شبكة الإمامين الحسنين عليهما السلام الثقافية

الصحابة علّموا الناس التوسل بالنبي (صلى الله عليه وآله ) بعد وفاته؛و الوهابية

1 المشاركات 05.0 / 5

فقد روى الطبراني بسند صحيح أن الصحابي الجليل عثمان بن حنيف طبَّق حديث التوسل بالنبي (صلى الله عليه وآله وسلم) بعد وفاته، مما يدل على أن التوسل به (صلى الله عليه وآله وسلم) ليس مخصوصاً بحياته! قال الصديق المغربي في رسالته (إرغام المبتدع الغبي بجواز التوسل بالنبي) ص11:
(وبعد، فإن الشيخ الألباني سامحه الله تعالى صاحب غرض وهوى، إذا رأى حديثاً أو أثراً لايوافق هواه فإنه يسعى في تضعيفه بأسلوب فيه تدليس وغش، ليوهم قراءه أنه مصيب مع أنه مخطئ بل خاطئ غاش، وبأسلوبه هذا ضلَّلَ كثيراً من أصحابه الذين يثقون به ويظنون أنه على صواب والواقع خلاف ذلك.
ومن المخدوعين به من يدعى حمدي السلفي الذي يحقق المعجم الكبير، فقد أقدم بجرأة على تضعيف أثر صحيح لم يوافق هواه كما لم يوافق هوى شيخه، وكان كلامه في تضعيفه هو كلام شيخه نفسه! فأردت أن أرد الحق إلى نصابه، ببيان بطلان كلام الخادع والمخدوع به، وعلى الله اعتمادي، وإليه تفويضي واستنادي:
روى الطبراني في المعجم الكبير:9/17، من طريق ابن وهب، عن شبيب، عن روح بن القاسم، عن أبي جعفر الخطمي المدني، عن أبي أمامة بن سهل بن حنيف، عن عمه عثمان بن حنيف (رضي الله عنه):أن رجلاً كان يختلف
إلى عثمان بن عفان (رضي الله عنه) في حاجة له فكان عثمان لا يلتفت إليه ولا ينظر في حاجته، فلقي عثمان بن حنيف فشكا إليه ذلك، فقال له عثمان بن حنيف:إئت الميضأة فتوضأ ثم ائت المسجد فصل فيه ركعتين ثم قل:اللهم إني أسألك وأتوجه إليك بنبيك محمد (ص) نبي الرحمة. يامحمد إني أتوجه بك إلى ربي فتقضي لي حاجتي. وتذكر حاجتك، ورح إليه حتى أروح معك. فانطلق الرجل فصنع ما قال له، ثم أتى باب عثمان بن عفان فجاء البواب حتى أخذ بيده، فأدخله على عثمان بن عفان فأجلسه معه على الطنفسة، وقال له ما حاجتك فذكر حاجته فقضاها له، ثم قال:ما ذكرت حاجتك حتى كانت هذه الساعة، وقال:ما كانت لك من حاجة فأتنا.
ثم إن الرجل خرج من عنده فلقي عثمان بن حنيف فقال له:جزاك الله خيراً ما كان ينظر في حاجتي ولا يلتفت إليَّ حتى كلمتَه فيَّ. فقال عثمان بن حنيف:والله ما كلمتُه، ولكن شهدتُ رسول الله (ص) وأتاه رجل ضرير فشكا إليه ذهاب بصره، فقال له النبي (ص) أو تصبر؟ فقال: يا رسول الله إنه ليس لي قائد وقد شقَّ علي. فقال له النبي (ص): إئت الميضأة فتوضأ ثم صل ركعتين، ثم ادع بهذه الدعوات! قال عثمان بن حنيف:فوالله ما تفرقنا وطال بنا الحديث، حتى دخل علينا الرجل كأنه لم يكن به ضُرٌّ قَـطْ.
صححه الطبراني، وتعقبه حمدي السلفي بقوله:لاشك في صحة الحديث المرفوع، وإنما الشك في هذه القصة التي يستدل بها على
التوسل المبتدع، وهي انفرد بها شبيب كما قال الطبراني، وشبيب لابأس بحديثه، بشرطين:أن يكون من رواية ابنه أحمد عنه، وأن يكون من رواية شبيب عن يونس بن يزيد. والحديث رواه عن شبيب بن وهب وولداه إسماعيل وأحمد، وقد تكلم الثقات في رواية ابن وهب عن شبيب في شبيب، وابنه اسماعيل لايعرف، وأحمد وإن روى القصة عن أبيه إلا أنها ليست من طريق يونس بن يزيد، ثم اختلف فيها على أحمد. ورواه ابن السني في عمل اليوم والليلة، والحاكم من ثلاثة طرق بدون ذكر القصة، ورواه الحاكم من طريق عون بن عمارة البصري عن روح بن القاسم به، قال شيخنا محمد ناصر الدين الألباني:وعون هذا وإن كان ضعيفاً فروايته أولى من رواية شبيب لموافقتها لرواية شعبة وحماد بن سلمة، عن أبي جعفر الخطمي. انتهى.
