شبكة الإمامين الحسنين عليهما السلام الثقافية

ذكر بيان بعض معجزات النبي محمد (ص)

0 المشاركات 00.0 / 5

وأما المعجزات الباهرة الدالة على نبوته – التي هي سوى القرآن – فكثيرة أثبتنا متونها وحذفنا أسانيدها لاشتهارها بين الخاص والعام وتلقي الأمة إياها بالقبول التام :

فمنها : مجئ الشجرة إليه ، ذكرها أمير المؤمنين عليه السلام في خطبته القاصعة قال : ( لقد كنت معه صلى الله عليه وآله وسلم لما أتاه الملأ من قريش فقالوا له : يا محمد إنك قد ادعيت عظيما لم يدعه آباؤك ولا أحد من بيتك ، ونحن نسألك أمرا إن أجبتنا إليه وأريتناه علمنا أنك نبي ورسول ، وإن لم تفعل علمنا أنك ساحر كذاب .

فقال لهم وما تسألون ؟

قالوا : تدعو لنا هذه الشجرة حتى تنقلع بعروقها وتقف بين يديك .

فقال صلى الله عليه وآله وسلم : إن الله على كل شئ قدير ، فإن فعل ذلك بكم أتؤمنون وتشهدون بالحق ؟

قالوا : نعم .

قال : فإني سأريكم ما تطلبون ؟ إني لأعلم أنكم لا تفيئون إلى خير ، وإن فيكم من يطرح في القليب ومن يحزب الأحزاب ، ثم قال : أيتها الشجرة إن كنت تؤمنين بالله واليوم الآخر وتعلمين أني رسول الله فانقلعي بعروقك حتى تقفي بين يدي بإذن الله .

فالذي بعثه بالحق ، لانقلعت بعروقها وجاءت ولها دوي شديد وقصف كقصف أجنحة الطير حتى وقفت بين يدي رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم مرفرفة ، وألقت بغصنها الأعلى على رأس رسول الله وببعض أغصانها على منكبي ، وكنت عن يمينه صلى الله عليه وآله وسلم .

فلما نظر القوم إلى ذلك قالوا علوا واستكبارا : فمرها فليأتك نصفها ويبقى نصفها ، فأمرها بذلك فأقبل إليه نصفها كأعجب إقبال وأشده دويا فكادت تلتف برسول الله .

فقالوا كفرا وعتوا : فمر هذا النصف فليرجع إلى نصفه ، فأمره صلى الله عليه وآله وسلم فرجع .

فقلت أنا : لا إله إلا الله ، إني أول مؤمن بك يا رسول الله ، وأول من امن بأن الشجرة فعلت ما فعلت بأمر الله تصديقا لنبوتك وإجلالا لكلمتك .

فقال القوم : بل ساحر كذاب ، عجيب السحر ، خفيف فيه ، وهل يصدقك في أمرك غير هذا ؟ ! يعنونني ) ( 1 ) .

ومنها : خروج الماء من بين أصابعه ، وذلك أنهم كانوا معه في سفر فشكوا أن لا ماء معهم وأنهم بعرض التلف ؟ سبيل العطب فقال : ( كالا إن معي ربي عليه توكلت ) ثم دعا بركوة فصب فيها ماء ما كان ليروي رجلا ضعيفا ، وجعل يده فيها فنبع الماء من بين أصابعه ، وصيح في الناس فشربوا وسقوا حتى نهلوا وعلوا وهم ألوف وهو يقول ، : ( أشهد أني رسول الله حقا ) ( 2 )

ومنها : حنين الجذع الذي كان يخطب عنده صلوات الله عليه ، وذلك أنه كان في مسجده بالمدينة يستند إلى جذع فيخطب الناس ، فلما كثر الناس اتخذوا له منبرا ، فلما صعده حن الجذع حنين الناقة فقدت ولدها ، فنزل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فضمه إليه ، فكان يئن أنين الصبي الذي يسكت ( 3 ) .

ومنها : حديث شاة أم معبد ، وذلك أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم لما هاجر من مكة ومعه أبو بكر وعامر بن فهيرة ودليلهم عبد الله بن أريقط الليثي ، فمروا على أم معبد الخزاعية ، وكانت امرأة برزة تحتبي وتجلس بفناء الخيمة ، فسألوا تمرا ولحما ليشتروه ، فلم يصيبوا عندها شيئا من ذلك ، وإذا القوم مرملون ، فقالت : لو كان عندنا شئ ما أعوزكم القرى ، فنظر رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في كسر خيمتها فقال : ( ما هذه الشاة يا أم معبد ) ؟

قالت : شاة خلفها الجهد عن الغنم .

فقال : ( هل بها من لبن ) ؟

قالت : هي أجهد من ذلك .

قال : ( أتأذنين في أن أحلبها ) ؟

قالت : نعم بأبي أنت وأمي إن رأيت بها حلبا فاحلبها .

فدعا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بالشاة فمسح ضرعها وذكر اسم الله وقال : ( اللهم بارك في شاتها ) فتفاجت ( 4 ) ودرت ، فدعا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بإناء لها يريض الرهط ( 5 ) فحلب فيه ثجا ( 6 ) حتى علته الثمال ( 7 ) ، فسقاها فشربت حتى رويت ، ثم سقى أصحابه فشربوا حتى رووا ، فشرب عليه السلام آخرهم وقال : ( ساقي القوم آخرهم شربا ) فشربوا جميعا عللا بعد نهل حتى أراضوا ، ثم حلب فيه ثانيا عودا على بدء ، فغادوا عندها ثم ارتحلوا عنها .

فقلما لبثت أن جاء زوجها أبو معبد يسوق عنزا عجافا هزلى مخهن قليل ، فلما رأى اللبن قال : من أين لكم هذا والشاة عازب ولا حلوبة في البيت ؟ قالت : لا والله ، إلا أنه مر بنا رجل مبارك كان من حديثه كيت وكيت .

الخبر بطوله ( 8 ) .

ومنها : خبر سراقة بن جعشم الذي اشتهر في العرب ، يتقاولون فيه الأشعار ، ويتفاوضونه في الديار ، أنه تبعه وهو متوجه إلى المدينة طالبا لغرته ليحظى بذلك عند قريش ، حتى إذا أمكنته الفرصة في نفسه ، وأيقن ان قد ظفر ببغيته ، ساخت قوائم فرسه ، حتى تغيبت بأجمعها في الأرض ، وهو بموضع جدب وقاع صفصف ( 9 ) ، فعلم أن الذي أصابه أمر سماوي ، فنادى : يا محمد ادع ربك يطلق لي فرسي وذمة الله علي أن لا أدل عليك أحدا .

فدعا له فوثب جواده كأنه أفلت من انشوطة ، وكان رجلا داهية وعلم بما رأى أنه سيكون له نبأ ، فقال : اكتب لي أمانا ، فكتب له فانصرف ( 10 ) قال محمد بن إسحاق : إن أبا جهل قال في أمر سراقة أبياتا فأجابه سراقة :

أبا حكم واللات لو كنت شاهدا * لأمر جوادي إذ تسيخ قوائمه

عجبت ولم تشكك بأن محمدا * نبي وبرهان فمن ذا يكاتمه

عليك بكف الناس عنه فإنني * أرى أمره يوما ستبدو معالمه ( 11 )

وروي : أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم كان يقول لأبي بكر : ( أله الناس عني فإنه لا ينبغي لنبي أن يكذب ) فكان أبو بكر إذا سئل : ما أنت ؟

قال : باغ . فإذا قيل من الذي معك ؟ قال : هاد يهديني ( 12 ) .

