شبكة الإمامين الحسنين عليهما السلام الثقافية

محبّة الحسين عليه السّلام وموقع عاشوراء لدى الأكراد الشوافع في كردستان الإيرانيّة

0 المشاركات 00.0 / 5

محبّة الحسين عليه السّلام وموقع عاشوراء لدى الأكراد الشوافع في كردستان الإيرانيّة

المقدّمة
خلّف الأكراد ميراثاً هامّاً من الاعتقادات والسلوكيّات والخصائص التي امتازوا بها، ويرتبط قسم كبير من هذا التراث الثقافي بالميراث الديني والمذهبي والعقائدي.
لقد جرّب أسلاف الأكراد الحاليّين قبل طلوع فجر الإسلام عبادة الشمس، واتّبعوا تعاليم إله الخير. ثمّ أشرق عليهم الإسلام ديناً لجميع أفراد البشر، فاختاروا التشرّف بالانتماء إليه طواعيةً منذ القرن الأوّل للهجرة، وعُرفوا بالاستقامة والتضحية في سبيل نشر تعاليم الدين الإسلاميّ الحنيف. وقد ورث الأكراد الشوافع مآثر أسلافهم طوال القرون الأربع عشرة الماضية في المجالات العلميّة والثقافية والفنّيّة، وكانوا يفتخرون بالتسابق في خدمة هذا الدين المقدّس.
وفي هذا السياق تخصّص هذه المقالة لموضوع مودّة أهل البيت عليهم السّلام لدى الطائفة الكرديّة عموماً، والأكراد الشوافع خصوصاً، وإلى بيان الانعكاسات التي خلّفها حبّ أهل البيت عليهم السّلام في الأدب الكردي، ثمّ تتعرّض إلى بيانٍ لمراسم إقامة العزاء خلال شهر المحرّم في مناطق كردستان.
 

رسالة بخطّ الإمام الحسين عليه السّلام في كردستان
عُرف الأكراد بإخلاصهم ووفائهم لأهل البيت عليهم السّلام، وقد انعكست هذه الحقيقة الثابتة ـ وباستمرار ـ في الآثار الأدبيّة والفنّيّة والثقافيّة التي تمثّل التراث الأصيل للأكراد. ويستطيع الباحث بأدنى جهد أن يعثر على الكثير من الشواهد والقرائن التي تعزّز هذه المقولة وتدعمها، نظراً لوجود ذخائر كثيرة أدبيّة وفنّيّة، ولكثرة أماكن الزيارة ومراقد السادة الأطياب من سلالة أهل البيت عليهم السّلام.
ولعلّ من أهم السمات البارزة للأكراد نزعتهم الشديدة إلى التحرر ووقوفهم في وجه الظلم بمختلف صوره، وهي سمة ساهمت في تعزيزها نظرة الأكراد إلى سيّد الأحرار وأُباة الضيم: أبي عبدالله الحسين عليه السّلام، باعتباره الإمام القدوة والنموذج المُحتذى في نشدان الحريّة من قيود الطُغاة ورفض الظُلم بكلّ عناوينه وصوره.
وتحتفظ عائلة كرديّة شافعيّة في مدينة ( سَنَنْدَج ) بإيران برسالة منسوبة إلى الإمام الحسين بن عليّ عليه السّلام، مدوّنة بالخطّ الكوفي ( بدون تنقيط )، ولعلّ تاريخها يرجع إلى وقائع سنة 61هـ. ويحتمل الأكراد الشوافع أن تكون الرسالة المذكورة قد أرسلها الإمام الحسين عليه السّلام إلى أحد أنصاره الأكراد يومذاك.
وعلى أيّة حال، فإنّ احتفاظ الأكراد بهذه الرسالة طوال هذه المدّة يدلّ في حدّ ذاته على المودّة والاحترام العميقَين اللذين يُكنّهما الأكراد لإمامهم الحسين عليه السّلام.
وقد خلّف الأدباء الأكراد في رثاء الإمام الحسين عليه السّلام، وفي التعبير عن الوقع الأليم الذي تركته عاشوراء في قلوبهم، خلّفوا آثاراً أدبيّة عُدّت من الأدلّة البارزة على التلاحم العميق بين الأكراد وبين سائر المسلمين.
 

