شبكة الإمامين الحسنين عليهما السلام الثقافية

كيفية إسلام عمر

0 المشاركات 00.0 / 5

هذه قصّة جديرة بالتأمّل تتعلّق بعمر بن الخطاب قبل الإسلام. قال الماوردي الشافعي: ومن بشائر هتوفهم: ما رواه إبراهيم [..]عن ابن عبّاس أنّ عمر بن الخطّاب حدّث يوما في مجلس بعد رسول الله (ص) فقال: خرجنا قبل مظهر النبي(ص) بشهرين إلى الأبطح بمكّة معنا عجل نريد ذبحه و نحن نفر، فلمّا ذبحناه وتصابّ دمه ومات، إذ صاح من جوفه صائح "يا زريح، يا زريح، صائح يصيح، بصوت فصيح، نبيّ يظهر الحقّ يفيح، يقول لا إله إلا الله"؛ فصاح كذلك ثلاث مرّات ثمّ هدأ صوته و تفرّقنا و رعبنا منه فلم يلبث النبي(ص) أن ظهر[1].

 

أقول:

هذه القصّة تفيد أنّ عمر بن الخطّاب كان يعلم ببعثة النبي(ص) قبل أن يبعث، فكان المفروض أن يكون من المنتظرين لبعثته والمسارعين إليها حين تحقّقها. لكن التّاريخ يحدّثنا بعكس ذلك، فقد تأخّر إسلام عمر وأسلم قبله ابنه [2] وأخته وختنه وناس كثير، فما الذي أبطأ به؟!
وقال ابن عاشور في تفسيره: كان الوليد بن المغيرة وعمر بن الخطّاب كافرين، وكان كلاهما يدفع النّاس من اتّباع الإسلام، ولكنّ الوليد كان يختلق المعاذير والمطاعن في القرآن، وذلك من الكيد؛ وعمر كان يصرف النّاس بالغلظة علنا دون اختلاق[3].
أقول: وهذا صريح في أنّه كان يصرف النّاس عن الإسلام بالغلظة وهو يعلم ببعثة النبي(ص) كما سبق بيانه. وفرق كبير بين من يعلم ومن لا يعلم. فكيف يصبح أفضل من الذين لم يصدّوا عن سبيل الله لحظة واحدة لمجرّد أنّه أسلم. فإنّ الإسلام الذي يجبّ ما قبله لا يبخس الناس أشياءهم. فيكون عمر ساوى من عذّبهم في الإسلام لكنّهم فضلوه بأنّهم لم يتلبّسوا بفعل المضلّين عن سبيل الله الذين يفتنون النّاس في دينهم .
وقال أيضا: كان المشركون يحاولون ارتداد بعض قرابتهم أو من لهم به صلة، كما ورد في خبر سعيد بن زيد وما لقي من عمر بن الخطّاب[4].
قال محمد بن سعد في خبر إسلام عمر: ... قال[عمر] فلعلّكما قد صبوتما؟ قال: فقال له ختنه: أرأيت يا عمر إن كان الحقّ في غير دينك؟ قال: فوثب عمر على ختنه فوطئه وطئا شديدا، فجاءت أخته فدفعته عن زوجها فنفحها بيده نفحة فدمي وجهها، فقالت وهي غضبى: يا عمر! إن كان الحقّ في غير دينك؛ أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أنّ محمّدا رسول الله! فلمّا يئس عمر قال: أعطوني هذا الكتاب الذي عندكم فأقرأه. قال: وكان عمر يقرأ الكتب! فقالت أخته إنّك رجس ولا يمسّه إلا المطهّرون فقم فاغتسل[5] .

 

أقول:

إن صحّ قولهم "كان عمر يقرأ الكتب" فهذه حجّة أخرى في ذمّته، لأنّه ليس من علم كمن لم يعلم، فإن يكن قد قرأ بعض الكتب فقد قرأ في ما قرأ أخبارا وإخبارا بخصوص بعثة النبي(ص). فهو يختلف عن غيره من المشركين الذين لم يكن لديهم خبر عن ذلك.
قال البغوي: قوله تعالى{يا أيها النّبي حسبك الله ومن اتّبعك من المؤمنين} قال سعيد بن جبير: أسلم مع رسول الله(ص) ثلاثة وثلاثون رجلا وستّ نسوة، ثمّ أسلم عمر بن الخطّاب فتمّ به الأربعون فنزلت هذه الآية[6].
قال ابن عاشور: وهذه الجملة تفيد بيان مزيّة المؤمنين الذين تحمّلوا الأذى من المشركين وصبروا عليه ولم يؤاخذوا به من آمن ممّن آذوهم مثل أخت عمر بن الخطّاب قبل إسلامه، ومثل صهره سعيد بن زيد، فقد قال«لقد رأيتني وإنّ عمر لموثقي على الإسلام قبل أن يسلم عمر» فكان في صبر سعيد خير دخل به عمر في الإسلام[7].

 

أقول:

فأين الأذى الذي تحمّله عمر في سبيل الإسلام؟ و هل كان من الممتحنين في شعب أبي طالب؟!
قال[ابن عاشور]: والمؤمنات المفتونات منهنّ: حمامة أمّ بلال أمة أميّة بن خلف، وزنيرة، وأمّ عنيس كانت أمة للأسود بن عبد يغوث، والنّهديّة وابنتها كانتا للوليد بن المغيرة، ولطيفة، ولبينة بنت فهيرة كانت لعمر بن الخطّاب قبل أن يسلم، كان عمر يضربها، وسميّة أمّ عمار بن ياسر كانت لعمّ أبي جهل[8].

 

أقول:

ومع ذلك تقضي ثقافة الكرسيّ أن يكون من عذّب المسلمين لأجل الإسلام أفضل عند الله من المسلمين الذين تعذبوا على يديه! بأيّ دليل؟ وبأيّ معيار؟ بدليل واحد هو أنّه تربّع على كرسي الحكم ولم يتربّعوا!
قال ابن الأثير: ومنهم: لبينة جارية بني مؤمل بن حبيب بن عدي بن كعب أسلمت قبل إسلام عمر بن الخطّاب، وكان عمر يعذّبها حتى تفتن ثمّ يدعها ويقول: إني لم أدعك إلا سآمة! فتقول: كذلك يفعل الله بك إن لم تسلم؛ فاشتراها أبو بكر فأعتقها. ومنهم: زنيرة وكانت لبني عديّ، وكان عمر يعذّبها؛ وقيل كانت لبني مخزوم وكان أبو جهل يعذّبها حتى عميت فقال لها: إنّ اللات و العزّى فعلا بك، فقالت: وما يدري اللاّت والعزّى من يعبدهما، ولكن هذا أمر من السّماء وربّي قادر على ردّ بصري، فأصبحت من الغد وقد ردّ الله بصرها فقالت قريش: هذا من سحر محمّد! فاشتراها أبو بكر فأعتقها [9].
وفي لباب النّقول عن الضّحّاك عن ابن عباس قال: نزلت هذه الآية{ أفمن زيّن له سوء عمله} حيث قال النبي(ص): اللّهمّ أعزّ دينك بعمر بن الخطّاب أو بأبي جهل بن هشام، فهدى الله عمر وأضلّ أبا جهل ففيهما أنزلت[10].

 

أقول:

أما أبو جهل فقد كانوا يقولون عنه:«مصفّر استه»[11]، ولا يمكن أن يكون مثل هذا مصدرا للعزّ، وعلى وجه الخصوص عزّ الإسلام! وأما عمر بن الخطّاب فيبقى الحكم للقارئ بعد إنهاء قراءة هذا الكتاب.
وعن عبد الله بن عامر بن ربيعة عن أمّه أم عبد الله بنت أبي حثمة قالت: والله إنّا لنرحل إلى أرض الحبشة فقد ذهب عامر في بعض حاجتنا إذ أقبل عمر بن الخطّاب (رض) حتّى وقف عليّ وهو على شركه، وكنّا نلقى منه البلاء والشّدّة علينا (!) فقال: إنّه الانطلاق يا أمّ عبد الله؟ فقلت: نعم والله، لخرجنّ في أرض الله آذيتمونا وقهرتمونا حتّى يجعل الله لنا مخرجا. فقال: صحبكم الله؛ ورأيت له رقّة لم أكن أراها، ثمّ انصرف وقد أحزنه فيما أرى خروجنا، قالت: فجاء عامر بن ربيعة من حاجته تلك فقلت: يا أبا عبد الله، لو رأيت عمر آنفا ورقّته وحزنه علينا! قال: فتطمعين في إسلامه؟ قلت: نعم. قال: لا يسلم الذي رأيت حتّى يسلم جمل الخطّاب! قال يائسا منه، ممّا كان يرى من غلظته وقسوته على الإسلام[12].
و عن حصين عن هلال بن يساف قال: أسلم عمر بن الخطّاب بعد أربعين رجلا وإحدى عشرة امرأة[13].
وقالوا في ترجمة زيد بن الخطّاب: " أخو عمر، كان قديم الإسلام، وشهد بدرا، واستشهد باليمامة سنة اثنتي عشرة "[14].

