شبكة الإمامين الحسنين عليهما السلام الثقافية

يزيد بن زياد الكنديّ

1 المشاركات 05.0 / 5

من هو يزيد الكنديّ ؟

هو يزيد بن زياد بن مهاصر(1)، أبو الشَّعْثاء الكِنْدي البَهْدلي(2)، كوفيّ أصله من عرب الجنوب في اليمن.
كان يزيد بن زياد رجلاً شريفاً، شجاعاً فاتكاً(3).

 

خروجه إلى كربلاء

ذكره الطبري في موقعين: فمرّةً قال: إنّه تحوّل إلى الإمام الحسين عليه السّلام من معسكر عبيدالله بن زياد بعدما رفضوا عُروضَه عليه السلام، ومرّة قال: إنّه خرج إلى الإمام الحسين عليه السّلام من الكوفة قبل التقائه بالحُرّ(4). ويُرجّح الشيخ محمّد السماوي أنّ يزيد بن زياد خرج إلى الإمام الحسين عليه السّلام مِن الكوفة قبل أن يتّصل به الحرّ بن يزيد الرياحي(5).

 

الحرّ في « شَراف »

في منطقة « شَراف » والإمامُ الحسين عليه السّلام في طريقه إلى كريلاء.. كان اللقاء مع الحرّ الرياحيّ وهو في ألف فارس، بَعَثه عُبيدالله بن زياد ليمنع الإمامَ الحسين عليه السّلام من الرجوع إلى المدينة، أو يَقْدِم به الكوفة.. فخَطَب بهم أبو عبدالله الحسين عليه السّلام حتّى أوقفَهم على الحقّ، ثمّ صلّى الظهر وصلّى الحُرُّ خلف الإمام الحسين سلام الله عليه. وبعد حوارٍ قصير.. طلب الحرُّ من الإمام أن يأخذ طريقاً نَصَفاً، لا يُدخلِه الكوفة ولا يَرُدّه إلى المدينة، حتّى يكتب إلى ابن زياد، قائلاً: فلعلّ الله يرزقني العافية، ولا يبتليني بشيءٍ مِن أمرك.
وتَسايَرَ أصحابُ الإمام الحسين عليه السّلام وأصحاب الحرّ، ولم يَزَل سيّدُ الشهداء عليه السّلام يَتَياسَر حتّى انتهى إلى نَيْنَوى من قُرى الطفّ، وإذا راكبٌ عليه سِلاح، هو رسولُ ابن زياد إلى الحرّ، معه كتاب يقول فيه: جَعْجِعْ بالحسين حتّى تقرأ كتابي، ولا تُنزِلْه إلاّ بالعَراء على غير ماء وغير حِصْن! فقرأ الحرُّ الكتابَ على الإمام الحسين عليه السّلام، فقال عليه السّلام: دَعْنا نَنزِلْ نَيْنَوى أو الغاضِريّات أو شَفيّة، فقال الحرّ: لا أستطيع؛ فإنّ الرجل عَينٌ علَيّ(6).
قال أبو مخنف: لمّا كاتَبَ الحرُّ ابنَ زياد في أمر الحسين عليه السّلام، وجعل يُسايره.. جاء إلى الحرّ رسولُ ابن زياد مالكُ بن النَّسْر البَدّي ثمّ الكندي، فجاء الحرّ بكتابه إلى الحسين عليه السّلام.. فعَنّ مالك ليزيد بن زياد بن مهاصر، فقال يزيد: أ مالكُ بن النَّسر أنت ؟!
قال: نعم. فقال له يزيد: ثَكلَتْكَ أُمُّك! ماذا جئتَ به ؟
قال مالك: ما جئتُ به أطَعتُ إمامي، ووَفَيتُ ببيعتي!
فقال له يزيد: عَصَيتَ ربَّك وأطَعتَ إمامك في هلاك نفسك، وكسبتَ العار والنار! ألم تسمع قولَ الله تعالى: وجَعَلْناهُم أئمّةً يَدْعُون إلى النارِ ويومَ القيامةِ لا يُنصَرون (7) ؟!
فهَرأ مالك بن النسر(8).