الأكراد وعقائدهم الدينيّة وتقاليدهم الموروثة
عُرفت كردستان منذ القِدم بأنّها أرض الإيمان بالله تعالى وتوحيده، وعلى أساس الشواهد التاريخيّة والآثار الموجودة فإنّ الأكراد عُرفوا على الدوام بنزعتهم إلى الحقّ وبمجاهداتهم في سبيل الله عزّوجلّ وإعلاء كلمته.
ويعتقد بعض المستشرقين أنّ كردستان كانت قبل ظهور الإسلام إحدى المراكز المهمّة لعبادة الشمس ومن مركز الدين الزرادشتيّ، ويستشهدون على هذه المقولة بجملة من الشواهد في الميراث الثقافيّ الكرديّ وبطائفة العقائد الدينيّة والشواهد التاريخيّة.
ومن الشواهد الماثلة على الحياة الإسلاميّة العميقة في هذه المنطقة وجود العرفاء والصالحين، والمساجد والتكيات والحسينيّات ومراقد الصالحين التي تنتشر في أرجاء أرض كردستان.
ومن أهمّ البواعث على المودّة التي يكنّها الأكراد الشوافع لأهل البيت عليهم السّلام القول المشهور للشافعيّ إمام مذهبهم في إظهار المودّة تجاه أهل البيت عليهم السّلام ( 150 ـ 204 هـ ) في قصيدته المشهورة في رثاء الإمام الحسين الشهيد عليه السّلام، التي يقول فيها:

تـأوّه قلـبـي والــفـؤادُ  كئيبُ

 

وأرَّق نومـي فــالسُّـهادُ عجيبُ

فمَـن مُبلغٌ عـنّي الحسينَ رسـالةً

 

وإن كَـرِهَتْـها أنفُــسٌ وقلـوبُ

ذَبيحٌ بـلا جُـرمٍ كـأنّ   قميصَـهُ

 

صَبيـغٌ بمـاءِ الأُرجـوانِ خضيبُ

فللسـيفِ إعـوالٌ وللـرمحِ  رَنّـةٌ

 

وللخيلِ مـن بعـد ِ الصهيلِ نَحيبُ

تَـزلَـزلتِ الـدنيـا لآلِ محـمّـدٍ

 

وكادَت لهـم صُـمُّ الجبـالِ تَذوبُ

وغارَت نجومٌ، واقشعـرّت  كواكبٌ

 

وهُتّـك أستـارٌ، وشُـقّ  جُيـوبُ

يُصلّى على المبـعوثِ مِن آلِ هاشمٍ

 

ويُغـزى بَنـوهُ.. إنّ ذا  لَعجـيبُ!

لئـن كـانَ ذنبـي  حُبُّ آل  محمّدٍ

 

فـذلك ذنبٌ لسـتُ  منـه  أتـوبُ

هُمُ شُفعائي يوم  حشـري وفـاقتي

 

إذا ما بَدَت للناظريـن خُطوبُ (1)

وفي قصيدته المشهورة التي يقول فيها:

يا راكباً قِف بالمحصَّب من مِنى

 

واهتفْ بساكِن خِيفها والنـاهضِ

سَحَراً إذا فاضَ الحجيجُ إلى مِنى

 

فَيضاً كمُلْتطَمِ الفـراتِ الفـائضِ

إن كـان رَفْضـاً حُبُّ آل محمّدٍ

 

فلْيَشهَدِ الثَّقَـلانِ أنّي رافضي (2)

ويُعتقد أن المذهب الشافعيّ من أقرب المذاهب السنيّة الأربعة إلى مذهب شيعة أهل البيت عليهم السّلام.
ومن الأسباب الأخرى التي روّجت أمر مودّة أهل البيت عليهم السّلام لدى الأكراد الشوافع: الهجرة التي قام بها أبناء الأئمّة عليهم السّلام وسلالتهم من السادة الحسنيّين والحسينيّين إلى كردستان، الأمر الذي أعقب توطيد الوشائج العاطفيّة بين الأكراد وبين أهل البيت عليهم السّلام.
وقد جاء في التواريخ أنّ مذهب الاعتزال قد راج في عصر خلفاء بني العبّاس، فاعتنقه بعض الخلفاء وأرغموا الناس على اعتناقه، وعرّضوا مَن يخالفهم فيه لمختلف أنواع الضغوط والاضطهاد. وقد نُقل أنّ الشافعيّ استُدعي يوماً إلى المحكمة فسُئل عن رأيه في خَلْق القرآن ( وكان الخلفاء يقولون بأنّ القرآن مخلوق، ويعذّبون من يقول بقِدَم القرآن )، فلجأ الشافعيّ إلى التورية وقال: التوراة والإنجيل والزبور والقرآن؛ ثمّ رفع أصابعه فأشار إليها وقال: هذه الأربعة مخلوقة!. فأوهم القاضي أنّه يقصد بالمخلوقية الكتب السماويّة، في حين كان يقصد أصابعه الأربع أنّها مخلوقة.
ونتيجةً للظلم المتفشّي الذي تعرّض له مخالفو الحكّام العبّاسيّين، آثر بعض أبناء الأئمّة وأحفادهم الهجرة إلى المناطق النائية عن عاصمة الحكومة، فاختار بعضهم كردستان لوقوعها في منطقة جبليّة يعسر على عمّال بني العبّاس وجيوشهم الوصول إليها، فحطّوا رحالهم في قرى ومدن كردستان.
ثمّ إنّ أهالي كردستان لمّا تعرّفوا على هؤلاء المهاجرين وعرفوا بانتمائهم إلى أهل البيت عليهم السّلام، أحسنوا معاملتهم وأجَلّوهم وأفادوا من أحاديثهم وتعاليمهم، واقتبسوا من أنوارهم.
وقد ساهمت روابط المصاهرة بين هؤلاء السادة الأجلاّء وبين الأكراد في تنمية المودّة والاحترام اللذين يُكنّهما الأكراد لهؤلاء السادة المهاجرين.
وقد رحلت طائفة من ذريّة الإمام موسى الكاظم عليه السّلام إلى سنندج وأورامان فأقاموا فيهما، ومن هؤلاء السادة أربعة من إخوة الإمام الرضا عليه السّلام.
 