 

أقول:

وهذا يعني أنّ زيدا أسلم قبل أخيه عمر. وبناء على ما سبق من كون أخته وابنه أسلما قبله يكون عمر بن الخطّاب هو آخر آل الخطّاب إسلاما! وشهد زيد بن الخطّاب بدرا في قلب الهجوم وشهدها عُمر على كرسيّ الاحتياط.
وعن عبد الله بن عامر بن ربيعة عن أمّه ليلى قالت: كان عمر بن الخطّاب من أشدّ النّاس علينا في إسلامنا[15].
وعن أحمد بن أبي الحواري قال: سمعت أبا سليمان يقول قد أسكنهم الغرف قبل أن يطيعوه وأدخلهم النّار قبل أن يعصوه، وقد كان عمر بن الخطّاب يحمل الطّعام إلى الأصنام والله تعالى يحبّه[!] ما ضرّه ذلك عند الله طرفة عين[16].

 

أقول:

{ وما قدروا الله حق قدره}، انظر إلى أي مستوى بلغ بهم سوء الأدب مع الله تعالى، وإلاّ فكيف يقبل عاقل موحّد أن يكون الله تعالى محبّا للمشرك حال شركه؟! أوليس هو الذي قال في الكتاب الكريم{إنّما المشركون نجس}؟! فكيف يصف الله تعالى المشرك أنّه (نجس) ويحبّه حال شركه؟! وهل هناك عاقل يحبّ النّجس؟ وعلى كل حال لم يدّع عمر بن الخطّاب يوما أنّ الله تعالى يحبّه. وقد رووا عن علي(ع) أنّ رسول الله(ص) قال: «يا فاطمة، إنّ الله عز وجلّ يغضب لغضبك ويرضى لرضاك» أخرجه أبو سعد في (شرف النّبوة) والإمام عليّ بن موسى الرضا في مسنده وابن المثنّى في معجمه[17]. وعليه تغدو محبّة الله تعالى لعمر حال شركه أو إسلامه صعبة الإثبات، لأنّ فاطمة(ع) خرجت من الدّنيا غاضبة عليه. وقد قال رسول الله(ص) أيضا: «من أغضبها فقد أغضبني»[18]. وقد أغضبها عمر بن الخطاب فتحقّق منه الأذى لرسول الله(ص).
قالوا:استدلّ به السّهيلى على أنّ من سبّها[19] كفر وأنّها أفضل من الشّيخين . قال ابن حجر فيه نظر[20].

 

أقول:

كلّ ما من شأنه أن يشكّك في منزلة الشّيخين ففيه نظر عند ابن حجر وأتباع مدرسته، حتّى لو كان قرآنا فإنّه يجب تأويله بما ينسجم مع نظريّة أفضليّة الأربعة على التّرتيب والعشرة المبشّرين بالجنّة. وإلاّ فلماذا لم يخرج رسول الله(ص) بالشّيخين إلى المباهلة يوم وفد نجران؟!

 

سوء الأدب بمحضر النبي (ص):

لعلّ بعض القرّاء يصدمون إذا اكتشفوا أنّ بعض الصّحابة كانوا يقولون الكلام الفاحش البذيء أمام رسول الله(ص)، ولا يعتذرون من ذلك إلاّ إذا رأوا منه (ص) إعراضا يخشون أن يسقطهم نهائيّا من أعين النّاس.
قال ابن إسحاق: حتى إذا كان [رسول الله]بعرق الظبية ـ قال ابن هشام الظبية عن غير ابن إسحاق ـ لقوا رجلا من الأعراب، فسألوه عن الناس فلم يجدوا عنده خبرا، فقال له النّاس سلّم على رسول الله (ص) قال: أوفيكم رسول الله؟ قالوا: نعم . فسلّم عليه ثم قال: إن كنت رسول الله فأخبرني عمّا في بطن ناقتي هذه، فقال له سلمة بن سلامة بن وقش: لا تسأل رسول الله (ص) وأقبل عليّ فأنا أجيبك عن ذلك، نزوت عيها ففي بطنها منك سخلة! فقال رسول الله (ص): مه، أفحشت على الرّجل، ثمّ أعرض عن سلمة[21]..
أقول: وقد تصرّفوا في نقل القصّة وفق ما تقتضيه عدالة جميع الصّحابة، فحذف كلّ ناقل ما استبشعه، لكن لم يمكنهم حذف الكلام البذيء الذي تفوّه به سلامة بن وقش، لاستلزامه حذف كلام رسول الله(ص)، ولعلّ ذلك مما دعاهم إلى عدّ سلمة بن سلامة بن وقش ضمن المنافقين في ما بعد[22] .
وروى البخاري وغيره (بخصوص صلح الحديبية) قال: قال عروة عند ذلك: «أي محمّد أرأيت إن استأصلت أمر قومك هل سمعت بأحد من العرب اجتاح أهله قبلك؟ وإن تكن الأخرى فإنّي والله لا أرى وجوها، وإنّي لأرى أشوابا من النّاس خليقا أن يفرّوا ويدعوك. فقال له أبو بكر(رض): امصص ببظر اللاّت أنحن نفرّ عنه وندعه؟! فقال: من ذا؟ قالوا: أبو بكر. قال: أما والذي نفسي بيده لولا يد كانت لك عندي لم أجزك بها لأجبتك»[23].

 

أقول:

وإن تعجب فعجب قول الشّوكاني«وفيه جواز النّطق بما يستبشع من الألفاظ لإرادة زجر من بدا منه ما يستحقّ به ذلك» ! لكنّ ابن الجوزي استبشع العبارة فأبهم ولم يصرّح بأبي بكر بل قال: قال رجل من الصّحابة لبعض الكفّار «امصص ببظر اللاّت»، والبظر ما عند القطع[24]. وفي النّهاية في حديث الحديبية «امصص ببظر اللاّت البظر بفتح الباء الهنة التي تقطعها الخافضة من فرج المرأة عند الختان»[25].
فهل يستطيع عاقل تفسير هذه العبارة لأحد أولاده أو أقاربه؟وهل يستطيع شرح ذلك للتّلاميذ إن كان مدرّسا ؟! وإنما لكون الناطق بالكلام الفاحش بحضرة رسول الله (ص) أبا بكر جوّزوا النطق بما يستبشع وتجاهلوا حرمة رسول الله (ص) وقوله:" لي المؤمن بالبذيء"!
لاشكّ بعد هذا أنّ المعاصرين لرسول الله(ص) لم يكونوا يعرفون له حرمته؛ والكلام السّابق ومحلّ التّلفّظ به ـ بحضرة النبيّ الكريم(ص) ـ خير دليل على ذلك. فمن زعم أنّ الأمر كان على خلاف ذلك فليبيّن!
في تفسير البغوي: "عن ابن شهاب عن عبيد الله بن عبد الله بن عبّاس عن عمر بن الخطّاب (رض) أنّه قال: لما مات عبد الله بن أبي بن سلول دعي له رسول الله(ص) ليصلّي عليه فلما قام رسول الله(ص) وثبت إليه فقلت: يا رسول الله أتصلّي على ابن أبيّ بن سلول وقد قال يوم كذا وكذا و كذا ؟ أعدّد عليه قوله فتبسّم رسول الله(ص) وقال: أخّر عنّي يا عمر؛ فلمّا أكثرت عليه قال: إنّي خيّرت فاخترت، لو أعلم أنّي إن زدت على السّبعين يغفر له لزدت عليها. قال: فصلّى عليه رسول الله(ص) ثمّ انصرف فلم يمكث إلاّ يسيرا حتّى نزلت الآيتان من براءة:{ولا تصلّ على أحد منهم مات أبدا ولا تقم على قبره} إلى قوله: {وهم فاسقون} قال فعجبت بعد من جرأتي على رسول الله(ص) يومئذ والله ورسوله أعلم[26].

