شبكة الإمامين الحسنين عليهما السلام الثقافية

ونحن على أبواب محرم الحرام

1 المشاركات 05.0 / 5

تبقى خالداً سيدي يا أبا عبدالله وتبقى ثورتك مشعلاً ينير درب الأحرار، ويبقى وهج عطاءك حقيقة لم ولن يستطيع أن ينكرها خُصومك ومناوؤك، تمر علينا هذه الأيام ذكراك العطرة أنه محرم الحرام عام 1428 هـ لنجدد العهد معك سيدي يابن رسول الله، أننا على نهجك وعلى هديك نأبى الظيم كما علمتنا.
قبل أن نتناول حركة الإمام الحسين، التغييريّة في وسط الأمة نريد أن نقف وقفةً متواضعة مع سيرته العطرة علنا نستلهم منها العِبر والدروس. فمن هو الحسين بن علي (عليه السلام)؟
هو الإمام أبو عبدالله الحسين بن علي بن أبي طالبعليه السلام الشهيد بكربلاء، ثالث أئمة أهل البيت بعد رسول الله (ص) وسيد شباب أهل الجنة بإجماع المحدثين وأحد الأربعة الذين باهل بهم رسول الله (ص) نصارى نجران، ومن أصحاب الكساء الذين أذهب الله عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا، ومن القربى الذين أمر الله بمودتهم، وأحد الثقلين اللذين من تمسك بهما نجا ومن تخلف عنهما ضلّ وهوى.
نشأ الحسين مع أخيه الحسن عليه السلام في أحضان طاهرة وحجورٍ طيبة ومباركة اُماً وأباً وجداً، فتغذى من صافي معين المصطفى(ص) وعظيم خُلقه ووابل عطفه، وحظي بوافر حنانه ورعايته حتى أنه ورّثه أدبه وهديه وسؤدده وشجاعته، مما أهله للإمامة الكبرى التي كانت تنتظره بعد إمامة أبيه المرتضى وأخيه المجتبى‘، وقد صرّح بإمامته للمسلمين في أكثر من موقف بقوله(ص) :< الحسن والحسين إمامان قاما أو قعدا< >اللهم إني أحبهما فأحب من يحبهما >.
لقد ألتقى في هذا الإمام العظيم رافد النبوة والإمامة، وأجتمع فيه شرف الحسب والنسب، ووجد المسلمون فيه ما وجدوه في جده وأبيه وأمه من طهر وصفاء ونبل وعطاء، فكانت شخصيته تذكر الناس بهم جميعاً فأحبوه وعظموه، وكان إلى جانب ذلك كله مرجعهم الاوحد بعد أبيه وأخيه فيما كان يعترضهم من مشاكل الحياة وأمور الدين.
بقي الحسين بن عليعليه السلام بعد جده في رعاية الصديقة الزهراء سيدة النساء فاطمة ÷ وفي كنف أبيه المرتضى سيد الوصيين وإمام المسلمينعليه السلام الذي عاش محنة الانحراف في قيادة الأمة المسلمة بعد وفاة رسول الله (ص) وقد حفت بأبيه وأمه نكبات شتى من خلال الصراع مع الذين صادروا هذه الإمامة الكبرى بكل صلف ودون حجة أو برهان... لقد عاش الحسين مع أخيه الحسن وأبيه علي وأمه الزهراء سلام الله عليهم هذه المحنة وتجرع مرارتها، وهو لا يزال في سن الطفولة، ولكنه كان يعي جيداً عمق المحنة وشدة المصيبة.
شبَّ الإمام أبو عبدالله الحسين عليه السلام أيام خلافة الخليفة الثاني، أنصرف مع أبيه وأخيه من السياسة والتصدي للحكم في ظاهر الأمر، وأقبل على تثقيف الناس وتعليمهم معالم دينهم في خط الرسالة الصحيح، والذي كان يتمثل في سلوك والده علي بن أبي طالبعليه السلام ومواقفه المبدئية المشرفة.
وقف الإمام الحسين عليه السلام إلى جانب أبيه في عهد الخليفة الثالث يشترك مع أبيه في وضع حدّ للفساد الذي أخد يستشري في جسم الأمة والدولة معاً، عمل كجندي مخلص للقيادة الشرعية التي أناطها رسول الله (ص) بابيه المرتضى.
