شبكة الإمامين الحسنين عليهما السلام الثقافية

وارثة الفصاحة والبلاغة زينب ابنة علي ( عليها السلام )

0 المشاركات 00.0 / 5

وارثة الفصاحة والبلاغة زينب ابنة علي ( عليها السلام ) *

اقتباس شبكة الإمامين الحسنَين

( عليهما السلام )

الفصاحة هي : الإبانة والظهور ، يُقال : كاتب فصيح وشاعر فصيح .

والبلاغة هي : الوصول والانتهاء ، يُقال : كلام بليغ وإنسان بليغ .

ويجمعها حسن الكلام .

قال أبو هلال العسكري :

إنّما يحسن الكلام بسلاسته وسهولته ، وتَخيّر لفظه ، وإصابة معناه ، وجودة مَطَالِعه ، ولِيْن مَقَاطعه ، واستواء تقاسيمه ، وتعادل أطرافه ، وتشبّه أعجازه بهواديه ، وموافقة مآخره لمباديه ، فتجد المنظوم مثل المنثور ، في سهولة مَطْلعه ، وجودة مقْطعه ، وحسن رَصْفه وتأليفه ، وكمال صَوْغِهِ وتركيبه ، ومتى جَمع الكلام بين العذوبة والجزالة ، والسهولة والرصانة ، والرَوْنق والطلاوة ، وسَلِم مِن حيف التأليف ، وبَعُد من سَماجة التركيب ، وردّ على الفهم الثاقب فقَبِلَه ولم يردّه ، وعلى السمع المُصيب فاستوعبه ولم يَمجه ، والنفس تقبل اللطيف ، وتنبو عن الغليظ ، والفهم يأنس بالمعروف ، ويسكن إلى المألوف ، ويصغي إلى الصواب ، ويهرب من المحال ، وليس الشأن في إيراد المعاني ، فالمعاني يعرفها العربي والعجمي ، والقروي والبدوي ، وإنّما هو جودة اللفظ وصفاؤه ، وحسنه وبهاؤه ، ونزاهته ونقاؤه ، وليس يُطلب من المعنى إلاّ أنْ يكون صواباً مستقيماً ، أمّا اللفظ فلا يقنع به قانع حتى يكون على ما وصفناه .

وهذا الذي ذكره لا ينطبق كل الانطباق إلاّ على كلام سيد الفصحاء وإمام البلغاء أمير المؤمنين عليه السلام ، الذي قيل فيه : كلامُه فوق كلام المخلوق ودون كلام الخالق ، والشاهد على هذا القول هو كتاب نهج البلاغة الذي جمعه الشريف الرضي ( رضي الله عنه ) من كلامه عليه السلام ، وننقل هنا كلمة العلاّمة الشيخ محمد عبده فيه ، فإنّها كلمة ثمينة لا يمكن الإعراض عنها ، قال :

أوفى لي حُكْم القدر بالإطلاع على كتاب نهج البلاغة مصادفة بلا تعمّل ، أصبته على تغير حال ، وتبلبل بال ، وتزاحم أشغال ، وعطلة من أعمال ، فحسبتُه تسلية ، وحيلة للتخلية ، فتصفّحتُ بعض صفحاته ، وتأمّلت جُمَلاً من عباراته ، من مواضع مختلفات ، ومواضيع متفرّقات ، فكان يُخيّل لي في كل مقام أنّ حروباً شبّت ، وغارات شُنّت ، وأنّ للبلاغة دولة ، وللفصاحة صولة ، وأنّ للأوهام عَرَامَة ، وللريب دعارة ، وأنّ جحافل الخطابة ، وكتائب الذرابة ، في عقود النظام ، وصفوف الانتظام ، تنافح بالفصيح الأبلج ، والقويم الأملج ، وتمتلج المهج برواضع الحجج ، فتفلّ من دعارة الوساوس ، وتصيب مقاتل الخوانس ، فما أنا إلاّ والحق منتصر ، والباطل منكسر ، ومرج الشك في خمود ، وهرج الريب في ركود ، وإنّ مدبّر تلك الدولة ، وباسل تلك الصولة ، هو حامل لوائها الغالب ، أمير المؤمنين علي بن أبي طالب .

بل كنت كلّما انتقلت من موضع إلى موضع أحسّ بتغير المشاهد ، وتحوّل المعاهد : فتارة كنت أجدني في عالم يعمره من المعاني أرواح عالية ، في حلل من العبارات الزاهية ، تطوف على النفوس الزاكية ، وتدنو من القلوب الصافية ، تُوحي إليها رشادها ، وتقوم منها مرادها ، وتنفر بها عن مداحض المزال ، إلى جواد الفضل والكمال .

وطوراً كانت تتكشّف لي الجُمَل عن وجوه باسرة ، وأنياب كاشرة ، وأرواح في أشباح النمور ، ومخالب النسور ، قد تحفّزتُ للوثاب ، ثمّ أنقضت للاختلاب ، فخلبتْ القلوب عن هواها ، وأخذتْ الخواطر دون مرماها ، واغتالتْ فاسد الأهواء ، وباطل الآراء .

وأحيانا كنتُ أشهد أنّ عقلاً نورانيّاً ، لا يشبه خلقاً جسدانيّاً ، فصل عن الموكب الإلهي واتّصل بالروح الإنساني ، فخلعه عن غاشيات الطبيعة ، وسما به إلى الملكوت الأعلى ، ونما به إلى مشهد النور الأجلى ، وسكن به إلى عمار جانب التقديس ، بعد استخلاصه من شوائب التلبيس .

