شبكة الإمامين الحسنين عليهما السلام الثقافية

معادن علوم القرآن ( الرسول(صلى الله عليه وآله) والمرجع العلمي من بعده )

0 المشاركات 00.0 / 5

الرسول(صلى الله عليه وآله) هو الوجود المقدس الذي هو رحمة للعالمين بصريح آيات الذكر الحكيم ، وهو الحريص على سعادة المؤمنين والرؤوف الرحيم بهم ، والذي يبخع نفسه أسفاً على عدم ايمان الكافرين به ، وهو هادي الامة والناس كافة إلى الصراط المستقيم وإلى سواء السبيل . هذا الرسول الذي لا مثيل له فضلاً وخصائص ، قد شخَّص بشكل متكرر وبألفاظ متعددة المرجع العلمي من بعده ، وقد تواترت الروايات التي نقلت أقواله(صلى الله عليه وآله) بحيث لا يبقى مجال للشك في سندها ورواتها . وهذه الروايات كثيرة جداً بحيث يصعب حصرها في مقالة واحدة . ونحن نكتفي بذكر بعضها :

 

1 ـ حديث باب علم الرسول(صلى الله عليه وآله) :

نقل هذا الحديث الشريف بألفاظ متقاربة ومتكررة ايضاً ومن عدة طرق . ومن جملتها :
أ ـ عن ابن عباس ، عن النبي(صلى الله عليه وآله) أنه قال : « أنا مدينة العلم وعلي بابها ، فمن أراد العلم فليأتِ بابه » .
ب ـ وفي لفظ عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال النبي(صلى الله عليه وآله) « يا علي ، أنا مدينة العلم وأنت بابها ، ولن تؤتى المدينة إلاّ من قبل الباب » .
جـ ـ وعن جابر بن عبد اللّه قال : « سمعت رسول اللّه(صلى الله عليه وآله) يوم الحديبية وهو آخذ بيد علي(عليه السلام) يقول : هذا أمير البررة ، وقاتل الفجرة . منصور من نصره ، مخذول من خذله ، ثم مدّ بها صوته فقال : أنا مدينة العلم وعلي بابها ، فمن أراد البيت فليأت الباب »([46]) .
وطبقاً لمتابعات العلاّمة الاميني في كتابه النفيس «الغدير» ، فقد أحصى اكثر من مئة واربعين من علماء اهل السنّة نقلوا هذا الحديث في كتبهم ، وهو من الامور المشهورة والمسلّمة عند الجميع . وقد نقل العلاّمة الكبير اسماء اكثر من عشرين شخصاً من الاعلام مع اقوالهم التي تثبت شهرة هذا الحديث وصحته ، وبطلان تضعيفه والرد عليه .
وللعلاّمة الكنجي الشافعي كلام منصف في هذا المقام ، فبعد أن بين صحة حديث : « أنا مدينة العلم ... » بعدة طرق قال : « ومع هذا فقد قال العلماء من الصحابة والتابعين واهل بيته بتفضيل علي(عليه السلام) وزيادة علمه وغزارته ، وحدّة فهمه ، ووفور حكمته ، وحسن قضاياه ، وصحة فتواه . وقد كان ابو بكر وعمر وعثمان وغيرهم من علماء الصحابة يشاورونه في الاحكام ، ويأخذون بقوله في النقض والابرام ، اعترافاً منهم بعلمه ، ووفور فضله ، ورجاحة عقله ، وصحة حكمه . وليس هذا الحديث في حقه بكثير ، لان رتبته عند اللّه وعند رسوله وعند المؤمنين من عباده أجل وأعلى من ذلك »([47]) .
2 ـ قول النبي(صلى الله عليه وآله) لفاطمة بشأن أعلمية علي(عليه السلام) وأفضليته : « أما ترضين أني زوجتك أول المسلمين اسلاماً واعلمهم علماً ؟ » .
وقوله(صلى الله عليه وآله) : « زوجتك خير امتي ، اعلمهم علماً وافضلهم حلماً ، واولهم سلماً » .
وقال(صلى الله عليه وآله) : « اعلم امتي من بعدي علي بن أبي طالب »([48]) .
3 ـ مضامين الاحاديث التي تصرح بأن علياً(عليه السلام) وعاء علم النبي(صلى الله عليه وآله) .
قال رسول اللّه(صلى الله عليه وآله) : « علي وعاء علمي ، ووصيّي ، وبابي الذي اُؤتى منه » . وقال(صلى الله عليه وآله) : « علي خازن علمي » . وقال(صلى الله عليه وآله) : « علي عيبة علمي » .
وعشرات الروايات الاخرى([49]) .
4 ـ أحاديث حكمة علي(عليه السلام) :
قال(صلى الله عليه وآله) : « أنا دار الحكمة وعلي بابها » . وقال(صلى الله عليه وآله) : « أنا ميزان الحكمة وعلي لسانه » . وقال(صلى الله عليه وآله) : « قسمت الحكمة عشرة أجزاء ، فأعطي علي تسعة أجزاء والناس جزءاً واحداً » .
رأي أصحاب رسول اللّه(صلى الله عليه وآله) في علم علي :
وعلى أساس تلك الروايات والحقائق الثابتة التي سمعها الصحابة من رسول اللّه(صلى الله عليه وآله) بلا واسطة ، ونظراً لبروز علم علي(عليه السلام) في الوقائع التي شاهدوها ، فقد اعترف جميع الصحابة ووجهاؤهم البارزون في صدر الاسلام بأعلمية علي(عليه السلام) وأفضليته ، وكتب علماء الاسلام مليئة بتلك الاعترافات :
قالت عائشة : « علي أعلم الناس بالسنة »([50]) .
