شبكة الإمامين الحسنين عليهما السلام الثقافية

تبديل الاءحرام الي العمرة بين الواقع والخيال

0 المشاركات 00.0 / 5

تبديل الاءحرام اءلي العمرة بين الواقع والخيال:

لقد اشتهر علي الالسن وشاع بين الناس أن الحسين بن علي(ع) نتيجةللضغوطات الاموية، وتهديداتهم العسكرية، وخوفاً من الاغتيال فيالحرم وفي مكّة المكرمة ـ واستحلال حرمتها ـ بدّل اءحرام حجّه اءليالعمرة المفردة. ثم خرج من الاءحرام ـ بعد أداء العمرة ـ متوجهاً نحوالعراق.

فنقول: أمّا الضغوطات والتهديدات وخوف الاغتيال في الحرم، فهيمن الامور المسلّمة التي لا تنالها يدُ التشكيك والترديد.

ولكن الكلام في تبديل الحج اءلي العمرة، وهل أن هذا الامر ثابتتاريخياً ومتحقّق؟ وهل هذا يتلاءم مع الفقه الذي وصل اءلينا عبر الائمةالطاهرين:، فنقول من باب التمهيد: اءن الاءمام الحسين(ع) دخل مكّةالمكرمة في الثالث من شعبان عام ستين من الهجرة ـ أي قبل مغادرتهالحجاز اءلي العراق ـ بأكثر من أربعة أشهر، فمن التأكيد أنّه(ع) دخلهاحينئذ باءحرام العمرة المفردة، اءذ لم يكن نذاك موسم الحج كي يحرمباءحرام الحج.

ثم لعله(ع) أتي بعد ذلك، بمتعدد من العمرة المفردة، فليس منالضروري أن يكون الاءمام(ع) في اليوم الثامن من ذيالحجّة محرماًباءحرام سيّما اءحرام البحث حتّي يقع البحث في أنّه هل تبدّل اءحرامه اءليالعمرة المفردة أم لا؟

ولكن بما أنّه ثبت تاريخياً اءحرام الاءمام الحسين(ع) في تلك الايّام ـالثامن أو قبله ـ وأنّه كان محرماً، فيقع الاستفهام، ويكون مثاراًللتساؤلات في أنّه(ع): هل كان محرماً باءحرام حج التمتّع ـ اكتفاء بالعمرةالتي أتي بها قبله ـ بانقلاب عمرة المفردة اءلي عمرة التمتع كما هو منمسلّمات الفقه؟ أو كان قد أحرم بعمرة التمتع، ثم بدّل الاءحرام من حجالتمتع أو عمرة التمتع اءلي العمرة المفردة؟

أم نقول: اءن الاءمام لم يكن اءحرامه يوم خروجه من مكّة ـ يوم الثامن ـاءلاّ اءحرام العمرة المفردة لعلمه بعدم اءمكانه أن يتم حجّه، لو أحرم للحج.فلم يحصل تبديل أصلاً.النصوص التاريخيّة:

يبدو من بعض النصوص التاريخية: ان الاءمام(ع) بدّل الاءحرام كما عنالطبرسي، والنيسابوري، والمفيد.

1 ـ قال الطبرسي: لمّا أراد الخروج اءلي العراق طاف بالبيت وسعيبين الصفا والمروة ، وأحل من اءحرامه وجعلها عمرة؛ لانّه لم يتمكن مناءتمام الحج مخافة أن يقبض عليه بمكّة...

2 ـ وقال ابنفتال: ... وأحل من اءحرامه وجعلها عمره، لانّه لايتمكّن من اءتمام الحج...

3 ـ التستري: فالتزم بأن يجعل اءحرامه عمرة مفردة وترك التمتعبالحج...

والظاهر أنّها مأخوذة من الشيخ المفيد في الاءرشاد، اءذ العبارة هناك:لمّا أراد الحسين(ع) التوجّه اءلي العراق طاف بالبيت وسعي من الصفاوالمروة وأحل من اءحرامه وجعلها عمرة؛ لانّه لم يتمكّن من اءتمام الحجمخافة أن يقبض عليه...

وهذه العبارة والّتي قبلها ـ واءن كانت ظاهرة ـ واضحة الدلالة فيالتبديل، اءلاّ أن بعض المعاصرين فرّق بين عباراتي اءتمام الحج وتمامالحج حيث يري أن مفاد الاوّل هو أن الاءمام(ع) قد تلبّس باءحرام الحجبخلاف الثاني، ويري ان النتيجة الصحيحة والنقل الصحيح في الاءرشاد هوتمام الحج.