وآناتٌ كأنّي أسمع خطيب الحكمة ينادي بأعلياء الكلمة ، وأولياء أمر الأئمّة ، يُعرّفهم مواقع الصواب ، ويبصّرهم مواضع الارتياب ، ويحذّرهم مزالق الاضطراب ، ويرشدهم إلى دقائق السياسة ، ويهديهم طرق الكياسة ، ويرتفع بهم إلى منصّات الرئاسة ، ويصعدهم شرف التدبير ، ويُشرف بهم على حسن المصير . انتهى .

إنّ هذه الفصاحة العلوية والبلاغة المرتضوية ، قد ورثتْها هذه المخدّرة الكريمة ، بشهادة العرب أهل البلاغة والفصاحة أنفسهم ، فقد تواترت الروايات عن العلماء وأرباب الحديث بأسانيدهم عن حذلم بن كثير ، قال :

قدمتُ الكوفة في المحرّم سنة إحدى وستين عند مُنْصَرف علي بن الحسين ( عليهما السلام ) من كربلاء ، ومعهم الأجناد يحيطون بهم ، وقد خرج الناس للنظر إليهم ، فلمّا أقبلوا بهم على الجمال بغير وِطاء وجعلنَ نساء الكوفة يبكينَ وينشدنَ ، فسمعتُ عليَّ بن الحسين ( عليهما السلام ) يقول بصوت ضئيل وقد نهكتْه العلّة وفي عنقه الجامعة ويده مغلولة إلى عنقه : ( إنّ هؤلاء النسوة يبكينَ ، فمَنْ قَتَلَنَا ؟ ) .

قال : ورأيتُ زينب بنت علي ( عليها السلام ) ولم أَرَ خَفِرَة أَنْطَق منها كأنّها تُفرِغ عن لسان أمير المؤمنين ( عليه السلام ) ، قال : وقد أَوْمأَتْ إلى الناس أنْ اسكتوا ، فقالت ( عليها السلام ) :

الحمد لله والصلاة على محمد وآله الطيبين الأخيار ، أمّا بعد ، يا أهل الكوفة ، يا أهل الخَتَر (1) والغدر ، أتبكون ؟ فلا رَقَأتْ الدمعة ولا هدأتْ الرَنّة ، إنّما مَثَلُكُم (2) كَمَثَلِ التي نقضتْ غَزْلَهَا مِن بَعْد قوّة أنْكَاثَاً ، تتّخِذونَ أَيْمَانَكم دَخَلاً (3) بَيْنَكم ، أَلاَ وهل فيكم إلاّ الصَلِف (4) والنَطِف (5) ، والكذب والشَنِف (6) ، ومَلَق الإماء ، وغَمْز الأعداء ، أو كمرعى على دِمْنَةٍ (7) أو كَفِضّةِ على مَلْحُودَةٍ ، أَلاَ ساءَ ما قدَمتْ لكم أنفسُكم أنْ سَخطَ الله عليكم وفي العذاب أنتم خالدون .

أَتَبْكون وتَنْتَحِبون ؟ إي والله ، فابْكُوا كثيراً واضْحَكُوا قليلاً ، فَلَقد ذهبتُم بِعَارِها وشَنَارِها ولَنْ ترحضوها بغسل بعدها أبداً  ، وأنّى ترحضون قَتْل سليل خاتم النبوّة ومَعْدِن الرسالة وسيّد شباب أهل الجنّة ، وملاذ حيرتكم ، ومَفزَع نازلتِكم ، ومَنَار حجّتكم ، ومِدْرَهِ سنّتكم ؟ أَلاَ ساءَ ما تَزِرون ، وبُعْدَاً لكم وسُحْقَاً ، فَلَقَد خابَ السَعْي ، وتبّتْ الأيدي ، وخَسِرَتْ الصفقة ، وبِئْتُم بغضب من الله وضُرِبَتْ عليكم الذلّة والمسكنة .

ويْلَكُم يا أهل الكوفة ،أَتَدْرُونَ أيَّ كَبِدٍ لرسولِ اللهِ فَرَيْتُم  ، وأي كريمة له أبرزتم ، أيَّ دَمٍ له سفكتُم ، وأَيّ حُرْمَةٍ له انتهكتُم ؟ ولقد جِئْتُم بها صلعاء عَنْقاء (8) سوداء ، فقماء ، خَرْقَاء ، شوهاء ، كطلاع (9) الأرض ، أو ملأ السماء ، أَفَعَجِبْتُم أنْ مَطَرَتِ السَماءُ دَمَاً ، ولَعَذابُ الآخرةِ أَخْزَى وأنتم لا تُنْصَرون ، فلا يَسْتَخِفَّنّكُم المَهْل ، فإنّه لا يحفزه (10)  البِدَار ، ولا يخاف فوت الثار ، وإنّ ربّكم لَبِالمِرْصَاد .

قال الراوي :

فو الله لقد رأيتُ الناس يومئذ حيارى يبكون ، وقد وضعوا أيديهم في أفواههم ، ورأيتُ شيخاً واقفاً إلى جنبي يبكي حتى اخضلّتْ لحيته بالدموع ، وهو يقول : بأبي أنتم وأُمّي : كهولكم خيرُ الكهول ، وشبابُكم خيرُ الشباب ، ونساؤكم خيرُ النساء ، ونَسْلُكم خيرُ نسل ، لا يُخزى (11) ولا يُبزى .

أقول :

وهذا حذلم بن كثير من فصحاء العرب أخذه العجبُ من فصاحة زينب وبلاغتها ، وأخذتْه الدهشة من براعتها وشجاعتها الأدبيّة ، حتى أنّه لم يتمكّن أنْ يشبّهها إلاّ بأبيها سيّد البلغاء ، فقال : كأنّها تُفرِغ عن لسان أمير المؤمنين .

