى في الحديث هو الولي ، وهو القائم بالأمر الأولى بالتصرف ، لما ورد في كثير من طرق الحديث أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال : أيها الناس ، ألست أولى بكم من أنفسكم ؟ قالوا : بلى يا رسول الله . قال : فمن كنت مولاه فعلي مولاه ( 5 ) .
وقد جاء وصف أمير المؤمنين عليه السلام بالولي في أحاديث أخر ، منها : ما أخرجه الترمذي في سننه ، والنسائي في الخصائص ، والحاكم في المستدرك ، وأحمد في المسند ، وابن حبان في صحيحه ، والألباني في سلسلته الصحيحة ، أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال : ما تريدون من علي ؟ إن عليا مني وأنا منه ، وهو ولي كل مؤمن بعدي ( 6 ) .
قال ابن الأثير في النهاية ، وابن منظور في لسان العرب ، والجوهري في الصحاح : كل من ولي أمر واحد فهو وليه . ومنه يتضح أن معنى ولي كل مؤمن بعدي هو المتولي لأمور المؤمنين من بعدي ، وهو معنى آخر للخليفة من بعدي ، لأن الخلفاء هم ولاة أمور المسلمين .
وفي قوله صلى الله عليه وآله وسلم : بعدي دليل على أنه لا يريد بالولي المحب ولا الناصر والمنعم ولا غيرها من المعاني ، لأن المعاني الأخر كالرب والمالك والسيد والعبد والمعتق والجار وابن العم والصهر وغيرها لا تصح في المقام، وأما المحب والناصر والمنعم عليه فهي غير مرادة أيضا، لأن قوله صلى الله عليه وآله وسلم : بعدي دليل على أن المراد بلفظ ( الولي ) غير ذلك ، لأن هذه الأمور كانت ثابتة لعلي عليه السلام حتى في زمان النبي صلى الله عليه وآله وسلم ، فذكر البعدية حينئذ لغو ، فلا يصح أن يقال : علي محبكم أو ناصركم أو منعم عليكم من بعدي ، لأنه عليه السلام كان كذلك في حياة النبي صلى الله عليه وآله وسلم .
ولوضوح هذا الحديث في الدلالة على خلافة أمير المؤمنين عليه السلام أنكره ابن تيمية ، وطعن في سنده ودلالته . قال في منهاج السنة : قوله : هو ولي كل مؤمن بعدي كذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم ، بل هو في حياته وبعد مماته ولي كل مؤمن ، وكل مؤمن وليه في المحيا والممات . فالولاية التي هي ضد العداوة لا تختص بزمان ، وأما الولاية التي هي الإمارة فيقال فيها : والي كل مؤمن بعدي ( 7 ) .
والجواب : أما من ناحية سند الحديث فيكفي في اعتباره أن الترمذي حسنه في سننه ، والحاكم صححه في مستدركه ، وابن حبان أخرجه في صحيحه ، والألباني أورده في سلسلته الصحيحة . قال الألباني بعد أن حكم بصحة هذا الحديث : فمن العجيب حقا أن يتجرأ شيخ الإسلام ابن تيمية على إنكار هذا الحديث وتكذيبه في منهاج السنة 4 / 104 . ثم قال : فلا أدري بعد ذلك وجه تكذيبه للحديث ، إلا التسرع والمبالغة في الرد على الشيعة ( 8 ) .
وأما من ناحية دلالة الحديث فهو واضح كما مر ، وأما قوله : بل هو في حياته وبعد مماته ولي كل مؤمن ، فمراده أن المجئ بلفظ بعدي لغو ، وهذا صحيح إذا كان المراد به المحب والناصر ، فيكون أمير المؤمنين عليه السلام ولي كل مؤمن في حياة النبي صلى الله عليه وآله وسلم وبعد وفاته . لكنا بينا أن هذا المعنى غير مراد ، لما ذكرناه وذكره هو من المحذور ، وهو استلزام اللغوية في قوله : بعدي .
وقوله : ( وأما الولاية التي هي الإمارة فيقال فيها : والي كل مؤمن بعدي ) مردود بما سمعت من تصريح علماء اللغة بأن المولى والولي بمعنى واحد ، وبأن كل من ولي أمر واحد فهو وليه . فيكون كل من ولي أمر المسلمين وليهم ، وتكون الولاية بمعنى الإمارة ، فيصح أن يقال : ( ولي كل مؤمن ) بهذا المعنى .
وأما لزوم التعبير ب ( والي كل مؤمن ) للدلالة على هذا المعنى فهو غير صحيح ، وأهل اللغة يقولون : ( فلان والي البلد ) ، فتضاف كلمة ( والي ) إلى البلد ، ولا تضاف إلى المسلمين أو المؤمنين إلا من باب جواز الإضافة لأدنى ملابسة .
