شبكة الإمامين الحسنين عليهما السلام الثقافية

على أعتاب زيارة سيّد الشهداء عليه السلام

0 المشاركات 00.0 / 5

على أعتاب زيارة سيّد الشهداء عليه السلام

ضوء
إنّ ممّا أكّده رسول الله صلّى الله عليه وآله وأهلُ بيته عليهم السلام أمرَين مهمَّين، جاءت أهميّتُهما ممّا يترتّب عليهما من الآثار الدنيويّة والأخرويّة الطيّبة، وهما:
الأوّل ـ تعاهد مراقد الأولياء، من الرسُل والأنبياء، والأوصياء والأُمناء، عليهم أفضل الصلاة والسلام، إذ منها تعبق أنوار الهداية، ونسائم التوحيد والأخلاق والسيرة الطاهرة.
والأمر الثاني ـ استحضار حالة المعرفة لدى زيارة القبور، من التأمّل والاعتبار، واستلهام العلم والأخذ بالسنن الشريفة، والتفكّر في المصير والمآل، وأداء الشكر لأولياء الله لما بذلوه من التضحيات والجهود وتحمّل العناء حتّى وصلت إلينا الهداياتُ الإلهيّة الآخذةُ بالناس إلى مرضاة الله تعالى ونعيمه.
إذن ـ أيُّها الإخوةُ الأكارم ـ هنالك فوائدُ تترتّب على زيارة الأضرحة النيّرة.. فما هي يا تُرى ؟ أو ما هو بعضها في الأحرى؟
 

ثمار
إنّ أهميّة الزيارة والوفود على مراقد الأنبياء والأوصياء عليهم السلام، تأتي من توثيق الاعتقاد بالنبوّات والوصايات، والتمسّك بولاية النبيّ والأئمّة الهداة صلواتُ الله وسلامه عليه وعليهم، لأنّ الزيارة تمثّل حالةً من الارتباط الروحيّ بين الإمام والمأموم، كما تُترجِم التثبُّت على الولاء في صورةٍ عمليّة.
 روى الشيخ الصدوق في ( مَن لا يحضره الفقيه 577:2 ) عن الحسن بن عليّ الوشّاء أنّ الإمام الرضا عليه السلام قال: « إنّ لكلِّ إمامٍ عهداً في عُنُقٍ أوليائه وشيعته، وإنّ مِن تمام الوفاء بالعهد زيارةَ قبورِهم، فمَن زارهم رغبةً في زيارتهم، وتصديقاً بما رغّبوا فيه، كان أئمّتُهم شفعاءَهم يوم القيامة ».
 وفي خصوص زيارة الإمام الحسين عليه السلام وردت رواياتٌ عديدة تذكر الفضائل وتُشير إلى الثمار العاجلة والآجلة معاً، مِن ذلك ما رواه ابن قُولويه في ( كامل الزيارات ص 150 ) عن الإمام محمّد الباقر عليه السلام أنّه قال: « مُرُوا شيعتَنا بزيارةِ قبر الحسين عليه السلام؛ فإنّ إتيانه يَزيدُ في الرزق، ويَمدُّ في العمر، ويدفع مَدافعَ السُّوء. وإتيانُه مفترضٌ على كلِّ مؤمنٍ يُقرُّ للحسينِ بالإمامة مِن الله ».
أجَل.. فتتحقّق عقيدةُ المؤمن في الواقع من خلال زيارة قبر السبط الشهيد أبي عبدالله الحسين سَلامُ اللهِ عليه، وتكون أكثر رسوخاً وقد انسجم العقل والقلب كلاهما حول الإمامة، وانعقدا على الدليل العلميّ في عاطفةٍ ولائيّة مقدّسة مقرونةٍ باستحضار آيات الولاية وأحاديثها. وهنا يرتاح ضمير المؤمن لِما قد أصاب من الحقّ، ولِما بلغ من نوال مرضاة الله ورسوله.
وأمّا الثمارُ الأخرى فهي محصّلةٌ أخرى مُقْبِلةٌ على الزائر وإن لم ينتظرها، من: الرزق الطيّب.. المعنويّ والماديّ، الروحيّ والبدنيّ، الدنيويّ والأُخرويّ، ومِن مَدّ العمر ليواصل فيه المؤمن مزيدَ البذل في طاعة الله تبارك وتعالى. وقد جاء عن الإمام السجّاد زين العابدين عليِّ بن الحسين عليهما السلام في دعائه يومَ الثلاثاء: « وآجعَلِ الحياةَ زيادةً لي في كلِّ خير »، وفي دعائه في مكارم الأخلاق من صحيفته السجّاديّة المباركة: « وعَمِّرْني ما كانَ عُمري بِذْلةً في طاعتِك ».
ومن ثمار الزيارة أيضاً: دَفع عوادي السُّوء عن الزائر، فيقيه الله تعالى الغفلةَ والفُجاءة، ويختم له بخيرٍ وحُسن عاقبة، ووفاةٍ على ولاءِ محمّدٍ وآل محمّد دون شكوكٍ ووساوس وشبُهات. وأيُّ نِعَمٍ هذه يا تُرى ينالُها المحبُّ الموالي وهو يسعد ويتشرّف بزيارة وليّ الله سيّد شباب أهل الجنّة سلامُ الله عليه، تلك الزيارة التي يختلط فيها مع الأرواح الطاهرة النازلة الوافدة على القبر المبارك، فقد ورد عن الإمام جعفر الصادق عليه السلام هذانِ الحديثان الشريفان:
ـ « ليس مِن مَلَكٍ ولا نبيٍّ في السماوات، إلاّ وهُم يسألونَ اللهَ أن يأذنَ لهم في زيارة قبر الحسين عليه السلام، فَفَوجٌ يَنزِل، وفوجٌ يَعرُج » ( الكافي للكليني 588:4 / ح 6 ).
ـ « ما بينَ قبر الحسين عليه السلام إلى السماء مُختلَف الملائكة » ( كمال الدين للصدوق 672:2 ).
 وكم يشتاق الناس إلى نعيم الآخرة وهم يغفلون عن بعضه في الدنيا يكون بين أيديهم وهم غافلون، فقد جاء عن رسول الله صلّى الله عليه وآله أنّه قال يوماً لأصحابه: « بادِروا إلى رياض الجنّة »، فقالوا: وما رياضُ الجنّة ؟ قال: « حَلَقُ الذِّكْر » ( بحار الأنوار للشيخ المجلسي 202:1 ).
وزيادة النبيّ وأئمّة الهدى صلوات الله عليهم هي عبادة وهي ذِكْر، وأضرحتُهم هي مواطن الرحمة والنعيم والبركات وهناء الأرواح، وقد روى إسحاق بن عمّار عن الإمام الصادق عليه السلام قوله: « وموضعُ قبره ـ أي قبر الحسين عليه السلام ـ مِن يومِ دُفن روضةٌ مِن رياض الجنّة » ( الكافي 588:4 / ح 6 ).
 