ومنها : حديث الغار ، وأنه عليه واله السلام لما أوى إلى غار بقرب مكة يعتوره النزال ( 13 ) ويأوي إليه الرعاء متوجهه إلى الهجرة ، فخرج القوم في طلبه فعمى الله أثره وهو نصب أعينهم ، وصدهم عنه وأخذ بأبصارهم دونه وير .

دهاة العرب ، وبعث سبحانه العنكبوت فنسجت في وجه النبي صلى الله عليه وآله وسلم فسترته ، وآيسهم ذلك من الطلب فيه .

وفي ذلك يقول السيد الحميري في قصيدته المعروفة بالمذهبة :

حتى إذا قصدوا لباب مغارة * ألفوا عليه نسيج غزل العنكب

صنع الاله له فقال فريقهم * ما في المغار لطالب من مطلب

ميلوا وصدهم المليك ومن يرد * عنه الدفاع مليكه لا يعطب

وبعث الله حمامتين وحشيتين فوقعتا بفم الغار ، فأقبل فتيان قريش من كل بطن رجل بعصيهم وهراواهم وسيوفهم ، حتى إذا كانوا من النبي صلى الله عليه وآله وسلم بقدر أربعين ذراعا ، تعجل رجل منهم لينظر من في الغار ،

فرجع إلى أصحابه فقالوا له : ما لك لا تنظر في الغار ؟ فقال : رأيت حمامتين

بفم الغار فعلمت أن ليس فيه أحد ، وسمع النبي صلى الله عليه وآله وسلم ما قال ، فدعا لهن النبي صلى الله عليه وآله وسلم وفرض جزاءهن فانحدرن في الحرم ( 14 ) .

ومنها : كلام الذئب ، وذلك أن رجلا كان في غنمه يرعاها ، فأغفلها سويعة من نهاره ، فعرض ذئب فأخذ منها شاة ، فأقبل يعدو خلفه فطرح الذئب الشاة ثم كلمه بكلام فصيح فقال : تمنعني رزقا ساقه الله إلي ، فقال الرجل : يا عجبا الذئب يتكلم ! فقال : أنتم أعجب وفي شأنكم للمعتبرين عبرة ، هذا محمد يدعو إلى الحق ببطن مكة وأنتم عنه لأهون ، فأبصر الرجل رشده وأقبل حتى أسلم وأبقى لعقبه شرفا لا تخلقه الأيام يفخرون به على العرب والعجم يقولون : إنا بنو مكلم الذئب ( 15 ) .

ومنها : كلام الذراع ، وهو أنه أوتي بشاة مسمومة أهدتها له امرأة من اليهود بخيبر ، وكانت سألت أي شئ أحب إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم من الشاة ؟ فقيل لها : الذراع ، فسمت الذراع ، فدعا صلى الله عليه وآله وسلم أصحابه إليه فوضع يده ، ثم قال : ( ارفعوا فإنها تخبرني أنها مسمومة ) .

ولو كان ذلك لعلة الارتياب باليهودية لما قبلها بدءا ولا جمع عليها أصحابه ، وقد كان صلى الله عليه وآله وسلم تناول منها أقل شئ قبل أن تكلمه فكان يعاوده كل سنة حتى جعل الله ذلك سبب الشهادة ، وكان ذلك بابا من التمحيص ليعلم أنه مخلوق وعبد ( 16 ) .

ومنها : أن أصحابه صلوات الله عليه وآله أرملوا وضاقت بهم الحال وصاروا بمعرض الهلاك لفناء الأزواد يوم الأحزاب ، فدعاه رجل من أصحابه إلى طعامه فاحتفل القوم معه ، فدخل وليس عند القوم إلا قوت رجل واحد أو رجلين ، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : ( غطوا إناءكم ) ثم دعا وبرك عليه وقدمه والقوم ألوف فأكلوا وصدروا كان لم يسغبوا قط شباعا رواج والطعام بحاله لم يفقدوا منه شيئا ( 17 ) .

ومنها : أنه اجتمع إليه فقراء قومه وأصحابه في غزوة تبوك وشكوا الجوع ، فدعا بفضلة زاد لهم ، فلم يوجد لهم إلا بضع عشرة تمرة فطرحت بين يديه ، فانحفل القوم فوضع يده عليها وقال : ( كلوا بسم الله ) فأكل القوم حتى شبعوا وهي بحالها يرونها عيانا ( 18 ) .

ومنها : أنه صلى الله عليه وآله وسلم ورد في هذه الغزاة على ماء لا يبل حلق واحد والقوم عطاش ، فشكوا ذلك إليه فأخذ سهما من كنانة فدفعه إلى ءرجل من أصحابه ثم قال له : ( أنزل فاغرزه في الركي ( 19 ) ) فنزل فغرزه فيه ففار الماء وطما إلى أعلى الركي ، فارتوى القوم للمقام والظعن وهم ثلاثون ألفا ، ورجال من المنافقين حضور الأبدان غائبو العقول ( 20 ) .

ومنها : ان ظبية كتمته حين وقعت في شبكة فقالت : يا رسول الله إن لي طفلا يحتاج إلى لبن وإني قد وقعت في هذه الشبكة فخلني حتى أرضعه ، فقال صلى الله عليه وآله وسلم : ( كيف أخليك وصاحب الشبكة غائب ) ؟

قالت : إني أرجع ، فخلاها وجلس حتى رجعت الظبية وجاء صاحبها فشفع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم حتى خلى سبيلها ، فاتخذ القوم من ذلك الموضع مسجدا ( 21 ) .

ومنها : أن قوما شكوا إليه ملوحة مائهم وأنهم في جهد من الظمأ وبعد المناهل ، وأن لا قوة لهم على شربه ، فجاء معهم في جماعة أصحابه حتى أشرف على بئرهم فتفل فيها ثم انصرف ، وكانت مع ملوحتها غائرة ، فم انفجرت بالماء العذب الفرات ، فها هي يتوارثها أهلها ويعدونها أسنى مفاخرهم وأجل مكارمهم ، وإنهم لصادقون .

وكان مما أكد الله به صدقه ، أن قوم مسيلمة سألوه مثلها لما بلغهم ذلك ، فأتى بئرا فتفل فيها فعادت ماؤها ملحا أجاجا كبول الحمار ، وهي إلى اليوم بحالها معروفة المكان ( 22 ) .

ومنها : أن امرأة أتته بصبي لها ترجو البركة بأن يمسه ويدعوا له ، وكانت به عاهة ، فرحمها – والرحمة صفته صلى الله عليه وآله وسلم – فمسح يده على رأس الصبي فاستوى شعره ، وبرئ داؤه ، وبلغ ذلك أهل اليمامة فأتت مسيلمة امرأة بصبي لها فمسح رأسه فصلع وبقي نسله إلى يومنا هذا صلعا ( 23 ) .

ومنها : أن قوما من عبد القيس أتوا بغنم لهم فسألوه أن يجعل لها علامة تذكر بها ، فغمز إصبعه في أصول آذانها فابيضت ، فهي إلى اليوم معروفة النسل ظاهرة الأمر ( 24 ) .

