شبكة الإمامين الحسنين عليهما السلام الثقافية

السيدة خديجة هل كانت متزوجة قبل النبي برجلين

2 المشاركات 03.0 / 5

سؤال: هل خديجة كانت متزوّجةً قبل النبيّ صلّى الله عليه وآله وسلّم من رجلَين، وكان لها منهما بنتان.. والحقيقة لم أعقل هذا، كما لم يتقبّله قلبي، فهل مِن تحقيقٍ تاريخيّ آخر حول هذا الموضوع ؟
الجواب: هو أنّ « هالة » أُخت أمّ المؤمنين خديجة عليها السّلام، كان تزوّجها رجلٌ مخزوميّ فوَلَدت منه بنتاً اسمها « هالة » أيضاً، ثمّ لمّا تُوفّي المخزوميّ خلَفَ عليها رجلٌ تميميّ يُقال له أبو هند، فأولدها ولداً اسمه « هند »، وكان لهذا التميميّ امرأةٌ أخرى قد ولدت له ابنتينِ هما: زينب ورقيّة، فماتت زوجة التميميّ، ومات التميميُّ أيضاً، فلَحِق « هند » ابن أبي هند بقومه من أبيه، فيما بقيت هالة ابنة التميميّ عند هالة أخت خديجة، وكذا زينب ورقيّة، فكَفَلَتْهم خديجةُ رضوان الله عليها جميعاً إذ كانت ميسورةَ الحال، وضَمَّتْهم إليها بعد أن تزوّجت بالنبيّ صلّى الله عليه وآله.. ولمّا ماتت هالة أخت خديجة، بقيَ الأطفال ثلاثتهم: زينب ورقيّة وهالة في حِجْر خديجة يرعاهنّ رسولُ الله صلّى الله عليه وآله، فأصبحنَ رَبائبه.
أتمّ تحقيق ذلك مِن خلال المصادر التاريخيّة: السيّد جعفر مرتضى العامليّ في كتابَيه: ( بنات النبيّ أم ربائبه ؟ ) و ( الصحيح من سيرة النبيّ الأعظم صلّى الله عليه وآله وسلّم.. دراسة وتحليل ج 1 ص 123.. وما بعدها )، ثمّ قال:
وكان العرب يزعمون أنّ الرَّبيبة بِنت، فنُسِبَتا ( أي الطفلتان ) إلى النبيّ صلّى الله عليه وآله، مع أنهما ابنتا أبي هند زوج هالةَ أختِ خديجة رضوان الله عليه.
وهنا، لا بأس بمراجعة المصادر التالية للوقوف على هذه الحقيقة: نسب قريش لمصعب الزبيري 157 ـ 158؛ الاستغاثة لأبي القاسم الكوفي 68:1 ـ 69؛ رسالة بطبعٍ حجريّ في آخر كتاب مكارم الأخلاق للطبري ص 6 بتحقيق السيّد جعفر مرتضى العاملي؛ الصحيح من سيرة النبيّ الأعظم للسيّد جعفر مرتضى العاملي 123:1 ـ 126 تحت عنوان: زوجتا عثمان، هل هما بنات النبيّ صلّى الله عليه وآله ؟! وعنوان: هل زينب ابنة الرسول صلّى الله عليه وآله أم رَبيبته ؟!
