شبكة الإمامين الحسنين عليهما السلام الثقافية

مقامات سيدة نساء العالمين في تراث مدرسة الصحابة ق (1)

0 المشاركات 00.0 / 5

سلسلة حلقات من برنامج - مطارحات في العقيدة - على قناة الكوثر الفضائية

25/2/2010

المقدم: بسم الله الرحمن الرحيم، والحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسول الله الأمين وآله الطيبين الطاهرين وأصحابه المنتجبين.السلام عليكم مشاهدينا الكرام ورحمة الله تعالى وبركاته، هذا موعدكم مع حلقة جديدة من مطارحات في العقيدة، عنوان حلقة الليلة: (مقامات سيدة نساء العالمين في تراث مدرسة الصحابة، القسم الأول) نرحب باسمكم بضيفي الكريم سماحة آية الله السيد كمال الحيدري، مرحباً بكم سماحة السيد.

آية الله السيد كمال الحيدري: أهلاً ومرحباً بكم.

المقدم: سماحة السيد قد يسأل السائل يقول تعودنا منكم في سلسلة برامجكم على عنوان معين، فما علاقة بحث مقامات الزهراء عليها السلام بمعالم الإسلام الأموي.

آية الله السيد كمال الحيدري: أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم، بسم الله الرحمن الرحيم، وبه نستعين والصلاة والسلام على محمد وآله الطيبين الطاهرين.

يتذكر المشاهد الكريم أننا بدأنا أبحاثنا في معالم الإسلام الأموي وقلنا أن المعلم الأول هو القضاء أو إقصاء أهل البيت سواء على مستوى فضائلهم أو على المستوى الجسدي أيضاً، ونحن عندما نقول أهل البيت مرادنا من أهل البيت واضح، مرادنا النبي الأكرم (صلى الله عليه وآله) وعلي بن أبي طالب أمير المؤمنين والزهراء والحسن والحسين، هؤلاء هم اعتقادنا، هم المقصودون بقوله تعالى: (إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيراً). والهجمة والحملة الأموية على أهل البيت لم تكن على نساء النبي، وهذا واضح فعندما نرجع إلى التاريخ يجد أن الأمويين وعلى رأسهم معاوية ومن نظّر للنهج الأموي لم يكن هناك نساء النبي في هذه الحملة، يعني في السب واللعن لم يشمل أحدٌ بكلامه نساء النبي (صلى الله عليه وآله) أو لم يشمل أحدٌ بكلامه أعمام النبي (صلى الله عليه وآله) أو بني العباس أو عيرهم، وإنما الهجمة والهدف كان علي وفاطمة والحسن والحسين، إذن نحن عندما نتكلم عن مقامات سيدة نساء العالمين باعتبار أنها تمثل واحد من أهل البيت الذين طهرهم الله تطهيراً، أو واحد من أهل البيت ا لذي جاء حديث الثقلين وقال: (إنهما لن يفترقا حتى يردا علي الحوض، عترتي أهل بيتي) وسيأتي إنشاء الله وسنبين أن المراد من العترة هنا لا إشكال أنه لا يراد منه نساء النبي ولا يراد منه أوسع من ذلك، وإنما يختص بهؤلاء الخمسة المطهرين وهم النبي الأكرم وعلي بن أبي طالب وفاطمة والحسن والحسين. إذن علاقة هذا البحث اتضحت وهو أنه نريد أن نرى أن النهج الأموي كيف تعامل مع بعض أفراد أهل البيت بهذا المعنى، فيما سبق بينّا كيف تعامل ولو بنحو الإجمال لأنه واقعاً إذا نريد أن نستوعب البحث كاملاً لا تسع الحلقات لذلك. أشرنا إلى بعض الكلمات الواردة في علي بن أبي طالب وأن النهج الأموي كيف تعامل مع فضائل ومقامات وما ورد في حق علي بن ابي طالب. وكذلك أشرنا إلى بعض الأمور التي تتعلق بالإمام الحسين وأن النهج الأموي كيف تعامل مع قضية الحسين، وفي هذه الليلة وفي هذه الحلقة والحلقات القادمة لعله أيضاً سنحاول أن نقف على أن النهج الأموي كيف تعامل مع مقامات الزهراء سلام الله عليها.

إذن بحثي هنا سينصب على محورين: المحور الأول سأقف عند قضية ماذا يقول علماء المسلمين في مدرسة الصحابة وماذا ينقلون من النصوص الصحيحة الصريحة في بيان فضائل ومناقب ومقامات الزهراء بضعة المصطفى (عليه أفضل الصلاة والسلام) هذا هو المحور الأول. والمحور الثاني هو أن النهج الأموي كيف تعامل مع هذه النصوص ومع هذه المناقب ومع هذه الفضائل ومع هذه المقامات التي بينها رسول الله (صلى الله عليه وآله) لبضعته، وعندما أقول كيف تعامل النهج الأموي يعني كيف تعامل مؤسس هذا النهج منظر هذا النهج، وهو شيخ الإسلام ابن تيمية، يعني ابن تيمية عندما جاء إلى النصوص الواردة عن النبي الأكرم (صلى الله عليه وآله) لبيان مناقب وفضائل الزهراء عليها السلام كيف تعامل معها، هل أعطاها هذه المقامات أو حاول أن يؤولها أن ينتقص منها أو يكذبها لأن المشاهد الكريم يتذكر حيث قلنا أن الشيخ ابن تيمية في منهاج السنة وفي آثاره الأساسية الأخرى له منهج خاص في التعامل مع الروايات ومع النصوص الصحيحة الواردة عن النبي الأكرم (صلى الله عليه وآله) في مناقب وفضائل أهل البيت، وعندما أقول أهل البيت ليس مرادي نساء النبي أو أولاد عم النبي أو أعمام النبي، بل مرادي من أهل البيت علي وفاطمة والحسن والحسين وعلى رأسهم رسول الله (صلى الله عليه وآله). قلنا أن الشيخ ابن تيمية هكذا يتعامل معها، أولاً يحاول أن يكذب تلك النصوص، يقول أن هذا النص ضعيف كذب موضوع لم يرد، كما رأيتم في قضية رأس الحسين عليه أفضل الصلاة والسلام، كما رأيتم في أسارى وسبايا كربلاء، كما رأيتم في حديث (من كنت مولاه فهذا علي مولاه) حاول أن يضعف ويقول حسنه البعض، هذا هو الطريق الأول أو المرحلة الأولى.

