شبكة الإمامين الحسنين عليهما السلام الثقافية

مقتطفات من حياة السيد محمد بن الإمام علي (عليه السلام) المعروف بابن الحنفية

0 المشاركات 00.0 / 5

مقتطفات من حياة

السيد محمد بن الإمام علي ( عليه السلام )

 المعروف بابن الحنفية  

 إعداد : شبكة الإمامين الحسنين (ع)

 ـ اسمه وكنيته ونسبه :

السيّد أبو القاسم ، محمّد ابن الإمام علي بن أبي طالب ( عليهم السلام ) ، المعروف بابن الحنفية ؛ لأنّ أُمّه ( خولة الحنفية ) كانت من بني حنيفة ، فغلبت عليه هذه النسبة .

هو من الطبقة الأولى من التابعين ، ولد بعد وفاة رسول الله ( ص ) .

أخباره :

كان السيّد محمّد من أعقل الناس وأشجعهم ، وكانت راية الإمام علي ( عليه السلام ) في حرب الجمل بيده ، فلما حمل على الجيش وحمل الناس خلفه ، طحن عسكر أهل البصرة .

 ثمَّ دفع الإمام الراية إلى محمد ، وقال : ( امح الأولى بالأخرى ، وهذه الأنصار معك ) ، وضمَّ إليه خزيمة بن ثابت ذا الشهادتين في جمع من الأنصار ، كثير منهم من أهل بدر ، وحمل حملات كثيرة أزال بها القوم عن مواقفهم وأبلى بلاءً حسناً (1) .

فقال خزيمة بن ثابت لعلي ( ع ) : " أما إنَّه لو كان غير محمد اليوم ، لافتضح . ولئن كنت خفت عليه الجبن وهو بينك وبين حمزة وجعفر ، لَمَا خفناه عليه ، وإن كنت أردت أن تعلمه الطعان ، فطالما علَّمته الرجال " .

وقالت الأنصار : " يا أمير المؤمنين ، لولا ما جعل الله تعالى للحسن والحسين ، ما قدمنا على محمد أحداً من العرب " . فقال علي (ع) : ( أين النجم من الشمس والقمر . اما إنَّه قد أغنى وأبلى ، وله فضله ) .

فقال خزيمة بن ثابت فيه :

 مـحمدُ مـا فـي عَـوْدِك اليومَ iiوَصْمَةٌ       ولا كـنت في الحرب الضروسِ iiمُعوَّدا
 أبـوك الـذي لـم يـركب الخيلَ 
iiمثلُه       عـلـيٌ  وسـمَّـاك الـنـبي مـحمدا
 فـلو كـان حـقاً مـن أبـيك 
iiخـليفةً       لـكنت  ولـكنَّ ذاك مـا لا يُـرى أبدا
 وأنــت بـحـمد اللهِ أطـولُ غـالبٍ       لـسـاناً  وأنـداها بـما مـلكتَ 
iiيـدا
 وأطـعـنهم  صـدرَ الـكميِّ 
iiبـرمحه       وأكـسـاهم  لـلـهام عـضباً iiمـهنَّدا
 ســوى  أخـويك الـسيدين 
iiكـلاهما       إمـام  الـورى والـداعيان إلى iiالهدى
 أبـى  اللهُ أن يـعطي عـدوَك 
iiمـقعداً       من الأرض أو في اللوح مرقىً ومصعدا

وقيل لمحمّد بن الحنفية ذات مرّة : " لِمَ يغرِّر بك أبوك في الحرب ، ولا يغرِّر بالحسن والحسين ( عليهما السلام ) ؟ " ، فقال : " إنّهما عيناه ، وأنا يمينه ، فهو يدفع عن عينيه بيمينه " (2) .

وفي أيّام ثورة المختار بالكوفة ، قام ابن الزبير ـ أيّام حكومته ـ بحبس السيّد محمّد ، وجمع من بني هاشم وأنصارهم ، بحجّة أنَّهم رفضوا مبايعته ، وكان يريد إحراقهم بالنار ، فأرسل ابن الحنفية رسالة إلى المختار يستنهض فيها الهمم ، ويطلب النصرة ، فأرسل المختار جيشاً من الكوفة .

وعندما دخل الجيش إلى مكّة ، رفع شعار : ( يَا لِثَارَاتِ الحُسين ) ، فقاموا بكسر السجن الذي كان فيه ابن الحنفية وأنصاره ، وقالوا له : " خلِّ بيننا وبين عدوَّ الله  ابن الزبير ، فقال لهم ابن الحنفية : " لا أستحلُّ القتال في حرم الله " (3) أي مكّة المكرّمة  .

ـ روايته أحداث الجمل :

 .... حدَّثني جعفر بن محمد ، عن أبيه ( عليهما السلام ) ، عن محمد بن علي ابن الحنفية ، قال :

كان اللواء معي يوم الجمل ، وكان أكثر القتلى في بني ضبة . فلمَّا انهزم الناس ، أقبل أمير المؤمنين ( عليه السلام ) ومعه عمار بن ياسر ومحمد بن أبي بكر ( رضي الله عنهما ) ، فانتهى إلى الهودج وكأنَّه شوك القنفذ ممَّا فيه من النَّبْل ، فضربه بعصا ، ثمَّ قال : ( هيه يا حميراء ، أردت أن تقتليني كما قتلت ابن عفان ؟! أبهذا أمرك الله أو عهد به إليك رسول الله ( صلَّى الله عليه وآله ) ) ، قالت : ملكت فاسجح . فقال ( عليه السلام ) لمحمد بن أبي بكر : ( انظر هل نالها شئ من السلاح ) (4) ... .