وثبت التحقيق العلميّ أنّ رسول الله صلّى الله عليه وآله لم يكن له بنت من نسائه إلاّ فاطمة الزهراء صلوات الله عليها وهي ابنة خديجة، ولم يكن له من الأبناء إلاّ: القاسم وبه كُنّيَ صلّى الله عليه وآله، فعاش حتّى مشى ثمّ تُوفّي، وعبدالله وقد تُوفّي وهو صغير، وكلاهما من السيّدة المكرّمة خديجة أمّ المؤمنين عليها السّلام. أمّا إبراهيم فهو ابنُ النبيّ صلّى الله عليه وآله من مارية القبطيّة، وهو الآخر تُوفّي صغيراً.. ليستمّر نسلُ رسول الله صلّى الله عليه وآله من ابنته الصدّيقة الكبرى فاطمة البتول سلام الله عليه، فيكون الأبناء ـ كما صرّحت آية المباهلة « أبناءَنا » ـ هم: الحسن والحسين صلوات الله عليهما، ويكون النساء ـ في آية المباهلة أيضاً « ونساءَنا » ـ هي: فاطمة الزهراء سيّدة نساء العالمين مِن الأوّلين والآخِرين، ويكون النفس ـ كذا في آية المباهلة « وأنفُسَنا » ـ هو: أمير المؤمنين عليُّ بن أبي طالب صلوات الله عليه.
وهنا فقط تتكامل الدوحة النبويّة الشريفة؛ وليس لرسول الله صلّى الله عليه وآله بنت غير فاطمة، ولا ينبغي أن تنمو وتربى هذه البنت الصدّيقة الطاهرة في رَحِمٍ قد دخله مشركان، أبداً لا يُعقَل ذلك! وكانت خديجة سلام الله عليها تُدعى في الجاهليّة بـ « الطاهرة »، وقد تقدّم إلى خِطبتها رجالات قريشٍ ووجوهها، فأبت، فكيف تقترن بنكرةٍ اسمه ( أبو هالة بن زرارة التميميّ )، ثمّ بعده بمجهول اسمه ( عتيق بن عائد المخزوميّ ) ؟!
وأين نحن عن عتاب نساء قريش عندما تزوجت خديجة رضوان الله عليها برسول الله صلّى الله عليه وآله، فقلن لها: خَطَبَكِ أشرافُ قريشٍ وأُمراؤُهم، فلم تتزوّجي أحداً منهم، وتزوّجتِ محمّداً يتيمَ ابي طالب فقيراً لا مالَ له! وهنا يقول أبو القاسم الكوفي في كتابه ( الاستغاثة 70:1 ): فكيف يجوز في نظر أهل الفهم أن تكون خديجةُ يتزوّجها أعرابيٌّ مِن تميم، وتمتنع عن سادات قريشٍ وأشرافها ؟! ألا يعلم ذوو التمييز والنظر أنّه مِن أبيَن المحال، وأفظعِ المقال ؟!
وقد روى: أحمد البلاذريّ في ( أنساب الأشراف )، والشريفُ المرتضى في ( الشافي )، والطوسي في ( تلخيص الشافي )، والكوفي في ( الاستغاثة ): أنّ النبي صلّى الله عليه وآله تزوّج بخديجة وكانت عذراء. ويراجع في هذا المورد: ( مناقب آل أبي طالب 59:1 ) لابن شهرآشوب، و ( بحار الأنوار ) للشيخ المجلسي، و ( رجال المامقاني )، و ( قاموس الرجال 431:10 ) للتستريّ محمّد تقي، و ( الإصابة في تمييز الصحابة 611:3 ـ 612 ) لابن حجر العسقلاني، و ( نسب قريش 22 ) لمصعب الزبيري، و ( السيرة الحلبيّة 140:1 ) للحلبي الشافعي، و ( أُسد الغابة في معرفة الصحابة 12:5 ـ 13 ، 71 ) لابن الأثير الجَزَري.