وفي عهد الدولة العلوية المباركة وقف الحسين إلى جانب أبيه عليه السلام في جميع مواقفه وحروبه، ولم يتوانى عن قتال الناكثين والقاسطين والمارقين وبقي إلى جانب أبيه مع أخيه الحسن حتى أستشهد أبوهما في بيت من بيوت الله، وفاز بالشهادة وهو في محراب العبادة بمسجد الكوفة، وفي أقدس لحظات حياته، اعني لحظة العبادة والتوجه الى ربّ الكعبة حيث خرّ صريعاً وهو يقول:< فزت ورب الكعبة >.
ثم وقف إلى جانب أخيه الحسن المجتبى عليه السلام بعد أن بايعه بالخلافة كما بايعه عامة المسلمين في الكوفة من المعاصرين والانصار والتابعين لهم بأحسان، ولم يتعد مواقف أخيه الذي نص على إمامته كل من جده وأبيه^ بالرغم من كل المغريات التي كان يستعملها معاوية لاسقاط الإمام الحسنعليه السلام وتفتيت قواه والقضاء على حكومته المشروعة.
لقد كان الحسينعليه السلام يعي مواقف أخيه الحسنعليه السلام بشكل عام والنتائج المترتبة على تلك المواقف، لانه كان يدرك حراجة الظرف الذي كان يكتنف الأمّة الإسلامية آنذاك وبعد استشهاد الإمام عليعليه السلامبشكل خاص فقد شاهد وشهد صلح أخيه الحسنعليه السلام مع خصومه السياسيين وكيف أنه عليه السلام عايش واقعاً اجتماعياً مراً اجبره على توقيع وثيقة الصلح مع معاوية ابن أبي سفيان مع شروطٍ ملزمة للأخير، الا أنه لم يلتزم بها وورثه الخلافة لابنه >يزيد< الذي كان الاسوء في التاريخ الأموي على أمتداده، حيث كان رجلاً فاسقاً فاجراً لا يراعي الحرمات الدينية والاجتماعية فكان بتولية لهذا المنصب أجحاف للدين والقيم والمبادئ التي أرادها النبي (ص) للأمة.
تأسيساً على كل ذلك تأكد الموقف الشرعي للإمام الحسين عليه السلام بعد أن توفرت كل الظروف للقيام بوجه الأمويين، بينما لم تكن النهضة مفيدة للأمة في حالة الابتلاء بمرض الشك والترديد التي كانت تعاني منه في عصر الإمام الحسن السبطعليه السلام. لقد تمت الحجة على الإمام الحسين بن علي عليه السلام حينما راسله أهل العراق وطلبوا منه التوجه نحوهم، بعد ان أخرجوا عامل بني أمية من الكوفة وتمردوا على الأمويين حيث كان هذا أحد مظاهر رجوع الوعي إلى عامة شيعة أهل البيت.
فأستجاب الإمام الحسينعليه السلام لطلبهم، وتحرّك نحوهم بالرغم من علمه بعدم ثباتهم وضعف إرادتهم أمام إغراءات الحاكمين واضطهادهم وارهابهم، وذلك لانه كان لابدّ له من معالجة هذا المرض الجديد الذي يؤدي باستشرائه إلى ضياع معالم الرسالة وفسح المجال لتحويل الخلافة إلى كسرويّة وقيصريّة، وإمضاء المشروعية لمثل حكم يزيد وأضرابه من الجاهليين الذين تستروا بستار الشريعة الإسلامية لضربها وتمزيقها.
وبعد أن استجمعت ثورة الإمام الحسين عليه السلام كل الشروط اللازمة لنجاحها وبلوغ أهدافها، نهض مستنفراً
كل طاقاته وقدراته التي كان قد أعدها وهيأها في ذلك الظرف التأريخي في صنع ملحمته الخالدة، ولتحريك ضمير الأمة، وأرجاعها لتسلك مسيرة رسالتها، وبعث شخصيتها العقائدية من جديد، وسلب المشروعية من الحكام الطغاة، وتمزيق كل الاقنعة الخداعة التي كانو قد تستروا بها، وتوضيع الموقف الشرعي للإمة على مدى الاجيال. فلم يستطع الطغاة أن يشوّهوا معالم نهضته، كما لم يستطيعوا  ان يقفوا  بوجه المدّ الثوري الذي أحدثه على مدى العصور، ذلك المدّ الذي أطاح بحكم بني أميّة وبني العباس ومن حذا حذوهم، فكانت ثورته مصدر أشعاع رسالي لكل الامم، كما كانت القيم الرسالية التي طرحها وأكدّ عليها محفزاً ومعياراً لتقييم كل الحكومات والانظمة السياسية الحاكمة، فسلام عليه يوم ولد ويوم استشهد ويوم يبعث حيّاً.