ومنها : حديث الاستسقاء ، وأن أهل المدينة مطروا حتى أشفقوا من خراب دورها وانهدام بنيانها ، فقال صلى الله عليه وآله وسلم : ( اللهم حوالينا ولا علينا ) فانجاب السحاب عن المدينة وأطاف حولها مستديرا كالإكليل والشمس طالعة في المدينة والمطر يهطل على ما حولها ، يرى ذلك ظاهرا مؤمنهم وكافرهم ، فضحك رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم – حتى بدت نواجذه وقال : ( لله در أبي طالب لو كان حيا قرت عيناه ، من ينشدنا قوله ) فقام أمير المؤمنين عليه السلام فقال : ( يا رسول الله كأنك أردت قوله :

وأبيض يستسقى الغمام بوجهه * ثمال ( 25 ) اليتامى عصمة للأرامل

يطوف به الهلاك من آل هاشم * فهم عنده في نعمة وفواضل ) ( 26 )

ومنها : أنه صلى الله عليه وآله وسلم أخذ يوم بدر ملء كفه من الحصباء فرمى بها وجوه المشركين وقال : ( شاهت الوجوه ) فجعل الله سبحانه لتلك الحصباء شأنا عظيما ، لم تترك من المشركين رجلا إلا ملأت عينيه ، وجعل المسلمون والملائكة يقتلونهم ويأسرونهم ويجدون كل رجل منهم منكبا على وجهه لا يدري أين يتوجه يعالج التراب ينزعه من عينيه ( 27 ) .

ومنها : أمر ناقته حين افتقدت فأرجف المنافقون وقالوا : ينبئنا بخبر السماء وهو لا يدري أين ناقته : فلما خاف صلوات الله عليه وآله على المؤمنين وساوس الشيطان دلهم عليها ووصف لهم حالها والشجرة التي هي متعلقة بها ، فأتوها فوجدوها كما وصف ( 28 ) .

ومنها : أن القمر انشق له نصفين بمكة في أول مبعثه ، وقد نطق به القران ، وقد صح عن عبد الله بن مسعود أنه قال : انشق القمر حتى صار فرقتين فقال كفار أهل مكة : هذا سحر سحركم به ابن أبي كبشة ( 29 ) ، انظروا السفار فإن كانوا رأوا ما رأيتم فقد صدق ، وإن كانوا لم يروا ما رأيتم فهو سحر سحركم به ، قال : فسئل السفار وقد قدموا من كل وجه فقالوا : رأيناه ( 30 ) .

استشهد البخاري في الصحيح بهذا الخبر في أن ذلك كان بمكة ( 31 ) .

ومنها : أن رجلا من أصحابه أصيب بإحدى عينيه في بعض مغازيه فسالت حتى وقعت على خده ، فأتاه مستغيثا به ، فأخذها بيده فردها مكانها ، فكانت أحسن عينيه وأصحهما وأحدهما نظرا ( 32 ) .

ومنها : أن أبا براء ملاعب الأسنة كان به استسقاء فبعث إليه لبيد بن ربيعة وأهدى له فرسين ونجائب ، فقال عليه السلام : ( الا أقبل هدية مشرك ) .

قال لبيد : ما كنت أرى أن رجلا من مضر يرد هدية أبي براء .

فقال صلى الله عليه وآله وسلم : ( لو كنت قابلا هدية من مشرك لقبلتها ) .

قال : فإنه يستشفيك من علة أصابته في بطنه .

فأخذ بيده حثوة من الأرض فتفل عليها ثم أعطاه وقال : دفها بماء ثم اسقه إياه فأخذها متعجبا يرى أنه قد استهزأ به ، فأتاه فشربه ، وأطلق من مرضه كأنما أنشط من عقال ( 33 ) .

ومنها : شكوى البعير إليه عند رجوعه إلى المدينة من غزوة بني ثعلبة ، فقال : ( أتدرون ما يقول هذا البعير ) ؟

قال جابر : قلنا : الله ورسوله أعلم .

قال : ( فإنه يخبر في أن صاحبه عمل عليه حتى إذا أكبره وأدبره ( 34 ) وأهزله أراد نحره وبيعه لحما ، يا جابر إذهب معه إلى صاحبه فأتني به ) .

قال : قلت : والله ما أعرف صاحبه .

قال : ( هو يدلك ) .

قال : فخرجت معه حتى انتهيت إلى بني حنظلة أو بني واقف ، قلت : أيكم صاحب هذا البعير ؟ قال بعضهم : أنا ، قلت : أجب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم .

فجئت أنا وهو والبعير إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فقال : بعيرك هذا يخبرني بكذا وكذا ) .

قال : قد كان ذلك يا رسول الله .

قال : ( فبعنيه ) .

قال : هولك .

قال : ( بل بعنيه ) فاشتراه منه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ثم ضرب على صفحته فتركه يرعى في ضواحي المدينة ، فكان الرجل منا إذا أراد الروحة والغدوة منحه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم .

قال جابر : فرأيته وقد ذهبت دبرته ورجعت إليه نفسه ( 35 ) .

ومنها : أن أبا جهل عاهد الله أن يفضخ رأسه صلى الله عليه وآله وسلم بحجر إذا سجد في صلاته ، فلما قام رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يصلي وسجد – وكان إذا صلى صلى بين الركنين : الأسود واليماني وجعل الكعبة بينه وبين الشام – احتمل أبو جهل الحجر ، ثم أقبل نحوه حتى إذا دنا منه رجع منتقعا ( 36 ) لونه مرعوبا ، قد يبست يداه على حجره حتى قذف الحجر من يده وقام إليه رجال من قريش فقالوا : ما لك يا أبا الحكم ؟ قال : عرض لي دونه فحل من الإبل ما رأيت مثل هامته ولا قصرته ولا أنيابه لفحل قط فهم أن يأكلني ( 37 ) .

ومنها : أن أبا جهل اشترى من رجل طارئ بمكة إبلا فبخسه أثمانها ولواه بحقه ، فأتى الرجل نادي قريش مستجيرا بهم وذكرهم حرمة البيت فأحالوه على النبي صلى الله عليه وآله وسلم استهزاء به ، فأتاه مستجيرا به ، فمضى معه ودق الباب على أبي جهل فعرفه فخرج منخوب ( 38 ) العقل فقال : أهلا بأبي القاسم .

فقال له : ( اعط هذا حقه ) .

قال : نعم ، وأعطاه من فوره .

فقيل له في ذلك ، فقال : إني رأيت ما لم تروا ، رأيت والله على رأسه تنينا فاتحا فاه ، والله لو أبيت لالتقمني ( 39 ) .

ومنها : ما روته أسماء بنت أبي بكر قالت : لما نزلت ( تبت يدا أبي لهب ) أقبلت العوراء أم جميل بنت حرب ولها ولولة وهي تقول : مذمما أبينا ، ودينه قلينا ، وأمره عصينا . والنبي صلى الله عليه وآله وسلم جالس في المسجد ومعه أبو بكر ، فلما رآها أبو بكر قال : يا رسول الله قد أقبلت وأنا أخاف أن تراك .

فقال رسول الله : ( انها لا تراني ) وقرأ قرآنا فاعتصم به كما قال ، وقرأ ( وإذا قرأت القرآن جعلنا بينك وبين الذين لا يؤمنون بالآخرة حجابا مستورا ) ( 40 ) فوقفت على أبي بكر ولم تر رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، فقالت : يا أبا بكر أخبرت أن صاحبك هجاني ، فقال : لا ورب البيت ما هجاك ، فولت وهي تقول : قريش تعلم أني بنت سيدها ( 41 ) .