وهذه الخطبة رواها كل مَن كَتَبَ في وقعة الطف ، أو في أحوال الحسين ( عليه السلام ) ، ورواها :

* الجاحظ في كتابه ( البيان والتبيين ) عن خزيمة الأسدي ، قال : ورأيتُ نساء الكوفة يومئذ قياماً يندبْنَ مهتكات الجيوب .

* ورواها أيضاً أبو الفضل أحمد بن أبي طاهر بن طيفور في ( بلاغات النساء ) .

* وأبو المؤيّد الموفّق بن أحمد الخوارزمي في الجزء الثاني من كتابه ( مقتل الحسين ) .

* والطوسي ـ شيخ الطائفة ـ في أَمَالِيْه ، وغيرهم من أكابر العلماء .

ومِن بلاغتها وشجاعتها الأدبيّة ما ظهر منها (ع) في مجلس ابن زياد :

قال السيد ابن طاووس وغيرهم وممّن كتب في مقتل الحسين (ع) : إنّ ابن زياد (لع) جلس في القصر وأَذِنَ للناس إذنَاً عامّاً ، وجِئَ برأس الحسين (ع) فوُضع بين يديه ، وأُدْخِلَتْ عليه نساء الحسين (ع) وصبيانه ، وجاءتْ زينب بنت علي (ع) وجلستْ متنكّرة ، فسأل ابن زياد (لع) : مَن هذه المتنكرة ؟
فقيل له : هذه زينب ابنة علي (ع) .
فأقبل عليها فقال : الحمد لله الذي فضحكم وأَكْذَبَ أُحْدُوثَتَكم (12) .
فقالتْ (ع) : إنّما يُفْتَضَحُ الفَاجِرُ ويُكَذَّبُ الفَاسِقُ وهو غَيْرُنا .
فقال : كيفَ رأيتِ صُنْعَ اللهِ بأخِيْكِ وأهل بيته ؟
فقالتْ : ما رأيتُ إلاّ خيراً ، هؤلاء قومٌ كتب اللهُ عليهم القَتْل فبَرَزُوا إلى مضاجعهم ، وسيجمع الله بينَكَ وبينَهُم فَتُحَاجّ وتُخَاصَم ، فانْظُرْ لِمَنْ الفَلَج يَومئذٍ ، ثَكَلَتْكَ أُمُّك يا بن مرجانة .

فغضب اللعين وَهَمّ أنْ يضربها ، فقال له عمرو بن حريث : إنّها امرأة والمرأة لا تُؤاخَذ بشيء مِن مَنْطِقِهَا ، فقال لها ابن زياد (لع) : لقد شفى الله قلبِي مِن طَاغِيَتِكِ الحسين والعصاة المَرَدَة مِن أهل بيتكِ .
فقالتْ : لَعمري ، لقد قَتَلْتَ كَهْلِي وقَطَعْتَ فَرْعِي واجْتَثَثْتَ أَصْلِي ، فإنْ كان هذا شفاؤك فَلَقَد اشْتَفَيْتَ .
فقال (لع) : هذه سَجّاعة ، ولعمري ، لقد كان أبوها سجّاعاً شاعِرَاً .
فقالتْ : يا بن زياد ، ما للمرأة والسجاعة ، وإنّ لِي عن السَجَاعَةِ لَشُغْلاً .

ومن ذلك : خطبتها في مجلس يزيد بن معاوية في الشام ، رواها جماعة من العلماء في مصنّفاتهم ، وهي من أبلغ الخطب وأفصحها ، عليها أنوار الخطب العلوية وأسرار الخطبة الفاطمية (13) ، ونحن ننقلها هنا من الاحتجاج للطبرسي :

قال :

روى شيخ صدوق من مشائخ بني هاشم وغيره من الناس : أنّه لمّا دخل علي بن الحسين عليهما السلام وحَرَمُه على يزيد وجِيْء برأس الحسين عليه السلام ووضُع بين يديه في طشت ، وجعل يضرب ثناياه بمِخْصَرَةٍ كانت في يده وهو يقول :

لَيـت أشيـاخي ببـدرٍ شَهِدوا = جَزَع الخزرج من وَقـع الأسَلْ

إلى آخر الأبيات .

فقامتْ زينب بنت علي بن أبي طالب ، وأُمّها فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وآله ، وقالتْ :

الحمد لله رب العالمين ، وصلّى الله على رسوله وآله أجمعين ، صدق الله سبحانه كذلك يقول : ( ثُمَّ كَانَ عَاقِبَةَ الَّذِينَ أَسَآءُوا السُّوأَى أَنْ كَذَّبُوا بِآَيَاتِ اللَّهِ وَكَانُوا بِهَا يَسْتَهْزِئُونَ ) .

أظننتَ يا يزيد ـ حيث أَخَذْتَ علينا أقطار الأرض وآفاق السماء ، فأصبحنا نُسَاق كما تُسَاق الأُسراء ـ أنّ بنا هواناً على الله ، وبك عليه كرامة ، وأنّ ذلك لعظم خطرك عنده ، فَشَمِخْتَ بأنْفِكَ ، ونظرتَ في عطفك ، تضرب أصدريك (14) فرحا ، وتنفض مذوريك مرحا ، جذلان مسروراً حيث رأيتَ الدنيا لك مُسْتَوْسِقَة (15) والأمور مُتّسِقَة ،وحين صفا لك مُلْكُنا وسلطاننا ، فمهلاً (16) مهلاً ، أَنَسِيْتَ قَوْل الله تعالى : ( وَلاَ يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّمَا نُمْلِي لَهُمْ خَيْرٌ لأَنْفُسِهِمْ إِنَّمَا نُمْلِي لَهُمْ لِيَزْدَادُوا إِثْماً وَلَهُمْ عَذَابٌ مُهِينٌ ) ، أَمِنَ العدل يا بن الطلقاء (17) تَخْدِيْرك حرائرك وإِمَائِك ، وسَوْقك بنات رسول الله سبايا ، قد هتكتَ ستورهن ، وأَبديْتَ وجوههنّ ، تَحْدُو بهنّ الأعداء من بلد إلى بلد ويستشرفهنّ أهلُ المناهِل والمناقِل ، ويتصفّح وجوههنّ القريبُ والبعيدُ ، والدنيُّ والشريف ، ليس معهنّ مِن رجالهنّ وليّ ، ولا مِن حُماتهنّ حَمِي ؟ وكيف ترتجي مراقبة ابن مَن لفظ فوه أكباد الأزكياء ، ونبتُ لحمه من دماء الشهداء ؟!