ـ مكانته :

كان من فضلاء التابعين ، حتّى ادّعى قوم فيه الإمامة ، وهم الملقّبون بـ ( الكيسانية ) ، وكان منهم السيّد الحميري في أوّل أمره ، وله في ذلك شعر معروف .

ـ مواعظه :

روي أنّه قال لبعض ولْده : " إذا شئتَ أن تكون أديباً ، فخذ من كل شيء أحسنه . وإن شئت أن تكون عالماً ، فاقتصر على فنٍّ من الفنون " .

وقيل لمحمّد بن الحنفية : من أدّبك ؟ قال : " أدّبني ربّي في نفسي ، فما استحسنته من أُولي الألباب والبصيرة ، تبعتهم به فاستعملته ، وما استقبحت من الجهّال ، اجتنبه وتركته مستنفراً ؛ فأوصلني ذلك إلى كنور العلم " (5) .

ـ تأبينه لأخيه الحسن ( عليه السلام ) :

ومن كلام محمد بن الحنفية على قبر أخيه الحسن ( عليه السلام ) ، رواه جماعة من أعلام القوم ، منهم : العلاَّمة المؤرِّخ شهاب الدين أحمد ، المعروف بابن عبد ربّه في العقد الفريد ( ج 2 / ص 6 / ط الشرفية بمصر ) ، قال : ووقف محمد بن الحنفية على قبر الحسن بن علي ( رضي الله عنهما ) ، فخنقته العبرة ، ثمَّ نطق فقال : " يرحمك الله أبا محمد ، فلئن عزَّت حياتك ، فلقد هدَّت وفاتك . ولنعم الروح روح ضمَّه بدنك ، ولنعم البدن بدن ضمه كفنك ، وكيف لا يكون كذلك وأنت بقية ولد الأنبياء ، وسليل الهدى ، وخامس أصحاب الكساء ، غذَّتك أكفُّ الحق ، وربيْتَ في حجر الإسلام ، فطِبْتَ حيَّاً وطِبْتَ ميِّتاً ، وإن كانت أنفسنا غير طيبة بفراقك ، ولا شاكة في الخيار لك " (6) .

ـ وصية الإمام علي ( عليه السلام ) به :

أوصى الإمام علي ( عليه السلام ) عند وفاته ، ولدَه الإمام الحسن ( عليه السلام ) بأخيه محمّد خيراً ، حيث قال : ( ... وأُوصيك بأخيك محمّد خيراً ، فإنّه شقيقك وابن أبيك ، وقد تعلم حبّي له ... ) (7) .

ـ أولاده :

إبراهيم ، جعفر الأكبر ، جعفر الأصغر ، الحسن ، عبد الله أبو هاشم ، عمر ، علي ، قاسم .

ـ أقوال العلماء فيه :

نذكر منهم ما يلي :

قال الشيخ الصدوق : كان محمّد مورداً لعطف أمير المؤمنين ( عليه السلام ) ، وشفقته وعنايته . وقد قال ( عليه السلام ) فيما قاله لرأس اليهود ، في حديث رواه الصدوق : ( فوالله ، ما منعني أن امضي على بصيرتي ؛ إلاًَّ مخافة أن يُقتل هذان ( وأومأ بيده إلى الحسن والحسين ( عليهما السلام ) ) فينقطع نسل رسول الله ( صلَّى الله عليه وآله ) وذرِّيته من أمته ، ومخافة أن يقتل هذا ، وهذا ( وأومى بيده إلى عبد الله بن جعفر ، ومحمد بن الحنفية ) ) (8) .

ـ وفاته :

تُوفِّي السيّد محمّد ( رضي الله عنه ) في اليوم الأوّل من المحرّم 81 هـ  في أيَّام عبد الملك بن مروان وعمره خمس وستون سنة .

واختلف المؤرّخون في مكان دفنه ، فمنهم مَن قال : دُفن بين مكّة والمدينة ، ومنهم مَن قال : دُفن في الطائف ، ومنهم مَن قال : دُفن في مقبرة البقيع .

 واختلفوا في أيِّ مكان تُوفِّي على ثلاثة أقوال :

أحدها : أَيْلَة .

والثاني : المدينة ، وصلَّى عليه أبان بن عثمان بإذن ابنه أبي هاشم ، ودُفن بالبقيع .

والثالث : الطائف .

ـــــــــــــــــــــ

1ـ أُنظر : معجم رجال الحديث : 17 / 54 ، وأعيان الشيعة : 9 / 435 .

2ـ شرح نهج البلاغة : 1 / 244 .

3ـ تاريخ الطبري : 4 / 545 .

4 ـ أمالي المفيد : 24 .

5ـ بحار الأنوار : 2 / 265 .

6 ـ إحقاق الحق للتستري : 11 /  178 .

7ـ مصباح البلاغة : 3 / 156 .

8 ـ معجم رجال الحديث : 17 / 56 .

أضف تعليقك

تعليقات القراء

ليس هناك تعليقات
*
*

شبكة الإمامين الحسنين عليهما السلام الثقافية