الطريق الثاني الذي يستعمله أو المرحلة الثانية هو أنه إذا لم يستطع أن يناقش في السند يحاول أن يجعل ما ذكر من منقبة يجعلها مذمة ومنقصة، والطريق الثالث إن لم يستطع لا أن يناقش في السند ولا أن يناقش في الدلالة والمضمون يقول أن هذه ليست من مختصاتهم وإنما هي عامة وموجودة عن الآخرين، وكم له من شاهد وسنطبق هذا في هذا البحث.

إذن هناك ارتباط واضح بين بيان مقامات سيدة نساء العالمين وبين بحثنا الأصلي وهو معالم الإسلام الأموي، ليقف المشاهد الكريم أن النهج الأموي كيف تعامل مع الروايات الصحيحة والصريحة في مناقب أهل البيت بالمعنى الأخص الذي أشرنا إليه.

المقدم: طبعاً سماحة السيد الأحاديث كثيرة في هذا البحث، ولكنكم عودتم المشاهد الكريم أن تذكروا النصوص الصحيحة المتفق عليها التي لا يمكن لأحد أن يناقش فيها، وإلا فهي جمة وكثيرة. ماذا ورد على مباني القوم في هذا المجال، ماذا ورد في حق فاطمة سلام الله عليها بضعة النبي على لسان أبيها المصطفى (صلى الله عليه وآله).

آية الله السيد كمال الحيدري: قبل أن أدخل في النصوص وبودي أن المشاهد الكريم في هذه الليلة، هذه النصوص التي سأقرأها والمصادر والمراجع الأصلية التي سأشير إليها لا أقل يحاول أن يدونها ليستذكر في الموضع المناسب لأنها مفيدة. في المقدمة بودي أن أشير إلى أصلين، الأصل الأول لابد وهذا أصل قرآني وهو أننا لابد أن نقبل في المقدمة أن كل ما صدر من النبي الأكرم (صلى الله عليه وآله) فيما يتعلق ببضعته الزهراء ليس هذا منطلق من عاطفة أبوية، نعم قد تكون العاطفة الأبوية موجودة ولكن هذه لا تمثل البعد العاطفي والبعد الأبوي، وإنما تمثل منطق الوحي؛ لأن القرآن الكريم يقول: (ما ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى) إذن كل ما يقوله الرسول (صلى الله عليه وآله) بازاء ابنته هذا هو من الوحي الإلهي، هذا لا يمكن أن نجعله مرتبط بقضية شخصية أو بقضية عاطفية أو بقضية أب وابنته ، كما قلنا ذلك في الحسين عندما قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): الحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنة، لا يمكن لأحد أن يقول أن باعتبار أنه يحب أولاده كثيراً ويحب الحسن والحسين كثيراً فقال هذا الكلام في حقهم، وإلا لو جاء هذا الاحتمال أساساً فكل ما صدر عن النبي في أصحابه وفي أهل بيته هذه كله تأخذ بعداً آخر ولا يمكن الاستناد إليها، فالأصل الأول هو أن كل ما صدر من النبي الأكرم (صلى الله عليه وآله) في هذا المجال بنص القرآن الكريم (وحي يوحى) يعني له بعد إلهي واقعي وحقيقي.

الأصل الثاني الذي لابد أن أشير إليه وهو أنه أنا عندما أنقل النصوص أنقلها بقيدين من كتب مدرسة الصحابة، ومن مصادر ومراجع مدرسة الصحابة وهذا بينّاه فيما سبق، أولاً أن تكون هذه الرواية مقبولة وصحيحة وحسنة عند علماء الجرح والتعديل وعند محدثين عندهم، هذا أولاً، وثانياً أن تكون تلك الروايات صحيحة عندنا، أما إذا كانت هناك روايات صحيحة عندهم وليست صحيحة عندنا فليست هي حجة علينا يعني كما أن ما ورد في أصول الكافي عندنا أو في كتاب البحار عندنا ليس حجة عليهم، على اتباع مدرسة الصحابة على علماء مدرسة الصحابة، نعم كذلك كل ما ورد في صحيح البخاري وصحيح مسلم والمسانيد والسنن ليست حجة علينا، وإنما الحجة علينا هو ما اتفقنا فيه لأن رسول الله (صلى الله عليه وآله) كما هو الحديث المشهور - وله بحثه في محله- وهو أنه لا تجتمع أمتي على خطأ، لا تجتمع أمتي على ضلالة.

لا يقول لنا قائل لماذا أنتم تنقلون هذه الروايات فقط، وردت هناك روايات في صحيح البخاري ومسلم وغيرها أيضاً صحيحة على مبانيهم في مناقب فلان وفلان، حجة عليكم، الجواب: لا، ليست حجة علينا لأن هذه إنما هي حجة عليكم لا علينا. إذن من باب الاتفاق أولاًً ومن باب الزموهم بما ألزموا بهم أنفسهم، لأن هؤلاء هم نقلوا هذه النصوص وصرحوا بأنها صحيحة وصريحة في هذا المجال. بناء على هذين الأصلين سندخل في المقام.