وكيف يستبطأ في بغضنا أهل البيت من نظر إلينا بالشَنَفِ والشَنَآن ، والإحَن والأضغان ؟!

ثمّ تقول غير متأثّم ولا مستعظم :

 لأَهَلُّوا واسْتَهَلُّوا فَرَحَاً = ثُمّ قَالُوا يا يزيد لا تُشَل

منحنياً على ثنايا أبي عبد الله ـ سيد شباب أهل الجنّة ـ تنكثها بِمِخْصَرَتِكَ (18) وكيف لا تقول ذلك ! وقد نكأتَ القرحة (19) ، واستأصلتَ الشَأْفَة (20) ، بإراقتِكَ دماء ذرّيّة محمّد صلى الله عليه وآله وسلم ، ونجوم الأرض من آل عبد المطلب ،وتهتفُ بأشياخك زعمتَ أنّك تناديهم ، فَلَتَرِدَنّ وَشِيْكَاً (21) موردهم ، ولتَوُدَنّ أنّك شُلِلْتَ وبُكِمْتَ ولم تكنْ قلتَ ما قلتَ وفعلتَ ما فعلتَ ، اللّهمّ خُذْ بحقّنا وانتقِمْ مِن ظالمنا ، واحْلُلْ غضبَكَ مِمَّن سَفَكَ دِمَاءَنَا وقَتَل حُمَاتنا ، فو الله يا يزيد ما فَرَيْتَ  (22) إلاّ جِلْدَكَ ، ولا حَزَزْتَ إلاّ لَحْمَكَ ، ولتَرِدَنّ على رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم ممّا تحمّلتَ مِن سَفْكِ دِمَاء ذرّيّته ، وانتهكتَ مِن حرمته في عترته ولُحْمَتِهِ ، حيث يجمع الله شَمْلَهم ويَلُمّ شَعَثَهم ويأخذ بحقّهم ، ( وَلا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتاً بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ ) ، وحسبك بالله حاكماً ، وبمحمد صلى الله عليه وآله وسلم خصيماً ، وبجبرائيل ظهيراً ، وسيعلم مَن سوّلَ لك ومكّنكَ من رقاب المسلمين ، بئس للظالمين بَدَلاً  ، وأيّكم شَرٌ مكانَاً وأضعف جُنْدَاً ، ولئنْ جرّتْ عَلَيّ الدواهي (23) مخاطبتك ، إنّي لأَسْتَصْغِرُ قَدْرَك ، وأسْتَعْظِمُ تَقْرِيْعَكَ ، وأَسْتَكْثِرُ تَوْبِيْخَكَ ، لكنّ العيون عَبْرَى والصدور حَرّى ، أَلاَ فالعَجَب كلّ العَجَب لقَتْلِ حزب الله النُجَبَاء بحزب الشيطان الطُلَقَاء ، فهذه الأيدي تنطفُ (24) من دمائنا ، والأفواه تتحلّب (25) من لحومنا ، وتلك الجُثَث الطواهر الزواكي تَنْتَابها العواسِل (26) وتعفّرها أُمَهات (27) الفراعِل ، ولئنْ اتَخذْتَنَا مَغْنَمَاً لتجدنا وَشِيْكَاً مَغْرَمَاً ، حين لا تجد إلاّ ما قدّمتْ يداك ( وَمَا رَبُّكَ بِظَلاَّمٍ لِلْعَبِيدِ ) ، فإلى الله المشتكى وعليه المعوّلُ ، فَكِدْ كَيْدَك واسْعَ سَعْيَكَ ونَاصِبْ جُهْدَكَ ، فو الله لا تَمْحُو ذِكْرَنَا ، ولا تُمِيْتُ وَحْيَنَا ، ولا تُدْرِكُ أَمَدَنَا ، ولا تَدْحَضُ عَنْكَ عَارِهَا ، وهل رأيُك إلاّ فَنَد (28) وأَيّامُكَ إلاّ عَدَد وجَمْعُكَ إلاّ بَدَد ، يوم ينادي المنادي : أَلاَ لعنةُ الله على الظالمين ، فالحمد لله ربّ العالمين الذي ختم لأوَّلِنَا بالسعادة والمَغْفِرَة ، ولآخرنا بالشهادة والرحمة ، ونسأل الله أن يكمل لهم الثواب ، ويوجب لهم المزيد ويحسن علينا الخلافة ، إنّه رحيم ودود ، وحسبنا الله ونِعْم الوكيل .