 

أقول:

الحديث وارد في صحيح البخاريّ[27]و مضمونه أنّه لما أراد النّبيّ الصّلاة على جنازة عبد الله بن أبيّ قال له عمر: أتصلّي عليه وقد قال كذا وكذا ؟ أليس قد نهاك الله أن تصلّي على المنافقين ؟ ويدلّ مضمون الحديث على أنّ النّهي عن الصّلاة على المنافقين الذي ورد في {ولا تصلّ على أحد منهم مات} نزل بعد هذه القصّة التي دارت بين النبي(ص) وبين عمر. و قد أثبتوا ـ من باب الموافقات ـ في الحديث أنّ الآية {ولا تصلّ على أحد منهم مات أبدا} نزلت بعد هذه الواقعة...فإذا كان ذلك كذلك، فمن أين اطّلع عمر على النهي قبل أن يتنزل الوحي المتعلق بالنهي ؟ وكيف اطلع عليه قبل أن يطّلع عليه من يتنزّل عليه الوحي ؟ كيف علم عمر أنّ الله تعالى نهى نبيّه (ص) و الآية المشتملة على النّهي لم تكن قد نزلت بعد ؟! ومن أين أتى عمر بهذا النّهي؟ ومثل هذا النّهي حكم شرعيّ وإنّما تتنزّل الأحكام على صاحب الشّريعة؛ والذين ذهبوا إلى الاستدلال بقوله تعالى {استغفر لهم أو لا تستغفر لهم إن تستغفر لهم سبعين مرة فلن يغفر الله لهم….}[28] يعلمون أنّه لا يليق بمن هو رحمة للعالمين إلاّ أن يكون بالمستوى اللاّئق لذلك، وهو إنّما يتألّف الآخرين بسلوكه تلك الطّريقة مع عبد الله بن أبيّ بن السّلول، عسى أن تلين قلوبهم لما يرون من رحمة من خلال تلك الصّلاة.
وأخرج البيهقيّ عن ابن عائذ قال: خرج رسول الله(ص)في جنازة رجل فلما وضع قال عمر بن الخطّاب لا تصلّ عليه يا رسول الله فإنّه رجل فاجر (!)فالتفت رسول الله(ص)إلى الناس قال هل رآه أحد منكم على الإسلام فقال رجل نعم يا رسول الله حرس ليلة في سبيل الله فصلى عليه رسول الله(ص)وحثى عليه التراب وقال:«أصحابك يظنون أنك من أهل النار وأنا أشهد أنك من أهل الجنة وقال يا عمر إنك لا تسأل عن أعمال الناس ولكن تسأل عن الفطرة[29] .

 

والقصة أخرجها ابن عبد البر كالتالي:

عن أبي عطيّة أنّ رجلا توفّي على عهد رسول الله(ص) فقال بعضهم يا رسول الله لا تصلّ عليه فقال رسول الله(ص): هل منكم من أحد رآه على شيء من أعمال الخير؟ فقال رجل: حرس معنا يا رسول الله ليلة كذا وكذا . فصلّى عليه رسول الله(ص) ومشى إلى قبره فجعل يحثو عليه التّراب ويقول: إنّ أصحابك يظنّون أنّك من أهل النّار، وأنا أشهد أنّك من أهل الجنّة ثمّ قال رسول الله(ص):لعمر (رض): إنّك لا تسأل عن أعمال النّاس، وإنما تسأل عن الغيبة[30].

 

أقول:

هذه واقعة ينبغي التوقف عندها والتّأمل بعين البصيرة واستحضار عظمة الله تعالى حين الحكم، فإنّ من أبغض الأمور إلى الله تعالى الحكم بالهوى، وهو الأمر الذي جلب لبني إسرائيل اللعن على لسان داوود وعيسى بن مريم. لدينا في هذه القصة شهادة من رسول الله(ص) للصّحابي المتوفّى يشهد له فيها بالجنة والنّجاة، ولدينا في نفس الواقعة شهادة عمر عليه بخلاف ذلك؛ وشهادة رسول الله (ص) مستندة إلى ما يريه الله تعالى وإلى ارتباطه الدائم بعالم الغيب . فإلام تستند شهادة عمر؟ وقد أمر النّاس في الإسلام بحسن الظّن، كما أمروا أن يذكروا موتاهم بخير. والاختلاف بين رسول الله (ص) وبين عمر بن الخطاب في هذه القضية واضح لا يحتاج إلى بيان، ولا يمكن بحال من الأحوال الجمع بين السلوكين، فمن شاء فليقتد برسول الله(ص)، ومن شاء فليقتد بعمر؛ وأقول مرة أخرى: الجمع بينهما لا يستقيم في العقول. ثمّ ما أعظمها وأنفعها كلمة من رسول الله(ص) إذ يقول لعمر: «إنّك لا تسأل عن أعمال النّاس». وانظر إلى ابن عبد البرّ يقول: «فقال بعضهم يا رسول الله لا تصلّ عليه» ثمّ يقول في ذيل الحديث: «ثمّ قال رسول الله(ص) لعمر (رض): إنّك لا تسأل عن أعمال النّاس»، ومن حقّ العاقل أن يتساءل لماذا يوجّه النبي(ص) كلامه إلى عمر ويترك «بعضهم» القائل؟! اللّهمّ إلاّ أن يكون «بعضهم» القائل هو عمر نفسه وذلك به أشبه، لأنّ له مثل هذا السّلوك يوم وفاة عبد الله بن أبيّ بن السّلول؛ لكنّه يعزّ على ابن عبد البرّ أن يقرّ بذلك ويعترف بالحقيقة خشية أن يتزعزع اعتقاده في الرّاشدين والعشرة المبشرين، وتتسرب تلك الزعزعة إلى تلامذته وأتباعه.
قال الزّهري في حديثه عن عروة عن (مروان) والمسور، ورواه أبو وائل عن سهل بن حنيف قال عمر بن الخطّاب (رض): فأتيت النبي(ص) فقلت: ألست نبيّ الله حقّا ؟ قال: بلى. قلت: ألسنا على الحقّ وعدوّنا على الباطل؟ قال: بلى. قلت: أليس قتلانا في الجنّة وقتلاهم في النّار؟ قال: بلى؛ قلت: فلم نعطي الدّنيّة في ديننا إذن ؟ قال: إنّي رسول الله ولست أعصيه وهو ناصري . قلت: أو ليس كنت تحدّثنا أنا سنأتي البيت فنطوف به ؟ قال: بلى، أفأخبرتك أنّا نأتيه العام ؟ قلت: لا . قال: فإنّك آتيه ومطوّف به . قال: فأتيت أبا بكر فقلت: يا أبا بكر، أليس هذا نبيّ الله حقّا ؟ قال: بلى؛ قلت: ألسنا على الحقّ وعدوّنا على الباطل ؟ قال: بلى؛ قلت: أليس قتلانا في الجنّة وقتلاهم في النّار ؟ قال: بلى. قلت: فلم نعطي الدنيّة في ديننا إذا ؟ قال: أيّها الرّجل ! إنّه رسول الله ليس يعصي ربّه، وهو ناصره، فاستمسك بغرزه فوالله إنّه على الحقّ . قلت: أليس كان يحدّثنا أنّا سنأتي البيت فنطوف به ؟ قال: بلى، أ فأخبرك أنّك تأتيه العام ؟ قلت لا . قال: فإنّك آتيه ومطوّف به . قال الزّهري: قال عمر: فعملت لذلك أعمالا[31].
يخيّل للسّامع أنّ الكلام في محلّه، والحال أنّه خلاف الواقع. وفي المغرب العربي مثل يقول: " يمدد المرء رجليه على قدر فراشه ". نعم، إنّما يدّعي الإباء الأبيّ فعلا، أمّا من لا يتحلّى بذلك ثمّ يدّعيه فإنّه كلابس ثوبي زور. كيف سمح عمر بن الخطّاب لنفسه بترديد تلك العبارة أمام رسول الله(ص) وكأنّه لم يعط الدّنيّة في دينه؟! أوليس هو الذي فرّ مرّة بعد مرّة تاركا رسول الله(ص) بين يدي الأعداء عرضة للقتل؟ أليس هذا من الدّنيّة؟ وهل هناك دنيّة على المسلم أعظم من فراره من المشرك ؟ ألم يشهد على نفسه بالفرار يوم أحد؟ ألم يشبه نفسه بالأروى في قوله: « أنزو كأنني أروى»؟ فكيف صار لا يعطي الدنية في دينه؟ إنّ الذي لا يعطي الدّنيّة في دينه لا يسلم نبيّه(ص) للقتل، ولا يفكّر في نجاة نفسه قبل نجاة نبيّه(ص) الذي هو أولى به من نفسه! وما أقبح بالمسلم أن يفرّ من المشرك بعد أن وعده الله تعالى إحدى الحسنين. وما أقبح به ذلك بعد أن عاهد الله تعالى ألا يفرّ من الزّحف{ ولقد كانوا عاهدوا الله من قبل لا يولّون الأدبار وكان عهد الله مسؤولا}[32].
ورووا أن ّ رسول الله« لما كان دوين بدر[33] أتاه الخبر بمسير قريش فأخبر رسول الله (ص) بمسيرهم واستشار الناس، فقام أبو بكر فقال فأحسن! ثمّ قام عمر فقال فأحسن ثمّ قال: يا رسول الله، إنّها قريش وعزّها! والله ما ذلّت منذ عزّت، ولا آمنت منذ كفرت، والله لا تسلم عزّها أبدا، و لتقاتلنّك، فاتّهب لذلك أهبته وأعد عدته»[34]..