النص الأول الوارد في المقام: وهو النص الوارد في مسند الإمام أحمد، الموسوعة الحديثية التي أشرنا إليها فيما سبق، تحقيق شعيب الأرنأوط، وعادل مرشد، مؤسسة الرسالة، الجزء الرابع، ص409، الرواية، حدثنا يونس حدثنا داود ابن أبي الفرات عن علباء عن عكرمة عن ابن عباس قال: خط رسول الله (صلى الله عليه وآله) في الأرض أربعة خطوط قال: تدرون ما هذا؟ فقالوا: الله ورسول أعلم. فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله): أفضل نساء أهل الجنة. إذن المقطع الأول أو العبارة الأولى أن رسول الله (صلى الله عليه وآله) قال أن هناك نساء هن أفضل نساء أهل الجنة، كما قال الحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنة. من هن اللواتي أفضل نساء الجنة. قال: خديجة بنت خويلد وفاطمة بنت محمد وآسية بنت مزاحم امرأة فرعون ومريم ابنة عمران. هذا الترتيب ليس للفضل فيما بينهن، أبداً، لكن باعتبار أن النص ورد في موارد أخرى ولم يحفظ فيه هذا الترتيب، المهم هو هذا النص الأول. ويعلق عليه شعيب الأرنأوطئ، قال: إسناده صحيح، رجاله ثقات، رجال الصحيح - صحيح البخاري- ثم يقول: وفلان وفلان وفلان. هذا هو المصدر الأول في هذا المجال، إذا المشاهد الكريم حتى يحفظ، الحديث 2298.

الحديث الثاني الوارد في هذا المجال ما ورد أيضاً في مسند أحمد، في 77، المجلد الخامس، من نفس هذه الموسوعة التي أشرنا إليها، وهي في الحديث 2901، الرواية: قال حدثنا أبو عبد الرحمن حدثنا داود، طبعاً هنا لابد أن المشاهد يلتفت ليس هذه الروايات أنقلها لبيان أنها متكررة، لا لا أبداً، وإنما طرقها متعددة، يعني المشاهد الكريم لابد أن يلتفت أنه الشيخ أحمد بن حنبل لم ينقل كل هذه الروايات بسند واحد، وبطريق واحد، فهي ليست من قبيل الطريق الواحد أو الآحاد، وإنما عندما تتكرر الإسناد فإما أن تكون مستفيضة أو أن تكون متواترة إلى غير ذلك. أيضاً الرواية قال: خط رسول الله ... قال: أتدرون ..؟ قال: خديجة وفاطمة ومريم وآسية. هناك قال فاطمة بنت محمد ومريم بنت عمران، هناك جعلها الرابع هنا جعلها الثالث، فهذا الترتيب ليس لبيان الفضيلة، أيضاً في الحاشية يقول: إسناده صحيح، رجاله ثقات، رجال الصحيح، داود وابن أبي الفرات المروزي وعلباء ... الخ.

المصدر الثالث في هذا المجال ما ورد في نفس المصدر يعني مسند الإمام أحمد، المجلد الخامس، ص113، الحديث 2957، أيضاً عن ابن عباس أن رسول الله خط اربع خطوط ثم قال: أفضل نساء الجنة أربعة، مريم بنت عمران - جعلها الأول مع أنه في الرواية الأولى كانت الآخر- وخديجة بنت خويلد وفاطمة بنت محمد وآسية بنت مزاحم، يقول: إسناده صحيح، رجاله ثقات، رجال الصحيح. هذا هو المصدر أو الرواية الثالثة.

المصدر الآخر هو ما ورد في مسند أبي يعلى الموصلي، المجلد الخامس، ص110، حققه وخرج أحاديثه حسين سليم أسد، مكتبة الرشد ومكتبة المأمون للتراث، ناشرون، وقد أشرنا إلى هذا الكتاب فيما سبق. في الحديث 2722، قال: خط رسول الله في الأرض أربع خطوط، فقال: أتدرون ما هذا؟ قالوا: الله ورسوله أعلم، فقال رسول الله: أفضل نساء أهل الجنة، خديجة ... وفي الحاشية يقول: إسناده صحيح، وأخرجه أحمد، وأخرجه فلان، وذكره الهيثمي في (مجمع الزوائد) في المناقب في باب فضل خديجة بنت خويلد وقال - الهيثمي-: رواه أحمد وأبو يعلى والطبراني ورجالهم رجال الصحيح. ومن الذين نقلوا هذه الرواية في (شرح مشكل الآثار) - هذا المصدر لم أشر له فيما سبق- تأليف الإمام المحدث الفقيه المفسر أبي جعفر أحمد بن محمد بن سلامة الطحاوي، المتوفى 321هـ، حققه وضبط نصه وخرج أحاديثه وعلق عليه شعيب الارنأوط، ج1، مؤسسة الرسالة، الطبعة الثانية، سنة 1427هـ، 2006م. هناك في الجزء الأول ص140، هكذا يقول: الرواية قال: خط النبي ... إلى أن يقول - لا اقرأ الرواية، فقط أنظر إلى السند- قال: إسناده صحيح علي بن عثمان اللاحقي، باعتبار أننا قلنا أن الطرق تتعدد ورجال السند يتعددون، لا أن رجال السند واحد أبداً، وإنما يتعدد، يقول إسناده صحيح علي بن عثمان اللاحقي وثقه أبو حاتم فيما نقله عنه ابنه في الجرح والتعديل، الجزء السادس، وذكره ابن حبان في (الثقات) وباقي رجاله رجال الصحيح، يقول: ورواه أحمد من طريق داود بهذا الإسناد، وقال الحاكم – هذا المصدر الأخير- وقال الحاكم النيسابوري - في المستدرك على الصحيحين- صحيح الإسناد ووافقه الذهبي على هذا - التصحيح-.

إذن إلى هنا اتضح لنا أن هذا النص الأول وهو نص يقول (أفضل نساء أهل الجنة) إذن هذا هو المقطع الأول أو النص الأول الذي يجعل فاطمة سلام الله عليها هي أفضل واحدة من أربعة من النساء اللواتي هن أفضل نساء أهل الجنة. وهذا واضح لا مجال فيه للكلام.