فقال يزيد :

 يا صيحةً تُحْمَدُ مِن صَوَائِحِ = مَا أَهْونَ المَوْت على النَوَائِحِ

ومِن شجاعتها الأدبية في مجلس يزيد ما نقله أرباب المقاتل وغيرهم من رواة الأخبار :

إنّ يزيد دعا بنساء أهل البيت والصبيان فأُجْلِسُوا بين يديه في مجلسه المشؤوم ، فنظر شاميٌّ إلى فاطمة بنت الحسين فقام إلى يزيد وقال : يا أمير ، هَبْ لي هذه الجارية تكون خادمة عندي ؟
قالت فاطمة بنت الحسين (ع) : فارتعدتْ فرائصي ، وظننتُ أنّ ذلك جائز لهم ، فأخذتُ بثياب عَمّتي زينب ، فقلتُ : عمّتاه أُوْتِمْتُ وأُسْتَخْدَم ؟
فقالتْ عمّتي للشاميّ : كذِبْتَ والله ولَؤُمْتَ ، ما جعل الله ذلك لك ولا لأميرك .
فغضب يزيد وقال : كَذِبْتِ والله ، إنّ ذلك لي ولو شئتُ لَفعلتُ .
قالتْ : كلاّ والله ، ما جعل ذلك لك إلاّ أنْ تَخرِج مِن مِلّتِنَا وتدين بغير ديننا .
فاستطار يزيد غضباً وقال : إيّاي تستقبلين بهذا الكلام ، إنّما خرج من الدين أبوك وأخوك .
فقالتْ زينب : بدين أبي وأخي اهتديتَ أنت وأبوك إنْ كنتَ مسلماً .
قال : كَذِبْتِ يا عدوّة الله .
قالتْ : يا يزيد ، أنت أمير تشتمُ ظالماً وتقهر بسلطانك ، فكأنّه استحى وسكتَ فأعاد الشامي كلامه هَبْ لي هذه الجارية ، فقال له يزيد : أسكتْ ، وَهَبَ الله لك حَتْفَاً قاضِيَاً .

وروى السيد ابن طاووس في اللهوف هذه الرواية كما يأتي :

قال : نظر رجل من أهل الشام إلى فاطمة بنت الحسين (ع) فقال : يا أمير المؤمنين هب لي هذه الجارية .
فقالتْ فاطمة لعمّتها زينب (ع) : أُوْتِمْتُ وأُسْتَخْدَمُ ؟
فقالت زينب (ع) : لا ، ولا كرامة لهذا الفاسق ، فقال الشامي : مَن هذه الجارية ؟ فقال يزيد : هذه فاطمة بنت الحسين (29) وتلك زينب بنت علي بن أبي طالب .
فقال الشامي : الحسين بن فاطمة وعلي بن أبي طالب ؟
قال : نعم .
فقال الشامي : لعنك الله يا يزيد ، أَتقتل عترة نبيّك وتسبي ذرّيّته ، والله ما توهّمتُ إلاّ أنّهم سَبْي الروم ، فقال يزيد : لأُلْحِقَنَّكَ بهم ، ثمّ أمر به فضُرِبَتْ عنقه . والذي يظهر أنّ هاتَين القضيّتين كلتيهما وقعتا في ذلك المجلس المشؤوم .

إنّ بلاغة زينب وشجاعتها الأدبية ليست من الأمور الخفيّة ، وقد اعترف بها كلّ مَن كتب في وقعة كربلاء ، ونوّه بجلالتها أكثر أرباب التاريخ ، ولعمري إنّ من كان أبوها علي بن أبي طالب (ع) الذي ملأت خطبه العالم وتصدى لجمعها وتدوينها أكابر العلماء ، وأُمّها فاطمة الزهراء صاحبة خطبة ( فدك الكبرى ) وصاحبة ( الخطبة الصغرى ) التي ألقتْها على مسامع نساء قريش ، ونقلتها النساء لرجالهنّ ، نعم إنّ مَن كانت كذلك فَحَرِيّة بأنْ تكون بهذه الفصاحة والبلاغة ، وأنْ تكون لها هذه الشجاعة الأدبية والجسارة العلوية .

ويزيد الطاغية يوم ذاك هو السلطان الأعظم والخليفة الظاهري على عامّة بلاد الإسلام ، تؤدّي له الجِزْيَة الأُمَمُ المختلفة والأُمَمُ المتباينة في مجلسه ، الذي أظهر فيه أُبَّهَةَ الملك ومَلأَهُ بهيبة السلطان ، وقد جُرِّدتْ على رأسه السيوف ، واصطفّتْ حوله الجلاوزة ، وهو وأتباعه على كراسيّ الذهب والفضّة وتحت أرجلهم الفرش من الديباج والحرير ، وهي صلوات الله عليها في ذلّة الأَسْر ، دامية القلب باكية الطرف ، حَرّى الفؤاد من تلك الذكريات المؤلِمة والكوارث القاتلة ، قد أحاط بها أعداؤها من كلّ جهة ، ودار عليها حُسّادها مِن كلّ صوب ، ومع ذلك كلّه ترمز للحقّ بالحق ، وللفضيلة بالفضيلة ، فتقول ليزيد غير مكترثة بهيبةِ ملكه ولا معتنية بأُبّهة سلطانه : أَمِنَ العدل يا بن الطلقاء .

وتقول له أيضاً :

ولئنْ جرّتْ عَلَيّ الدواهي مخاطبتك ، إنّي لأَسْتَصْغِرُ قَدْرَك ، وأسْتَعْظِمُ تَقْرِيْعَكَ ، وأَسْتَكْثِرُ تَوْبِيْخَكَ .