وفي هذا الكلام تدليس وتحريف نبينه فيما يلي:
أولاً: هذه القصة رواها البيهقي في دلائل النبوة من طريق يعقوب بن سفيان، حدثنا أحمد بن شبيب بن سعيد، ثنا أبي عن روح بن القاسم، عن أبي جعفر الخطمي، عن أبي أمامة بن سهل بن حنيف، عن عمه عثمان بن حنيف، أن رجلاً كان يختلف إلى عثمان بن عفان (رضي الله عنه)، فذكر القصة بتمامها. ويعقوب بن سفيان هو الفسوي الحافظ الإمام الثقة، بل هو فوق الثقة، وهذا إسناد صحيح البخاري، ومعنى ذلك أنها صحيحة، وهذا الذي يوافق كلام الحافظ ويبطل ما استنبطه الألباني من كلام الحافظ في مقدمة فتح الباري،
فليتأمل. وإن الحفاظ أيضاً صححوا هذه القصة، كالمنذري في الترغيب والترهيب:1/476 بإقراره للطبراني، والهيثمي في مجمع الزوائد: 2/ 279، أيضاً، وقبلهما الإمام الحافظ الطبراني في معجمه الصغير: 1/3 7، الروض الداني. وغيرهم.
ثانياً: أحمد بن شبيب من رجال البخاري، روى عنه في الصحيح وفي الأدب المفرد، ووثقه أبو حاتم الرازي، وكتب عنه هو وأبو زرعة، وقال ابن عدي: وثقه أهل البصرة وكتب عنه علي بن المديني. وأبوه شبيب بن سعيد التميمي الحبطي البصري أبو سعيد، من رجال البخاري أيضاً، روى عنه في الصحيح وفي الأدب المفرد. ووثقه أبو زرعة وأبو حاتم والنسائي والذهلي والدارقطني والطبراني في الأوسط. قال أبو حاتم: كان عنده كتب يونس بن زيد، وهو صالح الحديث لا بأس به. وقال ابن عدي:ولشبيب نسخة الزهري عنده عن يونس عن الزهري أحاديث مستقيمة. وقال ابن المديني:ثقة كان يختلف في تجارة إلى مصر، وكتابه كتاب صحيح.
هذا ما يتعلق بتوثيق شبيب، وليس فيه اشتراط صحة روايته بأن تكون عن يونس بن يزيد، بل صرح ابن المديني بأن كتابه صحيح. وابن عدي إنما تكلم على نسخة الزهري عن شبيب فقط، ولم يقصد جميع رواياته!
فما ادعاه الألباني تدليس وخيانة! يؤكد ذلك أن حديث الضرير صححه الحفاظ ولم يروه شبيب عن يونس عن الزهري! وإنما رواه عن روح بن القاسم!
ودعواه ضعف القصة بالإختلاف فيها حيث لم يذكرها بعض الرواة عند ابن السني والحاكم لون آخر من التدليس! لأن من المعلوم عند أهل العلم أن بعض الرواة يروي الحديث وما يتصل به كاملاً، وبعضهم يختصر منه بحسب الحاجة، والبخاري يفعل هذا أيضاً، فكثيراً ما يذكر الحديث مختصراً أو يوجد عند غيره تاماً. والذي ذكر القصة في رواية البيهقي إمام فذ، يقول عنه أبو زرعة الدمشقي:قدم علينا رجلان من نبلاء الناس أحدهما وأرحلهما يعقوب بن سفيان، يعجز أهل العراق أن يرو مثله رجلاً.
وتقديمه رواية عون الضعيف على من زاد القصة، لون ثالث من التدليس والغش! فإن الحاكم روى حديث الضرير من طريق عون مختصراً، ثم قال: تابعه شبيب بن سعيد الحبطي عن روح بن القاسم زيادات في المتن والإسناد، والقول فيه قول شبيب فإنه ثقة مأمون، هذا كلام الحاكم، وهو يؤكد ما تقرر عند علماء الحديث والأصول أن زيادة الثقة مقبولة، وأن من حفظ حجة على من لم يحفظ! والألباني رأى كلام الحاكم لكن لم يعجبه لذلك ضرب عنه صفحاً، وتمسك بأولوية رواية عون الضعيف عناداً وخيانة.
ثالثاً: تبين مما أوردناه وحققناه في كشف تدليس الألباني وغشه، أن القصة صحيحة جداً، رغم محاولاته وتدليساته، وهي تفيد جواز التوسل بالنبي (ص) بعد انتقاله، لأن الصحابي راوي الحديث فهم ذلك، وفهم الراوي له قيمته العلمية، وله وزنه في مجال الإستنباط.