وفي مقابل ذلك ورد عندنا نص آخر بنحو آخر، هذا النص الآخر أشير إليه إجمالاً، ما ورد في فضائل الصحابة لابن حنبل، فضائل الصحابة، رسائل جامعية، رقم 13، كتاب فضائل الصحابة، للإمام أحمد بن محمد بن حنبل، المتوفى 241، الجزء الثاني، ص945، الحديث 1325، الرواية: حدثنا عبد الله قال: حدثني أبي، قال: حدثنا عبد الرزاق، قال حديثنا معمر عن قتادة عن أنس عن ان النبي قال: حسبك - يقول لأنس- من نساء العالمين - لا أفضل نساء أهل الجنة، بعبارة أخرى تلك الرواية تتكلم عن أفضل نساء أهل الجنة، وهذه تتكلم عن أفضل نساء الدنيا- مريم ابنة عمران وخديجة بنت خويلد وفاطمة بنت محمد وآسية امرأة فرعون. في الحاشية يقول: إسناده صحيح لغيره، وقد ذكرنا للمشاهد الكريم فيما سبق أنه عندنا إسناد صحيح في نفسه وإسناد صحيح لغيره، إلى أن يقول: وأخرجه الترمذي وفلان وفلان ...

وقد ورد هذا العنوان في صحيح سنن الترمذي للألباني، بودي أن المشاهد الكريم يعلم أن سنن الترمذي فيه أربعة أجزاء، يعني كما هي في طبعة محمد ناصر الألباني، ثلاثة منها صحيح سنن الترمذي، والرابع ضعيف سنن الترمذي، يعني الروايات التي صححها الألباني من الترمذي والروايات التي ضعفها الألباني من سنن الترمذي، هناك في الجزء الثالث، صحيح سنن الترمذي، للإمام الحافظ محمد بن عيسى الترمذي، المتوفى سنة 279هـ، تأليف محمد ناصر الدين الألباني، المجلد الثالث، مكتبة المعارف للنشر والتوزيع، لصاحبها سعد بن عبد الرحمن الراشد، الرياض، الطبعة الثانية للطبعة الجديدة المطبوعة 1422 من الهجرة، هناك في المجلد الثالث، ص573، الرواية، يقول: حدثنا أبو بكر ابن زنجويه حدثنا عبد الرزاق، أخبرنا معمر عن قدادة عن أنس رضي الله عنه أن النبي قال: حسبك من نساء العالمين مريم ابنة عمران وخديجة بنت خويلد وفاطمة بنت محمد وآسية امرأة فرعون. يقول الألباني معلقاً عليها، يقول: صحيح. قال أبو عيسى - الترمذي، وقد صححه أيضاً- هذا حديث صحيح. إذن في فضائل الصحيح كان صحيح لغيره أما هنا في صحيح سنن الترمذي باعتبار بطريق آخر فهو صحيح بنفسه ولذاته لا لأجل غيره.

المورد الثالث ما ورد في المجلد الخامس، مسند أبي يعلى الموصلي، ص380، رقم الحديث 3039، الرواية هذه، عن أنس أن النبي قال: حسبك من نساء العالمين، المصدر مسند أبي يعلى الموصلي، للإمام الحافظ أحمد بن علي بن المثنى التميمي، المتوفى 307 هـ، في المجلد الخامس، ص380، بعد أن ينقل الرواية يقول: إسناده أيضاً إسناد تام في هذا المجال.

وممن أيضاً نقلوا هذه الرواية في (شرح مشكل الآثار) حققه وضبط نصه شعيب الأرنأوط، ج1، ص140، الحديث 147، بعد أن ينقل الرواية عن أنس أن النبي قال: حسبك من نساء العالمين مريم ابنة عمران وفاطمة ... يقول في ذيل الرواية: إسناده صحيح على شرط الشيخين، وهذا هو الصحيح الأعلائي بحسب مباني مدرسة الصحابة، فهو بنفسه وعلى شرط الشيخين، يعني المحقق الأرنؤوط يقول: ورواه الترمذي وابن حبان وأحمد والحاكم وقال الترمذي: هذا حديث صحيح. وقد قرأنا ذلك عنه.

وكذلك ما ورد في المجلد 19، من (مسند أحمد) هذا المصدر الأخير الذي أشير إليه، ص383، أيضاً بنفس النص، المحقق شعيب الأرنؤوط وعادل مرشد، في ذيل الحديث 12391، قال: حسبك من نساء العالمين مريم ابنة عمران .. إلى أن يقول: إسناده صحيح على شرط الشيخين - واقعاً بودي أن المشاهد الكريم هو يراجع لأني لا وقت لي أن أقرأ النص كاملاً- يقول: وهو في مصنف عبد الرزاق وفي تفسيره ومن طريقه أخرجه المصنف أيضاً في فضائل الصحابة يعني أحمد بن حنبل، والترمذي وابن أبي عاصم في (الآحاد والمثاني)، وأبو يعلى والطحاوي في (شرح مشكل الآثار)، وابن حبان والسراج في مسنده، كما في (الاستيعاب) والطبراني في (المعجم الكبير) والحاكم وأبو نعيم في (الحلية) والبغوي في (شرح السنة) وفي (التفسير) وأخرجه المصنف في (فضائل الصحابة) ومن طريقه الحاكم عن عبد الرزاق، وأخرجه ابن أبي عاصم في (الآحاد) والطبري وابن عدي والطبراني والخطيب في تأريخ ... وعشرات المصادر التي أخرجت هذا الحديث.

وخلاصة ما تقدم أنه قد ثبت من مما تقدم أن الزهراء عليها السلام أننا إذا أردنا أن نعد أربعة من نساء العالمين اللواتي هن أفضل نساء العالمين وأفضل أهل الجنة ففاطمة واحدة منهن. يعني نحن عندما نأتي إلى الرجال واقعاً الرجال أكثر من ذلك بكثير كما ورد، ولا اريد أن أتكلم عن النص، ولكن في الواقع العملي هكذا، لأن الرسول (صلى الله عليه وآله) لم يشر إلى النساء اللواتي كملنَّ إلا هؤلاء الأربعة يعني فاطمة وخديجة ومريم وآسية، هؤلاء اللواتي كملنَّ من نساء العالمين وهن أفضل نساء أهل الجنة.