وعلي ضوء هذا التحقيق والنقل يكون المعني: اءن الاءمام(ع) لم يدخلفي اءحرام الحج من الاوّل ، بل كان محرماً باءحرام العمرة المفردة. وهذا هوالذي يظهر من الروايات وصرّح به بعض الفقهاء والمورّخين.الروايات:

1 ـ الكليني: علي بن اءبراهيم، عن أبيه، عن اسماعيل بن مزار، عنيونس، عن معاوية بن عمّار ، قال قلت لابيعبدالله(ع): من أين افترقالمتمتع والمعتمر؟ فقال: اءن المتمتع مرتبط بالحج، والمعتمر اءذا فرغ منهاذهب حيث شاء، وقد اعتمر الحسين بن علي(ع) في ذيالحجّة، ثم راحيوم التروية اءلي العراق والناس يروهون اءلي مني، ولا بأس بالعمرة فيذيالحجّة لمن لا يريد الحج...

والرواية ـ صحيحة ـ كما عن السيد الخوئي واءن رماها المجلسيبالمجهوليّة. وقد احتمل العلاّمة المجلسي من الخبر احتمالين:

الاوّل: أنّه(ع) منذ البدء قد نوي الاءفراد، وليس ثم تبديل؛ حيث قال:ويحتمل أن يكون(ع) لعلمه بعدم التمكن من الحج نوي الاءفراد، ولعلّهمن الخبر أظهر.

الثاني: التبديل من عمرة التمتع اءلي عمرة مفردة.

حيث قال: قوله وقد اعتمر: لعل المراد أن عمرة التمتع أيضاً اءذااضطرّ الانسان يجوز أن يجعلها عمرة مفردة كما فعله الحسين(ع) ويظهرمن المجلسي أنّه تبناه أو يميل اءليه، حيث قال في البحار: وكذا خرج منمكّة بعد ما غلب علي ظنّه أنّهم يريدون غيلته وقتله، حتي لم يتيسّر له ـروحي فداه ـ أن يتم حجّه، فتحلّل، وخرج منها خائفاً يترقب.

ولكنه في مكان آخر ينسبه اءلي بعض الكتب المعتبرة، حيث قال:ولقد رأيت في بعض الكتب المعتبرة حل من اءحرام الحج، وجعلهاعمرة مفردة.

2 ـ الكليني: علي بن اءبراهيم، عن أبيه، ومحمد بن اءسماعيل، عنالفضل بن شاذان، عن حمّاد بن عيسي، عن اءبراهيم بن عمر اليماني، عنأبيعبدالله(ع). انّه سئل عن رجل خرج في أشهر الحج معتمراً، ثم رجعاءلي بلاده، قال: لا باس، واءن حج في عامه ذلك وأفرد الحج، فليس عليه دم،فاءن الحسين بن علي(ع) خرج قبل التروية بيوم اءلي العراق، وقد كان دخلمعتمر.

والرواية صحيحة كما عن السيد الخوئي وحسنة كالصحيح كلهاعن العلاّمة المجلسي.

ولكن في نقل الطوسي: خرج يوم التروية وقال المحققالنجفي دونه، ولعلّه الاصح لصحيح معاوية.

ومفاد الخبر ـ والله العالم ـ اءن الاءمام الحسين(ع) لم يكن يوم خروجهمن مكة محرماً حتي باءحرام العمرة المفردة، اكتفاءاً بما اعتمر يوم دخولهمكة المكرمة، اءذ في الرواية: ـ فأن الحسين(ع)، خرج قبل التروية، بيوماءلي العراق وقد كان دَخَل معتمر.

ولكن سؤال الراوي يأبي هذا الاحتمال؛ حيث أنّه يسأل الاءمامالصادق، عن جواز الخروج من مكة في اشهر الحج من دون اءتيان مناسكالجج اكتفاءاً بالعمرة التي أتي بها.

فأجابه الاءمام(ع) بجواز الخروج، واستند في ذلك اءلي خروج الاءمامالحسين من مكّة أيام الحج. وقد كان دخل معتمراً، فتأمّل.كلمات الفقهاء والمورّخين:

1 ـ قال السيد محسن الحكيم: وأمّا ما في بعض كتب المقاتل منأنّه(ع) جعل عمرته عمرة مفردة، ممّا يظهر منه أنّها كانت عمرة تمتّع،وعدل بها اءلي الاءفراد، فليس مما يصح التعويل عليه في مقابل الاخبارالمذكورة التي رواها أهل البيت:.