وقال عمر : « علي أقضانا »([51]) .
وقال : « لولا علي لهلك عمر »([52]) . وذلك في غير مرة وفي الكثير من المعضلات التي واجهته .
وقال : « اللّهم لا تبقني لمعضلة ليس لها ابن ابي طالب »([53]) .
وقال : « لا ابقاني اللّه بعدك يا علي »([54]) .
وقال سعيد بن المسيّب : « كان عمر يتعوّذ باللّه من معضلة ليس لها ابو الحسن »([55]) .
وقال معاوية : « كان عمر إذا أشكل عليه شيء أخذه منه »([56]) .
ولمّا بلغ معاوية قتل الامام قال : « لقد ذهب الفقه والعلم بموت ابن أبي طالب »([57]) .
وقال ابن عباس حبر الامة : « واللّه لقد أعطي علي بن أبي طالب تسعة اعشار العلم . وايم اللّه لقد شارككم في العشر العاشر »([58]) .
وقال ابن مسعود : « قسمت الحكمة عشرة أجزاء ، فأعطي علي تسعة أجزاء ، والناس جزءاً ، وعلي أعلمهم بالواحد منها »([59]) .
وسئل عطاء : « أكان في اصحاب محمد احد أعلم من علي ؟ قال : واللّه ما أعلمه »([60]) .
وقال عدي بن حاتم في خطبة له : « واللّه لئن كان إلى العلم بالكتاب والسنة إنه (يعني علياً) لاعلم الناس بهما ... »([61]) .
إجماع علماء الامة في صدر الاسلام على أعلمية علي(عليه السلام)
بأخذ ما ذكرناه بعين الاعتبار يتضح لنا أن علماء الامة الاسلامية ومرشدوها في صدر الاسلام ، اتفقت آراؤهم على أعلمية علي(عليه السلام) ولم يخالف أحد منهم في ذلك ، أما المغرضون وفاقدو البصيرة الذين حاولوا من بعد إنكار المقام السامي لعلي(عليه السلام) في كتاباتهم ، فلم يُعرهم أحد من العلماء والمحققين أي اهتمام ، إضافة إلى أن الكثير من العلماء التفتوا إلى هذا الاجماع . ونحن نذكر بعضهم :
قال الحافظ الشيخ عبد الرؤوف ابن تاج العارفين المناوي الشافعي (ت 1031) : « فإن المصطفى(صلى الله عليه وآله) المدينة الجامعة لمعاني الديانات كلّها ، ولابد للمدينة من باب ، فأخبر أنّ بابها علي كرم اللّه وجهه ، فمن اخذ طريقه دخل المدينة ، ومن اخطأه اخطأ طريق الهدى . وقد شهد بالاعلمية الموافق والمخالف والمعادي والمحالف .
خرّج الكلاباذي أن رجلاً سأل معاوية عن مسألة فقال : سل علياً هو اعلم منّي ، فقال : اريد جوابك . قال : ويحك كرهت رجلاً كان رسول اللّه(صلى الله عليه وآله) يغرّه بالعلم غرّاً . وقد كان اكابر الصحب يعترفون له بذلك . وكان عمر يسأله عمّا اشكل عليه . جاءه رجلٌ فسأله فقال : ههنا علي فاسأله ، فقال : اريد أن اسمع منك يا امير المؤمنين قال : قم لا اقام اللّه رجليك . ومحا اسمه من الديوان .
وصّح عنه من طرق أنه كان يتعوذ من قوم ليس هو فيهم ، حتى امسكه عنده ولم ير له شيئاً من البعوث لمشاورته في المشكل .
واخرج الحافظ عبد الملك بن سليمان فقال : ذكر لعطاء : اكان احد من الصحب افقه من علي ؟ قال : لا واللّه .
قال الحرّالي : قد علم الاولون والاخرون أنّ فهم كتاب اللّه منحصر إلى علم علي ، ومَنْ جهل ذلك فقد ضلّ عن الباب الذي من ورائه يرفع اللّه عن القلوب الحجاب ، حتّى يتحقق اليقين الذي لا يتغير بكشف الغطاء »([62]) .
جـ ـ البحث في وقائع التاريخ الاسلامي وأحداثه :
هذا هو الطريق الثالث لمعرفة مراجع الامة الاسلامية في العالم الاسلامي بعد الرسول(صلى الله عليه وآله) ، كما ذكرنا ذلك في أول المقالة . ونحن لا نستطيع الان إيرادها ، لان نقل تلك الوقائع يستغرق كتاباً كاملاً ، ولقد كتب في هذا الموضوع كبار علماء الحديث والتاريخ . فليراجع ذلك في مظانّه . وباللّه التوفيق .
والصلاة والسلام على محمد المصطفى وعلي المرتضى والصحابة الاتقياء .

_______________________________________
([46]) الغدير 6 : 79 .
([47]) كفاية الطالب: 98 ـ 102.
([48]) الغدير 3 : 95.
([49]) م . ن : 96 .
([50]) الاستيعاب 3 : 40 بهامش الاصابة.
([51]) طبقات ابن سعد: 459 ـ 461.
([52]) الاستيعاب 3 : 39 .
([53]) تذكرة ابن الجوزي: 87 .
([54]) الرياض النضرة 2:195.
([55]) الاستيعاب 3:39.
([56]) الرياض النضرة 2:195.
([57]) كتاب (ألف باء) للحجاج البلوي 1 : 222.
([58]) الاستيعاب 3:40.
([59]) كنز العمال 5:156.
([60]) الاستيعاب 3 : 40 .
([61]) جمهرة خطب العرب 1 : 202.
([62]) فيض الغدير 3:46.

أضف تعليقك

تعليقات القراء

ليس هناك تعليقات
*
*

شبكة الإمامين الحسنين عليهما السلام الثقافية