المقدم: ما الفرق بين النص الأول والنص الثاني.

آية الله السيد كمال الحيدري: نحن تارة نتكلم على مستوى الأفضلية في الدنيا فنقول أن فلان أفضل من فلان، وأخرى نتكلم على مستوى الأفضلية في الآخرة، والفرق بينهما هو أنه قد تكون مراتب الفضل في الدنيا بأمور دنيوية، يعني فلان افضل قد يكون أفضل في المال، فلان أفضل في الجمال، فلان أفضل في الطول، فلان أفضل في الموقع، فلان أفضل في الشرافة، كما أننا نجد أن الساسة والمسؤولين الكبار يقولون السيد رئيس الجمهورية، عندما يقول السيد لا يريد أن يعطيه كرامة إلهية وإنما يعطيه مقام وشرف دنيوي مرتبط بهذه الاعتبارات العقلائية والاجتماعية الحاكمة عندنا. وتارة عندما نتكلم عن السيادة وعن الأفضلية وأنه سيد نريد له البعد الإلهي لا البعد الدنيوي، يعني لا يأتيني قائل ويقول بأن هؤلاء تفاضلوا فيما بينهم بأمور دنيوية، لا أبداً، وإنما نريد أن نقول أن النساء الأربع إنما كن أفضل من النساء الآخريات لا في أمور دنيوية مرتبطة بهذه الاعتبارات، وإنما هذا الفضل وهذه السيادة إنما هي مرتبطة بالبعد الإلهي والآخروي، ومعناه أن بالكرامة الإلهية يعني (إن أكرمكم عند الله أتقاكم) يعني مرتبطة بمراتب الفضل الإلهي مرتبطة بمراتب القرب الإلهي، مرتبطة بالمقامات التي جعلها الله درجات القرب بالنسبة اليه. هذا هو الموقع الثاني، أو هذا هو المعنى الثاني للسيادة. هذه الروايات أشارت إلى البعد الدنيوي وأشارت إلى البعد الإلهي، لأنها ربطت وقالت هذه النساء اللواتي هن أفضل نساء أهل الجنة، فلماذا صرن أفضل نساء أهل؟ لأنهن كن سيدات نساء العالمين، إذن إنما تبدل العنوان للإشارة إلى هذه النقطة، يعني لا يأتي غداً أحد ويقول الزهراء سلام الله عليها إنما كانت لها هذه المقامات باعتبار أنها بنت رسول الله، هذا كونها بنت المصطفى هذا اعتبار دنيوي، وإلا فنحن عندنا من أبناء الأئمة لم يكونوا على سيرة آبائهم يعني بعبارة أخرى يخرج الطيب من الخبيث ويخرج الخبيث من الطيب، يخرج الحي من الميت ويخرج الميت من الحي، إذن القضية ليست قضية نسبية مرتبطة بكذا وكذا، نعم نحن نعتقد أن المرأة تكون بنت المصطفى هذه منقبة وشرف عظيم، ولكن ليست هذه النصوص تريد أن تتكلم عن هذه المنقبة، وإلا النبي الأكرم (صلى الله عليه وآله) أولاد الأئمة، نحن عندما نأتي إلى أولاد الأئمة واحد منهم هو الإمام المعصوم وباقي الأولاد ليسوا بمعصومين، وقد وردت عندنا نصوص كثيرة أن المدار لا أنساب إلا نسب أقره الله سبحانه وتعالى. إنما تعدد هذا العنوان يعني عنوان صار نساء العالمين، وعنوان صار نساء أهل الجنة، للإشارة إلى أن هذه المراتب من الفضل إنما مرتبطة بالبعد الإلهي، وليست مرتبطة بالبعد الدنيوي، ولا بالبعد الاجتماعي.

عندما نأتي إلى هذه العبارة في ص389 النص يتكلم عن هذا المعنى، يقول: حسبك من نساء العالمين، يعني هذه العوالم، عوالم الدنيا، هنا قد يقول قائل بأن هذا الفضل مرتبط بهذا العام، ولا علاقة له بعالم الآخرة، النص الأول قال ليس الأمر كذلك، صحيح هذا المقام هنا ولكنه في الدنيا، ولكن هذا هو مزرعة الآخرة. يعني من قبيل ما ورد في الحسن والحسين إنهما سيدا شباب أهل الجنة لا فقط للإشارة إلى ذلك وإنما يريد أن يقول ما كان لهما أنهما من أهل البيت في هذه الدنيا نتيجته أنهم يكونوا سيدي شباب أهل الجنة في تلك النشأة.

إذن هناك انسجام كامل وتام بين النص الأول والنص الثاني، النص الأول أشار إلى مقاماتهم في الآخرة، والنص الثاني أشار إلى مقاماتهم في الدنيا، للإشارة إلى أن المقامات الدنيوية وما ذكر لهن من السيادة ليست هي السيادة الاجتماعية والدنيوية وإنما هي السيادة في مراتب القرب الإلهي والكرامة الإلهية.

المقدم: الآن هناك سؤال آخر يرتبط بهذا الذي تفضلتم به، يعني في مقام المقايسة داخلياً بين سيدات نساء العالمين وسيدات نساء أهل الجنة، هل يوجد فيما بينهم من هي سيدة نساء العالمين على الإطلاق، يعني أفضل الأربعة.

آية الله السيد كمال الحيدري: هذه القضية بودي أن المشاهد الكريم يتأمل فيها، لأننا الآن لم أدخل إلا بنحو الإجمال، فقط في بيان أن هؤلاء النساء الأربع اللواتي هن سيدات نساء العالمين، ولعل قائل يقول بأنه هؤلاء الجميع في رتبة واحدة أو لعله لقائل أن يقول أن مريم أفضل من الجميع أو لعل البعض يقول غير ذلك يقول خديجة باعتبار أنها زوج النبي وزوجات النبي أفضل النساء كما يحاول البعض أن يدعي هذا المعنى فخديجة أفضل النساء، والى غير هذا.