ومنها : ما رواه الكلبي ، عن أبي صالح ، عن ابن عباس : أن ناسا من بني مخزوم تواصوا بالنبي صلى الله عليه وآله وسلم ليقتله منهم أبو جهل ، والوليد بن المغيرة ، ونفر من بني مخزوم ، فبينا النبي صلى الله عليه وآله وسلم قائم يصلي إذ أرسلوا إليه الوليد ليقتله ، فانطلق حتى انتهى إلى المكان الذي كان يصلي فيه ، فجعل يسمع قراءته ولا يراه ، فانصرف إليهم فأعلمهم ذلك فاتاه من بعده أبو جهل والوليد ونفر منهم ، فلما انتهوا إلى المكان الذي يصلي فيه سمعوا قراءته وذهبوا إلى الصوت ، فإذا الصوت من خلفهم ، فيذهبون إليه فيسمعونه أيضا من خلفهم ، فانصرفوا ولم يجدوا إليه سبيلا ، فذلك قوله سبحانه : ( وجعلنا من بين أيديهم سدا ومن خلفهم سدا فأغشيناهم فهم لا يبصرون ) ( 42 ) ( 43 ) .

ومنها : أنه كان صلى الله عليه وآله وسلم في غزاة الطائف في مسيره ليلا على راحلته بواد بقرب الطائف يقال له : نجب ، ذو شجر كثير من سدر وطلح ، فغشي وهو في وسن النوم سدرة في سواد الليل فانفرجت السدرة له بنصفين ، فمر بين نصفيها وبقيت السدرة منفرجة على ساقين إلى زماننا هذا ، وهي معروفة مشهور أمرها هناك وتسمى سدرة النبي صلى الله عليه وآله وسلم .

أورده الشيخ أبو سعيد الواعظ في كتاب شرف النبي صلى الله عليه وآله وسلم ( 44 ) .

ولو عددنا جميع معجزاته وأعلامه صلوات الله عليه وآله التي دونها المحدثون في كتبهم لطال الكتاب ، فإن نبينا صلى الله عليه وآله وسلم أكثر الأنبياء أعلاما ، وقد ذكر بعض المصنفين : أن أعلامه تبلغ ألفا ، فالأولى الاقتصار على الاختصار ، وسنذكر بعض آياته وأعلامه ومعجزاته صلى الله عليه وآله وسلم فيما يأتي من أخبار مبعثه إلى هجرته وغزواته وقدوم الوفود عليه إلى وقت وفاته على سبيل الإيجاز إن شاء الله تعالى .

وأما آياته صلوات الله عليه وآله في إخباره بالغائبات والكوائن بعده فأكثر من أن تحصى وتعد : فمن ذلك : ما روي عنه في معنى قوله تعالى : ( ليظهره على الدين كله ولو كره المشركون ) ( 45 ) وهو ما رواه أبي بن كعب : أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال : ( بشر هذه الأمة بالسناء والرفعة والنصرة والتمكين في الأرض ، فمن عمل منهم عمل الآخرة للدنيا لم يكن له في الآخرة نصيب ) ( 46 ) .

وروى بريدة الأسلمي : أنه صلى الله عليه وآله وسلم قال : ( ستبعث بعوث ، فكن في بعث يأتي خراسان ، ثم أسكن مدينة مرو فإنه بناها ذو القرنين ودعا لها بالبركة وقال : لا يصيب أهلها سوء ) ( 47 ) .

وروى أبو هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : ( لا تقوم الساعة حتى تقاتلوا خوزا وكرمان قوما من الأعاجم ، حمر الوجوه ، فطس ( 48 ) الأنوف ، صغار الأعين ، كأن وجوههم المجان ( 49 ) المطرقة ) ( 50 ) .

وروى أنس بن مالك قال : قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : ( رأيت ذات ليلة فيما يرى النائم كأنا في دار عقبة بن رافع فاتينا برطب من رطب ابن طاب ، فأولت الرفعة لنا في الدنيا والعافية في الآخرة وأن ديننا قد طاب ) ( 51 ) .

ومن ذلك : إخباره بما تحدث أمته بعده نحو قوله صلى الله عليه وآله وسلم سلم : ( لا ترجعوا بعدي كفارا ، يضرب بعضكم رقاب بعض ) .

رواه البخاري في الصحيح مرفوعا إلى ابن عمر ( 52 ) .

وقوله رواه أبو حازم عن سهل بن حنيف عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم : ( آنا فرطكم على الحوض ، من ورد شرب ومن شرب لم يظمأ أبدا ، وليردن علي أقوام أعرفهم ويعرفوني ثم يحال بيني وبينهم ) .

قال أبو حازم : سمع النعمان بن أبي عياش وأنا أحدث الناس بهذا الحديث فقال : هكذا سمعت سهلا يقول ؟ قلت : نعم .

قال : فأنا أشهد على أبي سعيد الخدري يزيد فيه : ( فأقول : إنهم أمتي ، فيقال : إنك لا تدري ما عملوا بعدك ، فأقول : سحقا سحقا لمن بدل بعدي ) .

ذكره البخاري في الصحيح ( 53 ) .

قوله صلى الله عليه وآله وسلم فيما رواه شعبة ، عن إسماعيل بن أبي خالد ، عن قيس بن أبي حازم : أن عائشة لما أتمت على الحوأب ( 54 ) سمعت نباح الكلاب فقالت : ما أظنني إلا راجعه ، سمعت النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال لنا : ( أيتكن تنبح عليها كلاب الحوأب ) ؟ فقال الزبير : لعل الله أن يصلح بك بين الناس ( 55 ) .

وقوله صلى الله عليه وآله وسلم للزبير لما لقيه وعليا عليه السلام في سقيفة بني ساعدة فقال : ( أتحبه يا زبير ) ؟ قال : وما يمنعني ؟ قال : ( فكيف بك إذا قاتلته وأنت ظالم له ) ( 56 ) .

وعن أبي جروة المازني قال : سمعت عليا عليه السلام يقول للزبير : ( نشدتك الله أما سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول : إنك تقاتلني وأنت ظالم ) ؟ قال : بلى ولكني نسيت ( 57 ) .

وقوله صلى الله عليه وآله وسلم لعمار بن ياسر : ( تقتلك الفئة الباغية ) .

أخرجه مسلم في الصحيح ( 58 ) .

وعن أبي البختري : أن عمارا أتي بشربة من لبن فضحك فقيل له : ما يضحكك ؟ قال : إن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أخبرني وقال هو آخر شراب أشربه حين أموت ( 59 ) .

وقوله صلى الله عليه وآله وسلم في الخوارج : ( ستكون في أمتي فرقة يحسنون القول ويسيئون الفعل ، يدعون إلى كتاب الله وليسوا منه في شئ ، يقرؤون القران لا يجاوز تراقيهم ، يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية ، لا يرجعون إليه حتى يرتد على فوقه ، هم شر الخلق والخليقة ، طوبى لمن قتلوه ، طوبى لمن قتلهم ، ومن قتلهم كان أولى بالله منهم ) .

قالوا : يا رسول الله فما سيماهم ؟

قال : ( التحليق ) .

رواه أنس بن مالك عنه صلى الله عليه وآله وسلم ( 60 ) .

وقوله صلى الله عليه وآله وسلم لأمير المؤمنين علي عليه السلام : ( الأمة ستغدر بك بعدي ) ( 61 ) .

وقوله صلى الله عليه وآله وسلم : ( تقاتل بعدي الناكثين والقاسطين والمارقين ) ( 62 ) .