 

أقول:

ما هو القول الحسن الذي قاله أبو بكر ولم يحفظه الرّواة؟ وما هو القول الحسن الذي قاله عمر قبل أن يبدأ بتخويف رسول الله(ص) وتثبيط العزائم وتعظيم شأن قريش؟! حقيقة ذلك نجدها في صحيح مسلم ومسند أحمد بن حنبل: عن ثابت عن أنس أن رسول الله (ص) حيث بلغه إقبال أبي سفيان قال فتكلّم أبو بكر فأعرض عنه! ثم تكلّم عمر فأعرض عنه! فقام سعد بن عبادة فقال: إيّانا تريد يا رسول الله؟ والذي نفسي بيده لو أمرتنا أن نخيضها البحار لأخضناها»[35]. وليس في الرواية
«فقام أبو بكر فقال فأحسن! ثمّ قام عمر فقال فأحسن»، وإنّما فيها أنّ النبي(ص) أعرض عنهما جميعا، عن أبي بكر أوّلا ثم عن عمر بعد ذلك. وانطلاقا من هذه الرواية أقول:
إذا كان كلام أبي بكر حسنا فلماذا أعرض عنه رسول الله(ص)؟! ومتى أعرض بسطاء المتخلّقين عن الحديث الحسن فضلا عن صاحب الخلق العظيم؟! وقد نقلوا كلام عمر لكون الكلمات النّابية كثيرة في حديثه، لكنهم حذفوا كلام أبي بكر خشية أن يختلّ الترتيب المعلوم فتسقط ورقة التّوت!
ويوم بدر كان لعمر موقف مشابه، وكان يريد قتل العبّاس بن عبد المطلب، والعباس لم يحارب رسول الله(ص) في مكّة لا بيد ولا بلسان. فقد استشار النبي(ص) النّاس في الأسرى يوم بدر فقال: إن الله قد أمكنكم منهم، فقام عمر بن الخطاب فقال: يا رسول الله أضرب أعناقهم فأعرض عنه النبيّ (ص) ثمّ عاد رسول الله(ص) فقال: يا أيها الناس إنّ الله قد أمكنكم منهم وإنما هم إخوانكم بالأمس. فقام عمر فقال: يا رسول الله اضرب أعناقهم فأعرض عنه النبي(ص)ثمّ عاد النبي(ص) فقال للنّاس مثل ذلك فقام أبو بكر الصديق (رض) فقال: يا رسول الله نرى أن تعفو عنهم وأن تقبل منهم الفداء. قال: فذهب عن وجه رسول الله (ص) ما كان فيه من الغم..[36].
فالحديث يصرّح أنّ رسول الله(ص) أعرض عنه مرّتين ويصرّح أيضا أنّ فعل عمر بن الخطاب تسبّب في ظهور الغمّ على وجه رسول الله(ص)، وهذا يعني أنه آذاه!
قال ابن تيمية: وكلّ من كان عالما بالصّحابة يعلم أنّ عمر(رض) كان متأدّبا معظّما بقلبه لأبي بكر(رض) شاهدا أنّه أعلى منه إيمانا ويقينا، فكيف يكون حال عمر وغيره مع النبيّ(ص)، وإذا كان هذا حال أفضل المحدّثين المخاطبين فكيف حال سائرهم[37] ..

 

أقول:

لابن تيمية الحقّ في أن يقول ما شاء، لكن ليس له الحقّ أن يفرض على النّاس ما لا دليل على صحّته، ويكفي لبيان سوء أدب من ذكرهم بحضرة الرّسول الكريم (ص) ما جرى يوم الحديبية بين أبي بكر وعروة بن مسعود الثّقفي، وتلك الكلمة القبيحة المستهجنة التي قالها أبو بكر بمحضر النبي (ص)ولم يرع له حرمته، إضافة إلى كلمة سلمة بن وقش قبله يوم بدر.
قال ابن القيّم: وذكر ابن الهادي عن محمّد بن إبراهيم التّيمي قال: قال عمر بن الخطّاب: «إياكم والرّأي فإنّ أصحاب الرّأي أعداء السّنن، أعيتهم الأحاديث أن يعوها وتفلّتت منهم أن يحفظوها فقالوا في الدّين برأيهم». وقال الشّعبي عن عمرو بن حريث قال: قال عمر بن الخطّاب (رض): «إيّاكم وأصحاب الرّأي فإنّهم أعداء السّنن، أعيتهم الأحاديث أن يحفظوها فقالوا بالرّأي، فضلّوا وأضلّوا»[38]. وأسانيد هذه الآثار عن عمر في غاية الصّحّة. وروى محمّد بن عبد السّلام الخشني عن عبيد الله بن عمر عن نافع عن ابن عمر عن عمر بن الخطّاب أنّه قال:« أيّها النّاس اتّهموا الرّأي في الدّين فلقد رأيتني وإنّي لأردّ أمر رسول الله(ص) برأيي فأجتهد ولا آلو وذلك يوم أبي جندل والكتاب يكتب وقال: اكتبوا بسم الله الرحمن الرحيم فقالوا: يكتب باسمك اللهمّ فرضي رسول الله(ص) وأبيت فقال: يا عمر تراني قد رضيت وتأبى[39]..؟!
يقول عمر بن الخطّاب "رضي رسول الله (ص) وأبيت "، وكأنّه شريك لرسول الله(ص) في رسالته ! ويقول القرآن الكريم: {وما كان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضى الله ورسوله أن تكون لهم الخيرة من أمرهم ومن يعص الله ورسوله فقد ضلّ ضلالا مبينا}[40]. فكأنّ عمر بن الخطاب لا يعلم أنّ من يخالف رسول الله (ص) في ضلال مبين. وانظر إلى قول النبي(ص) " تراني رضيت وتأبى " وتدبّر!! فإن يكن هذا وقع بعد نزول سورة الحجرات فهو تمرّد من جهة عمر، لقوله تعالى { لا تقدموا بين يدي الله ورسوله}[41] وإلاّ فهو سوء أدب.. ولا يفوت المتتبع أنّ عمر أوّل من فتح باب الرّأي بشهادة الصّحابة. روى البخاري في صحيحه عن عمران (رض) قال تمتعنا على عهد رسول الله (ص) فنزل القرآن قال رجل برأيه ما شاء[42]. والحديث موجود أيضا في صحيح مسلم وسنن النسائي وغيرهما.
وعن عبد الله بن سلام قال: لما أراد الله تعالى هدي زيد بن سعنة قال زيد بن سعنة: ما من علامات النبوة شيء إلاّ وقد عرفتها في وجه محمد (ص) حين نظرت إليه إلا اثنتين لم أخبرهما منه يسبق حلمه جهله ولا يزيده شدّة الجهل عليه إلاّ حلما ؛ فكنت ألطف له لأن أخالطه فأعرف حلمه من جهله . قال زيد بن سعنة: فخرج رسول الله(ص) يوما من الحجرات ومعه علي بن أبي طالب (رض) فأتاه رجل على راحلته كالبدوي فقال: يا رسول الله إنّ قرية بني فلان قد أسلموا ودخلوا في الإسلام وكنت حدّثتهم إن أسلموا أتاهم الرّزق وأصابتهم سنة وشدّة و قحط من الغيث، فأنا أخشى يا رسول الله أن يخرجوا من الإسلام طمعا كما دخلوا فيه طمعا؛ فإن رأيت أن ترسل إليهم بشئ تعينهم به فعلت . فنظر إلى رجل إلى جانبه أراه عليّا فقال: يا رسول الله، ما بقي منه شيء. قال زيد بن سعنة: فدنوت إليه فقلت: يا محمّد هل لك أن تبيعني تمرا معلوما من حائط بني فلان إلى أجل كذا وكذا؟ فقال: لا يا يهودي، ولكنّي أبيعك تمرا معلوما إلى أجل كذا وكذا ولا يسمي حائط بني فلان قلت: نعم. فبايعني فأطلقت همياني فأعطيته ثمانين مثقالا من ذهب في تمر معلوم إلى أجل كذا وكذا فأعطاها الرّجل فقال: أعجل عليهم وأعنهم بها. قال زيد بن سعنة: فلمّا كان قبل محلّ الأجل بيومين أو ثلاثة أتيته فأخذت بمجامع قميصه وردائه ونظرت إليه بوجه غليظ فقلت له: ألا تقضيني يا محمّد حقّي؟ فوالله ما علمتكم يا بني عبد المطّلب لمطل، ولقد كان لي بمخالطتكم علم، ونظرت إلى عمر بن الخطّاب (رض) وإذا عيناه تدوران في وجهه كالفلك المستدير ثمّ رماني ببصره وقال: يا عدوّ الله! تقول لرسول الله(ص) ما أسمع وتصنع به ما أرى؟ فو الذي بعثه بالحقّ لولا ما أحاذر قوّته لضربت بسيفي رأسك، ورسول الله(ص) ينظر إلى عمر في سكون وتؤدة وتبسّم ثمّ قال: يا عمر، أنا وهو كنّا أحوج إلى غير هذا، أن تأمرني بحسن الأداء وتأمره بحسن التّباعة. اذهب يا عمر فأعطه حقّه وزده عشرين صاعا من تمر مكان ما رعته"[43].