في الواقع هذه القضية قضية عقدية، قضية قرآنية، قضية روائية، وقد وقعت مورداً للخلاف بين علماء المسلمين، يعني القضية ليست خلاف مرتبط بمدرسة أهل البيت، يعني ليس الخلاف بيننا وبين مدرسة الصحابة، يعني يوجد فيها طرفان، الطرف الأول أهل البيت والطرف الثاني مدرسة الصحابة، لا ليس الأمر كذلك، وإنما هذه القضية أولاً وقعت مورداً للخلاف بين أعلام مدرسة الصحابة فإنهم اختلفوا فيما بينهم من هي الأفضل من هذه النساء الأربع، بعد أن اتفقوا على أن هؤلاء الأربع هن الأفضل ولا يوجد أفضل منهم، وباقي نساء العالمين دونهن في الفضل. وهذا سأبينه بعد ذلك لأنه تترتب عليه نتائج مهمة، ومن أهمها أنه عندما نأتي إلى أم المؤمنين عائشة هل تصل إلى مرتبة هؤلاء أو لم تصل، بهذه البيانات فهي دون هؤلاء الأربعة، حاول البعض أن يستدل على أنها زوج النبي وزوج النبي أفضل من غيره وهذا بحثه سيأتي. هذه المفردة سأقف عندها من حيث البحث العقدي، ولا سمح الله لا يتبادر إلى ذهن أحد أننا في مجال الانتقاص من أحد. يعني هذا الكلام أقوله لأتباع مدرسة الصحابة أو لمن يعتقد، أولستم تقولون أن الخليفة الأول والثاني والثالث أفضل من علي ومن أهل البيت، هم يعتقدون هكذا، أو بعضهم يعتقد هكذا، وإذا سألناهم يقولون لسنا نحن بصدد تنقيص أحد وإنما لبيان مراتب الفضل بين هؤلاء، نحن أيضاً نجيب هذا الجواب لسنا بصدد التنقيص من أحد وإنما بصدد بيان مراتب الفضل الإلهي، والكرامة الإلهية، والقرب الإلهي، نحن بصدد هذه الحقيقة، من أقرب النساء إلى الله من هذه الأربعة التي اشارت الروايات وحصرت أنهن أفضل نساء أهل الجنة وأفضل نساء العالمين.

هذه كلها مقدمة للحلقات القادمة أو الحلقة القادمة حتى نعرف بأنه كيف تعامل النهج الأموي مع هذه النصوص، مع هذه الروايات الواضحة لبيان مقامات وفضائل الزهراء عليها السلام.

في مقام المقايسة الداخلية أنا أقرأ مجموعة من النصوص، النص الأول هو ما ورد في صحيح البخاري، وهو كما يعبرون أصح كتاب عندهم بعد كتاب الله، في صحيح البخاري، ص717، اعتنى به أبو صهيب الكرمي، كتاب فضائل الصحابة، باب 29، كتاب فضائل الصحابة، باب مناقب فاطمة عليها السلام، الرواية وقال النبي (صلى الله عليه وآله): فاطمة سيدة نساء أهل الجنة. يشير إلى واحدة ولا يشير إلى أربعة، فالنص واضح، وقال النبي (صلى الله عليه وآله): فاطمة سيدة نساء أهل الجنة. بمقتضى الإطلاق الموجود في الرواية أنه قال أن فاطمة سيدة النساء، ومن الواضح أنه يدل على أن سيدة النساء مطلقاً هي فاطمة. هذا البخاري، فاطمة سيدة نساء أهل الجنة. هذا هو النص الأول. وهو يكفي، ولكن نريد أن نجعلها مستفيضة أو متواترة حتى لا يأتي أحد ويقول أنها آحاد. هذا هو المصدر الأول.

المصدر الثاني ما ورد في (صحيح سنن الترمذي) الذي قلنا بتصحيح العلامة الألباني، في صحيح سنن الترمذي، الجزء الثالث، ص541، الرواية عن زر بن حبيش عن حذيفة قال: سألتني أمي متى عهدك - تعني بالنبي، يعني متى رأيته وجلست بخدمته- فقلت: ما لي به عهد منذ كذا وكذا. فنالت مني - عتبت عليّ لأني لم أزر رسول الله- فقلت لها: دعيني أتي النبي (صلى الله عليه وآله) فأصلي معه المغرب وأسأله أن يستغفر لي ولك - هؤلاء الذين يقولون لا نحتاج إلى وسيلة هذه الرواية ذهب إلى الوسيلة لأطلب من الله أن يستغفر لي ولك، مع أن الله أقرب إ ليه من حبل الوريد، يحول بين المرء وقلبه، لماذا نحتاج إلى الوسيلة وإن كانت هذه الوسيلة رسول الله، يجيبون على ذلك ويقولون نعم أنه كان حياً وفي الحياة نقبل، نعم إذا قبلتم في الحياة، وسيأتي بحثه بعد ذلك- وأسأله أن يستغفر لي ولك، فأتيت النبي (صلى الله عليه وآله) فصليت معه المغرب فصلى حتى صلى العشاء ثم انفتل فتبعته فسمع صوتي فقال: من هذا، حذيفة. قلت: نعم، قال: ما حاجتك، غفر الله لك ولأمك- وهذا هو العلم بالغيب، الله سبحانه وتعالى أطلعه على أن هذا جاء لأجل أن يستغفر له- قال: إن هذا رسول الله - أراد أن يعطيه إضافة إلى الغفران هدية- قال: إن هذا ملك لم ينزل الأرض قطُ قبل هذه الليلة استأذن ربه أن يسلم عليّ ويبشرني بأن فاطمة سيدة نساء أهل الجنة وأن الحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنة. هذا صحيح سنن الترمذي للعلامة الألباني، المجلد الثالث، ص541، يقول: صحيح، ثم يقول في الصحيحة كذا إلى آخر.