ومن ذلك : إخباره بقتل معاوية حجرا وأصحابه فيما رواه ابن وهب عن أبي لهيعة عن أبي الأسود قال : دخل معاوية على عائشة فقالت : ما حملك على قتل أهل عذراء ( 63 ) ، حجر أو أصحابه ؟ فقال : يا أم المؤمنين إني رأيت

قتلهم صلاحا للأمة وبقاءهم فسادا للأمة .

فقالت : سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال : ( سيقتل بعذراء ناس يغضب الله لهم وأهل السماء ) ( 64 ) .

وروى ابن لهيعة ، عن الحارث بن يزيد ، عن عبد الله بن زرير الغافقي قال : سمعت عليا عليه السلام يقول : ( يا أهل العراق سيقتل سبعة نفر بعذراء مثلهم كمثل أصحاب الأخدود ) فقتل حجر بن عدي وأصحابه ( 65 ) .

ومن ذلك : إخباره بقتل الحسين بن علي عليهما السلام ، روى أبو عبد الله الحافظ بإسناده عن أم سلمة : أن رسول الله اضطجع ذات يوم للنوم فاستيقظ وهو خاثر ( 66 ) ، ثم اضطجع فرقد ، ثم استيقظ وهو خاثر دون ما رأيت منه في المرة الأولى ، ثم اضطجع واستيقظ وفي يده تربة حمراء يقبلها فقلت : ما هذه التربة يا رسول الله ؟

قال : ( أخبرني جبرئيل فقال : ان هذا يقتل بأرض العراق – للحسين عليه السلام – فقلت : يا جبرئيل أرني تربة الأرض التي يقتل بها ، فهذه تربتها ) ( 67 ) .

وعن أنس بن مالك قال : استأذن ملك المطر أن يأتي رسول الله فاذن له ، فقال لام سلمة : ( احفظي علينا الباب لا يدخل أحد ) فجاء الحسين بن علي عليهما السلام فوثب حتى دخل فجعل يقع على منكب النبي صلى الله عليه وآله وسلم فقال الملك : ( أتحبه ) ؟

فقال النبي صلى الله عليه وآله وسلم : ( نعم ) .

قال : ( أمتك ستقتله ، وإن شئت أريتك المكان الذي يقتل فيه ) .

قال : فضرب يده فأراه ترابا احمرا ، فأخذته أم سلمة فصرته في في طرف ثوبها ، فكنا نسمع أن يقتل بكربلاء ( 68 ) .

ومن ذلك : إخباره بمصارع أهل بيته عليهم السلام ، روى الحاكم أبو عبد الله الحافظ بإسناده ، عن سيد العابدين علي بن الحسين عليهما السلام ، عن أبيه ، عن جده قال : ( زارنا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فعملنا له حريرة ، وأهدت إليه أم أيمن قعبا من زبد وصحفة من تمر ، فاكل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وأكلنا معه ، ثم توضأ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فمسح رأسه ووجهه بيده واستقبل القبلة فدعا الله ما شاء ثم أكب إلى الأرض بدموع غزيرة مثل المطر ، فهبنا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أن نسأله ، فوثب الحسين فأكب على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فقال : يا أبه ، رأيتك تصنع ما لم تصنع مثله قط ؟

قال : يا بني سررت بكم اليوم سرورا لم أسر بكم مثله ، وإن حبيبي جبرئيل أتاني فأخبرني أنكم قتلى وأن مصارعكم شتى ، فأحزنني ذلك ، فدعوت الله لكم بالخيرة .

فقال الحسين عليه السلام : فمن يزورنا على تشتتنا وتبعد قبورنا ؟

فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم طائفة من أمتي يريدون به بري وصلتي ، إذا كان يوم القيامة زرتها بالموقف وأخذت بأعضادها فأنجيتها من أهواله وشدائده ) . ( 69 )

ومن ذلك : إخباره بقتلى أهل الحرة ( 70 ) فكان كما أخبر ، روي عن أيوب ابن بشير ، قال : خرج رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في سفر من أسفاره فلما مر بحرة زهرة وقف فاسترجع ، فساء ذلك من معه وظنوا أن ذلك من أمر سفرهم ، فقال عمر بن الخطاب : يا رسول الله ما الذي رأيت ؟

فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : ( أما إن ذلك ليس من سفركم ) .

قالوا : فما هو يا رسول الله ؟ قال : ( يقتل بهذه الحرة خيار أمتي بعد أصحابي ) ( 71 ) .

قال أنس بن مالك : قتل يوم الحرة سبعمائة رجل من حملة القرآن فيهم ثلاثة من أصحاب النبي صلى الله عليه وآله وسلم .

وكان الحسن يقول : لما كان يوم الحرة قتل أهل المدينة حتى كاد لا ينفلت أحد ، وكان فيمن قتل ابنا زينب ربيبة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وهما ابنان من زمعة بن عبد الأسود ، وكان وقعة الحرة يوم الأربعاء لثلاث بقين من ذي الحجة سنة ثلاث وستين ( 72 ) .

ومن ذلك : قوله صلى الله عليه وآله وسلم في ابن عباس : ( لن يموت حتى يذهب بصره ويؤتى علما ) ( 73 ) فكان كما قال .

وقوله صلى الله عليه وآله وسلم في زيد بن أرقم وقد عاده من مرض كان به : ( ليس عليك من مرضك بأس ، ولكن كيف بك إذا عمرت بعدي فعميت ) ؟

قال : إذا أحتسب وأصبر .

قال : ( إذا تدخل الجنة بغير حساب ) ( 74 ) .

ومن ذلك : قوله صلى الله عليه وآله وسلم في الوليد بن يزيد ، رواه الأوزاعي ، عن الزهري ، عن سعيد بن المسيب قال : ولد لأخي أم سلمة من أمها غلام فسموه الوليد فقال النبي صلى الله عليه وآله وسلم : ( تسمون بأسماء فراعنتكم ، غيروا اسمه ، فسموه عبد الله ، فإنه سيكون في هذه الأمة رجل يقال له : الوليد هو شر لامتي من فرعون لقومه ) .

قال : فكان الناس يرون أنه الوليد بن عبد الملك ثم رأينا أنه الوليد بن يزيد ( 75 ) .

ومن ذلك : قوله صلى الله عليه وآله وسلم في بني أبي العاص وبني أمية ، روى أبو سعيد الخدري عنه أنه قال صلى الله عليه وآله وسلم : ( إذا بلغ بنو أبي العاص ثلاثين رجلا اتخذوا دين الله دغلا ، وعباد الله خولا ، ومال الله دولا ) .

وفي رواية أبي هريرة : ( أربعين رجلا ) ( 76 ) .

ابن موهب قال : كنت عند معاوية بن أبي سفيان فدخل عليه مروان يكلمه في حاجته فقال : اقض حاجتي فوالله إن مؤونتي لعظيمة وإني أبو عشرة وعم عشرة وأخو عشرة . فلما أدبر مروان وابن عباس جالس معه على السرير فقال معاوية : اشهد بالله يا ابن عباس أما تعلم أن رسول الله قال : ( إذا بلغ بنو الحكم ثلاثين رجلا اتخذوا مال الله بينهم دولا ، وعباد الله خولا ، ودين الله دغلا ، فإذا بلغوا تسعة وتسعين وأربعمائة كان هلاكهم أسرع من لوك تمرة ) ؟

فقال ابن عباس : اللهم نعم .