============================
(1) سنن الترمذي 5 / 633 ح 3713 قال الترمذي : هذا حديث حسن صحيح . سنن ابن ماجة 1 / 45 ح 121 ، صححه الألباني في صحيح ابن ماجة 1 / 26 ح 98 . المستدرك 3 / 109 ، 110 وصححه الحاكم ووافقه الذهبي . مسند أحمد بن حنبل 1 / 84 ، 118 ، 119 ، 152 ، 321 ، 4 / 281 ، 368 ، 370 ، 372 ، 5 / 347 ، 366 ، 419 . حلية الأولياء 4 / 23 ، 5 / 27 ، 364 . مجمع الزوائد 9 / 103 - 106 . كتاب السنة ، ص 590 - 596 . خصائص أمير المؤمنين ، ح 12 ، 24 ، 79 - 88 ، 93 - 96 ، 98 ، 99 ، 157 . المعجم الكبير للطبراني ح 4968 - 4971 ، 4983 ، 4985 ، 4986 ، 4996 ، 5058 ، 5059 ، 5065 ، 5066 ، 5068 ، 5071 ، 5092 ، 5096 ، 5097 ، 5128 . صحيح ابن حبان 15 / 375 ح 6931 . المصنف لابن أبي شيبة ح 32056 ، 32064 ، 32069 ، 32082 ، 32083 ، 320109 ، 32123 . الأحاديث المختارة ح 464 ، 479 ، 480 ، 481 ، 553 . مختصر إتحاف السادة المهرة 9 / 194 - 196 ح 7483 - 7492. وصححه جمع من أعلام أهل السنة ، منهم الترمذي كما مر ، والحاكم في المستدرك ، والذهبي في التلخيص وتاريخ الإسلام 2 / 629 ، والقاري في مرقاة المفاتيح 10 / 464 ، وابن حجر في الصواعق المحرقة ، ص 149 وقال : إن كثيرا من طرقه صحيح أو حسن . وابن عبد البر في الإستيعاب 3 / 36 ، والهيثمي في مجمع الزوائد 9 / 104 - 108 ، والبويصيري في مختصر إتحاف السادة المهرة ، والألباني في صحيح الجامع الصغير 2 / 1112 ، وسلسلته الصحيحة 4 / 343 وغيرهم . وعده السيوطي في ( قطف الأزهار المتناثرة ) ، ص 277 من الأحاديث المتواترة ، وكذا في ( نظم المتناثر ) ، ص 206 ، والزبيدي في ( لقط اللآلي المتناثرة ) ، ص 205 ، والحافظ شمس الدين الجزري في ( أسنى المطالب ) ، ص 5 ، والألباني في سلسلته الصحيحة 4 / 343 .
(2) راجع النهاية في غريب الحديث 5 / 228 . لسان العرب 15 / 409 . الصحاح 6 / 2529 القاموس المحيط ، ص 1209 كلها مادة ( ولي ) .
(3) النهاية في غريب الحديث 5 / 228 . لسان العرب 15 / 410 .
(4) المصدران السابقان .
(5) ابن ماجة 1 / 43 ح 116 . صححه الألباني في صحيح سنن ابن ماجة 1 / 26 ح 98 . مسند أحمد بن حنبل 4 / 370 ، فضائل الصحابة 2 / 682 . صحيح ابن حبان 15 / 375 ح 6913 . المصنف لابن أبي شيبة 6 / 376 ح 32123 . الأحاديث المختارة 2 / 173 ح 553 . سلسلة الأحاديث الصحيحة 4 / 331 قال : إسناده صحيح على شرط الشيخين . مجمع الزوائد 9 / 104 وقال : رواه البزار ورجاله رجال الصحيح غير فطر بن خليفة وهو ثقة . المعجم الكبير ح 5066 ، 5068 ، 5070 ، 5092 . كتاب السنة ح 1361 ، 1367 ، 1369 خصائص أمير المؤمنين ح 82 ، 84 ، 93 المستدرك 3 / 110 قال الحاكم : هذا حديث صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه . وسكت عنه الذهبي . البداية والنهاية 7 / 359 - 363 . مختصر إتحاف السادة المهرة ج 9 ح 7483 ، 7485 ، 7487 ، 7489 قال البويصيري في الأول : رواه بسند صحيح .
(6) سنن الترمذي 5 / 632 ح 3712 قال الترمذي : هذا حديث حسن غريب . خصائص أمير المؤمنين ، ص 109 ح 89 ، 90 . مسند أحمد بن حنبل 4 / 437 ، 5 / 356 . فضائل الصحابة 2 / 605 ح 1035 . مسند أبي داود الطيالسي ، ص 111 ح 829 . المصنف لابن أبي شيبة 6 / 375 ح 32112 . صحيح ابن حبان 15 / 373 ح 6929 . المستدرك 3 / 110 قال الحاكم : هذا حديث صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه . ولم يتعقبه الذهبي بشئ . حلية الأولياء 6 / 294 . الكامل في ضعفاء الرجال 2 / 145 . سلسلة الأحاديث الصحيحة 5 / 261 ح 2223 . البداية والنهاية 7 / 351 ، 356 ، 358 . مختصر إتحاف السادة المهرة 9 / 170 ح 7410 قال البو