 

أقول:

قول النبي(ص)"رعته"صريح في أنّ عمر عنّف الرّجل بمحضره الشّريف، وهذا أمر غير مقبول، ولو كان مقبولا لما نزل قرآن

 

يقول

{ لا تقدموا بين يدي الله ورسوله}، غير أنّ عمر لم يلتفت إلى هذه الآية أبدا، وقد بقي يقدم بين يدي رسول الله(ص) حتى كان ما كان في رزية الخميس. والمغزى الثاني يستشفّ من قول النبي(ص)« أنا وهو كنّا أحوج إلى غير هذا» وهذا يعني أنّ عمر جانب الصواب وتسكّع في الخطإ! ثمّ انظر إليه يقول: « لضربت بسيفي رأسك » وسائل نفسك أين كان هذا السّيف يوم أحد ويوم خيبر ويوم حنين ويوم الأحزاب؟!!
وفي تفسير الزمخشري: كتب: بسم الله الرحمن الرحيم: هذا كتاب من محمد رسول الله لثقيف: لا يعشرون ولا يحشرون فقالوا: ولا يجبون . فسكت رسول الله(ص) ثم قالوا للكاتب: اكتب: ولا يجبون، والكاتب ينظر إلى رسول الله فقام عمر بن الخطّاب (رض) فسلّ سيفه وقال: أسعرتم قلب نبيّنا يا معشر ثقيف أسعر الله قلوبكم نارا ! فقالوا: لسنا نكلّم إيّاك، إنّما نكلّم محمّدا. فنزلت{ وإن كادوا ليفتنونك عن الذي أوحينا إليك }[44].
أقول:
وأنت ترى كيف تعاملوا معه ببرود بعد أن سلّ سيفه لعلمهم أنّ سيفه وسيفا من خشب بمنزلة واحدة . وقالوا له ببساطة ووضوح: «لسنا نكلّم إيّاك»، لأنّ ثقافة الكرسيّ لم تكن يومها قد أحاطت به تلك الهالة! ثمّ ما أسهل سلّ السيوف خارج ميدان الحرب!
قال ابن عاشور: وفي كلام عمر بن الخطّاب في صحيح البخاريّ أنّه قال للنّسوة اللاتي كنّ بحضرة النّبيّ فلمّا دخل عمر ابتدرن الحجاب لما رأينه
" يا عدوّات أنفسهن " [45].
وفي حديث عمر بن الخطّاب " أن رجلا جاء إلى رسول الله(ص) فسأله أن يعطيه فقال النبي(ص) ما عندي شيء ولكن ابتع عليّ فإذا جاءني شيء قضيته، فقال عمر: يا رسول الله ما كلّفك الله ما لا تقدر عليه، فكره النبيّ(ص) قول عمر . فقال رجل من الأنصار: يا رسول الله أنفق ولا تخش من ذي العرش إقلالا . فتبسّم رسول الله(ص) وعرف في وجهه البشر لقول الأنصاري ثمّ قال: " بهذا أمرت " . رواه الترمذي في كتاب الشمائل[46].

 

أقول:

النبي(ص) هو الذي يبيّن للنّاس ما كلّفهم الله تعالى وما لم يكلّفهم، لأنّه أعلم بذلك، وليس لهم أن يبيّنوا له شيئا، لأنّهم بين يديه بمنزلة الأعمى بين يدي البصير. لكنّ عمر لا يكتفي بالتدخّل في ما لا يعنيه مع الآخرين، بل يسمح لنفسه أن يشير على رسول الله(ص) بما لا يليق، وذلك واضح في قول الراوي " فكره النبيّ(ص) قول عمر ". وهذه الواقعة دليل على بعد عمر بن الخطّاب من الكرم والسّخاء. وقوله(ص) «بهذا أمرت» يعني أنه خلاف ما ذهب إليه عمر بن الخطاب المحدّث، فيبدو أن خطّ الاتصال هذه المرّة كان منقطعا، فانتهزها الشّيطان وقذف على لسان عمر ما قذف.
وفي معجم الطبراني عن نافع عن ابن عمر عن عمر (رض) أنّه قال: يا أيّها النّاس اتّهموا الرّأي على الدّين، فلقد رأيتني أردّ أمر رسول الله(ص) برأيي اجتهادا فوالله ما آلو عن الحقّ وذلك يوم أبي جندل والكتاب بين رسول الله(ص) وأهل مكّة فقال اكتبوا بسم الله الرحمن الرحيم فقالوا ترانا قد صدّقناك بما تقول؟ ولكنّك تكتب باسمك اللّهمّ، فرضي رسول الله(ص) وأبيت حتى قال لي رسول الله(ص) تراني أرضى وتأبى أنت؟ قال: فرضيت[47].

 

أقول:

تأمّل قول رسول الله(ص) «تراني أرضى وتأبى أنت» يتبيّن لك أنّ الرجل يتصرّف وكأن له وصاية على الإسلام، بل على رسول الله(ص) أيضا، وإلاّ فأي معنى لاعتراضه بعد أن رضي النبي(ص)، ومن هو عمر في حضور رسول الله(ص)؟ ومن الذي أذن الله أن يتكلّم باسم المسلمين ورسول الله(ص) حي يرزق في هذه الدّنيا؟
وقال النبي(ص) لعمر إذ نهى النّساء عن البكاء: دعهنّ يا عمر، فإنّ النّفس مصابة والعين دامعة والعهد قريب.

 

أقول:

انظر كيف يتصرّف بحضرة النبي(ص) دون استئذان[48]. وفي قول رسول الله(ص):« النّفس مصابة والعين دامعة والعهد قريب» إشارة إلى أن عمر غافل عن الإحساس بهذه الأمور، ولهذا هجم فيما بعد على بيت فاطمة(ص) و النّفس مصابة والعين دامعة والعهد قريب!
قال ابن حبّان: فلمّا طلع (سعد بن معاذ) على رسول الله(ص) قال رسول الله(ص): قوموا إلى سيدكم فأنزلوه . قال عمر: سيدنا الله! قال: أنزلوه. فأنزلوه فقال له: رسول الله(ص) احكم فيهم قال: فإنّي أحكم فيهم أن تقتل مقاتلتهم وتسبى ذراريهم وتقسم أموالهم. قال رسول الله(ص): لقد حكمت فيهم بحكم الله ورسوله[49].

 

أقول:

إنّما قال عمر"سيدنا الله" حسداً لسعد بن معاذ، فإنّ سيادة يشهد بها رسول الله(ص) غير مدفوعة، وقول عمر"سيّدنا الله " يوهم أنّ غير الله لا يوصف بالسّيادة وهو اعتقاد غير صحيح بدليل قوله تعالى: {وسيّدا وحصورا ونبيّا من الصّالحين}[50]وقوله تعالى{وألفيا سيّدها لدى الباب}[51]. على أنّهم نسبوا إلى عمر قوله «أبو بكر سيّدنا أعتق بلالا سيدنا»[52] . فكيف ينفرد الله تعالى بالسيادة حينما تنسب السيادة إلى سعد بن معاذ ثمّ يشاركه فيها أبو بكر وبلال وصاحب القولين واحد؟! لكنّ الذي لا شكّ فيه هو أنّ عمر بن الخطاب لم تطب نفسه للأنصار يوما من الأيام ولا أدلّ على ذلك من قصّة غلامه والغلام الأنصاري والهتاف المفرّق يومها حتى تدخّل النبي(ص) بنفسه وقال تلك العبارة التي لا تزال تدوي في مسمع الزمن:
«أبدعوى الجاهلية وأنا بين أظهركم »؟!