وترك مروان حاجة له ، فرد عبد الملك إلى معاوية فكلمه ، فلما أدبر عبد الملك قال : أنشدك الله يا ابن عباس أما تعلم أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ذكر هذا فقال : ( أبو الجبابرة الأربعة ) ؟

قال ابن عباس : اللهم نعم ( 77 ) .

يوسف بن مازن الراسبي قال : قام رجل إلى الحسن بن علي عليهما السلام فقال : يا مسود وجه المؤمنين .

فقال الحسن : ( لا تؤنبني رحمك الله ، فإن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم رأى بني أمية يخطبون على منبره رجلا فرجلا فساءه ذلك ، فنزلت ( انا أعطيناك الكوثر ) الكوثر نهر قي الجنة ، ونزلت ( انا أنزلناه في ليلة القدر وما ادراك ما ليلة القدر في * ليلة القدر خير من الف شهر ) يعني ألف شهر تملكه بنو أمية ) فحسبنا ذلك فإذا هو لا يزيد ولا ينقص ( 78 ) .

والروايات في هذا الفن من الآيات كثيرة لا يتسع لذكر جميعها هذا الكتاب ، وفي ما أوردناه كفاية لذوي الألباب .
ــــــــــــــــــــــــــــ
( 1 ) نهج البلاغة 2 : 83 1 / لم ذيل الخطبة 187 ، ونقلها المجلسي في بحار الأنوار 7 1 : 389 / 59
( 2 ) انظر : الخرائج والجرائح 1 : 28 / 7 1 ، وكشف الغمة 1 : 23 – 4 2 ، وصحيح البخاري 4 : 234 ، والأنوار في شمائل النبي المختار 1 : 105 ، ونقله المجلسي في بحار الأنوار 18 : 27 / 10 .
( 3 ) انظر : الخرائج والجرائح 1 : 165 / 255 ، ومناقب ابن شهرآشوب 1 : 90 0 ، وكشف الغمة 1 : 4 2 ، وصحيح البخاري 4 : 237 ، ؟ دلائل النبوة للبيهقي 2 : 56 5 و 1 56 ، والوفا بأحوال المصطفى 1 : 322 و 323 ، والأنوار في شمائل النبي المختار 1 : 134 / 145 .
( 4 ) تفاجت : أي فتحت ما لين رجليها انظر ( الصحاح – فجج – 1 : 333 )
( 5 ) يريض الرهط : قال ابن الأثير في النهاية ( 2 : 277 ) : وفي حديث أم معبد ( فدعا بإناء يريض الرهط ) أي يرويهم بعض الري من أراض الحوض إذا صب فيه من الماء ما يوار أرضه .
( 6 ) ثجا : أي انصب بشدة . انظر : 0 العين 6 : 13 ) .
( 7 ) الثمال . بالضم ، جمع ثمالة ، وهي الرغوة ، وقد أثمل اللبن كثر ثمالته ( الصحاح – ثمل – 4 : 1649 ) .
( 8 ) كشف الغمة 1 : 4 2 ، الثاقب في المناقب : 685 / 8 ، الطبقات الكبرى 1 : . 0 23 ، مستدرك الحاكم 3 : 9 ، دلائل النبوة للأصفهاني 2 : 436 / 238 ، دلائل النبوة للبيهقي 1 : 278 ، الوفا بأحوال المصطفى 1 : 2 4 2 ، صفة الصفوة 1 0 37 1 ، البداية والنهاية 3 : 2 9 1 الإصابة 4 : 97 4 ، ونقله المجلسي في بحار الأنوار 8 1 0 43 / 0 3 .
( 9 ) الصفصف : المستوي من الأرض ( الصحاح – صفف – 4 : 1378 )
( 10 ) الكافي 8 : 263 / 378 ، الخرائج والجرائح 1 : 23 / 1 ، مناقب ابن شهرآشوب 1 : 1 7 ، كشف الغمة 1 : 25 ، دلائل النبوة للأصبهاني 2 : 26 4 ، أسد الغابة 2 : 4 26 ، الكامل في التاريخ 2 : 105 ، البداية والنهاية 3 : 185 ، باختلاف في بعضها ، ونقله المجلسي في بحار الأنوار 17 : 387 / 53 .
( 11 ) دلائل النبوة للأصبهاني 2 : 35 4 ، دلائل النبوة للبيهقي 2 : 89 4 ، البداية والنهاية 3 ، 86 1 ، ونقله المجلسي في بحار الأنوار 7 1 : 4 / 387 5 .
( 12 ) كشف الغمة 1 : 26 ، الطبقات الكبرى 1 : 234 ، دلائل النبوة للبيهقي 2 : 489 .
( 13 ) يعتوره النزال : يرتاده المسافرون والمارون بكثرة ، انظر ( العين 2 : 237 )
( 14 ) انظر : الخرائج والجرائح 1 : 25 / 5 ، وكشف الغمة 1 : 26 ،
والطبقات الكبرى 1 : 28 2 ، ودلائل النبوة للأصبهاني 2 : 9 1 4 / 29 2 ، ودلائل النبوة للبيهقي 2 : 482 ، ونقله المجلسي في بحار الأنوار 7 1 : 2 2 / 39 .
( 15 ) انظر : أمالي الطوسي 1 : 12 ، والخرائج والجرائح 1 : 27 /
12 ، والثاقب في المناقب : 71 / 4 5 ، وكشف الغمة 1 : 27 ، ومسند أحمد 3 : 83 ، ودلائل النبوة للأصفهاني 2 : 482 / 0 27 و 271 ، ودلائل النبوة للبيهقي 6 : 1 4 ، والبداية والنهاية 6 : 143 .
( 16 ) انظر : كنز الفوائد 1 : 73 1 ، والخرائج والجرائح 1 : 27 / 3 1 ، ومناقب ابن شهرآشوب 1 : 299 والثاقب في المناقب : 0 4 / 8 6 ، وكشف الغمة 1 : 27 ، ودلائل النبوة للبيهقي 4 :
( 17 ) انظر : الخرائج والجرائح 1 : 27 / 4 1 ، ومناقب ابن شهرآشوب 1 : 3 0 1 ، ودلائل النبوة للبيهقي 3 : 43 ، ، ونقله المجلسي في بحار الأنوار 8 1 : 26 / 7 .
( 18 ) انظر : كنز الفوائد 1 : 170 ، والخرائج والجرائح 1 : 28 / 15 ، والثاقب في المناقب : 2 5 / 9 1 ، ونقله المجلسي في بحار الأنوار 8 1 : 27 / 8
( 19 ) الركي : جمع ركية ، وهي البئر . انظر ( العين 5 : 402 ) .
( 20 ) انظر . الخرائج والجرائح 1 : 28 / 6 1 ، والثاقب في المناقب : 45 / 7 ، ودلائل النبوة للبيهقي 112 : 4 .
( 21 ) انظر : الخرائج والجرائح 1 : 37 / 41 ، ودلائل النبوة للأصبهاني 2 : 485 ، ودلائل النبوة للبيهقي 6 : 34 ، والوفا بأحوال المصطفى 1 : 335 .
( 22 ) انظر : الخرائج والجرائح 1 : 28 / 18 ، ومناقب ابن شهرآشوب 1 : 117 ، ونقله المجلسي في بحار الأنوار 18 : 28 / 11 .
( 23 ) أورده الراوندي في الخرائج والجرائح 1 : 29 / 19 ، وابن شهرآشوب في المناقب 1 : 116 ، ونقله المجلسي في البحار الأنوار 18 : 8 / 8 .