السادة المدفونون في اردلان واورامان الكرديّة
1 ـ السلطان عبيدالله ابن الإمام الكاظم عليه السّلام. مدفون في قرية « هجيج » من قرى أورامان الكرديّة، على ضفاف نهر سِيْروان، على الطريق بين مَرِيْوان وباوَة.
2 ـ هاجَر خاتون بنت الإمام الكاظم عليه السّلام، مدفونة في بداية محلّة « تبولة » في مدينة سَنَندج.
3 ـ السيّد إسماعيل المحدّث ابن الإمام الكاظم عليه السّلام، وهو الجدّ الأعلى للسادات البَرَزنجيّة في كردستان. ويقع مرقده في قرية « اسبريز » من قرى أورامان الكرديّة.
4 ـ السيّد حمزة النجّار ابن الإمام الكاظم عليه السّلام، مدفون في قرية « نجّار » من قرى أورامان الكرديّة.
5 ـ السيّد پير عمر، ويتّصل نسبه خلال ثلاث وسائط بالإمام عليّ بن الحسين زين العابدين عليه السّلام، وهو مدفون في مدينة سنندج.
6 ـ السيّد پير محمّد ابن السيد پير عمر، وهو مدفون في الجانب الشرقيّ من مدينة سنندج.
وهناك طائفة كثيرة من السادات من أحفاد الإمام الحسن المجتبى عليه السّلام والإمام الحسين عليه السّلام، ممّن هاجروا إلى كردستان وتُوفّوا فيها فأضحت مراقدهم وقبورهم مزاراً للمسلمين الأكراد الذين يكنّون أسمى مشاعر الإجلال والاحترام لسُلالة النبيّ المصطفى صلّى الله عليه وآله وعترته الطاهرة.
 