اقرأ النص مرة أخرى، قال: يبشرني بأن فاطمة سيدة نساء أهل الجنة - ولو كن أخريات أيضاً مثل فاطمة فلا معنى لهذا الكلام، إذا كانت الأخريات أيضاً في عرض الزهراء سلام الله عليها فكان ينبغي أن تكون العبارة (فاطمة من النساء اللواتي هن أفضل نساء أهل الجنة) لا أنه يقول بهذه العبارة الواضحة- فاطمة سيدة نساء أهل الجنة وأن الحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنة. هذا هو المورد الثاني في هذا المجال.

المصدر الثالث في هذا المجال ما ورد في (مسند الإمام أحمد) كما ذكرنا، مؤسسة الرسالة، المجلد 38، ص353، الحديث رقم 23329، الرواية عن حذيفة قال: سألتني أمي منذ متى عهدك بالنبي ... الرواية كما قرأنا ولا أعيدها ... في ذيلها يقول: إسناده صحيح وأخرجه تاماً يعني كل النص، ومختصراً النسائي في الكبرى، والخطيب في (تأريخ بغداد) من طريق حسين بن محمد بهذا الإسناد، وأخرجه مطولاً ومختصراً ابن أبي شيبة والترمذي وأبن أبي عاصم وابن ناصر في (قيام الليل) وابن حبان والطبراني في (الكبير) والحاكم والبيهقي في (الدلائل) وأخرجه مختصراً بقصة فضل فاطمة الحاكم، الجزء الثالث، وأخرجه مقطعاً... وعشرات المصادر التي أشارت ... إضافة إلى رواية البخاري.

ومن المصادر الأخرى ما ورد في (صحيح الجامع الصغير) الطبعة المجددة والمزيدة والمنقحة، تأليف محمد ناصر الألباني، أشرف على طبعه زهير الشاويش، المجلد الأول، المكتب الإسلامي، ص77، هذه هي العبارة - يذكر الملخص، ألم نذكر في مسند أحمد أن بعضهم نقلها مختصراً وبعضهم نقلها مطولاً- يقول: أتاني ملك فسلم علي نزل من السماء لم ينزل قبلها فبشرني أن الحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنة وأن فاطمة سيدة نساء أهل الجنة. صحيح، أيضاً صححه الألباني في صحيح الجامع الصغير.

وكذلك ما ورد في (سير أعلام النبلاء) للإمام شمس الدين الذهبي، المجلد الثالث، مؤسسة الرسالة، أشرف على تحقيق الكتاب وخرّج أحاديثه شعيب الأرنأوط، ص252 أيضاً ورد هذا المعنى، قال: الرواية سمعت النبي يقول: هذا ملك لم ينزل ... ويبشرني بأن فاطمة سيدة نساء أهل الجنة وأن الحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنة. حسنه الترمذي، في الحاشية يقول: وهو عنده برقم كذا ... وأخرجه أحمد والخطيب، وإسناده صحيح، وصححه الحاكم ووافقه الذهبي، وصححه ابن حبان لكنه اختصره.

أقرأ كلمة واحدة للعلامة الكبير، علامة بغداد، العلامة الآلوسي، صاحب كتاب (روح المعاني في تفسير القرآن العظيم والسبع المثاني) وأختم بها حديثي. طبعاً مصادر أخرى كثيرة وأنا أشرت إلى بعضها، في الواقع أن هناك بحث يذكره العلامة الآلوسي في (روح المعاني في تفسير القرآن العظيم والسبع المثاني) قرأه وصححه محمد حسين العرب، المجلد الثالث، بإشراف هيئة البحوث والدراسات، دار الفكر للطباعة والنشر والتوزيع، هناك في ذيل الآية 42 من سورة آل عمران، وهي قوله تعالى: (وإذ قالت الملائكة يا مريم إن الله اصطفاك وطهرك واصطفاك على نساء العالمين)، بعد ذلك إنشاء الله إذا وفقنا في الحلقة القادمة سنقف أنه ما هو مقام مريم والزهراء فوق مريم، من صحيح النصوص التي قرأناها، ما هو مقام مريم؟ (إن الله اصطفاك) أولاً ينقل أنه الخلاف القائم بين علماء مدرسة الصحابة هل فاطمة أفضل النساء أم مريم هي الأفضل، يقول بعد أن يذكر الخلاف: والذي أميل إليه أن فاطمة البتول أفضل النساء المتقدمات والمتأخرات من حيث أنها بضعة رسول الله، بل ومن حيثيات أخرى أيضاً، لا لأنها فقط بنت رسول الله، نعم هذا شرف عظيم، ولكن ليس كل الشرف هنا. ولا يعكر على ذلك الأخبار السابقة لجواز أن يراد بها أفضلية غيرها عليها من بعض الجهات وبحيثية من الحيثيات، وبه يجمع بين الآثار، يقول: لا أريد أن أقول بأن فاطمة أفضل من حيثية ومريم أفضل من حيثية أخرى، لا، بكل الحيثيات فاطمة هي الأفضل. ولا يعكر على ذلك الأخبار السابقة لجواز أن يراد بها، يقول: فليكن حتى لو سلمنا يبين جهة الفضل بعد ذلك. وهذا سائغ  على القول بنبوة مريم أيضاً. حتى لو قلنا أن مريم نبية - وهذا العالم ليس شيعياً وليس من أتباع مدرسة أهل البيت حتى يتهم بأنه شيعي بأنه رافضي بأنه يتشيع، لا شك أن العلامة الآلوسي صاحب كتاب تفسير روح المعاني علم من أعلام مدرسة الصحابة- يقول: وهذا سائغ على القول بنبوة مريم أيضاً، لا لأنها بنت المصطفى (صلى الله عليه وآله) إذ البضعية من روح الوجود، يقول: هي ليست بنت المصطفى يعني البعد المادي، وإنما هي قطعة من روح المصطفى (فاطمة روحي التي بين جنبي) يريد أن يشير إلى هذا المعنى، لا أريد أن أقول رواية، حتى يقول لنا هكذا رواية لم ترد في مصادرنا، الآن لا أنقل عن رواية. العلامة الآلوسي يشير إلى هذه النكتة، يقول: إذ البضعية من روح الوجود، يعني أن النبي (صلى الله عليه وآله) هو الإنسان الكامل، هو قطب عالم الإمكان، هو أول صادر، هو النور الأحدي، إذ البضعية من روح الوجود وسيد كل موجود، هذه السيادة ليست سيادة دنيوية وإنما سيادة في القربات والكرامات الإلهية. إذ البضعية من روح الوجود وسيد كل موجود لا أراها تقابل بشيء حتى نبوة مريم. وأين الثريا من يد المتناول.