 

حركة الإمام الحسين عليه السلام
<من الهجرة إلى الاستشهاد>

الحلقة الاُولى

بعد استشهاد الإمام الحسين عليه السلام.

لما استشهد الإمام الحسن عليه السلام تحركت الشيعة بالعراق وكتبوا إلى الحسينعليه السلام في خلع معاوية والبيعة له، فامتنع عن ذلك، لأنّ بينهوبين معاية عهداً وعقداً لا يجوز له نقضه حتى تمضي المدّة فإذا مات معاوية نظر في ذلك.
فلما مات معاوية منتصف رجب سنة ستين من الهجرة خلفّ بعده ولده يزيد، كتب يزيد إلى ابن عمه الوليد بن عتبة والي المدينة مع مولى لمعاوية يقال له ابن أبي زريق بأخذ البيعة على أهلها وخاصة الحسينعليه السلام ولا يرخص له في التأخر عن ذلك ويقول: أن أبى عليك فأضرب عنقه وابعث اليّ برأسه.
وكان معاوية قبل وفاته قد حذر يزيد من أربعة: الحسين بن علي وعبدالله بن الزبير وعبدالله بن عمر وعبدالرحمن بن أبي بكر ولا سيما الحسين وابن الزبير.
اما ابن الزبير فهرب الى مكة وأرسل الوليد خلفه واحداً وثمانين راكباً فلم يدركوه وكان ابن عمر بمكة.
وأما الحسين عليه السلام فاحضر الوليد مروان بن الحكم واستشاره في أمره فقال: انه لا يقبل، ولو كنت مكانك لضربت عنقه، فقال الوليد ليتني لم أك شيئاً مذكوراً.
ثم بعث الى الحسين في الليل فاستدعاه فعرف الحسينعليه السلام الذي أراد فدعا لجماعة من أهل بيته ومواليه وكانوا ثلاثين رجلا وأمرهم بحمل السلاح وقال لهم: إن الوليد أستدعاني في هذا الوقت ولست آمن ان يكلفني فيه أمراً لا أجيبه إليه وهو غير مأمون فكونوا معي فإذا دخلت فاجلسوا على الباب فان سمعتم صوتي قد علا فادخلوا عليه لتمنعوه عني.
فصار الحسينعليه السلام الى الوليد فوجد عنده مروان بن الحكم فنعى الوليد معاوية فاسترجع الحسينعليه السلام ثم قرأ عليه كتاب يزيد وما أمره فيه من أخذ البيعة منه ليزيد فلم يرد الحسين عليه السلام ان يصارحه بالامتناع من البيعة وأراد التخلص منه بوجه سلمي، فورّى عن مراده وقال اني أراك لا تقنع ببيعتي سرّاً حتى أبايعه جهراً فيعرف ذلك الناس، فقال له الوليد، أجل فقال الحسين عليه السلام تصبح وترى رايك في ذلك، فقال له الوليد انصرف على اسم الله حتى تأتينا مع جماعة الناس.
فقال له مروان لئن فارقك الحسين الساعة ولم يبايع لا قدرت منه على مثلها أبداً حتى تكثر القتلى بينكم وبينه ولكن أحبس الرجل فلا يخرج من عندك حتى يبايع أو تضرب عنقه.
فلما سمع الحسين عليه السلام هذه المجابهة القاسية من مروان صارحهما حينئذٍ بالامتناع من البيعة وانه لا يمكن ان يبايع يزيداً أبداً، فوثب الحسين عند ذلك وقال لمروان، ويلي عليك! أنت تأمر بضرب عنقي! كذبة والله.
ثم أقبل على الوليد فقال: أيها الأمير انا أهل بيت النبوة ومعدن الرسالة ومختلف الملائكة بنا فتح الله وبنا ختم، ويزيد فاسق شارب الخمر قاتل النفس المحترمة معلن بالفسق، ومثلي لا يبايع مثله، ولكن نصبح وتصبحون وننظر وتنظرون أيّنا أحق بالخلافة والبيعة، ثم خرج يتهادى بين مواليه.
عزل الوليد وتعيين عمر بن سعد بن العاص
ولما بلغ يزيد ما صنع الوليد عزله عن المدينة وولاها عمرو بن سعيد بن العاص الاشدق فقدمها في رمضان.
وأقام الحسينعليه السلام في منزله تلك الليلة وهي ليلة السبت لثلاث بقين من رجب، سنة ستين فلمّا أصبح خرج من منزله يستمع الأخبار، فلقيه مروان فقال له: يا أبا عبدالله اني لك ناصح فاطعني ترشد، فقال الحسينعليه السلام وما ذاك، قل حتى أسمع.
فقال مروان: أني آمرك بيعة يزيد بن معاوية فإنه خير لك في دينك ودنياك.
فقال الحسينعليه السلام: انا لله وانا إليه راجعون على الاسلام السلام إذا قد بليت الأمّة براع مثل يزيد وطال الحديث بينه وبين مروان حتى أنصرف وهو غضبان، فلما كان آخر نهار السبت بعث الوليد الرجال إلى الحسينعليه السلام ليحضر فيبايع فقال لهم الحسينعليه السلام أصبحوا ثم ترون ونرى فكفوا تلك عنه ولم يلوا عليه فخرج في تلك الليلة وقيل غداتها وهي ليلة الاحد ليومين بقيا من رجب متوجهاً إلى مكة.