فهذا الموقف الرهيب الذي وقفتْ به هذه السيدة الطاهرة مثّل الحقّ تمثيلاً ، وأضاء إلى الحقيقة لطُلاّبها سبيلاً ، أَفْحَمَتْ يزيد ومَن حواه مجلِسُهُ المشؤوم بذلك الأسلوب العالي من البلاغة ، وأَبْهَتَتْ العارفين منهم بما أخذتْ به مجامع قلوبهم من الفصاحة ، فخرِسَتْ الأَلْسُن وكُمّتْ الأفواه وصُمّتْ الآذان ، وكهربتْ تلك النفس النورانيةُ تلك النفوسَ الخبيثةَ الرذيلة مِن يزيد وأتباعه بكهرباء الحقّ والفضيلة ، حتى بلغ به الحال أنّه صبر على تكفيره وتكفير أتباعه ، ولم يتمكّن مِن أنْ يَنْبِس بِبِنْتِ شِفَة ليقطع كلامها أو يمنعها من الاستمرار في خطابتها ، وهذا هو التصرّف الذي يتصرّف به أرباب الولاية متى شاءوا وأرادوا بمعونة الباري تعالى لهم ، وإعطائهم القدرة على ذلك .

وما أبدع ما قاله الشاعر الجليل السيد مهدي ابن السيد داود الحلّي عمّ الشاعر الشهير السيد حيدر رحمهما الله في وصف فصاحتها وبلاغتها من قصيدة :

 قد أسروا مَن خَصّها بآيةِ = التطهيرِ ربّ العرشِ في كتابهِ

إنْ أُلبستْ في الأَسْرِ ثَوْبَ ذُلَّةٍ = تَجَمَّلَتْ للعزِّ في أَثْوَابِهِ

ما خَطَبَتْ إلاّ رَأَوْا لِسَانَهَا = أَمْضَى مِن الصِمْصَامِ فِي خِطَابِهِ

وجَلْبَبَتْ فِي أَسْرِهَا آسِرَهَا = عَارَاً رَأَى الصِغَار فِي جِلْبَابِه

والفصحاءُ شاهدوا كلامَها = مقال خَيْرَ الرُسْلِ في صَوَابِهِ

* مع ابن سعد (30) :

ونادت زينب ( عليها السلام ) :

وا أخاه ، وا سيّداه ، وا أهل بيتاه ، ليتَ السماء أطبقتْ على الأرض ، وليت الجبال تَدَكْدَكَتْ على السهل ... وقد انتهتْ نحو الحسين ( عليه السلام ) ، وقد دنا منه عمر بن سعد في جماعة من أصحابه ، والحسين ( عليه السلام ) يجود بنفسه ، فصاحت : أي عمر ! أَيُقْتَل أبو عبد الله وأنت تنظر إليه ؟ فصرف بوجهه عنها ودموعه تسيل على لحيته .

* حسبك من دمائنا (31) :

وعندما استعرض ابن زياد آل محمد ( صلى الله عليه وآله ) ، وسأل عن كلّ فرد منهم ، واستغرب وجود الإمام زين العابدين ( عليه السلام ) من بين آل الحسين ( عليه السلام ) حيّاً ، وقد سبقه النبأ من ابن سعد أنّه اجتاحهم ، فسأله : مَن أنت ؟ فقال (عليه السلام ) : ( أنا علي بن الحسين .
فقال : أليس قد قتل الله علي بن الحسين ؟
فقال ( عليه السلام ) : كان لي أخ يسمّى عليّاً قتله الناس .
فقال ابن زياد : بل الله قتله .
فقال ( عليه السلام ) : ( اللَّهُ يَتَوَفَّى الأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِهَا ) ) (32) .
فغضب ابن زياد ، وقال : وبِكَ جُرْأَة لجوابي ؟ وفيك بقيّة للردّ عليّ ؟ اذهبوا به فاضربوا عنقه .
فتعلّقت به عمّته زينب ، وقالت : يا بن زياد ، حسبك من دمائنا . واعتنقتْه ، وقالت : لا والله ، لا أفارقه ، فإنْ قتلته فاقتلني معه .

فنظر ابن زياد إليها ثمّ قال : عجباً للرَحِم ، إنّي لأظنّها ودّتْ أنّي قتلتها معه ، دعوه فإنّي أراه لِمَا به .

* ما كان ذلك جزائي (33) :

ثمّ أنشأتْ زينب ( عليها السلام ) بعد خطبتها في سوق الكوفة قائلة :

ماذا تقولون إذا قال النبيُّ لكم = ماذا صنعتُم وأنتم آخِرُ الأُمَمِ

بِأَهلِ بيتي وأولادي وتكرمتي = منهم أُسَارَى ومنهم ضُرّجوا بِدَمِ

مَا كان ذاكَ جزائي إذْ نَصَحْتُ لكمْ = أنْ تَخْلفونِي بسوءٍ في ذَوِي رَحِمِ

إنّي لأَخْشَى عليكم أنْ يَحلّ بِكم = مِثْل العذابِ الذي أَوْدَى عَلَى إِرَمِ

* مع المتعرّض لأهل البيت ( عليهم السلام ) (34) :

إنّ شاميّاً تعرّض لفاطمة بنت أمير المؤمنين ( عليه السلام ) ، فدعتْ عليه زينت ( سلام الله عليها ) بقولها : قطع الله لسانك ، وأعمى عينيك ، وأيبس يديك .

فأجاب الله دعاءها في ذلك ، فقالت ( سلام الله عليها ) : الحمد لله الذي عجّل لك بالعقوبة في الدنيا قبل الآخرة .

* السالِب لبنات الوحي (35) :

دعتْ زينب ( عليها السلام ) على رجل سَلَبَهم في كربلاء ، فقالت ( عليها السلام ) : قطع الله يديك ورجليك ، وأحرقك الله بنار الدنيا قبل الآخرة .

فو الله ، ما مرّت الأيّام حتى ظهر المختار وفَعل به ذلك ، ثمّ أحرقه بالنار .

