شبكة الإمامين الحسنين عليهما السلام الثقافية

والفجر ... قراءةٌ معرفيّة في المفهوم والدلالة المفادية

0 المشاركات 00.0 / 5

قال الله تعالى في محكم كتابه العزيز : بسم الله الرحمن الرحيم (( والفجر * وليالٍ عشر)) ( سورة الفجر /1/2) .

الفجر : هو مفهوم وجودي ؛ يفصح عن بدء النهار تكوينيا وشرعيا ، وعلى أساسه تترتب أحكام فقهية ؛ كوجوب الصلاة فيه ، أعني صلاة الفجر ، أو مثلا بدء الصيام منه في شهر رمضان الكريم .

ومن هنا جاء قسم الله تعالى به إعلاناً عن عظمة الفجر وقيمته الوجودية في حياة الإنسان . وظاهرة الفجر تُشكّل نحواً من القدرة الإلهية الكبيرة في التصرف في عالم الوجود ، حيثُ يقوم تعالى بصرف الليل ببدء الفجر الصادق أول النهار ، وهذه هي القدرة العجيبة لله تعالى في تحريك الطبيعة بليلها ونهارها ، بلا تداخل ولاتسابق كما ذكر تعالى : (( إنّ في خلق السموات والآرض واختلاف الليل والنهار لآيات لأولي الألباب )) ( آل عمران/190) .

ويقيناً أنّ قسم الله تعالى بظاهرة الفجر ، تأتي وفق مصالح وصلاحات وملاكات ومعايير تكوينية وأخلاقية ووجودية ، ترجع في معطياتها إلى مساحة الإنسان المستثمر لها عمليا.

ويمكن الوقوف ببساطة تحليلية لأهمية قسم الله تعالى بالفجر ، وبتبويب أهم نقاط ومنافع الفجر والتبكير في حياتيا ....

1- في الفجر تتحقق مفاهيم البركة الإلهية للناس . لذا أكد الرسول ( صلى الله عليه وآله ) هذا المعنى في حديثه الشريف : (( إنّ الله بارك لأمتي في بكورها )) ( إنظر: الحدائق الناظرة / المحقق البحراني /ج14/ ص26) .

والمقصود بالبركة : هي الطاقة الخيّرة التي أودعها الله تعالى في وقت الفجر تكوينيا ، وندب إليها تأكيداً للإستفادة البشرية منها ، لذا أقسم تعالى بالفجر .

وهناك روايات تٌشير إلى هذا المعنى ، وهو أنّ الله تعالى في بدء الفجر يبثٌ طاقة عظيمة تنزل من السماء إلى الآرض ، بعد أذان الفجر ، والمستيقظ من المؤمنيين ينال ذلك وجوديا وعمليا دون النائم ، فلذا تعرض الله تعالى لهذه الحقيقة في قوله تعالى : (( وقرآن الفجر إنّ قرآن الفجر كان مشهودا )) ( الإسراء/78) .

ومعنى مشهودية قرآن الفجر: أي صلاة الفجر ، وبدء النهار هو هبوط الملائكة بخير ورحمة الله إلى الارض ؛ كي ينالها القائمون في الفجر ، والمصلون لصلاة الفجر ، والمتبكرون في الرزق .

وهذا أيضا قسم ثانٍ مؤكد لقوله تعالى ، والفجر كحقيقة إلهية مشتملة على تكليف العباد بصلاة الفجر ، والتي جزائها مشهودية الخير والبركة ، ونزول الرحمة إلى العباد المؤمنين .

 2- أثبتت الأبحاث العلمية الحديثة ، أنّ أعلى نسبة لغاز الأوزون في الجو تتحقق عند الفجر ، وتبدأ بالتلاشي تدريجيا عند طلوع الشمس . ويذكر العلماء أنّ لهذا الغاز تأثيراً مفيداً على نشاط وحيوية الجسد ، والفكر البشري ، خاصة الجهاز التنفسي ، ومن الثابت أنّ التنفس هو أساس الحياة الصحية ، فكلما دخل غاز الأوزون إلى الجسم من خلال التنفس للهواء في واقع الفجر ، زاد نشاط الإنسان حيوية وفعالية .

وقد جاء في بعض الأبحاث الطبية ، أنّ جهاز المناعة يكون في غاية الضعف عند الفجر ، وهذا مايُفسّر الكسل الجسدي ، واحتمال انتقال عدوى نزلات البرد ، والإصابة بنوبات القلب عند عدم النهوض في الفجر ، والبقاء في حالة الإستيقاظ ، لذا ينصح الأطباء بالإستيقاظ مبكرا ؛ لتقوية جهاز المناعة ، من خلال حركات الصلاة ، والمشي والتنفس الحي ، وتناول شيئاً من الطعام .

3- توفير الصحة العقلية والذهنية : لقد أثبتت التجارب البشرية ، والتجربة تفيد علماً طبعا ، بأنّ قوة الحفظ والذكاء عند الفجر ؛ تفوق بدرجات بقية الأوقات ، وهذه الحقيقة ذكرها رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) في قوله : (( إغدوا في طلب العلم فإنّ الغدو بركة ونجاح )) ( إنظر: فيض القدير في شرح الجامع الصغير/المناوي/ج2/ص 23) .

4- تحقيق الصحة الروحية والنفسية : فالإرتباط الروحي والنفسي بالإلتزام بصلاة الفجر ، يُحقق قسطاً كبيرا من الإتزان النفسي للإنسان المؤمن ، بأنّ خالقه يرعاه ويحفظه ، وسيُجازيه على قيامه هذا ، فضلا عن صلاح حاله في الدنيا .

5- إستقرار الحياة المادية للإنسان : يقينا أنّ أرزاق الخلائق المعنوية والمادية بيد الله تعالى ، وتقسيمها يتحقق في وقت مابين الفجر وطلوع الشمس ، على ما ذكرت الروايات الصحيحة ، فمن استيقظ في وقت الفجر كان رزقه المعنوي والمادي مباركا .

فقد ورد في تفسير قوله تعالى : (( فالمُقسِمات أمرا )) ( الذاريات/4/) : إنّ الملائكة تقسم أرزاق بني آدم ما ب

أضف تعليقك

تعليقات القراء

ليس هناك تعليقات
*
*

شبكة الإمامين الحسنين عليهما السلام الثقافية