 

قال السيوطي:

وأخرج ابن جرير والطبراني من طريق ابن أبي مليكة عن عبد الله بن الزبير أنّ الأقرع بن حابس قدم على النبي(ص) فقال أبو بكر: يا رسول الله استعمله على قومه ! فقال عمر: لا تستعمله يا رسول الله ! فتكلّما عند النبيّ(ص) حتّى ارتفعت أصواتهما، فقال أبو بكر لعمر: ما أردت إلاّ خلافي، قال: ما أردت خلافك! فنزلت هذه الآية{يا أيّها الذين آمنوا لا ترفعوا أصواتكم فوق صوت النبي}[53] فكان عمر بعد ذلك إذا تكلّم عند النبي(ص) لم يسمع كلامه حتى يستفهمه.

 

أقول:

بل رفع صوته يوم كان رسول الله(ص) على فراش الموت بقوله «غلبه الوجع» و «إنّه يهجر» على رواية أخرى، وقد تفنّن المدافعون عنه في محاولة التبرير والتوجيه، واختاروا أن يكونوا في صفّه على أن يكونوا في صف رسول الله(ص)..
وعن نافع يعنى ابن عمر عن بن أبي مليكة قال ابن الزبير فما كان عمر يسمع النبي(ص) بعد هذه الآية حتى يستفهمه يعنى قوله تعالى{لا ترفعوا أصواتكم فوق صوت النبي}[54].
قال ابن كثير: ثمّ أتى [عمر] رسول الله(ص) فقال: يا رسول الله ألست برسول الله؟ قال: بلى. قال: أو لسنا مسلمين؟ قال: بلى. قال: أو ليسوا بالمشركين؟ قال: بلى. قال: فعلام نعطي الدّنيّة في ديننا؟ قال: أنا عبد الله ورسوله لن أخالف أمره ولن يضيّعني؛ وكان عمر(رض) يقول:
ما زلت أصوم وأتصدّق وأصلّي وأعتق من الذي صنعت يومئذ مخافة كلامي الذي تكلّمته يومئذ حتّى رجوت أن يكون خيرا[55].

 

أقول:

هذا اعتراف منه أنّه كان يومها على خطإ لكنّه ـ مع بالغ الأسف ـ بقي يخالف رسول الله(ص) في حياته و خالفه بعد وفاته، وخرج من الدّنيا مصرّا على مخالفته!
وتعجّب عمر من فصاحة رسول الله(ص)فقال له: يا رسول الله مالك أفصحنا ولم تخرج من بين أظهرنا؟ قال: كانت لغة إسماعيل قد درست فجاء بها جبريل عليه السلام فحفّظنيها فحفظتها[56].

 

أقول:

أين عمر بن الخطّاب من تدبّر قوله تعالى{وعلّمك ما لم تكن تعلم وكان فضل الله عليك عظيما}؟ وما أيسر لغة إسماعيل في جنب ما علّم تعالى الله نبيه(ص).
وروى النسائي وفي خصائص أمير المؤمنين(ع)أنّه كان لنفر من أصحاب رسول الله(ص)أبواب شارعة في المسجد، فقال رسول الله(ص) يوما: سدّوا هذه الأبواب إلا باب عليّ . فتكلّم في ذلك النّاس، فقام رسول الله (ص)، فحمد الله وأثنى عليه، ثمّ قال: أمّا بعد، فإنّي أمرت بسدّ هذه الأبواب غير باب عليّ، وقال فيه قائلكم، والله ما سددته ولا فتحته ولكنّي أمرت فاتّبعته [57].

 

أقول:

ما معنى تكلّم الناس؟ ومن هؤلاء الناس الذين تكلموا ؟
إنّ قوله(ص) " قال فيه قائلكم" صريح في أنّ أفعاله وتصرّفاته التي يفترض أنّها أقسام السّنّة (القول والفعل والتّقرير) كانت محلّ انتقاد بعض الصّحابة، فمن هم بالذّات ؟ الرّواية لا تسمّيهم بأسمائهم، لكنّ القرائن المنفصلة تشخّصهم لكلّ من تتبّع سيرة من كثرت اعتراضاتهم على رسول الله(ص) . وقد كان النّبي(ص) يردّ عليهم و يخطّئهم، ويبيّن لهم وجه الخطإ، ومع ذلك فقد استمرّوا في انتقاد تصرّفاته بدليل قول قائلهم أو قائليهم في تأميره أسامة بن زيد على جيش فيه جلّة المهاجرين والأنصار، وهناك أيضا خرج النبيّ(ص)يجرّ رجليه إلى المسجد وخطب فيهم وخطّأهم في ما ذهبوا إليه، ولكن ما تغني الآيات و النّذر ...
أشرف أبو سفيان (يوم أحد) فقال[58]: أفي القوم محمّد؟ فقال(ص): لا تجيبوه فقال: أفي القوم ابن أبي قحافة؟ قال: لا تجيبوه فقال: أفي القوم ابن الخطّاب؟ فقال: إنّ هؤلاء قتلوا فلو كانوا أحياء لأجابوا. فلم يملك عمر نفسه فقال: كذبت يا عدو الله، أبقى الله عليك ما يخزيك قال أبو سفيان: أعل هبل...[59].

 

أقول:

قوله " لم يملك عمر نفسه " يعني غلبته نفسه وهذا يعني أنّ رصيده في جهاد النفس قريب من الصّفر خصوصا بعد أن قال النبي(ص):«لا تجيبوه» ولا خلاف بين المسلمين في وجوب العمل بقوله تعالى {وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا} فعمر بن الخطاب في المقام مخالف لله تعالى ورسوله(ص).

 

نماذج من اعتراضات عمر على النبي(ص):

اعتراضات عمر بن الخطّاب على رسول الله(ص) كثيرة، اعترض عليه في حياته، وخالفه بعد وفاته، ويبقى المسلم متحيّرا في مبرّرات تلك الاعتراضات؛ هل كان عمر بن الخطاب شريكا لرسول الله(ص) في رسالته؟ هل كان لعمر بن الخطاب اتّصال بالسّماء أقوى من اتّصال رسول الله(ص)؟ هل كان عمر أحرص على الإسلام والمسلمين من رسول الله(ص)بعد قول الله تعالى{لقد جاءكم رسول من أنفسكم عزيز عليه ما عنتّم حريص عليكم بالمؤمنين رؤوف رحيم}؟ ومن حقّ الباحث المسلم ـ أو الباحث غير المسلم إن كان الإسلام يحرّم البحث في أحوال عمرـ أقول: من حقّه أن يتوقّف عند هذا ويتأمّل. ومع أنّ النّبي(ص)كان يغضب من تصرّفات عمر ويخطّئه في تلك الوقائع والأحداث إلاّ أنّ عمر تمادى في الاعتراضات حتى آخر لحظة من عمر النبي الكريم(ص) وكأنّه لم يقرأ قوله تعالى{لا تقدّموا بين يدي الله ورسوله}ولا قوله تعالى{من يطع الرسول فقد أطاع الله}[60]ولا قوله تعالى{فليحذر الذين يخالفون عن أمره أن تصيبهم فتنة أو يصيبهم عذاب أليم}[61] ولا قوله تعالى{وما كان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضى الله ورسوله أمرا أن يكون لهم الخيرة من أمرهم ومن يعص الله ورسوله فقد ضّل ضلالا مبينا}[62] وآيات كثيرة في هذا الباب؛ لابدّ أنّ عمر بن الخطّاب قرأها ولو مرّة، لكنّ الذي لا شكّ فيه أنّه لم يتدبّر الآيات ولم يفهم معانيها. ولو أنّه فهمها لأثمر ذلك الفهم طاعة بدل المخالفة، وانقيادا بدل الاعتراض، وتسليما تامّا بدل الجدال.
و لم يترك عمر مخالفته للنبي بعد وفاته (ص)، فهذا القوشجيّ الحنفيّ يذكر في شرح التّجريد في مبحث الإمامة ما نصّه أنّ عمر قال وهو على المنبر: أيّها النّاس ثلاث كنّ على عهد رسول الله(ص) وأنا أنهى عنهنّ وأحرّمهنّ وأعاقب عليهنّ: متعة النّساء . ومتعة الحجّ . وحيّ على خير العمل . ثمّ راح القوشجيّ يبرّر فعل عمر و يلتمس له العذر إذ يعتبره في ذلك مجتهدا فقال:" إن ذلك ليس مما يوجب قدحا فيه فإن مخالفة المجتهد لغيره في المسائل الاجتهادية ليس ببدع "[63].
يقول القوشجي:(مخالفة المجتهد لمثله)!وإذا، فرسول الله وعمر مثلان! هذا رأي متكلّمين من أهل القبلة في رجلين أحدهما بشّرت به الأنبياء والكتب السماوية[64]، والثاني عبد الصّنم أكثر من ثلاثين سنة، يقولون عنهما «مثلان»!
وروى البخاريّ في صحيحه عن ابن شهاب عن عبيد الله بن عبد الله عن ابن عبّاس قال: لما اشتدّ بالنبي(ص) وجعه قال ائتوني بكتاب اكتب لكم كتابا لا تضلّوا بعده قال عمر: إنّ النبي(ص) غلبه الوجع[!][65] وعندنا كتاب الله حسبنا فاختلفوا وكثر اللّغط قال: قوموا عنّى ولا ينبغي عندي التّنازع فخرج ابن عبّاس يقول: إنّ الرزيّة كل الرزيّة ما حال بين رسول الله(ص) وبين كتابه الكتاب[66].
و في رواية بكى ابن عبّاس حتى خضب دمعه الحصباء فقال: اشتدّ برسول الله(ص) وجعه فقال:أتوني بكتاب اكتب لكم كتابا لن تضلّوا بعده أبدا. فتنازعوا ولا ينبغي عند نبي التّنازع فقالوا: هجر رسول الله(ص)[67].