 

ولا بأس هنا بالوقوف على هذين الخبرين:

• زَوَّج أبوطالبٍ خديجةَ مِن النبي؛ وذلك أنّ نساء قريشٍ اجتمَعْنَ في المسجد ( الحرام بمكّة ) في عيد، فإذا هُنّ بيهوديّ يقول: لَيُوشِكُ أن يُبعَثَ فيكنّ نبيّ، فأيُّكُنّ استطاعت أن تكون له أرضاً يَطأُها فَلْتَفعَلْ. فحَصَبْنَه ( أي رَمَيَنَه بالحَصْباء « الحَصى » )، وقرّ ذلك القولُ في قلب خديجة.. ( بحار الأنوار 4:16 / ح 9 ـ عن مناقب آل أبي طالب 29:1 ـ 30، والعُدد القويّة للعلاّمة الحلي ).
• وقال أبو الحسن البكريّ ( وهو من مؤرّخي أهل السنّة ) في كتاب ( الأنوار ): مرّ النبيّ صلّى الله عليه وآله يوماً بمنزل خديجة ( قبل زواجهما )، وهي جالسة في ملأ من نسائها وجواريها وخدمها، وكان عندها حَبْرٌ مِن أحبار اليهود، فلمّا مرّ النبيُّ صلّى الله عليه وآله نظر إليه ذلك الحَبْر وقال:
يا خديجة، اِعلمي أنّه مرّ الآن ببابِك شابّ حَدَثُ السنّ، فأْمُري مَن يأتي به. فأرسَلَت إليه جاريةً مِن جواريها وقالت له:
يا سيّدي، مولاتي تطلبك. فأقبَل ودخل منزلَ خديجة، فقالت: أيّها الحَبْر، هذا الذي أشَرتَ إليه؟ قال: نعم، هذا محمّدُ بن عبدالله.. اكشِفْ لي عن بطنك. فكشَف له، فلمّا رآه قال: هذا واللهِ خاتَمُ النبوّة. فقالت خديجة للحبر:
لو رآك عمُّه وأنت تُفتّشه لَحلَّتْ عليك منه نازلةُ البلاء، وإنّ أعمامه لَيَحذرون عليه مِن أحبار اليهود.
الحبر: ومَن يَقْدِر على محمّدٍ هذا بسوء ؟! هذا وحقِّ الكليم، رسولُ المَلِك العظيم في آخر الزمان، فطُوبى لمن تكون لها بعلاً، وتكون له زوجةً وأهلاً! فقد حازت شرفَ الدنيا والآخرة!
فتعجّبت خديجة، وانصَرَف محمّدٌ وقد اشتغل قلبُ خديجة بنت خويلد بحبّه... ثمّ قال لها الحبر: احفَظي ما أقول لكِ يا خديجة. وأنشأ يقول:
يا خديجـة لا تَنْسَي الآن قَولي وخُذي منه غايـةَ المـحصولِ يا خديجة هـذا النبيُّ بـلا شَكْكٍ، هكذا قد قرأتُ فـي الإنجيلِ سوف يأتـي مِن الإلـهِ بوحيٍ ثـمّ يُحبى مـن الإله بالتنـزيلِ ويُزوِّجُـه بالـفَخـارِ ويَحظىفي الورى شامخاً على كلِّ جيلِ
فلمّا سمعت خديجة ما نطق به الحَبر، تعلّق قلبُها بالنبيّ صلّى الله عليه وآله، وكَتَمتْ أمرَها. فلمّا خرج مِن عندها قال: اجتَهِدي ألاّ يفوتَكِ محمّد، فهو الشرف في الدنيا والآخرة.. إلى آخر قصّة زواجهما( بحار الأنوار 20:16 ـ 21 .. وما بعدها / ح 19 ).
هذا.. وقد نقل لنا التاريخ أنّ خديجة سلام الله عليها كانت شريفة قريش أوّلاً، وقريبة رسول الله صلّى الله عليه وآله حيث هي ابنة عمّه من أربعة أظْهُر، ثانياً، وثالثاً كانت على دِين الحنيفيّة على ملّة إبراهيم الخليل صلوات الله عليه، مُوحِّدةً عارفة، ومنتظِرةً للنبيِّ الآخِر الخاتم.. ورابعاً، هنالك تحقيقٌ علميٌّ يُثبت أن خديجة تزوجت برسول الله صلّى الله عليه وآله ولم يكن عمرها قد تجاوز 25 سنة أو 28 سنة كما صرّح ابن عبّاس ( يراجع: تاريخ الخميس للدياربكري 264:1 ، والسيرة الحلبيّة للحلبي 140:1 ، وبحار الأنوار 12:16 ، 19 ، والبداية والنهاية لابن كثير 295:2 ، والصحيح مِن سيرة النبيّ الأعظم صلّى الله عليه وآله وسلّم 126:1 ـ 127، ومحمّد رسول الله سيرته وأثره في الحضارة لجلال مظهر 45 ).
والحمد لله ربّ العالمين، وصلّى الله على حبيبه المصطفى وآله الميامين.

أضف تعليقك

تعليقات القراء

ليس هناك تعليقات
*
*

شبكة الإمامين الحسنين عليهما السلام الثقافية