وإنما قلنا إن القصة من فهم الصحابي على سبيل التنزل، والحقيقة أن ما فعله عثمان بن حنيف من إرشاده الرجل إلى التوسل كان تنفيذاً لما سمعه من النبي (ص) كما ثبت في حديث الضرير. قال ابن أبي خيثمة في تاريخه:حدثنا مسلم بن ابراهيم، ثنا حماد بن سلمة أنا أبو جعفر الخطمي، عن عمارة بن خزيمة، عن عثمان بن حنيف (رضي الله عنه): أن رجلاً أعمى أتى النبي (ص) فقال:إني أصبت في بصري فادع الله لي قال: إذهب فتوضأ وصل ركعتين ثم قل:اللهم إني أسألك وأتوجه إليك بنبيي محمد نبي الرحمة. يا محمد إني أستشفع بك إلى ربي في رد بصري. اللهم فشفعني في نفسي، وشفع نبيي في رد بصري. وإن كانت حاجة فافعل مثل ذلك. إسناده صحيح.
والجملة الأخيرة من الحديث تصرح بإذن النبي (ص) في التوسل به عند عروض حاجة تقتضيه.
وقد أعلَّ ابن تيمية هذه الجملة بعلل واهية. بينت بطلانها في غير هذا المحل. وابن تيمية جرئ في رد الحديث الذي لا يوافق غرضه ولو كان في الصحيح! مثال ذلك: روى البخاري في صحيحه حديث (كان الله ولم يكن شئ غيره) وهو موافق لدلائل النقل والعقل والإجماع المتيقن، لكنه خالف رأيه في اعتقاده قدم العالم، فعمد إلى رواية للبخاري أيضاً في هذا الحديث بلفظ (كان الله ولم يكن شئ قبله) فرجحها على الرواية المذكورة، بدعوى أنها توافق الحديث الآخر (أنت الأول فليس قبلك شئ).
قال الحافظ ابن حجر:مع أن قضية الجمع بين الروايتين تقتضي حمل هذه الرواية على الأولى لا العكس، والجمع مقدم عل الترجيح بالإتفاق.
قلت: تعصبه لرأيه أعماه عن فهم الروايتين اللتين لم يكن بينهما تعارض...
مثالٌ ثانٍ: حديث أمر رسول الله (ص) بسد الأبواب الشارعة في المسجد وترك باب علي، حديث صحيح، أخطأ ابن الجوزي بذكره في الموضوعات. ورد عليه الحافظ في القول المسدد. وابن تيمية لانحرافه عن علي كما هو معلوم، لم يكفه حكم ابن الجوزي بوضعه، فزاد من كيسه حكاية اتفاق المحدثين على وضعه!! وأمثلة رده للأحاديث التي يردها لمخالفة رأيه كثيرة يعسر تتبعها). انتهى كلام الحافظ المغربي، وهو كلام متين..
الأسئلة
1 ـ بماذا استحليتم رد الحديث الشريف الصحيح الذي علَّم فيه النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) المسلمين التوسل به في حياته، وطبقه الصحابة بعد وفاته؟!
2 ـ ما رأيكم في إشكالات الصديق المغربي على إمامكم الألباني؟
3 ـ ما قولكم في استغاثة عبد الله بن عمر بالنبي (صلى الله عليه وآله وسلم) عندما أصابه خَدَرٌ في بدنه، فقال (يا محمداه)! هل تحكمون بشركه أو بجهله؟
قال القاضي عياض في الشفا: 2/23: (وروي أن عبد الله بن عمر خدرت رجله فقيل له أذكر أحب الناس إليك يزل عنك فصاح يا محمداه فانتشرت).
وقال المناوي في فيض القدير:1/512: (كما شرعت الصلاة عليه عند خدر الرجل لخبر ابن السني: إن رجلاً خدرت رجله عند ابن عباس فقال له: أذكر أحب الناس إليك..... قال الهيتمي: إسناد الطبراني في الكبير حسن. ا هـ.
وبه بطل قول من زعم ضعفه فضلاً عن وضعه، بل أقول: المتن صحيح، فقد رواه ابن خزيمة في صحيحه باللفظ المذكور عن أبي رافع المزبور، وهو ممن التزم تخريج الصحيح، ولم يطلع عليه المصنف أو لم يستحضره، وبه شنعوا على ابن الجوزي. انتهى.
وقد رواه البخاري في الأدب المفرد ص2 7،
والحربي في غريب الحديث:2/673، وابن الأثير في النهاية:2/13، والنووي في الأذكار ص3 5، والصالحي في سبل الهدى والرشاد:11/431..الخ. فما قولكم فيه؟!

أضف تعليقك

تعليقات القراء

ليس هناك تعليقات
*
*

شبكة الإمامين الحسنين عليهما السلام الثقافية