( 24 ) انظر : كنز الفوائد 1 : 171 ، والخرائج والجرائح 1 : 29 / 0 2 ، ومناقب ابن شهرآشوب 1 : 120
( 25 ) الثمال بالكسر : الغياث ، يقال ثمال قومه ، أي غياث لهم يقوم بأمرهم ( الصحاح – ثمل – 4 : 1649 )
( 26 ) أمالي المفيد : 1 0 3 / 3 ، أمالي الطوسي 1 : 73 بزيادة ، الخرائج والجرائح 1 : 9 2 / 21 060 C  الثاقب في المناقب . 89 صدر الحديث ، المصنف للصنعاني 3 : 91 / 4910 ، صحيح البخاري 2 : 35 ، صحيح مسلم 2 : 612 / 897 ، سنن أبي داود 1 : 4 0 3 / 174 1 ، سنن – البيهقي 3 : 353 ، دلائل النبوة للبيهقي 6 : 140 نحوه
( 27 ) انظر : كنز الفوائد 1 : 9 6 1 ، وسيرة ابن هشام 2 : 0 28 ، ودلائل النبوة للأصبهاني 2 : 4 0 6 / 400 ، ودلائل النبوة للبيهقي 3 : 1 8 ، والكامل في التاريخ 2 : 26 1 ، ونقله المجلسي في بحار الأنوار 8 1 : 72 / 26 .
( 28 ) انظر : كنز الفوائد 1 : 0 7 1 ، وقصص الأنبياء للراوندي : 8 0 3 / 0 38 ، والخرائج والجرائح 1 : 30 / 25 ، وسيرة ابن هشام 4 : 166 ، وتاريخ الطبري 3 : 106 ، والكامل في التاريخ 2 : 279 ، ونقله المجلسي في بحار الأنوار 18 : 109 / 11 .
( 29 ) ذكر أبن الأثير في النهاية ( 4 : 144 ) : ان المشركين كانوا ينسبون النبي صلى الله عليه وآله وسلم إلى أبي كبشة ، وهو رجل من خزاعة خالف قريشا في عبادة الأوثان ، وعبد الشعرى العبور ، فلما خالفهم النبي صلى الله عليه وآله وسلم في عبادة الأوثان شبهوه به .
( 30 ) انظر : دلائل النبوة للأصفهاني 1 : 0 37 ، ودلائل النبوة للبيهقي 2 : 266 ، والوفا بأحوال المصطفى 1 : 273 ، وصفة الصفوة 1 : 1 9 ، ونقله المجلسي في بحار الأنوار 17 : 357 / 13 .
( 31 ) صحيح البخاري 6 : 178 .
( 32 ) انظر : الخرائج والجرائح 1 : 32 / 0 3 ، والثاقب في المناقب : 2 6 / 34 و 64 / 41 ، ودلائل النبوة للأصبهاني 2 : 621 / 416 ، ونقله المجلسي في بحار الأنوار 18 : 8 / 9 .
( 33 ) انظر : الخرائج والجرائح 1 : 33 / 32 ، ومناقب ابن شهرآشوب 1 : 115 ، والمغازي للواقدي 1 : 350 ، ونقله المجلسي في بحار الأنوار 18 : 22 / 50 .
( 34 ) الدبر ( بالتحريك ) : الجرح الذي يكون في ظهر البعير ، وقيل : هو أن يقرح خف البعير ( النهاية 2 : 97 )
( 35 ) بصائر الدرجات : 0 37 / 11 ، الاختصاص : 299 بتفصيل ، قصص الأنبياء للراوندي : 288 / 6 35 نحوه .
( 36 ) انتقع لونه : أي ذهب دمه وتغيرت جلدة وجهه أما من خوف وأما من مرض . انظر لسان العرب 8 : 363 ) .
( 37 ) انظر : تفسير القمي 2 : 212 ، وسيرة ابن هشام 1 : 319 ، ودلائل النبوة للبيهقي 2 : 190 ونقله المجلسي في بحار الأنوار 8 1 : 0 24 / 86
( 38 ) المنخوب : الجبان الذي لا فؤاد له ( الصحاح – نخب – 1 : 223 )
( 39 ) انظر : الخرائج والجرائح 1 : 24 / 2 ، ومناقب ابن شهرآشوب 1 : 130 وسيرة ابن هشام 2 : 29 ، ودلائل النبوة للبيهقي 2 : 193 ، والبداية والنهاية 3 : 45 ، ونقله المجلسي في بحار الأنوار 18 : 74 / 30
( 40 ) الاسراء 17 : 45
( 41 ) دلائل النبوة للبيهقي 2 : 195 .
( 42 ) يس 36 : 9 .
( 43 ) دلائل النبوة للبيهقي 2 : 97 1 ، ونقله المجلسي في بحار الأنوار 18 : 72 / ذيل الحديث 26 .
( 44 ) انظر : الخرائج والجرائح 1 : 26 / 9 ، ومناقب ابن شهرآشوب 1 : 34 1 ، ونقله المجلسي في بحار الأنوار 17 : 2 / 375 : 375 / 32 .
( 45 ) التوبة 9 : 33 ، الصف 1 6 : 9 .
( 46 ) مسند أحمد 5 : 134 ، دلائل النبوة للبيهقي 6 : 6 1 3 .
( 47 ) دلائل النبوة للأصبهاني 2 : 700 ، دلائل النبوة للبيهقي 6 : 2 33 .
( 48 ) الفطس : انخفاض قصبة الانف وانفراشها ( النهاية 3 : 458 ) .
( 49 ) المجان : الترس والترسة ( لسان العرب 13 : 400 ) .
( 50 ) صحيح البخاري 4 : 238 ، مستدرك الحاكم 4 : 476 ، دلائل النبوة
للبيهقي 6 : 336 ، الأنوار في شمائل النبي المختار 1 : 2 0 1 / 4 1 1 ، البداية والنهاية 6 : 224 .
( 51 ) صحيح مسلم 4 : 1779 / 18 ، سنن أبي داود 4 : 306 / 5025 ، دلائل النبوة للبيهقي 6 : 337 .
( 52 ) صحيح البخاري 8 : 48 ، وكذا في في مسند أحمد 2 : 85 ، دلائل النبوة للبيهقي 6 : 361 ، ونقله المجلسي في بحار الأنوار 8 1 : 122 / 36 .
( 53 ) صحيح البخاري 9 : 59 ، وكذا في . مسند أحمد 5 : 333 ، ودلائل النبوة للبيهقي 6 : 361 ، ونقله المجلسي في بحار الأنوار 8 1 : 2 2 1 / 36 .
( 54 ) الحوأب : منزل بين البصرة ومكة ( معجم البلدان 2 : 314 )
( 55 ) مسند أحمد 6 : 97 ، دلائل النبوة للبيهقي 6 : 0 1 4 ، ونقله المجلسي في بحار الأنوار 8 1 : 123 / 36
( 56 ) دلائل النبوة للبيهقي 6 : 4 1 4 ، ونقله المجلسي في بحار الأنوار 8 1 : 123 / 36 .
( 57 ) دلائل النبوة للبيهقي 6 : 5 1 4 ، ونقله المجلسي في بحار الأنوار 8 1 : 123 / 36 .
( 58 ) صحيح مسلم 4 : 236 2 / 72 ، وكذا في : مسند أحمد 2 : 1 6 1 ، سنن الترمذي 5 : 69 6 / 0 0 38 ، دلائل النبوة للبيهقي 6 : 420 ، الوفا بأحوال المصطفى 1 : 08 3 ، ونقله المجلسي في بحار الأنوار 8 1 : 23 1 / 36 .