تَلازُم
في الإسلام الحنيف مستلزمات ومقتضيات، منها اقتران أداء الصلاة بإيتاء الزكاة، ومنها تلازم الإيمان بالعمل الصالح، ومنها أيضاً التعاضد الضروريّ بين النبوّة والإمامة، فمَن أحبَّ رسول الله صلّى الله عليه وآله فلابدَّ أن يُحبَّ أهل بيته عليهم السلام، وإلاّ كان كاذباً منافقاً، ومَن والاه اقتضى الأمرُ أن يُواليَ الأئمّة مِن بعده وإلاّ كان مغالطاً ومخالفاً ونائياً عمّا أمر به النبيّ صلّى الله عليه وآله.
 روى العالم الحنفيّ الشيخ سليمان القندوزي في كتابه ( ينابيع المودّة لذوي القربى 53:1 ) أنّ رسول الله صلّى الله عليه وآله قال: « يا عليّ، أنت وصيّي ووارثي، وأبو وُلدي وزوجُ ابنتي، أمرُك أمري، ونَهْيك نَهْيي... وإنّ الله تبارك وتعالى خلقني وخلَقَك مِن نوره، واصطفاني واصطفاك، فاختارني للنبوّةِ واختارك للإمامة، فمَن أنكر إمامتَك فقد أنكر نبوّتي!».
ورسولُ الله صلّى الله عليه وآله هو الذي عرّف بمقام الإمام الحسين عليه السلام وفضائله ومناقبه، وأنّه الإمام أبو الأئمّة، وأنّه سيّدُ شباب أهل الجنَّة، بل وقال: « حسينٌ مِنّي وأنا مِن حسين » روى ذلك المسلمون على اختلاف مشاربهم. وكذا دعا صلّى الله عليه وآله إلى نُصرة الحسين ومحبّته، وزيارته بعد شهادته، فتكون زيارته استجابةً لما دعا إليه الرسول الكريم صلّى الله عليه وآله، وتلك عبادة، وتكون تحقيقاً لتقديم أجر الرسالة من خلال المودّة، والله تعالى هو القائل عزّ مِن قائل:  قُلْ لا أسأَلُكُم عَلَيهِ أَجْراً إلاَّ المودّةَ في القُربى  [ الشورى:23 ]، والحسين الشهيد صلواتُ الله عليه هو أحد القربى ومِن أقرب القربى، ويَخيب مَن يجفوه أو يستكبر عن زيارته ولو مِن البُعد، صلةً بالمصطفى، ونوالاً لعملٍ صالحٍ من الباقيات، وإرضاءً للضمير، ووفاءً لصاحب التضحيات العظمى في حقّ الدين ومن إجل إسعاد المسلمين، وإصابةً لأسباب السعادة، وقد بشّر بها الإمامُ الحسين عليه السلام نفسُه مُخبراً مُنبِئاً: « أنا قتيلُ العَبرة،.. وحقيقٌ على اللهِ أن لا يأتيَني مكروبٌ إلاّ وأقْلِبُه إلى أهله مسروراً » ( ثواب الأعمال للشيخ الصدوق:98 )، كما بشّر بعده الإمام الصادق عليه السلام قائلاً: « مَن أتى قبرَ الحسين عليه السلام كتبَه اللهُ في عِلِّيِّين » ( كامل الزيارات لابن قُولويه:148 ).

أضف تعليقك

تعليقات القراء

ليس هناك تعليقات
*
*

شبكة الإمامين الحسنين عليهما السلام الثقافية