* كفرتم بربّ العرش (36) :

لمّا رأتْ زينب ( عليها السلام ) رأس أخيها بكتْ وأنشأت :

كفرتُم بربّ العرش ثمّ نبيّه = كأنْ لم يَجِئْكُم فِي الزمان رسولُ

لحَاكِم إله العرش يا شرّ أُمَّة = لكم في لَظَى يوم المعاد عويلُ

* الصلاة من جلوس (37) :

وروى بعض المتتبّعين عن الإمام زين العابدين ( عليه السلام ) أنّه قال : ( إنّ عمّتي زينب كانت تؤدّي صلواتها من قيام ، الفرائض والنوافل عند سير القوم بنا من الكوفة إلى الشام ، وفي بعض المنازل كانت تصلّي من جلوس . فسألتُها عن سبب ذلك ؟ فقالتْ :

أصلّي من جلوس لشدّة الجوع والضعف منذ ثلاث ليال ؛ لأنّها كانت تقسّم ما يصيبها من الطعام على الأطفال ، لأنّ القوم كانوا يدفعون لكلّ واحد منّا رغيفاً واحداً من الخبز في اليوم الليلة ) .

* عَلَم الطف خفّاق أبداً (38) :

ولمّا مرّوا بالأسرى على قتلاهم ، جزع الإمام السجاد ( عليه السلام ) من رؤية ذلك المنظر الرهيب ، فرأتْ زينب ( عليها السلام ) جزع ابن أخيها الإمام زين العابدين ( عليه السلام ) ، فقالت له :

ما لي أراك تجود بنفسك يا بقيّة جدّي وأبي وإخوتي ؟

فقال ( عليه السلام ) : ( وكيف لا أجزع وأهلع وقد أرى سيدي وإخوتي وعمومتي وولد عمّي مصرّعين بدمائهم ، مرمّلين بالعراء ، مسلّبين ، لا يكفّنون ، ولا يوارون ، ولا يعرج عليهم أحد ، ولا يَقربهم بشر ، كأنّهم أهل بيت من الديلم والخزر ) .

فقالت ( عليها السلام ) :

لا يجزعنّك ما ترى ـ فوالله ـ إنّ ذلك لعهد من رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) إلى جدّك وأبيك وعمّك ، ولقد أخذ الله ميثاق أُناس من هذه الأُمّة لا تعرفهم فراعنة هذه الأُمّة ، وهم معروفون في أهل السماوات ، إنّهم يجمعون هذه الأعضاء المتفرّقة فيوارونها ، وهذه الجسوم المضرّجة ، وينصبون بهذا الطفّ عَلَمَاً لقبر أبيك سيّد الشهداء ، لا يُدْرَس أثره ، ولا يعفو رسمه على كرور الليالي والأيّام ، وليجهدنّ أئمّة الكفر وأشياع الضلالة في مَحْوِه وتطميسه فلا يزداد إلاّ ظهوراً ، وأمره إلاّ علوّاً .

* أمسى نحيراً (39) :

لمّا مرّوا بالأسرى على قتلاهنّ ، وقفتْ السيدة زينب ( عليها السلام ) على أخيها ، فلمّا رأتْه بتلك الحالة بكت وصاحت :

وا أخاه وا سيّداه ، ثمّ توجّهتْ نحو المدينة تخاطِب جدّها وهي تقول :

يا رسول الله :

هذا الذي قد كنتَ تَلْثِمُ نحرَه = أمسى نحيراً مِن حدود ظُبَائِها

مِن بعد هَجْرِك يا رسولَ الله قد = أُلْقِي طريحاً في ثرى رَمْضَائها

ـــــــــــــــــ

*  تنسيق وتقويم شبكة الحسنين (عليهما السلام) للتراث والفكر الإسلامي ، منقول عن شبكة يا زينب .
1 ـ الخَتَر بالتحريك : الغدْر والخديعة ، أو أقبح الغدر .
2 ـ أي : لا تكونوا كالتي غزلتْ ثمّ نقضتْ غزلها ، يقال : كانت امرأة حمقاء تغزل مع جواريها إلى انتصاف النهار ، ثمّ تأمرهنّ أنْ ينقضنَ ما غزلْنَ ، ولا يزال ذلك دأبها .
3 ـ أي : خيانة ومكر .
4 ـ الصَلِف : الإدعاء تكبّراً .
5 ـ النَطِف : التلطّخ بالعيب .
6 ـ الشنف بالتحريك : البغض والتنكّر .
7 ـ الدَمِنَة : ما تدمنه الإبل والغنم بأبوالها وأبعارها .
8 ـ الصلعاء : الداهية ، وما بعدها صفات لها في القبح والشدّة .
9 ـ طلاع الأرض : مِلْؤها .
10 ـ الحفز : الحث والإعجال .
11 ـ لا يبزى أي : لا يغلب ولا يقهر ، وقد فُهم مِن قولها : أفعجبتُم أنْ مطرت السماء دماً ، أنّ القوم لمّا رأوا قطرات الدم النازلة من السماء يوم قُتل الحسين عليه السلام كانوا يتعجّبون من ذلك ، ولم يلتفوا إلى فعلتهم الشنعاء .
12 ـ يريد بالأحدوثة : دين جدّها رسول الله صلّى الله عليه وآله ، وكانت في ابن زياد لكنةٌ أعجميّة يبدّل الحاء هاء . قال الجاحظ : كانت اللكنة فيه ؛ لأنّه نشأ بالأساورة مع أُمّه مرجانة ، وكان زياد تزوّجها مِن شيرويه الأسواري . وقال مَرّة : افتحوا سيوفكم ، يريد : سلّوا سيوفكم ، فقال يزيد بن مفرغ :

ويوم فتحتَ سيفك مِن بعيدٍ = أضعتَ وكلّ أمرك للضَيَاع

وفي المعارف لابن قتيبة : كانت في ابن زياد لَكْنَة .