 

أقول:

من هم الذين قالوا؟ وهل يجوز لهم أن يقولوا مثل هذا؟ ولماذا لم يردّ عليهم أحد؟
قال ابن إسحاق: وحدّثني الزّهري، قال حدّثني أنس بن مالك قال: لمّا بويع أبو بكر في السّقيفة وكان الغد، جلس أبو بكر على المنبر، فقام عمر فتكلّم قبل أبى بكر، فحمد الله وأثنى عليه بما هو أهله، ثمّ قال: أيّها النّاس، إنّي كنت قلت لكم بالأمس مقالة ما كانت ممّا وجدتها في كتاب الله، ولا كانت عهدا عهده إلى رسول الله (ص)، ولكنّي قد كنت أرى[!] أن رسول الله سيدبّر أمرنا، يقول: يكون آخرنا، وإنّ الله قد أبقى في كم كتاب الذي به هدى الله رسوله (ص) فإن اعتصمتم به هداكم الله لما كان هداه له، وإنّ الله قد جمع أمركم على خيركم[68] صاحب رسول الله (ص)، ثاني اثنين إذ هما في الغار فقوموا فبايعوه، فبايع النّاس أبا بكر بيعة العامّة، بعد بيعة السّقيفة [69].
أقول: إذا كان عمر يرى أن رسول الله سيدبّر أمرهم، فلماذا يقول:
« حسبنا كتاب الله»، ما معنى «حسبنا كتاب الله» حين يكون رسول الله بين أظهرهم يدبّر أمرهم؟!
قال ابن كثير: وروى الإمام أحمد عن زهرة بن معبد عن جدّه قال: كنّا مع رسول الله(ص)وهو آخذ بيد عمر بن الخطّاب فقال: والله يا رسول الله لأنت أحبّ إليّ من كلّ شيء إلاّ من نفسي! فقال رسول الله(ص): «لايؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من نفسه». فقال عمر: فأنت الآن والله أحبّ إلي من نفسي فقال رسول الله(ص): « الآن يا عمر»[70].
نفس عمر أحبّ إليه من رسول الله (ص)، وإذا كان (ص) قد أصبح أحبّ إليه من نفسه فكيف طابت نفسه بالفرار عنه في المعارك وتركه بين أيدي الأعداء؟! وانظر إلى قولهم" وهو آخذ بيد عمر بن الخطّاب" يتبين لك بعد مكرهم في ما يرومون من اختلاق حميمية تمكّنهم من التّلاعب بمشاعر النّاس. ولنفرض أنّ رسول الله(ص)لم يقل في ذلك المقام«لايؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من نفسه»، هل كان عمر بن الخطاب يغير رأيه ويقول: « بل أنت أحب إلي من نفسي يا رسول الله»؟
وههنا عبارة لابن حزم تستحقّ أن يتوقّف عندها الباحثون، فإنّه ذكر رواية يصعب العثور عليها في أيّامنا، ولأنّ الراوي موثّق عند غير ابن حزم فإنّ المرء يبقى متحيّرا في المسألة. قال ابن حزم: وأمّا حديث حذيفة فساقط لأنّه من طريق الوليد بن جميع وهو هالك، ولا نراه يعلم من وضع الحديث، فإنّه قد روى أخبارا فيها أنّ أبا بكر وعمر وعثمان وطلحة وسعد بن أبي وقاص (رض) أرادوا قتل النبي (ص) وإلقاءه من العقبة في تبوك وهذا هو الكذب الموضوع الذي يطعن الله تعالى واضعه فسقط التعلق به[71].
والكلام حول الرواية أين ذهبت، لأنّها كانت موجودة على عهد ابن حزم، وليس رواية واحدة، فإنّه يقول "روى أخبارا"!
وقد ختم عمر بن الخطاب سيرته مع النبي(ص) بشيء يخالف قوله
"فأنت الآن والله أحبّ إلي من نفسي" . فعن عائشة قالت: ما علمنا بدفن رسول (ص) حتّى سمعنا صوت المساحي من جوف اللّيل ليلة الأربعاء، وصلّى عليه علي والعبّاس (رض) وبنو هاشم، ثم خرجوا ثم دخل المهاجرون ثم الأنصار ثمّ النّاس يصلّون عليه[72]. والمتتبع للروايات التي تتحدث عن دفنه(ص) لا يجد أثرا لعمر بن الخطاب، فأين كان عمر؟ وإذا كان النبي(ص) أحبّ إليه من نفسه فكيف غاب عن دفنه؟

________________________

[1] أعلام النبوة، الماوردي الشافعي، ج 1 ص 186 .