الأكراد وواقعة عاشوراء
ومن البواعث التي أدّت إلى زيادة تعلّق الأكراد بأهل البيت عليهم السّلام: المقام الرفيع والشخصيّة الفريدة لسيّد الشهداء الإمام الحسين بن علي عليهما السّلام وثورته التاريخيّة سنة 61هـ على مظاهر الانحراف والظلم، وإنكاره على مَن أراد اغتيال الدين الحنيف ومصادرة الرسالة والتلاعب بمقدّرات المسلمين. وكيف لا يحزن المسلم وهو يقارن بين إمام عُجنت روحه بالفطرة الإلهيّة، وتباشرت بولادته ملائكة السماء، وسمّاه ربّ العرش في عليائه، وذاب خاتم الأنبياء في حبّه، حتّى قال: أنا من حسين، وحسينٌ منّي (3)، وبين حاكم فظّ غليظ تربّى في جحور النصارى واشتُهر بمعاقرة الخمرة واللعب بالقرود والفهود؛ ثمّ يشاهد الخاتمة الأليمة المفجّعة التي آلت إليها واقعة الطفّ، من حزّ طَغامِ بني أميّة لرقاب الأطهار من بني هاشم وأنصارهم، ورفعهم رؤوسَهم على الرماح العَوالي، يفتخرون بقَتل سبط الرسول صلّى الله عليه وآله الذي بكت السماء لمقتله دماً (4). وكيف لا يتأثرّ المسلم الغيور وهو يسمع بسبي بنات الرسالة وعقائل الهاشميّين وحملهنّ من بلدٍ إلى بلد يتصفّح وجوهَنّ القريب والبعيد!
وكيف لا يُعلن المرء موقفه الصريح في الانحياز إلى جانب الحقّ الصُّراح، مع أنّه يسمع من رسول الله صلّى الله عليه وآله مقولته التي ما برحت تتردّد في مسامع الدهر، مخاطباً أمير المؤمنين عليّاً وفاطمة والحسن والحسين عليهم السّلام: أنا حربٌ لمن حاربكم، وسِلم لمن سالمكم (5). ومقولته: الحسن والحسين ابنيَّ، مَن أحبّهما أحبّني، ومن أحبّني أحبّ الله، ومَن أحبّه الله أدخله الجنّة؛ ومَن أبغضهما أبغضني، ومن أبغضني أبغضه الله، ومن أبغضه الله أدخله النار على وجهه (6).
ومن هنا دأب المسلمون الأكراد السنّة منذ قرون عديدة إقامة مراسم العزاء وإظهار الحزن والتفجّع كلّما هَلّ عليهم هلال الشهر المحرّم، مشاركين في التوجّع والتلهّف إخوانَهم الأكراد الشيعة، ويُقيمون العزاء لمصيبة فَقْد الحسين عليه السّلام وأهل بيته وأنصاره.
وقد راجَ في إيران في العصر القاجاري ـ وبخاصّة في عصر ناصر الدين شاه ـ إقامة مراسم العزاء منذ بداية المحرّم إلى نهاية شهر صفر، حيث يجتمع الناس في الحسينيّات والتكيات ومنازل الأعيان في مختلف مدن إيران، فيذكرون مصيبة قتل سيّد الأحرار الإمام الحسين عليه السّلام، ويذرفون لمقتله الدموع، ويلطمون صدورهم توجّعاً لفقده.
وقد ساهم في رواج إقامة مراسم العزاء على الحسين الشهيد عليه السّلام في كردستان أردلان ـ سَنَندج وتوابعها خلال العصر القاجاريّ ـ إضافة إلى الدوافع العقائديّة، أمران:
أحدهما: أنّ عدّة نفر من الولاة من الأكراد في أردلان كانت لهم علاقات مصاهرة مع بلاط ناصر الدين شاه، وقد اعتنق هؤلاء الولاة مذهب أهل البيت عليهم السّلام، ممّا ساهم في اهتمامهم بإقامة مراسم العزاء في المحرّم حزناً على مصابهم بسيّد الشهداء عليه السّلام. ومن جملة هؤلاء: أمان الله خان الثاني الملقّب بـ « غلام شاه خان » والي أردلان، وكان لهم مساعٍ حميدة في إقامة مراسم العزاء في مدينة سنندج.
وثانيهما: هجرة عدّة أسر من الشيعة إلى مدينة سنندج، حيث شارك رجال الشيعة في إقامة المراسم في هذه المدينة خلال شهر المحرّم. ومن رجالات الشيعة البارزين في دار الولاية في كردستان خلال العصر القاجاريّ: الأمير أبو طالب التاجر الاصفهاني ( 1184 ـ 1294 هـ )، وكان قد قدم إلى سنندج بناء على دعوة وجّهها إليه أمان الله خان الأوّل والي كردستان الكبير. وقد كان للأمير أبي طالب جهود كبيرة في مسائل الإعمار والبناء ولا تزال بعض تلك الأبنية التاريخيّة التي تُعدّ من الميراث في سنندج قائمة إلى يومنا هذا. وقد دُفن الأمير أبو طالب في النجف الأشرف إلى جوار مرقد الإمام أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب عليه السّلام.
 

تجلّي المحرّم في الأدب الكرديّ
خلّفت واقعة كربلاء الدمويّة الأليمة بصماتها الحزينة في الأدب الكرديّ. وقد تأثّر الأكراد، شأنهم في ذلك شأن كلّ الأمم الحيّة التي تهتزّ ضمائر أبنائها للفجائع التي تعرّض لها سيّد أُباة الضيم: الحسين الشهيد عليه السّلام ومعه أهل بيته الأطهار وأصحابه وأنصاره التقاة الأبرار.
ومن هنا وجدنا انعكاس هذا التأثّر القلبيّ العميق واضحاً في الجوانب المختلفة للأدب الكرديّ والفنون الكرديّة، حيث جسّد الأكراد بضمائرهم الحيّة النابضة هذه الملحمة المأساويّة في تاريخ الإسلام، وأنشد شعراؤهم الأشعار في رثاء الإمام الحسين بن عليّ عليهما السّلام وأصحابه الأوفياء، بحيث نجد معالم مأتم أهل البيت عليهم السّلام شاخصةً تلوح أعلامها في الأشعار الكلاسيكيّة والأدب التراثيّ الكرديّ، وهو شاهد حيّ على أصالة هذا الحزن في قلوب الأكراد وامتداده إلى القرون الإسلاميّة الأولى. ويلوح من دواوين الشعراء الأكراد ـ وبخاصّة الأكراد الشوافع ـ أنّ واقعة كربلاء الأليمة تركت بصماتها وانطباعاتها المُرّة الممتدّة في خواطر وأفكار الشعب الكرديّ، وتجلّت من ثَمّ في نتاجات شعرائهم وفنّانيهم من محبّي أهل البيت عليهم السّلام، ونشير الآن بإجمال لذكر مراثي السبط الشهيد عليه السّلام في آثار الشعراء الأكراد.
 