( 59 ) مسند أحمد 4 : 9 1 3 ، مستدرك الحاكم 3 : 389 ، دلائل النبوة للبيهقي 6 : 421 ، ونقله المجلسي في بحار الأنوار 8 1 : 23 1 / 36 .
( 60 ) سنن أبي داود 4 : 243 / 4765 ، دلائل النبوة للبيهقي 6 : 430 ، ونقله المجلسي في بحار الأنوار 8 1 : 124 / 36 .
( 61 ) دلائل النبوة للبيهقي 6 : 0 4 4 ، تاريخ بغداد 1 1 : 6 1 / 5928 تاريخ ابن عساكر – ترجمة الإمام علي عليه السلام – 3 : 6 1 1 / 57 1 1 ، تذكرة الحفاظ 3 : 5 99 ، ونقله المجلسي في بحار الأنوار 18 : 4 2 1 / 36 .
( 62 ) الخرائج والجرائح 1 : 23 1 / 1 0 2 ، مناقب الخوارزمي 75 / 2 1 2 و 90 1 / 25 2 و 226 ، تاريخ ابن عساكر – ترجمة الإمام علي عليه السلام – 3 : 1 16 / 1 0 2 1 و 62 1 / 2 0 2 1 ، فرائد السمطين 1 : 282 / 232 و 331 / 257 ، ونقله المجلسي في بحار الأنوار 18 : 124 / 36
( 63 ) عذراء ( بالفتح ثم السكون والمد ) وهو في الأصل : الرملة التي لم توطأ ، والدرة العذراء التي لم تثقب . وير قرية بغوطة دمشق من إقليم خولان . وإليها ينسب مرج ( انظر : معجم البلدان 4 : 91 ) .
( 64 ) دلائل النبوة للبيهقي 6 : 57 4 ، البداية والنهاية 6 : 226 ، ونقله المجلسي في بحار الأنوار 8 1 : 4 2 1 / 36 .
( 65 ) دلائل النبوة للبيهقي 6 : 56 4 ، البداية والنهاية 6 : 225 ، ونقله المجلسي في بحار الأنوار 8 1 : 4 2 1 / 36 .
( 66 ) الخاثر : أي ثقيل النفس غير طيبها . ( انظر : لسان العرب 4 : 0 23 )
( 67 ) مستدرك الحاكم 4 : 398 ، دلائل النبوة للبيهقي 6 : 468 ، البداية والنهاية 6 : 0 23 ، سير أعلام النبلاء 3 : 289 ، ونقله المجلسي في بحار الأنوار 8 1 : 4 2 1 / 36 .
( 68 ) مسند أحمد 3 : 242 ، دلائل النبوة للأصبهاني 2 : 9 70 ، دلائل النبوة للبيهقي 6 : 69 4 . البداية والنهاية 6 : 29 2 ، ونقله المجلسي في بحار الأنوار 8 1 : 4 2 1 / 36
( 69 ) انظر : كامل الزيارات : 58 / 7 ، أمالي الطوسي 2 : 1 28 ، ونقله المجلسي في بحار الأنوار 18 : 125 / 36 .
( 70 ) إشارة إلى وقعة الحرة الشهيرة التي جرت بأوامر من يزيد بن معاوية لعنه الله ، حيث أرسل إلى مدينة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أحد قواد جيشه وهو مسلم بن عقبة – المعروف بفجوره وفساده ، وعدائه للاسلام وأهله – للتنكيل بأهلها بعد رفضهم اعطاء البيعة ليزيد لمعرفتهم بمن هو يزيد وما هي حاله ، فأمره باستباحة مدينة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم التي قال عنها صلى الله عليه وآله وسلم : ( من أخاف المدينة أخافه الله عز وجل ، وعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين ، لا يقبل منه عدل ولا صرف ) ، بل وأن يأخذ أهلها خول وعبيد ، إن شاء يزيد أطلق وإن شاء استرق ! !
نعم ، وكان من نتيجة ذلك أن وقعت أمور تثيب لها الصبيان ، وتقشعر لهولها الجلود ، وترتجف لها السماوات والأرضون ، حيث إن هذا المجرم أمر جنوده باستباحة المدينة ثلاثة أيام ، فنهب ما نهب ، وقتل من قتل ، واغتصبت المئات من نساء المهاجرين والأنصار ، وحيث روت المصادر المختلفة أن ألف عذراء افتضت في هذه الواقعة ، وقتل من المهاجرين والأنصار وأبنائهم وغيرهم من المسلمين أكثر من عشرة آلاف رجل ، حتى قيل لم يبق بعد ذلك بدري ، هذا عدا النساء والأطفال .
بل ومن ثم فإن مسلم بن عقبة لعنه الله وأخزاه أمر المسلمين المغلوبين على أمرهم بالبيعة ليزيد على أنهم عبيد له ، وأرسل برؤوس أهل المدينة الذين قتلوا إلى يزيد لتتشفى منظرهم نفسه النتنة كما تشفت برأس السبط الشهيد الإمام الحسين بن علي عليه السلام .
أنظر : تاريخ الطبري 5 : 482 ، الكامل في التاريخ 4 : 111 ، تاريخ الاسلام حوادث سنة ثلاث وستين : 23 ، مروج الذهب 3 : 268 ، البداية والنهاية 8 : 7 1 2 ، العقد الفريد 5 : 36 1 ، وفيات الأعيان 6 : 4 27 ( ترجمة يزيد بن القعقاع القارئ ) .
( 71 ) دلائل النبوة للبيهقي 6 : 73 4 ، البداية والنهاية 6 : 233 ، ونقله المجلسي بحار الأنوار 18 : 125 / 36 .
( 72 ) دلائل النبوة للبيهقي 6 : 4 47 ، البداية والنهاية 6 : 4 23 ، ونقله المجلسي في بحار الأنوار 8 1 : 125 / 36 .
( 73 ) دلائل النبوة للبيهقي 6 : 478 ، ونقله المجلسي في بحار الأنوار 18 : 126 / 36 .
( 74 ) دلائل النبوة للبيهقي 6 : 79 4 ، ونقله المجلسي في بحار الأنوار 8 1 : 26 1 / 36 .
( 75 ) دلائل النبوة للبيهقي 6 : 5 0 5 ، البداية والنهاية 6 : 1 24 ، ونقله المجلسي في بحار الأنوار 8 1 : 6 2 1 / 36 .
( 76 ) دلائل النبوة للبيهقي 6 : 7 0 5 ، الداية والنهاية 6 : 2 24 ، ونقله المجلسي في بحار الأنوار 8 1 : 6 2 1 / 36 .
( 77 ) دلائل النبوة للبيهقي 6 : 508 ، البداية والنهاية 6 : 242 ، ونقله المجلسي في بحار الأنوار 8 1 : 6 2 1 / 36 .
( 78 ) في الترمذي 5 : 4 4 4 / 0 335 ، مستدرك الحاكم 3 : 0 7 1 ، دلائل النبوة للبيهقي 6 : 509 ، البداية والنهاية 6 : 243 ، ونقله المجلسي في بحار الأنوار 18 : 127 / 36 .

 

أضف تعليقك

تعليقات القراء

ليس هناك تعليقات
*
*

شبكة الإمامين الحسنين عليهما السلام الثقافية