[2] مستدرك، الحاكم، ج3ص647 رقم 6377. : وعن عبد الجبّار بن عمر عن ابن شهاب قال: أسلم عبد الله بن عمر قبل أبيه.
[3] التحرير والتنوير، ابن عاشور، ج 1 ص 2400.
[4] التحرير والتنوير، ابن عاشور، ج 1 ص 1327.
[5] الطبقات الكبرى، محمد بن سعد ، ج 3 ص 268 .
[6] تفسير البغوي، ج 1، ص 374 .
[7] التحرير والتنوير، ج1 ص 3883.
[8] التحرير والتنوير، ج 1 ص 4784.
[9] الكامل في التاريخ، ابن الأثير، ج 2 ص 69 .
[10] ) لباب النقول، السيوطي، ج1 ص181 .
[11]الطبقات الكبرى ، محمد بن سعد، ج8ص44، ومجمع الزوائد ، ج6ص71 ومجمع الزوائد،ج6ص7 ، وتفسير الصنعاني، ج2ص253،ومصنف عبد الرزاق ، ج5 ص351 ومسند البزار ج2ص279 و وتاريخ مدينة دمشق ج38ص241 ج38ص249 و ج38ص254 .
[12] المستدرك، الحاكم النيسابوري، ج 4 ص 58 و59.
[13] مصنف ابن أبي شيبة، ج7ص12 تحت رقم33866 و تهذيب التهذيب، ج7ص386 .
[14] تقريب التهذيب ج1:ص223 تحت رقم2134.
[15] مجمع الزوائد، الهيثمي، ج6ص23 و المعجم الكبير، الطبراني، ج25ص29.
[16] حلية الأولياء، ج9ص257
[17] ذخائر العقبى في مناقب ذوي القربى، ج1 ص39.
[18] صحيح البخاري ج3 ص1361و صحيح البخاري ج3 ص1374 و الجمع بين الصحيحين ج3 ص372 و سنن النسائي الكبرى ج5 ص97 و سنن النسائي الكبرى ج5 ص148 و مصنف ابن أبي شيبة ج6 ص388 و الآحاد والمثاني ج5 ص361 و المعجم الكبير ج22 ص404 و خصائص علي ج1ص147 و فضائل الصحابة للنسائي ج1 ص78وفيض القدير ج4ص421 .
[19] أي فاطمة عليها السلام.
[20] فيض القدير ج4ص421 .
[21] السيرة النبوية، ابن هشام، ج3 ص160.
[22] وقال السيوطي في الدّرّ المنثور ج6 ص531 ـ 532: «وأخرج ابن مردويه عن أبي أمامة رضي الله تعالى عنه أن أعرابيا وقف على النبي ص) يوم بدر على ناقة له عشراء فقال يا محمد ما في بطن ناقتي هذه؟ فقال له رجل من الأنصار: دع عنك رسول الله (ص) وهلم إليّ حتى أخبرك وقعت أنت عليها وفي بطنها ولد منك فأعرض عنه رسول الله (ص) ثم قال إن الله يحب كل حي كريم متكرم ويبغض كل لئيم متفحّش ». والقصة أيضا في المستدرك على الصحيحين ج3ص472 و دلائل النبوة ج3ص106 و السيرة الحلبية ج2ص385 و سمط النجوم العوالي ج2ص47 و تاريخ الإسلام ج2ص106 .
[23]صحيح البخاري، ج3 ص975، وصحيح ابن حبان،ج11ص220 و النهاية في غريب الأثر ج1ص138 ، ونيل الأوطار، ج8ص197.
[24] غريب الحديث لابن الجوزي ج1 ص77. وصحيح ابن حبان ج11 ص220 .
[25] النهاية في غريب الأثر ج1.ص138 .
[26] تفسير البغوي، ج 1 ص 81 .
[27] صحيح البخاريّ، ج7 ص36، دار الفكر بيروت 1401 هـ.
[28] التوبة : 80.
[29] الإصابة في تمييز الصحابة، ابن حجر العسقلاني، ج7 ص277 و حلية الأولياء، أبو نعيم، ج1ص55 وشعب الإيمان، البيهقي، ج4 ص43 و الدّرّ المنثور، السيوطي، ج2ص421 ومرقاة المفاتيح، ج7 ص388 ومشكاة المصابيح، الخطيب التبريزي، ج2 ص1134.
[30] الاستيعاب، ابن عبد البر، ج4ص1716.
[31] تفسير البغوي، ج 1 ص 313 .
[32] الأحزاب،: 15.
[33] أي دون بدر بقليل.
[34] شرح نهج البلاغة ابن أبي الحديد ج14ص112 .
[35] صحيح مسلم، ج5ص170، ومسند أحمد، ج3ص219 و220 و ص243و257 ومستدرك الحاكم، ج3ص253 والبداية والنهاية ج3 ص263 والدّرّ المنثور ج4 ص20 ودلائل النبوة ج3 ص107 وتاريخ الإسلام ج2 ص106.
[36] مسند أحمد بن حنبل ج3 ص243ومجمع الزوائد الهيثمي ج 6 ص87 و السيرة الحلبية ج2 ص448 و البداية والنهاية ج3 ص296 و تفسير ابن كثير ج2 ص326. و تفسير ابن كثير ج2 ص326 و تفسير ابن كثير ج2 ص326 .
[37] العقيدة الأصفهانية، ابن تيمية، ج1 ص 157 .
[38] سنن الدارقطني ج4ص146، و فتح الباري ج13ص289، وجامع بيان العلم وفضله ج2ص135و الإحكام لابن حزم ج6ص213 و المدخل إلى السنن الكبرى ج1ص190.
[39] إعلام الموقعين، ابن القيم، ج1ص55.
[40]الأحزاب: 36.
[41] الحجرات:1.
[42] صحيح البخاري، ج2 ص 569 رقم1496. وصحيح البخاري ج4ص1642وصحيح مسلم ج2ص900وسنن النسائي الكبرى ج6ص300 وسنن الدارمي ج2ص55ومسند أحمد بن حنبل ج4ص429 والمعجم الكبير ج18ص123 وتهذيب الكمال ج26 ص581.
[43] الأحاديث الطوال، الطبراني ص 23 .
[44] الكشاف، الزمخشري، ج 1 ص 692 و التفسير الكبير، الرازي، ج21ص17.
[45] التحرير والتنوير، ابن عاشور، ج 1 ص 1005.
[46] التحرير والتنوير، ابن عاشور، ج 1 ص 4430.
[47] المعجم الكبير، الطبراني، ج1ص72 رقم 82 .
[48] الاستذكار، ج 3 ص 71.
[49] صحيح ابن حبان، ج15ص500 .
[50] آل عمران: 39.
[51] يوسف: 25.
[52] سير أعلام النبلاء الذهبي ج1 ص349 والرياض النضرة محب الدين الطبري ج2ص24 والصواعق المحرقة ابن حجر الهيتمي ج1 ص196 .
[53] الحجرات:2.
[54] مسند أحمد بن حنبل ج4ص4 تحت رقم16151.
[55]البداية والنهاية، ج4 ص 168.
[56] تاريخ مدينة دمشق ج53ص103 والخصائص الكبرى ج1ص108 و ج2ص308 جزء ابن غطريف ج1ص94 و الشمائل الشريفة ج1ص45 .
[57] خصائص أمير المؤمنين، ص 73 .
[58]صحيح البخاريّ ج4ص1486.
[59] وقد ورد بخصوص هذه القصّة ما يخالف ما جاء في البخاريّ وذلك في المستدرك على الصحيحين ج2ص324: فمكث ساعة فإذا أبو سفيان يصيح في أسفل الجبل أعل هبل أعل هبل! يعني آلهته. أين بن أبي كبشة أين بن أبي قحافة أين بن الخطّاب فقال عمر يا رسول الله ألا أجيبه قال: بلى فلما قال أعل هبل قال عمر: الله أعلى وأجل. فقال أبو سفيان: يا ابن الخطّاب، إنّه يوم الصّمت. فعاد فقال: أين ابن كبشة؟ أين ابن أبي قحافة؟ أين بن الخطّاب؟ فقال عمر: هذا رسول الله (ص)وهذا أبو بكر وها أنا ذا عمر! فقال أبو سفيان: يوم بيوم بدر،الأيام دول والحرب سجال . فقال عمر: لا سواء، قتلانا في الجنة وقتلاكم في النّار. قال: إنّكم لتزعمون ذلك، لقد خبنا إذا وخسرنا. ثمّ قال أبو سفيان: أما إنّكم سوف تجدون في قتلاكم مثلة، ولم يكن ذلك عن رأي سراتنا. ثم أدركته حميّة الجاهليّة فقال: أما إنه إذا كان ذلك لم نكرهه. قال الحاكم:هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه.
[60] النساء: 80.
[61] النور: 63.
[62] الأحزاب: 36.
[63] .شرح تجريد الاعتقاد، القوشجي، ص484 .
[64] في قوله تعالى:{ إذ أخذ الله ميثاق النبيين لما آتيتكم من كتاب وحكمة ثم جاءكم رسول مصدق لما معكم لتؤمنن به ولتنصرنه قال أأقررتم وأخذتم على ذلكم إصري قالوا أقررنا قال فاشهدوا وأنا معكم من الشاهدين› فمن تولى بعد ذلك فأولئك هم الفاسقون }.(آل عمران 81 ـ 82 ).
[65] ما دخل الوجع بعد قوله تعالى:{وما ينطق عن الهوى}، وهل يريد عمر أن يقول: إن الوجع بلغ برسول الله (ص) بحيث لم يعد يدري ما يقول؟
[66] صحيح البخاري، ج1 ص 36 ـ 37 كتاب العلم، باب كتابة العلم.
[67] صحيح البخاريّ، ج5 ص137. ورواه مسلم أيضا في كتاب الوصية ـ باب ترك الوصية.
[68] هذا كلام باطل بدليل قول جبريل لرسول الله في تبليغ براءة (ص): لا يبلغ عنك إلا أنت أو رجل منك، فلو كان أبو بكر خير الناس بعد رسول الله لما قال جبريل ذلك القول؛ فأبو بكر ليس من رسول الله فضلا عن أن يكون أفضل الخلق بعده!
[69] سيرة النبي(ص)، ابن هشام الحميري، ج 4 ص 1074 .
[70] مختصر ابن كثير، ج 2 ص 159.
[71] المحلى، ابن حزم، ج11 ص224
[72] سنن البيهقي الكبرى ج3 ص409و مصنف ابن أبي شيبة ج3 ص32 و مسند إسحاق بن راهويه، ج2 ص429 و مسند أحمد بن حنبل ج6 ص62 و ج6 ص274 و التمهيد لابن عبد البر، ج24 ص396 و التمهيد لابن عبد البر ج24 ص401 و شرح الزرقاني ج2 ص93 و الاستيعاب، ج1 ص47والطبقات الكبرى، ج2 ص305 و نصب الراية، ج2 ص305 و المبدع ج2 ص271 و الاستذكار، ج3 ص56 و شرح معاني الآثار ج1 ص514 و نيل الأوطار ج4 ص137 و تاريخ الطبري ج2 ص239 .

أضف تعليقك

تعليقات القراء

ليس هناك تعليقات
*
*

شبكة الإمامين الحسنين عليهما السلام الثقافية