المولوي كرد وحبّ الإمام الحسين عليه السّلام
السيّد عبدالرحيم المولوي كرد ( 1221 ـ 1300 هـ ) أحد العرفاء المشهورين والعلماء الأعلام البارزين في مجال الكلام الإسلاميّ، وهو معدود في شعراء وأدباء أورامان كردستان. ويرجع نسبه إلى سلسلة السادة الحسينيّين، وهو من أحفاد العارف الجليل السيّد محمّد الزاهد المعروف بـ « بير خضر الشاهويي ».
والمولوي كرد من أتباع الطريقة النَّقشبنديّة، وهو أحد خلفاء الشيخ عثمان سراج الدين النقشبندي ( 1195 ـ 1283 هـ ) وتُعدّ أشعاره العرفانيّة البديعة في الأدب الكرديّ في مصافّ غزليّات الشعراء المشهورين من أمثال حافظ الشيرازيّ في الأدب الفارسيّ.
يحوي ديوان شعر المولوي كرد ـ وهو باللغة الكرديّة الأورامانيّة ـ أبياتاً جميلة طافحة بالولاء والمحبّة لأهل البيت عليهم السّلام. ولهذا الشاعر مرثية اسمها « عاشوراء » تنطق بالأحاسيس القلبيّة الصادقة التي تموج بها صدور الأكراد تجاه واقعة عاشوراء التاريخيّة. وقد سعى الشاعر ـ وقد فقد زوجته السيّدة عنبر خاتون حديثاً ـ إلى التسلّي بذكر مصائب أهل البيت عليهم السّلام، وفي اعتبار أن حزنه لفقد زوجته هو جزء وامتداد من حُزنه لفقد الأحبّة في كربلاء، فنراه يشبّه الموت الذي خطف منه زوجتَه بيزيد الطاغية. لنستمع إلى قصيدته التي يقول فيها ( ما تعريبه ):
حَلّ المحرّم، وتجدّدت معركة أخرى، فَقَدتُ فيها المؤتمَنَ على الأسرار.
لقد أضحت ( زوجتي ) في صحراء العدم، وأضحيتُ في كربلاء المأتم.
أسَرَ يزيدُ الموتِ زوجتي، وأسَرَني ابنُ زيادِ الغمِّ والحزن.
فوا مصيبتاه! مَن يدري ؟ لَعَلّي إذا بَزَغت الشمس غداً أضحى كالحسين عليه السّلام، يُفرَّق بين رأسي وبدني!
ونشير هنا أيضاً إلى مرثية لآل عليّ عليهم السّلام للشيخ رضا الطالبانيّ ابن الشيخ عبدالرحمن خالص الكركوكي ( 1254 ـ 1327 هـ )، وإلى شعر في محبّة الإمام الحسين عليه السّلام وولائه للشيخ رضا كرد.


1 ـ بحار الأنوار للمجلسيّ 253:45، نقلاً عن المناقب لابن شهرآشوب.
2 ـ بحار الأنوار 235:23، نقلاً عن مفاتيح الغيب للرازي.
3 ـ مناقب آل أبي طالب لابن شهرآشوب 71:4.
4 ـ انظر: المعجم الكبير للطبراني 127:3 / ح 2856؛ ترجمة الإمام الحسين عليه السّلام في تاريخ ابن عساكر 242 / ح 289، مناقب آل أبي طالب لابن شهرآشوب 54:4.
5 ـ مسند أحمد 442:2 / ح 9405؛ المستدرك للحاكم 149:3.
6 ـ انظر: المستدرك للحاكم النسيابوري 166:3؛ كفاية الطالب للكنجي الشافعي 422.

أضف تعليقك

تعليقات القراء

ليس هناك تعليقات
*
*

شبكة الإمامين الحسنين عليهما السلام الثقافية