2 ـ قال السيد السبزواري: ... كما يسقط بهما ـ أي برواية اليمانيورواية معاوية بن عمّار ـ ما في بعض المقاتل من أن الحسين(ع) بدّلحجَّة التمتع اءلي العمرة المفردة، لظهورهما في أنّه(ع) لم يكن قاصداًللحج من أوّل، بل كان قاصداً للعمرة المفردة، فلا يبقي موضوع للتبديلحينئذ.

3 ـ وقال المورّخ الشيخ القرشي: وهذا ـ أي التبديل ـ لا يخلو منتأمّل، فاءن المصدود عن الحج يكون اءحلاله بالهدي حسب ما نص عليهالفقهاء لا بقلب اءحرام الحج اءلي عمرة، فاءن هذا لا يوجب الاءحلال مناءحرام الحج.المؤيّدات للقول بعدم التبديل:

1 ـ مما يضعف القول بالتبديل، هو قول المشهور عن فقهائنا من عدمجواز تبديل عمرة التمتع اءلي الاءفراد، فلو فعله الاءمام الحسين، وثبت ذلكلما تم قول المشهور.

قال الشيخ الوالد: المشهور بين الاصحاب ـ رضوان الله عليهم ـ أنمن دخل مكة بعمرة التمتع في أشهر الحج، لم يجز له أن يجعلها مفردة،ولا أن يخرج من مكة، حتي يأتي بالحج، لانّها مرتبّة ـ مرتبطة ـبالحج.

2 ـ ثم اءن تبديل حج الافراد ـ أو عمرة التمتع ـ اءلي العمرة المفردة لوكان لاجل منع العدو وصدّه عن الدخول في الحرم، ومكة، فحكمه حينئذهو الاءحلال والخروج من اءحرام الحج بالهدي. كما صرّح بذلك فقهاؤنا.

قال الشهيد الاوّل: اءذا منع المحرم عدو من اءتمام نسكه كما مرَّ فيالمختصر، ولا طريق غير موضع العدو؛ ذبح هديه أو نحره مكان الصدّبنيّة التحلّل فيحمل علي الاءطلاق..

3 ـ لقد تعرّض فقهاؤنا لفرع فقهي، واستندوا اءلي فعل الحسين(ع) مايستشف منه: أن الحسين كان يوم مغادرة مكة معتمراً بالعمرةالمفردةفقط.

فقد تعرّضوا لما يلي وهو: أن المعتمر هل يجوز له الخروج من مكةاءذا أقام اءلي ذيالحجّة، ام يجب عليه اءتيان فريضة الحج؟

اـ ففي قول نادر يجب اءتيان مناسك الحج، ويحرم عليه الخروج، كماهو رأي ابنالبراج الطرابلسي.

ب ـ وفي قول آخر: باستحباب ذلك اءذا أقام في مكة اءلي يوم الترويةوهو قول المحقّق النجفي. ويُفهم ذلك من المجلسي أيضاً.

ج ـ وثالث هو جواز الخروج وعدم وجوب الاءقامة، وهو القولالمشهور؛ واستدل عليه بالاءجماع وبعض النصوص المعتبرة، منها: معتبرةمعاوية عن عمار، وصحيحة ابراهيم بن عمر اليماني.

فالاستدلال بفعل الحسين(ع) ومما قاله الصادق(ع)، مستشهداً بفعلالحسين(ع)، والبحث عن انقلاب العمرة المفردة اءلي عمرة التمتع وعدمه،شاهد علي أنّه(ع) لم يكن مُحرماً باءحرام الحج ولا عمرة التمتع، بل كانمحرماً باءحرام العمرة المفردة.

قال السيد الخوئي: لا ريب في أن المستفاد من الخبرين، أن خروجالحسين(ع) يوم التروية كاف علي طبق القاعدة لا لاجل الاضطرار،ويجوز ذلك لكل أحد واءن لم يكن مضطراً، فيكون الخبران قرينة عليالانقلاب اءلي المتعة قهراً، والاحتباس بالحج اءنّما هو فيما اءذا اراد الحج،وامّا اءذا لم يُرِد الحج فلا يحتبس بها للحج، ويجوز له الخروج حتي يومالتروية.

فعلي ضوء ما قدّمناه من الروايات والنصوص التاريخية، وكلماتالفقهاء والمورّخين والمؤيدات والشواهدالفقهية هو: ان دعوي التبديلمن اءحرام الحج أو عمرة التمتع اءلي عمرة مفردة ممّا لا أساس له، بل هومخالف للموازين الفقهية التي تلقيناها من الائمة الطاهرين:.

أضف تعليقك

تعليقات القراء

ليس هناك تعليقات
*
*

شبكة الإمامين الحسنين عليهما السلام الثقافية