وفي كامل المبرّد : كان ابن زياد أَلْكَن ، يرتضخ لغة فارسية ، وقال لرجل مَرّة : ـ واتّهمه برأي الخوارج ـ أهروري منذ اليوم ؟ يريد : أحروري .
13 ـ المراد بها خطبة فدك .
14 ـ تضرب أصدريك ، أي : منكبَيك ، وتنفض مذوريك ، المذوران : جانبا الإليَتَيْن ولا واحد لهما ، وقيل : هما طرفا كل شيء ، يُقال : جاء فلان ينفض مذورَيه : إذا جاء باغياً يتهدّد ، وكذلك إذا جاء فارغاً في غير شغل .
15 ـ مُسْتَوْسِقَة ، أي : مجتمعة ، ومتّسقة أي : منتظِمة .
16 ـ يُقال : مهلاً يا رجل ، وكذا للأنثى ، والجمع بمعنى أمهل ، والمهلة بالضم : السكينة ، وكذا المهل بالسكون والحركة .
17 ـ الطلقاء هم : أبو سفيان ، ومعاوية ، وبقية الأمويين الذين أطلقهم رسول الله صلّى الله عليه وآله يوم الفتح ، فقال : ( اذهبوا فأنتم الطلقاء ) ، وبهذا صاروا عبيداً لرسول الله صلّى الله عليه وآله هم وذرّيتهم إلى يوم القيامة .
18 ـ المِخصرة ، بكسر الميم : كالسوط ، وكلّما اختصره الإنسان بيده فأمسكه مِن عِصِي ونحوها ، وكانت الخُلَفَاء تحمل هذه المِخصرة .
19 ـ نكأتَ القرحة : بالهمزة من باب منع : كثر جراحها .
20 ـ استأصلتَ الشَأْفة ، استأصل الشيء : إذا قطعه من أصله ، قال في القاموس : الشأفة قرح تخرج في أسفل القدم فتُكْوَى وتذهب ، وإذا قُطعتْ مات صاحبها ، والأصل استأصل الله شَأْفَتَه : أذهبه كما تذهب تلك القرحة ، أو أزاله من أصله .
21 ـ وشيكاً ، أي : سريعاً .
22 ـ الفَرْي : القطع .
23 ـ الدواهي : جمع داهية ، وهي النازلة بالإنسان من بلاء وغيره .
ومخاطبتك : إمّا بالرفع ، فاعل جرّت ، أي : إنْ أوقعتْ مخاطبك عليّ النوازل فلستُ أُبالي بك ولا أعظم قدرك ، أو بالنصب ، مفعول والفاعل الدواهي ، أي : إنْ أوقعتْني دواهي الزمان إلى الاحتياج لمخاطبتك فلستُ معظّمة لقدرك .
24 ـ تنطف : بكسر الطاء وضمّها أي : تقطر .
25 ـ في القاموس : تحلب عينه وفوه أي : سالا .
26 ـ العواسل : الذئاب السريعة العدو .
27 ـ أُمّهات الفراعل : الضباع ، جمع فرعل ، وهو وَلد الضبع ، والتعفير معلوم .
28 ـ الفَنَد : الكذب ، وهو بالتحريك ، قيل : ويُقال لضعف الرأي الفند أيضاً .
29 ـ فاطمة الصغرى بنت الحسين عليه السلام : هي من عالِمات نساء أهل البيت عليهم السلام ، تروي الحديث عن أبيها ، وعن أُمّ سَلَمَة ، وأُمّ هاني ، وعن عمّتها زينب الكبرى ، وعن أخيها زين العابدين ، ويروي عنها ولدُها عبد الله وغيره ، استودعها أبوها الحسين عليه السلام مواريث الأنبياء ، وسلّمتْها إلى السجاد بعد برئه من المرض ، وكأنّ الله عزّ وجلّ صرف عن هذه المواريث أبصار الظالمين ، وأُمّ فاطمة هذه أُمّ إسحاق بنت طلحة .

وفي الخبر : أنّ الحسن بن الحسن عليه السلام سأل عمّه الحسين أنْ يزوّجه إحدى ابنتَيه ، فاختار له الحسين عليه السلام فاطمة هذه ، وقال له : ( هي أكثر شبهاً بأُمّي فاطمة بنت رسول الله عليهما السلام ) .

وخطبتها عليها السلام في الكوفة تُنْبِئ أنّها كانت على جانب عظيم من العلم والفضل ، وفي بعض الأخبار : أنّها كانت عندها أشياء من آثار رسول الله صلّى الله عليه وآله . توفّيت في المدينة على الأصح ، وقيل : بمصر .
30 ـ مقتل الحسين ( عليه السلام ) ، للمقرّم : ص359 ، قال : ... .
31 ـ عوالم سيّدة النساء : 2 ، 965 ، عن إرشاد المفيد ، قال : ... .
32 ـ سورة الزمر : آية : 42 .
33 ـ الاحتجاج : 2 ، 29 .
34 ـ عوالم سيّدة النساء : 2 ، 974 ، روى أهل المقاتل : ... .
35 ـ عوالم سيّدة النساء : 2 ، 974 .
36 ـ عوالم سيّدة النساء : 2 ، 975 .
37 ـ عوالم سيّدة النساء : 2 ، 954 .
38 ـ كامل الزيارات : ص263 .
39 ـ ناسخ التواريخ : 2 ، 541 : ... .

أضف تعليقك

تعليقات القراء

ليس هناك تعليقات
*
*

شبكة الإمامين الحسنين عليهما السلام الثقافية