شبكة الإمامين الحسنين عليهما السلام الثقافية

دلالة آية المباهلة على إمامة عليّ (عليه السلام)

0 المشاركات 00.0 / 5
أمّا وجه الدلالة في هذه الاية المباركة، بعد بيان شأن نزولها وتعيين من كان مع النبي في تلك الواقعة، دلالة هذه الاية على إمامة علي من أين ؟ وكيف تستدلّون أيّها الاماميّة بهذه الاية المباركة على إمامة علي ؟
فيما يتعلّق بإمامة أمير المؤمنين في هذه الاية، وفي الروايات الواردة في تفسيرها، يستدلّ علماؤنا بكلمة: (وأنفسنا) ، تبعاً لائمّتنا (عليهم السلام).
ولعلّ أوّل من استدلّ بهذه الاية المباركة هو أمير المؤمنين (عليه السلام)نفسه، عندما احتجّ في الشورى على الحاضرين بجملة من فضائله ومناقبه، فكان من ذلك احتجاجه بآية المباهلة، وهذه القصّة، وكلّهم أقرّوا بما قال أمير المؤمنين، وصدّقوه في ما قال، وهذا الاحتجاج في الشورى مروي أيضاً من طرق السنّة أنفسهم(1) .
وأيضاً هناك في رواياتنا(2) أنّ المأمون العباسي سأل الامام الرضا (عليه السلام) قال: هل لك من دليل من القرآن الكريم على إمامة علي، أو أفضليّة علي ؟ السائل هو المأمون والمجيب هو الامام الرضا (عليه السلام).
المأمون كما يذكرون في ترجمته كما في تاريخ الخلفاء للسيوطي وغيره(3) أنّه كان من فضلاء الخلفاء، أو من علماء بني العباس من الخلفاء، طلب المأمون من الامام أن يقيم له دليلاً من القرآن، كأنّ السنّة قد يكون فيها بحث، بحث في السند أو غير ذلك، لكن لا بحث سندي فيما يتعلّق بالقرآن الكريم، وبآيات القرآن المجيد.
فذكر له الامام (عليه السلام) آية المباهلة، واستدلّ بكلمة: (وأنفسنا) .
لانّ النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) عندما أُمر أنْ يخرج معه نساءه، فأخرج فاطمة فقط، وأبناءه فأخرج الحسن والحسين فقط، وأُمر بأن يخرج معه نفسه، ولم يخرج إلاّ علي، وعلي نفس رسول الله
____________
(1) ترجمة أمير المؤمنين من تاريخ دمشق 3 / 90 الحديث 1131.
(2) الفصول المختارة من العيون والمحاسن: 38.
(3) تاريخ الخلفاء: 306.
بحسب الروايات الواردة بتفسير الاية، كما أشرنا إلى مصادر تلك الروايات، ولم يخرج رسول الله إلاّ عليّاً، فكان علي نفس رسول الله، إلاّ أن كون علي نفس رسول الله بالمعنى الحقيقي غير ممكن، فيكون المعنى المجازي هو المراد، وأقرب المجازات إلى الحقيقة يؤخذ في مثل هذه الموارد كما تقرّر في كتبنا العلمية، فأقرب المجازات إلى المعنى الحقيقي في مثل هذا المورد هو أن يكون علي مساوياً لرسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، إلاّ أنّ المساواة مع رسول الله في جميع الجهات وفي جميع النواحي حتّى النبوّة ؟ لا.
فتخرج النبوّة بالاجماع على أنّه لا نبي بعد رسول الله، وتبقى بقيّة مزايا رسول الله، وخصوصيات رسول الله، وكمالات رسول الله، موجودةً في علي بمقتضى هذه الاية المباركة.
من خصوصيّات رسول الله: العصمة، فآية المباهلة تدلّ على عصمة علي بن أبي طالب قطعاً.
من خصوصيّات رسول الله: أنّه أولى بالمؤمنين من أنفسهم، فعلي أولى بالمؤمنين من أنفسهم كرسول الله قطعاً.
من خصوصيّات رسول الله: أنّه أفضل جميع الخلائق، أفضل البشر والبشريّة، منذ أن خلق الله سبحانه وتعالى العالم وخلق الخلائق كلّها، فكان أشرفهم رسول الله محمّد بن عبدالله، وعلي كذلك. وسنبحث إن شاء الله في ليلة من الليالي عن مسألة تفضيل الائمّة على الانبياء، وسترون أنّ هذه الاية المباركة ـ وهناك أدلّة أُخرى أيضاً ـ تدلُّ على أنّ عليّاً أفضل من جميع الانبياء سوى نبيّنا (صلى الله عليه وآله وسلم).
فحينئذ حصل عندنا تفسير الاية المباركة على ضوء الاحاديث المعتبرة، حصل عندنا صغرى الحكم العقلي بقبح تقدّم المفضول على الفاضل، بحكم هذه الاحاديث المعتبرة.
وناهيك بقضيّة الاولويّة، رسول الله أولى بالمؤمنين من أنفسهم، وعلي أولى بالمؤمنين من أنفسهم.
وفي جميع بحوثنا هذه، وإلى آخر ليلة، سترون أنّ الاحاديث كلّها وإنْ اختلفت ألفاظها، اختلفت أسانيدها، اختلفت مداليلها، لكنّ كلّها تصبّ في مصب واحد، وهو أولويّة علي، وهو إمامة علي، وهو خلافة علي بعد رسول الله بلا فصل.
لابدّ وأنّكم تتذكّرون حديث الغدير: «ألست أولى بالمؤمنين من أنفسهم ؟ قالوا بلى، قال: فمن كنت مولاه فهذا علي مولاه».
نفس المعنى الذي قاله في حديث الغدير، هو نفس المفهوم الذي تجدونه في آية المباهلة، وبالنظر إلى ما ذكرنا من المقدّمات والممهّدات، التي كلّ واحد منها أمر قطعي أساسي، لا يمكن الخدشة في شيء ممّا ذكرت.

أضف تعليقك

تعليقات القراء

ليس هناك تعليقات
*
*

شبكة الإمامين الحسنين عليهما السلام الثقافية