المقدم: معنا الأخ أبو صادق من العراق، تفضلوا.

الأخ أبو صادق: السلام عليكم.

المقدم/ آية الله السيد كمال الحيدري: عليكم السلام ورحمة الله وبركاته.

الأخ أبو صادق: أحب أن أشير إلى ظلامة صغيرة من ظلامات الزهراء في نفس كتاب (البرهان) في باب فضائل أصحاب النبي يذكر منقبتين للزهراء وعن أم المؤمنين عائشة، المسألة الثانية إذا كانت فاطمة الزهراء عليها السلام بنص صحيح البخاري (فاطمة بضعة مني ومن أغضبها فقد أغضبني) و(فاطمة سيدة نساء أهل الجنة) نرجع إلى كتاب (فرض الخمس) لماذا قال لها أبي بكر أن رسول الله قال: نحن لا نورث ما تركناه صدقة.

آية الله السيد كمال الحيدري: سؤال وجيه وأنا أعد الأخ العزيز والمشاهد الكريم أننا سنقف عند بعض هذه الأبحاث في الحلقات القادمة.

المقدم: معنا الأخ عبد الناصر من السعودية.

الأخ عبد الناصر: السلام عليكم.

المقدم/ آية الله السيد كمال الحيدري: عليكم السلام ورحمة الله وبركاته.

الأخ عبد الناصر: سيدنا سؤالي هل أن ذكر سيدات نساء العالمين يعطي أولوية أو يعطي رفعة ومكانة أعلى هل له علاقة، الآن انتم تحدثتم عن جانب السنة النبوية، هل أنه لو ذكرت سيدة من السيدات في القرآن الكريم هل يعطيها الأولوية على الأخريات أو لا.

المقدم: يعني مريم ذكرت في القرآن.

آية الله السيد كمال الحيدري: نعم، وآسية ايضاً لم تُذكر بالاسم. الجواب: كلا، بشهادة هذه النصوص الواردة ممن (لا ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى)

الأخ ناصر: هل جانب العصمة أن السيد الزهراء عليها السلام أعطاها المكان الأعلى بين السيدات من سائر العالمين ولهذا كانت كذلك.

آية الله السيد كمال الحيدري: الجواب، نحن نعتقد أن الشرافة هنا في الطاعة والعبودية لله سبحانه وتعالى.

المقدم: وبالنسبة للسؤال الأول سماحة السيد أيضاً القرآن وصف بني إسرائيل بأنه فضلهم على العالمين فهذا مطلق ولكن فيه قيود معينة.

آية الله السيد كمال الحيدري: هذا من الأسئلة التي سنجيبها في الأسبوع القادم، أن الآية المباركة فضلت مريم على نساء العالمين، كيف نقول أنه يوجد من هو أفضل منها، هذه من الشواهد التي سوف نستدل على أنه ليس المراد كل العوالم بل عوالم زمانها.

المقدم: معنا الأخ أبو أحمد من الأردن، تفضلوا.

الأخ أبو أحمد: السلام عليكم.

المقدم/ آية الله السيد كمال الحيدري: عليكم السلام ورحمة الله وبركاته.

الأخ أبو أحمد: أنا أرى أن الشيخ يستشهد بكتب المسلمين اتباع مدرسة الرسول (صلى الله عليه وآله) الشيخ يستدل من كتب المسلمين. ونحن نحب أهل البيت.

المقدم: السيد يريد أن يناقش نقاشاً علمياً ويقول أن كلمات علماء مدرسة الصحابة توافق ما عندنا.

آية الله السيد كمال الحيدري: هذا أولاً، وثانياً سوف يتبين بأنه الشيخ ابن تيمية شيخ الإسلام بعد ذلك في الحلقات القادمة سيتبين أنه يقبل هذه المضامين أو سوف يثبت الكذب على الزهراء البتول. هذا سيأتي بعد ذلك، إذا انتظرني الأخ العزيز إلى الحلقة القادمة سيرى أنه يتهمها بالكذب ويشبهها بالمنافقين، يشبهها بأنها خرجت عن الجماعة وشقت يد الجماعة، بعد ذلك سيتضح لماذا قرأنا هذه النصوص بهذه السعة لعل المشاهد الكريم قد يقول ما هي الضرورة لهذا الكم الهائل من النصوص الجواب: حتى يتضح أن هذه قضية قطعية ومع ذلك شيخهم الذي يسمونه شيخ الإسلام ابن تيمية، يعني شيخ النهج الأموي كيف يتعامل مع الزهراء البتول، وما هي النقائص التي يذكرها في حق سيدة نساء العالمين.

المقدم: حتى يقول غير المسلم إذا كانت الزهراء سيدة نساء أهل الجنة فيها الكذب والنقص فما بالك بغيرها. وهذا في الواقع هدم للإسلام.

شكراً لكم سماحة آية الله السيد كمال الحيدري، كما أشكر الأخوة والأخوات ملتقانا وإياكم في الحلقات القادمة، السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته.

أضف تعليقك

تعليقات القراء

ليس هناك تعليقات
*
*

شبكة الإمامين الحسنين عليهما السلام الثقافية