 

موقف محمد بن الحنفية من أخيه الحسين عليه السلام:

ولما علم ابن الحنفية عزم الحسينعليه السلام على الخروج من المدينة، قال له: يا أخي أنت أحبّ الناس إليّ وأعزهم عليّ ولست والله أدّخر النصيحة لاحدٍ من الخلق وليس أحد من الخلق أحق بها منك لانك مزاج مائي ونفسي وروحي وبصري وكبير أهل بيتي ومن وجبت طاعته في عنقي لان الله قد شرفك عليّ وجعلك من سادات أهل الجنة، تنح ببيعتك عن يزيد وعن الامصار ما استطعت ثم أبعث رسلك الى الناس فادعهم إلى نفسك، فان تابعك الناس وبايعوا لك حمدت الله على ذلك وان أجتمع الناس على غيرك لم ينقص الله بذلك دينك ولا عقلك ولا تذهب به مرؤتك ولا فضلك وأني أخاف عليك أن تدخل مصراً من هذه الامصار فيختلف الناس بينهم فمنهم طائفة معك وأخرى عليك فيقتتلون فتكون الاوّل الاسنة  عرضا، فإذا خير هذه الامة كلها نفسا وأبا واماً وأضيعها دماً وأذلّها أهلاً.

 

فقال الحسينعليه السلام فاين أذهب يا أخي؟

فقال تخرج إلى مكة فان اطمأنت بك الدار بها فذاك وان تكن الأخرى خرجت الى بلاد اليمن فانهم أنصار جدك وأبيك وهم أرأف الناس وأرقهم قلوباً وأوسع الناس بلاداً فان اطمأنت بك الدار والا لحقت بالرمال وشعف الجبال وجزت من بلد إلى بلد حتى تنظر ما يؤول إليه أمر الناس ويحكم الله بيننا وبين القوم الفاسقين فانك أصوب ما تكون رأياً حين تستقبل الامر استقبالاً.
فقال الحسينعليه السلام يا أخي والله لو لم يكن في الدنيا ملجأ ولا مأوى لما بايعت يزيد بن معاوية.
فقطع محمد بن الحنفية عليه الكلام وبكى، فبكى الحسينعليه السلام معه ساعة. ثم قال له الحسينعليه السلام يا أخي جزاك الله خيراً فقد نصحت وأشفقت وأرجوا ان يكون رأيك سديداً موفقاً وأنا عازم على الخروج إلى مكة وقد تهيّأت لذلك أنا وأخوتي وبنو أخي وشيعتي أمرهم أمري ورايهم رأيي وأما أنت يا أخي فلا عليك ان تقيم بالمدينة فتكون لي عيناً عليهم لا تخفي عني شيئاً من أمورهم.

أضف تعليقك

تعليقات القراء

ليس هناك تعليقات
*
*

شبكة الإمامين الحسنين عليهما السلام الثقافية