 

النِّزال.. النَّوال

روى أبو مخنف: أنّ أبا الشَّعثاء يزيد بن زياد الكِندي قاتَلَ وهو فارس، فلمّا عُقِرت فَرَسُه جثا على رُكبتَيه بين يدَي الإمام أبي عبدالله الحسين صلوات الله عليه وجَعَل يَرمي بمئةِ سهم، ما سَقَط منها خمسة، وكان رامياً، وكلّما رمى قال:

أنـا أبـنُ بَهْدلَـة   فرسان العَرْجَلة(9)

والإمام الحسين سلام الله عليه يدعو له: اللّهمّ سَدِّدْ رَميتَه، واجعَلْ ثوابَه الجنّة. فلمّا نَفِدتْ سِهامُه، قام رضوان الله عليه فاستلّ سيفَه وحمل على القوم به وهو يرتجز ويقول:

أنا يزيدٌ وأبي مُهاصِرْ   كأنّني لَيثٌ بِغيلٍ خادِرْ

 

فلم يَزَل رضوان الله عليه يُقاتِل حتّى قُتِل شهيداً مُضَمَّخاً بدمه.

وفيه يقول الكُميت بن يزيد الأسديّ:

ومالَ أبو الشَّـعثاءِ أشعثَ دامياً   وإنّ أبا حَجْلٍ قتيلٌ مُحَجَّلُ(10)

وفي أصحاب الحسين سلام الله عليه وأصحابه ـ وفيهم يزيد بن زياد ـ يقول الشاعر:

بأبي أبيَّ الضيم حـامي حَوزةِ الـ   إسـلام، والإسـلامُ يطلب حـامِيَه
فـي عُصبةٍ كَرِهـوا الحيـاةَ بذِلّةٍ   واستَبدلُوا عنـها الحيـاةَ البـاقيـه
بأبي حُمـاةَ الدِّين آسـادَ الشَّـرى   في الحربِ عن حُرَمِ النبيِّ مُحاميه
خاضُوا غِمارَ المـوتِ دونَ إمامِهِم   وظُبـا الصَّـوارمِ بالمَـنيّةِ هامِيَه
فقَضَوا على حَرِّ الظَّمـا بيدِ العِدى   والمـاءُ حولَهمُ بحورٌ طاميه(11)

        
وأشرفُ مِن ذا سلامُ الإمام المهديّ عجّل الله تعالى فرَجَه الشريف في زيارته لشهداء طفّ كربلاء، وفيها يقول:
السلامُ على يزيدَ بنِ زيادِ بنِ مُهاصِرِ الكِندي(12).

-----------------
1 ـ يمضي في بعض الكتب بالجيم: مهاجر، وهو خطأ من النُّسّاخ.
2 ـ بهدلة: حيّ مِن كِندة.
3 ـ ذكره: الطبريّ في تاريخه 408:5 ، 445 ـ 446 ، وابن شهرآشوب في مناقب آل أبي طالب 113:4 ، والخوارزميّ في مقتل الحسين عليه السّلام 25:2 ، والشيخ المجلسيّ في بحار الأنوار 72:45.
4 ـ تاريخ الطبريّ 408:5 ، 445 ـ 446، وأعيان الشيعة للسيّد محسن الأمين العامليّ 10:4 ، 115 ـ 116 / القسم الأوّل.
5 ـ إبصار العين في أنصار الحسين عليه السّلام للشيخ محمّد السماوي 102.
6 ـ أي جاسوس.. الإرشاد للشيخ المفيد 227.
7 ـ سورة القصص:41.
8 ـ أي: أكثر الخَنا والخطأ بكلامه، ومعنى العبارة أنّ مالكاً أجابه بجواب غير لائق؛ لخطائه وخنائه.. وربّما صُحّفت الكلمة بـ « هزأ »، أي أجابه بكلامٍ فيه سُخرية. المصدر: إبصار العين 102 ـ 103.
9 ـ العرجلة: القطعة من الخيل وجماعة المشاة.
10 ـ إبصار العين 102.
11 ـ للشيخ محمّد مطر العراقيّ ـ الدرّ النضيد في مراثي السبط الشهيد للسيّد محسن الأمين 359.
12 ـ إقبال الأعمال للسيّد ابن طاووس 577.

أضف تعليقك

تعليقات القراء

ليس هناك تعليقات
*
*

شبكة الإمامين الحسنين عليهما السلام الثقافية